كتب : علي أبو طبل
هل تظن أن نيمار هو أول لاعب مهم يخرج من قائمة برشلونة بشكل مفاجئ وبمقابل مادي خيالي؟
صحيح أنه لم يسبق في تاريخ سوق الانتقالات أن تصل قيمة لاعب إلى 222 مليون يورو. قيمة أغلى لاعب في العالم في الوقت الحالي بالكاد تقترب من نصف ذلك الرقم، ويعتبره البعض رقما مبالغ فيه.
بعيدا عن التفاصيل المادية، فإن نيمار بخروجه من "جنة البلاوجرانا" يسير على خطة أمثلة عديدة فعلت ذلك، ولكل منهم حكايته.
نعود بالذاكرة إلى صيف عام 2000 لنتذكر تفاصيل انتقال آخر مفاجئ لأهم لاعب في قائمة برشلونة خلال ذلك الوقت، البرتغالي لويس فيجو.
مشهد البداية يحتوي فلورنتينو بيريز، الرئيس الحالي لريال مدريد. رجل يرغب في دخول المعترك الإنتخابي بقوة ليتفوق على اسم قوي آخر ومحبب لدى الجمعية العمومية في النادي.
لورينزو سانز، رئيس النادي الفعلي في ذلك الوقت والذي رغب في الفوز بولاية جديدة، كان يمتلك أسهم مرتفعة في معركة الانتخابات. أعاد الرجل اللقب الأوروبي الأبرز إلى خزائن النادي في عام 1998.
كيف يتفوق بيريز على رجل ناجح ومحبوب؟ الوسيلة كانت جنونية للغاية. الحصول على أهم لاعب من قائمة المنافس المباشر وبأعلى قيمة مادية في تاريخ سوق الانتقالات،
والمخاطرة المادية لدرجة اقتراب شبح الإفلاس في حالة عدم إتمام المهمة بنجاح، كان ذلك ما لجأ إليه صانع الـ "جالاكتيكوس".
فيجو كان الخيار المحبب لبيريز ولأعضاء ريال مدريد عندما سألهم عن اللاعب الذي قد يرغبون في قدومه. المهارة والسرعة والذكاء. تكوين ثنائية هجومية مع راؤول جونزاليز كانت فكرة مثيرة.
وبدأت رحلة الاتفاق المجنون.
قبل بداية المعركة الانتخابية للنادي الملكي، تواصل بيريز مع وكيل اللاعب البرتغالي، خوسييه فييخا.
استغل بيريز ذلك التوقيت في ظل خروج بعض الأخبار عن عدم سير مفاوضات تجديد عقد فيجو مع النادي الكتالوني على ما يرام. فييخا سافر إلى كتالونيا عدة مرات للتشاور مع إدارة برشلونة، ولكن لم تكن الاستجابة المرجوة.
بيريز لم يكن يمتلك سلطة لإجراء تعاقد رسمي، ولكن كلفه الأمر حوالي 3 ملايين دولار لإجراء اتفاق قانوني مع اللاعب ليلزمه بإتمام تعاقد رسمي فيما بعد إذا أصبح بيريز رئيسا للنادي.
"أظن أنه لم يكن يأخذ الأمر في البداية على محمل الجد. ظن أنه من المستحيل أن يتم الأمر. ولكنه في الحقيقة كان جديا للغاية. الأمر كان متعلقا في النهاية بحياته وبمهنته"
إيفان كورتيخا، وكيل أعمال لاعبين إسباني معروف لعدد من لاعبي برشلونة الحاليين وللقائد السابق ولاعب السد القطري الحالي تشافي هيرنانديز، يتحدث لموقع Bleacher Report عن انتقال فيجو.
الاتفاق ينص على أن لويس فيجو ملزم بالانتقال إلى ريال مدريد في حال فوز بيريز بانتخابات النادي، ويقوم النادي الملكي بدفع ما يكافئ 64 مليون دولار كاملة في هذا الوقت إلى برشلونة، وهو شرط كسر التعاقد الموجود في تعاقده مع البلاوجرانا. ولا يستطيع برشلونة فعل شئ لمنع ذلك.
