"يوجد العديد من المدربين الذين يتحدثون كثيرا، أهم كلمتان لأي لاعب أو إنسان هما خير فعلت أو أحسنت، وإن أردته أن يؤنب نفسه فعليك بالصمت". كانت تلك كلمات من كتاب سير أليكس فيرجسون مدرب مانشستر يونايتد الأسطوري، والتي كان يصف بها أفضل طريقة يتعامل بها مع اللاعبين.

لطالما كان هناك لاعبين تساءل البعض كيف يمثلون فريقا مثل يونايتد وبعضهم توج بطلا لدوري أبطال أوروبا وحصد الألقاب لعدة أعوام مع الشياطين الحمر.

في ريال مدريد بإمكاننا أن نجد مثالا حيا على ذلك، مدرسة مشابهة لكنه ليس نمطيا، زين الدين زيدان بسلوكه الهادئ وأسلوبه المتميز تمكن من أن يخرج أفضل ما لدى لاعبيه منذ أن تولى المهمة في يناير 2016 ليحصد الألقاب نتيجة على ذلك؟

كيف يفعلها زيدان؟ أفضل ما يمكن للمدرب أو القائد فعله هو منح الثقة للاعبيه ومعاملته كرجاله الناضجين القادرين على تحمل المسؤولية إضافة لدعمهم بصورة تامة طيلة الوقت، لم يفضل لاعبا بعينه دون غيره الكل سواء لديه.

منذ عام انهالت بعض الانتقادات لأن رونالدو لم يكن في كامل مستواه بعد في بداية الموسم وكان ذلك قبل مواجهة بوروسيا دورتموند في الجولة الثانية من دوري أبطال أوروبا.

صرح زيدان قبل المباراة قائلا :"كل لاعب يخرج بديلا قبل نهاية المباراة يغضب حتى رونالدو، تحدثنا سويا بعد المباراة وما حدث كان أمرا طبيعيا ويحدث دوما يجب أن نتابع، أهم شيء أننا نعمل سويا ومعا، الكل سيحصل على فرصته".

كان رونالدو وقتها قد عاد من الإصابة للتو ولم يسجل سوى هدفا ضد أوساسونا في الدوري، حتى عاد للتسجيل 9 أهداف في 10 مباريات، ثم 8 أهداف في 9 مباريات وأصيب ثم عاد ليسجل هدفا في 3 مباريات.

وقتها الصحف الإسبانية قالت إن رونالدو سيرحل عن ريال مدريد وقالت أيضا إنه قد "انتهى" وذلك لتقدمه في السن".

جاء رد فعل زيدان كالتالي :"أعتقد أنه سينهي هذا الموسم بطريقة لم يفعلها من قبل على الإطلاق".

وأضاف الأسطورة الفرنسية :"حسنا لا أعلم كيف بالضبط لأنه أنهى مواسم ماضية بصورة رائعة جدا، لكنه في حالة جيدة بدنيا وآمل أنه سينهي هذا الموسم كما أتصور".

لم يخيب رونالدو وقتها ظن زيدان وقاد ريال مدريد للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا سجل 5 أهداف ضد بايرن ميونيخ في ذهاب وإياب ربع نهائي البطولة، ثم هاتريك ضد أتليتكو مدريد في ذهاب نصف النهائي ثم هدفين ضد يوفنتوس في نهائي دوري أبطال أوروبا.

إضافة إلى ما سبق وبعد الخسارة من برشلونة بنتيجة 3-2 في الجولة الـ33 تأزم موقف ريال مدريد قليلا في الدوري لكن رونالدو سجل 6 أهداف في 4 مباريات ضد فالنسيا وإشبيلية وسيلتا فيجو ومالاجا لينجح في المساهمة في حسم اللقب لفريقه.

حينما لا يشارك لاعب كبير في المباريات فإننا نجد الكثير من التقارير حول صراعه مع المدرب أو حزنه أو غضبه، لكن في ريال مدريد منذ تولي زيدان المهمة لم يحدث ذلك مطلقا.

