كتب : إسلام مجدي
بإمكانك أن تتطلع على ما قيل منذ عام 2015 وحتى العام الماضي، تطور غريب في الأحداث وسريع من موهبة فذة ينتظرها الجميع لانتقادات حادة من مدرب فريقه ومدرب منتخب بلاده.
يكفيك أن تكتب أنطوني مارسيال وجوزيه مورينيو في محرك البحث لتعرف كم مرة انتقد جوزيه مورينيو جناحه الدولي الفرنسي الشاب خلال الموسم الماضي.
لنعد بالزمن إلى اليوم الذي تمت فيه الصفقة وتم الإعلان عن المبلغ الذي قيل وقتها أنه دفع فيه 58 مليون جنيها إسترليني مقابل الحصول على خدمات جناح موناكو الشاب.
قال دايف أبادو صحفي بـ"سو فوت الفرنسية وقتها :"إنه الجنون الإنجليزي الأخير في السوق، نعم مارسيال موهوب لكنه ليس واعدا إنه بحاجة للكثير لم يكتشفوا الأمر بعد، لكن تلك هي طبيعة الدوري الإنجليزي الممتاز".
وقتها دفع يونايتد ما يقرب من 80 مليون يورو لضم لاعب لم يضع قدمه بعد مع منتخب فرنسا الوطني ولم يشارك في 30 مباراة في الدوري الفرنسي حتى.
تكلفة مارسيال كانت أكبر من لاعبين مثل كريم بنزيمة وسيرخيو أجويرو هؤلاء الذين قامت صحف مثل "دايلي ميل" و"صن" بمقارنتهم بموهبة الشاب الفرنسي.
أجرت صحيفة "ليكيب" وقتها استفتاء عبر موقعها الإلكتروني وسألت الجماهير هل يثبت مارسيال نفسه في أولد ترافورد؟ النتائج كانت من أصل 2000 مصوت منهم 46% يرون أنه لن يتمكن من إثبات نفسه، و54% العكس.
كيف تغيرت الأمور؟ أول مبارياته مع يونايتد كانت ضد ليفربول تلك التي سجل خلالها هدفا رائعا للغاية لن ينساه سواء هو أو ضيوف يونايتد.
قبل المباراة كانت أخر اللمحات في الصحافة توضح أن "مارسيال مجرد موهوب لكنه ليس واعدا، لأنه بحاجة للكثير من العمل، إنه كجندي شاب دخل الحرب بدون تدريب كافي حتى لشخصيته".
بالطبع مانشستر يونايتد لم يكن يكترث لكل تلك الأمور، ناهيك عما عاناه الفريق بعد رحيل سير أليكس فيرجسون ثم إقالة ديفيد مويس وبالطبع مع هذا المبلغ الكبير لم يكن أمام لويس فان جال سوى الدفع بلاعبه الشاب وإشراكه في المباريات.
في البداية كانت المشاكل في اللغة التي لا يعرفها اللاعب وقال فان جال :"لا يمكنه تحدث الإنجليزية لذا أنا مضطر للحديث بالفرنسية وهو أمر صعب علي، دائما ما يساعدني مروان فيلايني ومورجان شنايدرلين".
وأضاف "سيتعلم الإنجليزية ويتكيف عليها، كانت بدايته رائعة".
وأردف "إنه في الـ19 من عمره ويرى أنه ليس مطلوبا منه الثبات على مستواه وتقديم نفس ما يقدمه كل مرة، لذا أتوقع أن يمر بلحظات ينخفض خلالها مستواه".
وأتبع "في 3 مباريات أظهر موهبته في أعلى مستوى وأنه يمكنه اللعب في نظام الفريق وأنه يرغب في فعل كل شيء".
وأتم "لديه مستوى عالي من الموهبة وأظهر ذلك لكنه بحاجة للثبات لأنه يخضع لضغط كبير".
كانت تلك التصريحات خلال شهر سبتمبر من عام 2015 وقتها كانت المرة الأولى التي تبرز فيها نقطة لمحها المدرب الهولندي، أن مارسيال موهوب فعلا ولديه الكثير من الفنيات لكنه في المقابل لا يتمتع بالثبات لإنتاج نفس الأمر بشكل متواصل، ومع الضغط سينخفض مستواه.
مر الموسم ورحل فان جال مقالا بعد الفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي وتم تعيين جوزيه مورينيو لتدريب الشياطين الحمر.
لم يكن موسم مورينيو الأول يحتمل الفشل بأي شكل كان عليه أن يبدأه بقوة والفريق بالكامل كان مضغوطا وظهر ذلك في لحظات كثيرة.
انتظر مورينيو من موهبته الفرنسية إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتقديم مستوى يسمح لفريقه بترجمة الفرص العديدة التي كان يخلقها لأهداف، لكن مارسيال لم يلبي النداء.
المدرب البرتغالي لن يضحي بأي شيء من أجل أي لاعب فقد انضم ليونايتد بعدما تمت إقالته في تشيلسي وسط اتهامات بأنه قد ولى عصره التدريبي وأنه سيبتعد عن مكانته كواحد من أفضل المدربين خلال الألفية الحديثة.
