كتب : مصطفى عصام
انتساب فريق بيطار القدس لمدينة القدس جامعة الديانات السماوية الثلاث بمعالمها الفريدة لم يكسبها جزء من هذا التعايش السلمي، فتضادت مع هدف المدينة وأصبحت موطنا للفريق "الأكثر تعصبا في كرة القدم" يرددون هتافه واحد فقط "الموت للعرب".
هكذا افتتح موقع الجارديان تقريره حول فريق بيطار القدس "الأكثر تعصبا في كرة القدم"، الفريق الحاصل على الدوري الإسرائيلي سبع مرات وكأس الدولة ست مرات.. وشعاره "بيطار نقية للأبد".
منذ أن نشأ فريق بيطار عام 1936، أصبح الفريق ملاذا لليهود الفقراء من الشرق (السافارديم) والمعروف تشددهم وتعصبهم للديانة اليهودية عن اليهود القادمين من أوروبا لاستيطان فلسطين، فأصبح الفريق ممثلا لتيار اليمين المتشدد.
ومنذ تأسيسه، ارتبط نادي بيتار القدس، أو باسمه العبري «بيتار يرشاليم»، بالسياسة بشكل وطيد، ففي عام 1947 أصدر المندوب السامي البريطاني أمرا بحظر حركة بيتار التي تأسست عام 1936 بسبب العنف، بدعوى أنها حركة غير قانونية، إذ ضمت لاعبين ينتمون إلى حركة «إيتسل» (منظمة عسكرية حاربت ضد الحكم البريطاني وضد الفلسطينيين قبل قيام دولة الاحتلال).
وقد غيَّر أصحاب الفريق اسمه إلى «نورديا يروشاليم»، وظل هذا الاسم حتى الإعلان عن قيام «إسرائيل» عام 1948 وخروج البريطانيين من فلسطين، وحينها عادت تسمية الفريق من جديد إلى "بيتار يرشاليم".
بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي حضر لساحة قريبة من ملعب تيدي بالقدس وهو ملعب فريق بيتار، وهتف وسط أنصار الفريق عام 2014
"لقد أتيت هنا لأقول كلمتين فقط.. المجد لبيتار".
الجدير بالذكر أن نتنياهو أحد أكبر الداعمين والمشجعين لفريق بيتار القدس مع إيهود أولمرت رئيس الوزراء الأسبق وأفيجدور ليبرمان وزير الخارجية والرئيس رويفين ريفيلن ورئيس بلدية القدس نير بركات.
-فريق يهودي في دولة يهودية
أقرب لافتة لملعب تيدي عند دخولك من بوابات القدس الشرقية كما أسماها مشجعي بيتار، فريق يهودي يقع في دولة يهودية، لا أعلام تعلو داخل مدرجات الفريق سوى بالألوان الصفراء والسوداء ويتوسطها علم دولة إسرائيل الشهير بنجمة داوود.
اليافطة التالية تعبر عن حلم بوطن حر يجمع شتات اليهود منذ ألفي عام باسم وطن صهيون وعاصمته القدس لا تل أبيب، الهتاف هنا ليس منصبا على محارق الإسبان في الحروب الأهلية منذ 500 عام أو أفران النازية بالحرب العالمية الثانية، بل ركز "اللافاميليا" لقب مشجعي بيتار عداؤهم على العرب وخصوصا المسلمين بهتافات معادية تعلو فيها أعلام الشمعدان الشهير بمعابد يهودية ومباركة حاخامات القدس.
"إسرائيل أنا أحبك أنا أحبك.. وأقسم دوما أن أبقى مخلصا لبيتار".. نشيدا إن كنت لاعبا للفريق بعد أن تكون يهودي الديانة، عليك تلاوته خاشعا في مدرجات الفريق العلوية جهة يمين الملعب.
"الحرب الحرب" هتاف مصحوب بدقات الطبول يبدأ مع المواجهات الشهيرة أمام فريق اتحاد أبناء سخنين، وهو أول فريق من عرب إسرائيل يلعب في الدوري الإسرائيلي عام 2003، قبل أن يحقق نجاحا باهرا بعدها بسنة ويفوز بكأس الدولة عام 2004 بتغلبه على هابوعيل حيفا بنتيجة 4-1، مواجهات الفريقين سواء على ملعب الدوحة بسخنين أو ملعب تيدي بالقدس تشهد اشتباكات دامية قبل وبعد المباراة للفريقين وخصوصا عام 2014 حين تواجهات لافتات سويا.