إن فاز بيريز بالانتخابات وتراجع فيجو عن رغبته في الانتقال، فإن اللاعب البرتغالي ملزم بدفع ما يعادل 32 مليون دولار كشرط جزائي. يستطيع بيريز في هذه الحالة استيفاء وعده باستغلال هذا المبلغ في دفع ثمن عضويات الجمعية العمومية كاملة في حال فشله في ضم فيجو، كما وعدهم.
إن لم يفز بيريز، فإن اللاعب غير ملزم بالانتقال ويبقى لاعبا في صفوف برشلونة.
بدأت القصة في الخروج للإعلام، وربما كان فيجو ليستفيد بها في الضغط على إدارة برشلونة من أجل تحسين عقده، ولكن لم تسر الأمور بهذا الشكل.
"أود أن أؤكد لكل جماهير برشلونة حول العالم أن لويس فيجو سيكون متواجدا في ملعب كامب نو في 24 يوليو القادم لبداية الموسم الجديد".
بكل ثقة، مرتديا قميص البلاوجرانا، أكد قائد برشلونة في ذلك الوقت على بقائه بتلك الكلمات في حوار صحفي مع إحدى الصحف الكتالونية في 9 يوليو 2000.
ولكن في 9 فبراير 2017، يتحدث فيجو من جديد للحساب الرسمي للدوري الإسباني على الإنترنت عن بعض تفاصيل ذلك الانتقال.
"لم أشعر بالتقدير هناك. لا أقصد الجماهير فالأمور ليست في أيديهم بنسبة كاملة. أتحدث عمن يديرون شؤون النادي"
"كان هناك ضغط كبير. في معظم الوقت ظننت أنها لن تحدث. لكن بعيدا عن الجانب المادي أو الرياضي، عوامل أخرى ساهمت في ذلك. في لحظة معينة ترغب في التغيير واتخاذ خطوة جديدة. تأخذ القرار ولا رجعة في ذلك"
لم ينتظر فيجو لـ24 يوليو، وفي بداية الشهر نفسه تم تقديمه رسميا كلاعب جديد لريال مدريد وبقميص رقم 10 كأغلى لاعب في العالم في ذلك الوقت، وسط ذهول الجميع وربما في مقدمتهم جماهير ريال مدريد أنفسهم.
"لم ترغب جماهير مدريد في شراء فيجو لكي تحبه. في أعماق أنفسهم يعلمون أنه خائن لفريقه السابق. لكنهم أردوا أن يتم ذلك كاستعراض للقوة. أرادوا ذلك من أجل إضعاف المنافس المباشر وإهانته"
دييجو توريس، صحفي إسباني بجريدة "البايس" في مدريد، يصف صفقة فيجو من وجهة نظره في تحقيق أجراه موقع Bleacher Report البريطاني في وقت سابق.
سنوات فيجو مع برشلونة كانت جيدة. فاز برفقتهم بلقبين من الدوري الإسباني ومثلهما من كأس الملك ولقب السوبر الإسباني ولقب كأس الإتحاد الأوروبي وكذلك كأس السوبر الأوروبي.
لكن سنواته مع الملكي كانت أكثر توهجا على الصعيد الجماعي أو الشخصي.
فبجانب تتويجه بنفس عدد الألقاب تقريبا من كل بطولة مع ريال مدريد، حقق اللقب الأوروبي الأهم في مسيرته على الإطلاق. لقب دوري أبطال أوروبا عام 2002 في جلاسكو الأسكتلندية عندما تفوق الملكي على باير ليفركوزن الألماني في النهائي بهدف زيدان الخالد.
على الصعيد الشخصي، وصل فيجو إلى القمة بعد أن أصبح أفضل لاعب في العالم في عام 2001.
استمر فيجو حتى 2005، ثم انتقل في صيف ذلك العام إلى انتر ميلان لبداية رحلة جديدة استمرت لـ 4 مواسم حافلة، قبل أن يعتزل كرة القدم نهائيا في عام 2009.