كتب : هشام إسماعيل
بينما يقود جوزيه مورينيو سيارته عائدا من أولد ترافورد إلى منزله مسرعا للحاق بمباراة مانشستر سيتي وتشيلسي والتي ربما سيتظاهر لاحقا بأنه لم يكن مهتما بمشاهدتها سيكون الثنائي بيب جوارديولا وأنطونيو كونتي مصابين بالتوتر.
الفيلسوف ضد الرجل المفعم بالروح، ثنائي لم يتغير منذ أن كان لاعبين في برشلونة ويوفنتوس يقفا في متوسط ميداني كامب نو وديلي ألبي.
لم يجتمعا في مناسبة رسمية كلاعبين سوى عندما بدأ بيب في المرحلة الختامية من مسيرته باللعب في الكالتشيو.
لكن بعد أن أصابهما الصلع عادا كرجلين في الأربعينات ليخوضا مواجهات قوية في الدوري الإنجليزي الممتاز كمدربين مع مانشستر سيتي وتشيلسي.
الفلسفة ضد الروح
منذ أن كان طفلا يجمع الكرات في مران كامب نو يشاهد يوهان كرويف يدرب الفريق الأول ووقع جوارديولا في عشق الفلسفة التي زرع الأسطورة الهولندية بذرتها في برشلونة.
جوارديولا من نوعية المدربين الذين سيحافظون على فلسفتهم وطريقتهم. لا تهم الانتقادات.
خسارة مذلة برباعية نظيفة من إيفرتون لن تمنعه من اللعب بدفاع متقدم بعد 3 أيام حتى لو كان الخصم ريال مدريد.
لم يكن في مهارة ليونيل ميسي بالطبع لأن ليس هناك من هو في مهارة ميسي، ولكنه كان يجيد التمريرات العميقة المتقنة. لمسة واحدة من جوارديولا كانت تجعل روماريو أو رونالدو في مواجهة المرمى وبالتأكيد نهاية هذه الهجمة معروفة.
على الجانب الآخر، كونتي كان لاعبا حماسيا تتمناه في فريقك، لا يجيد المراوغات لكنه يجيد إرسال العرضيات لذلك تم توظيفه على الجانب الأيمن في وسط الملعب كثيرا.
كونتي لا يحتفظ بفلسفته، رجل مرن أكثر من جوارديولا سيهاجم بضراوة حين يتطلب الأمر، سيعود للخلف ويلعب على المرتدات وسيفوز أيضا.
كونت دي مونت كريستو
هل تعرفون "كونت دي مونت كريستو"؟ ليس أحمد عدوية بالطبع، لكنه إدموند دانتيس بطل الرواية التي تحمل اسمه والذي بسبب خيانة الأصدقاء بات سجينا في مارسيليا واستطاع أن يهرب بعد سنوات لينتقم ممن أذوه دونجلار وبكادوروس وفيرنارد.
هم أوقعوا بدانتيس الذي سُجن لأنه يوالي سياسيات نابليون بونابارت وظل سجينا لسنوات حتى عاد وانتقم منهم.
قصة دانتيس ربما تشبه قليلا أو كثيرا ما حدث ويحدث مع الثنائي بيب جوارديولا وأنطونيو كونتي.
الأول تعرض للإهانة بشكل قاس في موسمه الأول بإنجلترا، صفر بطولات وهزائم ثقيلة وخروج مهين من دوري أبطال أوروبا، كونتي تحديدا كان قاسيا عليه وهزمه في المناسبتين بالدوري الموسم الماضي.
يود جوارديولا أن يعود وينفذ انتقاما ممنهجا من كونتي وكلوب ورونالد كومان. مورينيو ربما لم يفعل شيئا سوى الإطاحة به من كأس رابطة المحترفين لكنه ربما يستغل الأمر لإقناع نفسه بالانتقام من عدو شرس يمتلك تاريخا طويلا معه.
كونتي فعل ما قام به الكونت دي مونت كريستو، أداء هزيل في 6 مباريات بالدوري أخرهم كانت التعرض للإهانة على يد أرسنال بثلاثية في الشوط الأول قبل أن يعود الإيطالي للتحكم بزمام الأمور.
انتهى الدوري بتتويج تشيلسي وكونتي في موسمه الأول بإنجلترا، لم ينس أعدائه ورد الإهانة للجميع وأولهم أرسين فينجر بثلاثية في ستامفورد بريدج.
ثورة الدفاع
بعد الأداء الهزيل الذي قدمه تشيلسي في أول 6 مباريات بالموسم الماضي، عاد كونتي ليلعب بطريقته المعتادة باستخدام ثلاثي في قلب الدفاع ليقلب الطاولة على الجميع ويحقق 13 انتصارا متتاليا ربما منحوه الأفضلية لحسم الدوري لاحقا.
