كتب : علي أبو طبل
"دواء السرطان صعب للغاية. بعد دقيقة أو دقيقتين يبدأ تأثيره في الظهور. يرتعش جسدي وتظهر أعراض الدوار".
هل تتذكر وليد الهيشري؟
تعود بك الذاكرة مباشرة إلى عامي 2011 و2012.
في العام الأول، توج الترجي بلقب دوري أبطال أفريقيا بفضل مساهمات كبيرة لقلب الدفاع الدولي التونسي.
وفي العام التالي، كان الفريق التونسي قريبا من الحفاظ على لقبه، ولكنه لاقى الأهلي المصري في المباراة النهائية.
نتيجة إيجابية ذهابا في "برج العرب" بالتعادل 1-1 بفضل هدف أحرزه الهيشري.
ولكن إيابا تفوق الأهلي. الهيشري عانى كثيرا أمام هجوم الأهلي، وبالأخص السيد حمدي.
ربما كانت تلك هي آخر اللقطات التي رأيته فيها أو سمعت هذا الإسم.
سنوات عديدة قبل أن تعود أخبار الهيشري من جديد بضمه لقائمة المنتخب التونسي لمواجهة حاسمة أمام غينيا بكوناكري ضمن تصفيات كأس العالم 20188 بروسيا.
فماذا حدث في تلك الأعوام؟
في 2014، أراد الهيشري خوض تجربة جديدة بعد موسم كامل قضاه مع أهلي طرابلس الليبي.
مفاوضات قوية مع الزمالك المصري توقفت. والسبب، تشخيص إصابته بسرطان الخصية.
ويتحدث الهيشري عن اكتشاف إصابته بالسرطان في لقاء تلفزيوني ببرنامج "حكايات تونسية" الذي يذاع عبر قناة "الحوار التونسي".
"اكتشفت إصابتي بنفسي. في البداية انتابني ألم في ظهري وكنت أظنه ألم طبيعي نتيجة للالتحامات بالملعب".
"مع الوقت بدأت الأعراض تزيد وشعرت بالقلق. بدأت أجمع تلك الأعراض وأبحث على الإنترنت، وتيقنت أنه سرطان بالخصية".
"طبيعة الإنسان التونسي أنه يخشى أن يواجه وأن يتأكد عندما يتعلق الأمر بالمرض حتى لا يتلقى النبأ الأسوأ. لكنني قررت المواجهة على كل حال".
"عدت إلى مدينة المرسى للتأكيد من خلال الكشوف الطبية والآشعة. وأخبرني الطبيب بالنبأ".
"أخبرني الطبيب أنني قد أتوقف عن ممارسة كرة القدم من 6 أشهر إلى سنة".
اكتشاف الهيشري لمرضه في مراحله الأولى سهل كثيرا من العلاج. التعافي جاء بعد 3 أشهر، ومع المتابعة الطبية عاد رسميا لممارسة كرة القدم بعد 6 أشهر من التوقف.
بداية العودة كانت من نادي مستقبل المرسى حيث نشأ، واستمر طوال فترة مرضه، قبل أن ينتقل إلى الاتحاد المنستيري في الدرجة الثانية ويبدأ قصة كفاح كروي.
سريعا، يصعد الفريق بقيادة الهيشري إلى الدوري التونسي الممتاز، ويخوض 5 مباريات في الموسم الجديد ظهر خلالهم الهيشري بشكل مميز لفت انتباه نبيل معلول، المدير الفني للمنتخب الوطني.
FilGoal.com يستعرض معكم أبرز حالات اللاعبين الذين تجاوزا المرض وعادوا لممارسة كرة القدم.
"خائف؟ لقد شفيت من السرطان!".
جيرمان بورجوس. لم يكن اسما لامعا أو من السهل تذكره في عالم كرة القدم.
ولكن في 2003، وبعمر الـ33 عاما، كان حارسا أساسيا لمرمى أتليتكو مدريد.
الأرجنتيني يشغل منصب المدرب المساعد لدييجو سيميوني في الوقت الحالي، والاقتباس السابق كان على لسانه بعد مباراة ضد بايرن ميونيخ في دوري أبطال أوروبا.
سأل الصحفي بورجوس عن خوفه من الإقصاء على يد الفريق البافاري، وكان ذلك هو رده، قبل أن يوجه تحية ودعم لكل من يحاربون المرض الخبيث في الوقت الحالي.
