كتب : عمر ناصف
يعتبر واحد من أكثر اللاعبين الذين خيبوا آمال الجماهير والمتابعين منذ بداية ظهوره في 2009 ومعرفة الجماهير به خاصة جماهير توتنام.
خيبة الظن لم تكن بسبب فشله في الظهور بالمستوى المنتظر منه كونه موهبة إنجليزية كغيرها تحصل على الصيت والسمعة والناتج النهائي صفر.
بالعكس فجماهير توتنام لم تنتظر الكثير من مهاجمها الشاب الذي بدأت معرفتهم به في 2009 عندما سجل 18 هدفا لفريق تحت 18 عاما بالنادي ولعب معظم مبارياته الـ22 ذاك الموسم كقائد لفريق الشباب.
أحد المدونين المتابعين لفريق الشباب كتب عن كين قائلا:"مهاجم ذكي لديه عين رائعة على المرمى ويمكنه الصعود سريعا للعب وصنع الفارق مع الفريق الأول".
جماهير توتنام بدأت في متابعة مهاجمها الذي سيخلف مهاجميهم السابقين روبي كين وديميتار بيرباتوف وكالعادة الواقع لا يكون كالأحلام التي ترسمها الجماهير فكأي موهبة إنجليزية شابة تم إرسال اللاعب إلى إعارة لمدة خمسة أشهر لأحد فرق الدرجة الثالثة وهو ليتون أورينت.
الذهاب لليوتن لم يكن فقط بسبب قرب ملاعب الناديين لبعضهما البعض مما يسهل عملية التواصل ومراقبة اللاعب من قبل مسؤولي توتنام متمثلين في تيم شيروود الذي كان مساعدا لمدرب ديوك لندن هاري ريدناب حينها وأصدقائه روسل سلاد المدير الفني لليوتن ومساعده كيفن نوجنت.
إضافة إلى ذلك كان هناك اتفاقا بين إدارة توتنام وليوتن فعندما لا يشارك كين معهم فعليه العودة للمشاركة مع فريق تحت 21 سنة في النادي اللندني والذي لم يكن يشارك في أي بطولات تنافسية حينها وكين كان دائما ما ينهي تدريباته مع ليوتن لينتقل إلى ملاعب توتنام للحصول على تدريبات إضافية.
نوجنت كان المسؤول عن مساعدة هاري كين للتأقلم مع الأجواء في الدرجات الأدنى خصوصا أنها المرة الأولى التي يخرج فيها الشاب صاحب الـ17 عاما من فريق توتنام فقال في حديث سابق له لموقع "بليتشر ريبورت" الإنجليزي:"الكثير من اللاعبين الشباب يعتقدون أن اللعب في الدرجات الأدنى أسهل من اللعب في دوري تحت الـ21 عاما وهذا خطأ كبير يتسبب في إحباط العديد من اللاعبين فور توجههم لإعارات هناك".
وأضاف"الملاعب والبنية التحتية أقل جودة بكثير وأسلوب اللعب مختلف تماما عما تدربوا عليه في فرق الشباب والكثير من اللاعبين يتعرض للإحباطات المتتالية ويفشل في استعادة الثقة ولكن هاري كين نجح في كل تلك الإختبارات بشجاعة وتجاوزها".
الإحباط الأول في مسيرة كين كان في ليوتن فرغم تسجيله لهدف في ثاني مبارياته مع الفريق والأولى التي يبدأها كأساسي حيث أنهى فترته بـ18 مشاركة منهم 9 فقط كأساسي وسجل خمسة أهداف ولكنه حصل على إنذارين وكارت أحمر، بالتأكيد شيء محبط لجماهير توتنام قبل كين فهو لم يظهر كمهاجم يمكنه إرعاب منافسيه في بريميرليج.
عاد ليتم إرساله في إعارة اخرى إلى ميلوال في الدرجة الثانية ليصبح أقرب لمشاهدته من جماهير فريقه توتنام وقدم أداء جيد مع الفريق مشاركا في 27 مباراة مسجلا 9 أهداف ومهديا زملائه خمسة أهداف أخرى.
ردود أفعال جماهير توتنام كانت متفاوته منهم من انتظر ظهوره في الدرجة الأولى وآخرون اعتبروه فشل أخر للمواهب الإنجليزية سينتهي به الحال نسيا منسيا والأكيد أن حماس الجماهير لموهبتها في عام ونصف قد قل والتوقعات الموضوعة على عاتقه أصبحت منخفضة.