"الموت للعرب.. الحرب الحرب" أمام "القدس والأقصى عربية" وغناء "طلع البدر علينا من ثنايات الوداع".
-قاديف وسادايف.. لأول مرة بتاريخ النادي
في خطوة مفاجئة عام 2012 وقع فريق بيتار القدس مع لاعبين مسلمين من دولة الشيشان وهم قاديف وسادايف، وهو ما يمثل مخالفة لعرف انتهجه الفريق منذ بداية مشواره عام 1936 بعدم ضم لاعبين مسلمين للفريق، ولكن أعلن اتيك كورينفاين رئيس نادي بيتار في مؤتمر صحفي أن سادايف وقاديف أصبحا جزءا من عقيدة الفريق وشعرت للوهلة الأولى بدفء علاقاتهم مع زملائهم في غرفة الملابس.
أول الجمل التي خرجت من فم أحد أنصار الفريق لمراسل الجارديان في إسرائيل كانت بمثابة الحجر الذي ألقم حاجز الدفء الغريب الذي بدأ أن ينشأ مع انتداب لفريق الجديد وجمهوره، أعلنها صراحة مماثلا لعداء فريقه للعرب عامة والمسلمين خصوصا:
"من الصعب أن تقبل جماهير بيتار أن يخلع أحدهم قميص النادي ويلقي به في الملعب ليسجد عليه، هذا سيجرحنا بشدة".
"ليس لدينا أزمة في التعاقد مع مسيحي الديانة، ولكن مسلم لا، كل ما ينالنا من أذى وإرهاب كان من المسلمين فقط، يقذفونا بأعياد الميلاد بهدايا عبارة عن رؤوس صواريخ".
لم يحضر الجمهور أول تدريب لقاديف وسادايف في المدرجات المخصصة، بل التف حول الشباك المحيطة بالملعب ممسكا به ومحركا له في غضب كقضبان السجون، "لا مكان لمسلمين".. "الحرب الحرب".. القدس دوما صهيونية.
أضطر مدرب الفريق إيلي كوهين لإلغاء المران سريعا، وأثناء اقتراب قاديف من ممر الخروج لغرف خلع الملابس، قفز أحدهم السور ذاهبا وموجها رسالة له في غضب.
"اللعنة عليك وعلى أجدادك، أذهب وحرر الأقصى إن استعطت.. ما دخل المسلمون بفريقنا؟!".
قاديف وسادايف لم يتمكنا من أداء صلواتهم إلا في أتوبيس الفريق بالخلف خوفا من بطش الجمهور، يحكي قاديف عن أول مقابلة رأتها له والدته بالتلفزيون الإسرائيلي:
حدثتني قائلة: "رأيت مقابلتك بالتلفزيون، لم أفهم اللغة العبرية ولكنك إبني وأفهم كل تعابير وجهك دون سماع الترجمة.. شاهدت مقابلتك وانخرطت بالبكاء".
الأندية الأخرى بإسرائيل لا تجد مانعا في التعاقد مع لاعبين مسلمين للإنضمام لفرقها حتى لو كانوا عرب إسرائيل ولكن كل هذا يسري على الجميع إلا بيتار القدس.. بفرض جمهوره.
إيلي كوهين مدرب الفريق: "صنعت مفاجأة بالتشكيل أمام فريق مكابي تل أبيب، سأدفع بسادايف دون علم الجمهور بذلك، أنا واثق من تسجيله أول أهدافه وسيكسر حاجز الكراهية مع الجمهور".
-أن يختلط قلبك بمشاعر الفرحة والغضب معا
حضر إلى أرض الملعب أحد أكثر المسؤولين تشددا بتيار اليمين طيلة تاريخه "أفيجدور ليبرمان" وزير الدولة للشؤون الخارجية الإسرائيلي، وصاحب التصريح الأزمة عام 2009 أن تل ابيب قادرة على قصف السد العالي بأسوان.
تحدث ليبرمان وقتها من أرض الملعب لمراسل الجارديان: "بيطار هو أهم مكتسبات دولة إسرائيل والواجهة الكروية لتيار اليمين المتشدد، فخر مدينة القدس وببساطة هو نادي الشعب وقيمته تتمثل في "حب إسرائيل والديانة اليهودية".