في 2003، تم اكتشاف ورم على كلية بورجوس، وتم استنتاج إصابته بالسرطان.
"لدي مباراة في نهاية الأسبوع. سنجري العملية يوم الإثنين القادم".
هكذا كان رد فعله حين علم حاجته إلى إجراء عملية استئصال للجزء الفاسد من كليته.
"لقد كانت صدمة، ولكني استفقت سريعا لأنني أعتقد أني قوي ذهنيا".
لا شك أن قصة الفرنسي إيريك أبيدال مع مرض السرطان هي الأكثر تأثيرا وتحفيزا وبعثا للأمل.
في مارس 2011، أجرى الظهير الأيسر الفرنسي فحصا طبيا دوريا، ولم يكن في الحسبان إمكانية اكتشف ورم خبيث على الكبد.
لحظة لم تؤثر فقط على مسيرته الكروية، ولكن عليه كإنسان بشكل عام.
تحدث أبيدال عن مرضه في سلسلة حلقات وثائقية تابعة لشبكة CNN بعنوان "Humans to Heroes"، والتالي على لسانه.
"إنني محارب. خضت محادثة صادقة مع الأطباء وأخبرتهم أنه إذا كان هناك شئ خبيث داخل جسدي فعليهم إزالته سريعا"
"كان أمرا معقدا أن أعود لممارسة كرة القدم، ولكنني أدعي أن ممارسة الرياضة أعطتني قوة ذهنية هائلة"
تفاجأ العالم أجمع بعودة أبيدال للتدريبات الجماعية رفقة برشلونة بعد أسابيع قليلة من تشخيص المرض، قبل أن يحل بديلا في مباراة ضد ريال مدريد في 3 مايو 2011.
بعد مرور 25 يوما، لعب أبيدال 90 دقيقة كاملة في نهائي دوري أبطال أوروبا ضد مانشستر يونايتد في ملعب "ويمبلي"، وأبلى بلاء حسنا وساهم في تتويج الفريق بلقبه الرابع من البطولة تاريخيا.
في لفتة طيبة من زملائه، منحوا أبيدال فرصة رفع كأس البطولة.
"لقد كانت لفتة رائعة من الزملاء. لا يمكنني أن أنسى لحظة كتلك" يقول أبيدال.
دعم كبير تلقاه اللاعب الفرنسي طوال فترة مرضه، حتى من لاعبي ورئيس نادي ريال مدريد، الغريم الأزلي لبرشلونة.
الكل كان سعيدا بقوة أبيدال وكفاحه ضد المرض وعودته السريعة.
ولكن بعد أقل من عام، جاءت صدمة أخرى.
في مارس 2012، ظهرت حاجة أبيدال لإجراء عملية زراعة كبد لأن العملية الأولى لم تحل المشكلة بشكل كامل.
زميله في الفريق، داني ألفيش، عرض التبرع بجزء من كبده ولكن لم تفلح الفكرة لأنها كانت من الممكن أن تؤثر على مسيرة اللاعب البرازيلي الكروية، فلجأ أبيدال إلى ابن عمه "جيرارد".
بعد عام، عاد أبيدال من جديد لممارسة كرة القدم مع برشلونة وتوج بلقب الدوري الأخير له، وإن كان شرفيا.
لم تكن فكرة تجديد عقده مع النادي الكتالوني مطروحة، فاختار أبيدال موناكو كمحطة جديدة له، ولعب لهم لموسم واحد.
الموسم التالي بدأه أبيدال مع أولمبياكوس اليوناني، قبل أن يقرر اعتزال كرة القدم نهائيا لأسباب شخصية.
"لاعبو كرة القدم يحظون بحياة رائعة، ولكنهم بشر بالنهاية ويمكن أن يمروا بمثل تلك الأشياء"
سنوات عديدة ناجحة قضاها الهولندي أريين روبن مع بايرن ميونيخ، ربما كانت كافية لتنسيك العديد من الأشياء في بداياته.
في عام 2004، حين كان لاعبا في صفوف تشيلسي، تم تشخيص إصابة روبن بسرطان الخصية.
في حديث مع صحيفة "تليجراف" البريطانية، تحدث الجناح الطائر عن فترة المرض.
"كنت خائفا جدا. لقد كان وقتا صعبا علي".