الظهور الأول في بريميرليج كان في بداية موسم 2012-2013 عندما أعلن توتنام عن إعارته لنوريتش سيتي مع المدرب كريس هيوتن في التحدي الأول له مع الكبار لإثبات قدراته ولكنه تعرض لإحباط كبير عندما تم إعلان إصابته بكسر في إصبع قدمه لينتهي به الحال بالعودة للعلاج في توتنام وينهي إعارته ذاك الموسم مع نوريتش بالمشاركة في 5 مباريات فقط لم يسجل وإنما صنع هدف وحيد.
بالتأكيد لم يعد الكثير يهتم بمتابعة مسيرة اللاعب الشاب بعد ذلك خاصة أنه قضى نصف موسم مع الفريق والمدرب أندريا فيلاش بواش مشاركا في مباراة وحيدة فقط ليتم إعارته هذه المرة إلى ليستر سيتي في الدرجة الثانية مكتفيا بـ15 مشاركة وهدفين.
تيم شيررود أصبح المدير الفني لتوتنام في النهاية وقرر الإبقاء على لاعبه داخل الفريق وأعطاه فرصة للظهور في المباريات الأخيرة من الموسم لينهيه بـ10 مشاركات في الدوري الإنجليزي و3 أهداف بجانب صناعته لهدفين لزملائه، شباك سندرلاند استقبلت أول أهداف اللاعب في البطولة وذلك في السابع من أبريل 2014.
5 سنوات كاملة أنتظرتها جماهير توتنام لتشاهد الموهبة الشابة تسجل في بريميرليج لفريقها انتهت خلالها كل الآمال والطموحات الموضوعة على اللاعب والذي بالتأكيد لم يكن يحظ بالاهتمام الإعلامي كالذي يحظى به ثيو والكوت أو أليكس تشامبرلين أو رحيم سترلينج.
عام 2014 كان علامة فارقة في مسيرة اللاعب ووصل المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينيو وساعد في إنفجار اللاعب الذي رفع رصيده من الأهداف في البطولة من أبريل 2014 وحتى أكتوبر 2017 إلى 84 هدفا وحذائين ذهبيين و110 هدفا إجمالا بقميص توتنام في 174 مشاركة فما الذي حدث ليتغير كل هذا؟
ربما هو التركيز على تطوير مستواه والتغلب على نقاط ضعفه، سكوت ماكليش كان زميل كين في هجوم ليتون خلال فترة إعارته هناك قال عنه:"كان يمكنك أن ترى قدراته الفنية ولكنه كان يشبه أكثر مهاجمي توتنام وأرسنال في الثمانينات يمتلك الكثير من القدرات الفنية ولكنه يتحرك بشكل بطيء".
وأكمل"لقد كان يحارب للحصول على مكان له للمشاركة في الفريق لم يأتي بغروره إلينا بل قرر أنه يجب عليه العمل والاجتهاد للحصول على فرصته والمدرب روسيل كان له الفضل في ذلك فكان يعمل دائما عن طريق إعطائه فرص للمشاركة بالمباريات ثم استبعاده دائما من أجل زيادة تعطشه للتدريب والمشاركة في المباريات".
ماكليش تحدث عن مشكلة سرعة ومشكلة بدنية أكدها زميل أخر لكين هو المهاجم أندي كيوج الذي زامله في ميلوال فقال:"دائما ما كانت تجد تسديداته المرمى ولكنه كان في حاجة لأن يصبح أقوى وهو ما يبدو واضحا اليوم فقد أصبح يمتلك عضلات أكثر وليونة أكبر".
وتابع"لم يتغير حاليا سوى قدراته البدنية ولكنه كان دائما لاعبا ناضجا فلم يكن يعطيني أبدا الشعور بأني ألعب بجانب مهاجم يبلغ من العمر 18 عاما".
أول موسم قضاه كين كاملا في توتنام كان موسم بوكيتينو الأول مع الفريق 2014-2015 والحصيلة النهائية كانت تسجيله لـ31 هدفا وصناعته لـ6 أهداف أخرى خلال 51 مشاركة مع النادي.
أرقام مميزة ورائعة للاعب الشاب الذي حصل حينها على لقب "رجل الموسم الواحد" في انتظار التراجع المعتاد الذي تمر به أي موهبة إنجليزية.
لكنه واصل التسجيل 28 هدفا في 50 مباراة الموسم قبل الماضي و35 هدفا في 38 مباراة الموسم الماضي مع إضافة 7 أهداف صنعها لزملائه،.
كين يتطور ويتحسن من موسم إلى أخر واللاعب الذي وصفه أحد المدونين الإنجليز يوما ما بـ"لن يزيد عن كونه مهاجما جيدا لفرق الوسط الإنجليزية محافظا على سجله التهديفي من 10 إلى 15 هدف في الموسم الواحد كما هو حال ستيفن فليتشر" أصبح هداف إنجلترا الأول والمهدد الحقيقي لأرقام آلان شيرار التهديفية في بريميرليج.