امتقع وجه ليبرمان والجمهور من صاعقة نزول سادايف لأرض الملعب، أول لاعب مسلم يلعب في تاريخ النادي، الأجواء باردة للغاية في شهر نوفمبر المطير عام 2012، وهتافات الحرب تتصاعد غاضبة مع أعلام تنادي بالموت للعرب والمسلمين وصراخ دائم من كل اتجاه بالملعب، الجو يبعث بالمعاداة ورائحة الكراهية تزكم الأنوف.
بعد عشر دقائق استلم سادايف كرة عالية انفرد بها وأحرز الهدف الأول لفريق بيتار، أول مسلم يحرز هدفا بتاريخ النادي، لدقائق قليلة تحولت الكراهية لفرحة بالهدف مع تصاعد صيحات الحرب في مزيج غريب لا يمكن دراسة سبب حدوثه، ليبرمان لوح بقبضة يديه فرحة بالهدف.
تصاعدت همهمات جماهير بيتار غضبا من إشارات ليبرمان، التقطت الكاميرات مقطعا لأحد من الجمهور يعاتب ليبرمان على فرحته.
"ليبرمان.. كيف تشجع هذا.. بكم بعت مبادئك.. أهذا موقف رسمي من السلطة؟"
تصاعدت صيحات الغضب من جنبات ملعب تيدي بالقدس، والكاميرات تشير إلى سادايف وهو مذهولا من كل هذا رغم إحرازه الهدف الوحيد حتى الأن، قرر جمهور بيتار ترك الملعب وترك رسائل واضحة من لافتاته بداخله أولها.
"بيتار نقية للأبد".
وعلى مدار العقود الماضية، لم تشهد أزمة عدم انضمام العرب للفريق انفراجة، سوى بتهديد ريفلين بعدم حضور المباريات إذا لم يتراجع الفريق عن سياسته، لكن تهديد الرئيس الإسرائيلي لم يثني الفريق، وأعلن عن تشجيعه لفريق "بيتار نورديا القدس"، وهو نادٍ جديد أقامه مشجعو "بيتار القدس" الذين لم يريدوا المشاركة في أي أعمال عنصرية، وقاموا بالتعاقد مع لاعبين عرب وضمهم إلى الفريق.
تسلم فريق "بيتار القدس" الإسرائيلي لكرة القدم والمعروف بهتافاته "المعادية للعرب" والذي يضم قاعدة جماهيرية من مشجعين يمنيين متطرفين، جائزة "مكافحة العنصرية" من الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، خلال حفل جوائز "دروع الشرف" الذي نظم في مدينة القدس الاثنين. وعرف الفريق الإسرائيلي بشعاراته "المعادية للعرب والفلسطينيين" حيث كثيرا ما يردد مشجعوه عبارة "الموت للعرب."
سلم الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين الاثنين فريق "بيتار القدس" لكرة القدم المعروف بهتافاته "المعادية للعرب" وبقاعدته من المشجعين اليمنيين المتطرفين، جائزة "مكافحة العنصرية" الاثنين مكافأة على تحسين تصرفاته.
وحصل الفريق المعروف بمشجعيه اليهود المتشددين في القومية والعنيفين، جائزة "الإنجاز الهائل" في حفل جوائز "دروع الشرف" الذي أقيم في مدينة القدس.
وقال ريفلين "آمل في أن يواصل بيتار السير على الطريق الصحيح، وسيكون لنجاحكم تأثيرات إيجابية على الناس"
وحصل الفريق، الذي حل ثالثا في الدوري الإسرائيلي العام الماضي، على الجائزة تكريما لعمله الشبابي وإنشاء منتدى لمعالجة التحريض والعنصرية.
اقرأ أيضا
أزمة انفصال كتالونيا.. برشلونة إلى الدوري الفرنسي يؤثر سلبا على ريال مدريد
تعرف على القنوات الناقلة لمباراة مصر والكونغو.. ومعلق اللقاء
منتخب مصر لـ في الجول: السعيد مستمر في المعسكر رغم غيابه عن لقاء الكونغو
اتحاد الكرة: طلبنا زيادة عدد الجماهير لـ80 ألف.. نأمل في موافقة الأمن
مدافع أوغندا: أعرف غانا جيدا.. لن تسمح لمصر بالفوز عليها
مهاجم غانا لـ في الجول: قادرون على هزيمة أوغندا رغم الغيابات.. ومصر الأقرب
كيف يتأهل ميسي بالأرجنتين لكأس العالم بعد تعادل بيرو المخيب