قال سير أليكس فيرجسون :"لا تسمح لأي أحد أن يكون أقوى منك، شخصيتك يجب أن تكون أكبر منهم، إنه أمر حيوي وليس حول إثبات القوة إنه حول السيطرة على الفريق وفرض سلطتك كمدرب".

تألق رونالدو أتى مصحوبا بغياب وخفوت نجم جاريث بيل الذي عانى من الإصابة وغاب عن فريقه ما يقرب من 136 يوما على فترات مختلفة وغاب عن 29 مباراة.

بالطبع انتقادات عديدة من المحليين والصحف حول غياب بيل وعدم قدرته على قيادة الفريق أو حتى التواجد معه في أصعب الأوقات.

بجانب الانتقادات بيل كان قد ابتعد عن مستواه وسجل 9 أهداف في 27 مباراة بكل المسابقات بجانب صناعة 5 أهداف.

مع غياب رونالدو للإيقاف وإصابة كريم بنزيمة جاء سوء مستوى بيل، ولم يرحمه الإعلام في كل مؤتمر كان زيدان يسئل عما سيفعله مع بيل.

وصرح زيدان قبل مواجهة ريال بيتيس التي خسرها بنتيجة 1-0 قائلا :"حينما يحصل جاريث بيل على المساحة فبإمكانه التسبب في الضرر للمنافس بسبب سرعته".

واستدرك "رأينا هدفه في الجولة الماضية، لكن جاريث جيد أيضا على الصعيد الفني".

وأكمل "بإمكانه اللعب بدون وجود مساحات، إنه يعرف كيف يتكيف على الوضع في الملعب ولا يزعجه أن يلعب بالكرة وأن يشرك زملائه في الهجمة بجماعية".

وتابع "بالنسبة إلى بيل لاعب متكامل".

بعد الخسارة كان من الواجب أن يسجل بيل أو على الأقل يساعد الفريق ضد ديبورتيفو ألافيس.

وصرح زيدان قبل تلك المواجهة التي فاز بها بنتيجة 2-1 قائلا:"لا أعلم متى سنرى أفضل ما في بيل، آمل أن يكون قريبا إنه بخير ونعلم أن بإمكانه المشاركة بطريقة جيدة جدا".

مع تواصل الدعم كان لابد من الاستجابة، تألق بيل ضد بوروسيا دورتموند وقدم مستوى متميزا للغاية وساهم في فوز الفريق بنتيجة 3-1.

وصرح زيدان عقب المباراة :"أجبت دائما على أسئلة بخصوص مستوى جاريث بيل، عندما يكون في حالة جيدة يكون خطيرا يتحرك بسرعة ويسجل".

واستطرد قائلا "بيل في حالة جيدة، قمنا باستبداله كإجراء احترازي حتى لا يتفاقم الشد العضلي، هذه المباراة نقطة تحول له وسيستعيد كامل مستواه قريبا".

وأشار "بعد كل مباراة يلعبها بيل أراه يتطور، هذا يجعلني سعيدا لأنني أعلم كم كان صعبا عليه".

video:1

زيدان يستعمل سلاحه الأهم الاحترام والدعم النفسي والثقة التي ستؤتي بثمارها حتما، هو لم يطور ذلك من خلال أسلوب تكتيكي أو يبدل بين الظهيرين أو يضع تشكيل فني مختلف، بل هيأ لاعبيه بطريقة ممتازة داخل وخارج الملعب.

كتب سير أليكس فيرجسون في سيرته الذاتية :"لا يمكنك أن تطلب أن تكون شخصا محبوبا، لأن ذلك لن يحدث وأيضا لا يجب أن تطلب من الناس أن يهابوك، كن في مكان في الوسط اجعلهم يحترمونك ويحبونك ويثقون فيك وسترى نتيجة ذلك فورا".