موقع صحيفة "ميرور" الإنجليزية قام ببعض الحسابات لمعرفة متى يكسر كين رقم ألان شيرار التهديفي في بريميرليج وأهدافه الـ260 حيث سيحتاج كين إلى 9 مواسم أخرى ليسجل هدفه الـ261 في البطولة عندما يصل إلى سن الـ32 عاما في حال حفاظه على متوسط مشاركات 30 مباراة في الموسم ومتوسط أهداف 0.6 هدف في المباراة.
موقع "فور فور تو" كشف سر تطور كين الدائم فقال اللاعب الإنجليزي في تصريح لهم:"بعد كل مباراة أطلب من أحد المحللين أن يرسل لي شريط للمباراة لأشاهد نفسي بتركيز وأفكر هنا كان يجب عليا التحرك هكذا وهناك كان يجب أن أسدد بتلك الطريقة ذلك يساعدني على التطور أكثر".
وأكمل"هدفي كان أن أصبح أقوى وأسرع لذلك كنت أعمل جاهدا في صالة الجيمانزيوم خاصة لتقوية عضلات صلب الجسد لإعطائي القوة في الصراعات وعضلات قدمي الأمامية والخلفية من أجل الحصول على السرعة، لقد عملت مع مدرب متخصص علميا للعمل على حركات اليد خلال الركض وميكانيكية الحركة وذلك ساعدني كثيرا خلال ركضي خلف الكرة".
وأضاف كين"يجب علي أن أصل للكرة أولا قبل المدافع وأن أضع جسدي أمامه وألحتم معه بدون السقوط أو أن أعطيه الفرصة للوصول إلى الكرة من خلالي".
المهاجم الإنجليزي السابق ليس فيرديناند أعطى كين العديد من النصائح المهمة خلال فترة تواجده كمساعد لتيم شيروود في توتنام فتحدث كين عنها قائلا:"لقد أخبرني بأن فرص التهديف الأكثر تأتي للمهاجم من تمركزه داخل منطقة الجزاء في المنطقة بين القائمين لذلك ففرص التسجيل تقل عندما أبتعد عن تلك المنطقة".
وأردف"لذلك فعلي دائما أن أحاول الركض نحو تلك المنطقة وعندما تسنح لي الفرصة للتسديد فعلي توجيه الكرة منخفضة وقوية اتجاه حارس المرمى فتلك هي أصعب الكرات للتصدي لها".
يمتلك كين عقلية مختلفة عن معظم المهاجمين فقال:"ما يجعلك مميزا ليس تسجيلك الأهداف الواحدة تلو الأخرى إنما كيفية تعاملك مع الأوقات التي تمر بها بدون تسجيل وتحاول العودة بالنسبة لي أعود لمشاهدة مبارياتي السابقة وأسمع لنصائح المختصين لتطوير مستواي أكثر".
الشهر الماضي سبتمبر شهد معادلة هاري كين لأكثر عدد من الأهداف يسجله الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي وصاروخ ماديرا كريستيانو رونالدو في شهر واحد وذلك عندما وصل إلى الرقم 13 بفضل هدفيه في مرمى هدرسفيلد خلال مباريات الأسبوع السابع من الدوري الإنجليزي.
ميسي فعلها في مارس 2012 ورونالدو كان قد سبقهم في أكتوبر 2010.
وبدلا من مقارنته بوالكوت وستوريدج وويلبيك وجد كين نفسه يدخل مقارنة هذا العام مع كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي من الناحية التهديفية، كين سجل 6 ثلاثيات في 2017 مقارنة بـ2 لكل من ميسي ورونالدو.
المهاجم الإنجليزي صاحب الـ24 عام سجل في 2017 حتى الآن 34 هدف في كل البطولات التي شارك فيها مع توتنام ولا يتجاوزه سوى لاعب واحد فقط هو ليونيل ميسي بـ43 هدفا بينما رونالدو لم يسجل سوى 31 هدفا في هذا العام.
"بسبب مواقع التواصل الإجتماعي حاليا لا يمكنك أن تبقى بعيدا عن المقارنات والإحصائيات فالكل يغرد عني حاليا وعندما أجد نفسي وسط ميسي ورونالدو يعطيني ذلك دفعة للتقدم خطوة أكبر للأمام ويعطيني الدافع لمواصلة التألق" تحدث كين عن تلك المقارنات لصالح جريدة "تيليجراف" الإنجليزية.
هاري كين قرر أن يخالف كل التوقعات ويتحول من قائمة المواهب الإنجليزية الشابة إلى خانة نجوم كرة القدم الكبار بخطى ثابتة وإرادة للتطور والإستمرار.