وفقا للإحصائيات فإن أندية الدوري الإنجليزي في الموسم الماضي لعبت 30% من مبارياتها بثلاثي في قلب الدفاع بعد أن كانت 18% في الموسم الماضي.
النسبة ارتفعت لأقل من الضعف بقليل من المباريات بسبب الانتصارات المتتالية التي حققها كونتي مع تشيلسي بهذه الطريقة.
كانت ثورة دفاعية لدرجة أن الفرنسي أرسين فينجر تخلى عن مبادئه العنيدة ولعب بها في نهاية الموسم بل وهزم بها كونتي نفسه في نهائي الكأس.
ويشرح كونتي ما يجعل هذه الخطة تنجح قائلا "المدافعان اللذان يلعبان على اليمين واليسار في قلب الدفاع يجب أن يكونا سريعين وعنيفين".
وأضاف "أما المدافع الذي يلعب في الوسط يجب أن يكون ممتازا خططيا. جيد في التمركز ويستطيع التحكم في تحركات خط الدفاع".
ما يحبه كونتي في اللعب بثلاثي دفاع هو عدم استقبال الأهداف بحسب ما قال في الموسم الماضي.
على الجانب الآخر فإن جوارديولا لعب بالثلاثي الدفاعي كثيرا من قبل، لكن بالصبغة الهجومية لا يلعب بدفاع متأخر ويعتمد على المرتدات.
جوارديولا رجل يؤمن بالكرة الهجومية إيمانا شديدا ولكن في النهاية هو لا يحب استقبال الأهداف بالطبع.
ولذلك فهو يلعب بثلاثي في الدفاع من أجل هاجس المرتدات، والذي بالمناسبة نجح كونتي في ذبحه بها بمباراة استاد الاتحاد في الموسم الماضي.
ويقول جوارديولا "نلعب أحيانا بثلاثي في الدفاع أثناء امتلاكنا للكرة، نفعل ذلك من أجل تفادي المرتدات وهذا الأمر يكون مريحا أكثر بثلاثي في الدفاع".
هل يتواجهان في الحلبة الأفضل؟
هناك صراع مستمر منذ سنوات، وسؤال يطرح نفسه.. هل الدوري الإنجليزي هو الأفضل في العالم؟
كونتي أقل عندا في التعامل مع الأمر من جوارديولا فهو وصفه بالدوري الأقوى في العالم، لكن لدى الإيطالي بعض الأسباب التي تختلف بعض الشيء عن الإسباني.
كونتي قال من قبل "الدوري الإنجليزي هو الأفضل في العالم، حاولت اللعب برباعي في الدفاع وكنت أفكر أنه بإمكان هذا الفريق اللعب بطريقة 4-2-4".
وأضاف "فزنا بثلاث مباريات ولكن أحيانا تفوز وترى أن هناك شيئا ليس صحيحا، لأن مع كل انتصار نواجه العديد من الفرص الخطيرة".
كونتي كان في مخيلته أنه يستطيع الفوز بدون أن يحصل على تأمين كاف في الدفاع وهو ما لم يحدث بلا شك ليضطر إلى العودة لثلاثي في الدفاع.
كونتي ليس من نوعية الرجال الذين يرفضون الإشادة بالآخر، فهو مؤخرا قال أن جوارديولا أفضل منه ويحب أرسين فينجر ويخشى يورجن كلوب.
أما جوارديولا فلا يرى الدوري الإنجليزي هو الأفضل ويميل إلى بلاده في هذا الأمر وبالنسبة للفيلسوف الكاتالوني فإن الفيصل في الحكم هي الإنجازات الأوروبية.
ويقول جوارديولا "أعلم أنكم (الإنجليز) تحبون سماع أنه الدوري الأقوى في العالم، مبروك فأنتم الأكثر مشاهدة. الدوري الإنجليزي قوي للغاية ولكنني لن أقول أن الذهاب لسانتياجو بيرنابيو وكامب نو وإشبيلية وبلباو يعد أمرا سهلا".
وأضاف "في العقد الأخير الأندية الإسبانية سيطرت على دوري الأبطال والدوري الاوروبي، الدوري الإنجليزي سيكون أقوى عندما تفعل أنديته ذلك".
ربما الفشل في الدوري الإنجليزي الموسم الماضي استفز غرور جوارديولا بعض الشيء، ربما وضع تساؤلات عدة حول فلسفته أيضا وهو ما لا يرضاه الإسباني أبدا.