في موسم 2016-2017 بدأه مارسيال بصناعة هدفين ضد بورنموث وتوقع الكثيرون أن يكون أحد نجوم الموسم ثم تلاشى تأثيره في مباريات ساوثامبتون وهال سيتي حتى فقد مورينيو الأمل في أن يتمكن اللاعب من إيجاد نفس النسق ولم يعد يشارك من حينها سوى لدقائق حتى الجولة الـ12 حينما بدأ ضد أرسنال في المباراة التي انتهت بنتيجة 1-1 دون أن يترك بصمة واضحة.
تلك الفترة كان مورينيو ويونايتد تحت ضغط كبير للغاية، المدرب البرتغالي حتى شهر ديسمبر كان قد فاز في الدوري في 6 مباريات وبنهاية الشهر وصلت إلى 10.
ووسط كل هذا خرج ديديه ديشامب في شهر أغسطس عام 2016 بعد بطولة اليورو التي خسرها منتخب بلاده على أرضه ضد البرتغال لينتقد أداء مارسيال.
وصرح عن مارسيال قائلا :"أنطوني بحاجة لأن يكون أكثر ثباتا، فعلى الرغم من مميزاته الكثير وإمكانياته لصنع الفارق بسرعته وقوته للتسجيل والصناعة وفي عمره ذلك أثبت الكثير، لكنه لم يثبت بعد أنه واعد بإمكانه تقديم نفس المستوى".
وأضاف "عليه أن يصل لمستوى معين من الأداء ويقدمه لعدة أسابيع وأشهر متتالية بنفس الطريقة".
وأردف "لقد أخبرته بذلك ولكنه بحاجة لأن يدفع نفسه أكثر ويتدرب بشكل أقوى في بعض الأحيان".
وواصل :"الأمر منوط بالعقلية، إنه بحاجة لمعركة مع نفسه وليس مع أحد، بحاجة لأن يصبح أقوى لكي يصل لمستوى يكرره طوال الوقت على المدى البعيد".
وفي شهر يناير من عام 2017 كان مورينيو قد فقد صبره وخرج لينتقد لاعبه الفرنسي مؤكدا أنه لا يتمسك بالفرص التي لا يحصل عليها ولا يقدم مستواه بنفس الثبات.
ثم في شهر فبراير طالبه ببذل المزيد من الجهد للمشاركة في المباريات بشكل أكبر، المدرب البرتغالي أراد من لاعبه مزيدا من التركيز لكي ينتج مستوى متميزا على وتيرة ثابتة وهو ما فشل فيه طوال الفترة الماضية.
وخلال شهر أبريل الماضي بدا مورينيو وكأنه وجد كنزا أو وقع مع لاعب جديد.
وصرح المدرب البرتغالي قائلا :" "على مارسيال أن يفهم ما نحتاجه منه، ليس بالنسبة لنا فقط بل له أيضا".
وتابع "إن أراد أن يصبح لاعبا فريدا من نوعه، وبإمكانه أن يفعل ذلك، عليه أن يتجه في اتجاه واضح وصحيح، وقد أظهر سلوكه وشهية تهديفية".
وأتم "نحن سعداء لأنه بما قدمه ضد بيرنلي أصبح لدينا لاعبا جديدا حتى نهاية الموسم".
وكانت تلك المباراة في الجولة الـ34 وسجل خلالها هدفا وصنع أخر مما جعل مورينيو يدفع به كأساسي في المباريات التالية.
بدا الأمر واضحا مارسيال أصبح أقوى بعض الشيء ظهر ذلك جليا مع يونايتد خلال مواجهة ريال مدريد الودية في الاستعدادات للموسم الجديد 2017-2018.
اللاعب ظهر مطوعا مهارته لخدمة الفريق محاولات الاختراق والتمرير وليس الركض فقط لمسافات يتحرك ويدافع ويهاجم ويستخدم كل ما يمتلكه لمصلحة الفريق وصنع هدفا لجيسي لينجارد.
وصرح مورينيو بعد ذلك عن لاعبه قائلا :" لقد كان يمتع نفسه خلال مواجهة ريال مدريد، وحاول فعل أشياء، والأمر المهم أنه في تلك المباريات الودية عليك أن تحاول تجربة بعض الأشياء، وهو ما فعله مارسيال، أداؤه كان جيدا، خاصة لثقته بنفسه".
وأضاف "إنه لاعب شاب، لازال هناك وقت للتعلم وللتطور وكذلك لشخصيته".
وأتم "بإمكاني القول إنه يتدرب حاليا أفضل مما كان عليه في الماضي، ويعمل بكد عما كان عليه، وطلبي الآن أن يجعل موهبته ثابتة أكثر".
مورينيو وديديه ديشامب طالبا مارسيال منذ عدة أشهر بأن يتدرب أكثر والجناح الفرنسي فعل ذلك، يتبقى له فقط أن يجعل موهبته أكثر ثباتا.
تألق مارسيال مع يونايتد هذا الموسم في 3 مباريات في الدوري من أصل 5 شارك فيها سجل 3 أهداف وصنع هدفا.
شارك صاحب الـ21 عاما كبديل في 4 مباريات وأساسي في مباراة، تلك المباراة التي لعبها أساسي كانت ضد ليستر سيتي وفاز بها يونايتد بنتيجة 2-0.
يتبقى للجناح الفرنسي مهمة وحيدة هي إيجاد عامل الثبات على تقديم مستوى ثابت "لفترة طويلة على المدى البعيد".