"وجدت ورما وأجريت الإشاعات، وأخبرني الطبيب أنني بحاجة لعملية جراحية لاستئصاله".
"أجرينا العملية ثم حان وقت انتظار النتائج. كان الانتظار صعبا ومخيفا قبل أن تأتي الأخبار الجيدة. لقد كانت راحة نفسية كبيرة بعد ذلك".
"كرة القدم هي حياتي، ولكن في ذلك الوقت لم تكن لتعني لي شيئا. أكثر ما يهمني هو صحتي وصحة عائلتي والمقربين لي".
"العلاج الكيميائي قاسي. جسمك بالكامل يشعر به. تبدأ بفقدان شعرك تماما كلما مر العلاج داخل جسدك. لقد كان صعبا".
في بدايات 2013، تعرض الأرجنتيني جوناس جوتيريز لصدمة قوية بالكرة في منطقة الخصية نتيجة تصويبة من الظهير الفرنسي باكاري سانيا.
جوتيريز كان عنصرا أساسيا في تشكيلة نيوكاسل يونايتد خلال تلك الفترة.
بعد المباراة، اشتكى لاعب الوسط الأرجنتيني من ألم وتورم بسيط بتلك المنطقة، ولكن طبيب الفريق أخبره أن الأمر لا يدعو للقلق.
مرت شهور واللاعب مستمر في خوض المباريات، ولكن بعد فترة بدأت خصيته اليسرى في التورم بشكل أكبر ويدعو للقلق.
بعد إجراء الآشعة والكشوف، ظهرت الحاجة إلى عملية لإزالة الخصية التي تم اكتشفاها بالسرطان.
خلال تلك الفترة، مكث اللاعب في الأرجنتين لتلقي العلاج الكيماوي بعد أن انتشر المرض لأجزاء أخرى في جسده، قبل أن يعود للملاعب في 2014.
ويتحدث جوتيريز لشبكة "سكاي سبورت" البريطانية في السطور التالية.
"منذ بداية تلقي العلاج، كل ما كنت أفكر فيه هو الشفاء. لم أكن أفكر في العودة لممارسة كرة القدم بكل أمانة"
"العلاج كان صعبا، ولكن في النهاية الأمر تحسن. كان من الجيد ملاحظة تحسني وشفائي".
"أنت لا تفكر في البداية في العودة لممارسة الكرة، ولكن جاءت اللحظة حين قال لي الطبيب: "ـنت بخير.. الآن يمكنك العودة".. حينها بدأت أفكر ماذا يمكن أن يحدث تاليا".
خلال موسم 2013/2014، كان نيوكاسل يحارب من أجل البقاء في الدوري الممتاز.
الفريق كان بحاجة لفوز على وست هام في "سانت جيمز بارك" في الجولة الأخيرة لضمان البقاء.
تقدم نيوكاسل بهدف، وحل جوتيريز بديلا في ظهور نادر له بعد عودته من مرضه، وبشكل درامي سجل الهدف الثاني الذي ضمن البقاء للـ "ماجبايز" وسط احتفال هستيري من اللاعب والجماهير.
كان ذلك هو الظهور الأخير للاعب الأرجنتيني مع نيوكاسل قبل أن يبدأ فصل آخر في القصة بعيدا عن مرضه.
ادعى جويتاريز أن النادي قام بتجميده بعد شهرين من إجرائه العملية وطالبوه بالبحث عن نادي آخر.
بند تواجد في تعاقد اللاعب مع النادي ينص على أن إذا تجاوز اللاعب المشاركة في 80 مباراة خلال فترة التعاقد، فيتم التمديد تلقائيا لعام إضافي.
بعد فترة مرضه، لم يشارك اللاعب وتم ارساله في إعارة لنورويتش سيتي وإبعاده في إشارة واضحة أنه ليس من الخطط النادي المستقبلية.
في 2016، ربح جويتاريز قضية ضد نيوكاسل تقتضي حصوله على تعويض قيمته 2 مليون جنيه إسترليني بسبب تجميده وعدم الالتزام ببنود التعاقد.
خاض جويتاريز موسما في ديبورتيفو لاكرونيا الإسباني، وموسما في ديفينسيا جوستيكا الأرجنتيني، قبل أن ينتقل لإندبندينتي في العام الحالي ولم يخض أي مباريات رسمية رفقتهم بعد.