"في هذا السن قليلا ما تجد لاعبا يمتاز بالهدوء والاتزان والتفكير بشكل سليم، لهذا اخترت عبد الله السعيد ليكون قائدا لمنتخب الشباب".
"عندما توليت تدريب الإسماعيلي وجدت أمامي لاعبا انطوائيا وخجولا. هادئ في الملعب
لكن لديه إمكانيات فنية رائعة"
"أول مران لي مع الإسماعيلي أوقفت التدريب أكثر من 5 مرات لأعطي تعليمات لعبد الله السعيد حتى ظن أنني أتعمد توبيخه أمام زملائه".
"سيصبح له شأن عظيم في الكرة المصرية.. الكل سيردد اسم عبد الله السعيد".
--
هادئ وانطوائي وخجول.. أم طموح وموهوب وذكي وقادر على التفكير بشكل مختلف؟
هل الهدوء بجانب الموهبة قادرا على صناعة نجم في كرة القدم؟
حكاية عبد الله السعيد بشكل مختلف يقدمها لكم FilGoal.com في عيد ميلاده الـ 32.
دعونا نعود للوراء 19 عاما، تحديدا في شهر فبراير من عام 1998 وعدد مجلة الأهرام الرياضي التي نشرت تقريرا عن أحد الناشئين في الإسماعيلي، متوقع له أن يكون أفضل لاعب في مصر بعد عدة سنوات.
لاعب شاب يبلغ من العمر 15 عاما يجيد اللعب في مركز المهاجم الصريح وصانع الألعاب تنتظره الكرة المصرية ليكون نجمها في المستقبل القريب.
هذا ما نشر في مجلة الأهرام عام 1998 عن عبد الله السعيد عندما كان لاعبا في فريق الإسماعيلي تحت 17 عاما.
وقال عنه علي أبو جريشة أسطورة نادي الإسماعيلي في عام 1998 "سيصبح له شأن عظيم في الفريق الأول ومنتخب مصر".
بينما قال عادل أبو جريشة مدرب عبد الله في قطاع الناشئين في الإسماعيلي: "في القريب العاجل سوف تردد جماهير الإسماعيلي ومصر كلها اسم عبد الله السعيد".
الاختلاف عن غيره من اللاعبين الذي اتفق عليه مدربي السعيد، كان واضحا عليه منذ مرحلة الناشئين والأشبال.
يبلغ عبد الله من العمر 6 سنوات فقط ويقضي أغلب أوقاته في لعب كرة القدم في الشارع أمام استاد الإسماعيلية، حيث يقع منزل السعيد مباشرة أمام الاستاد، ليتقدم الطفل لاختبارات الناشئين في الإسماعيلي عام 1991 ويلتحق بمدرسة الموهوبين التابعة للنادي عام 1995، ويبدأ منذ عام 1998 المشاركة مع فرق الناشئين بالنادي.
عبد الله يقدم مستوى مميز مع فرق الشباب في النادي ويتم تصعيده للفريق الأول ليبدأ في التألق.
يرتدي الرقم 9 ويلعب في مركز رأس الحربة، يسجل بالقدم اليمنى واليسرى ويمتاز بضربات الرأس.
يخلع القميص رقم 9 ويرتدي رقم 10 ويعود لمركز صانع الألعاب ويواصل التألق. أهداف من كل مكان في الملعب، مهارة وسرعة وقوة وانطلاقات. تنفيذ مميز للركلات الثابتة من أي مكان في الملعب.
تألق بقوة بالقميص الأصفر إلى أن حان وقت الرحيل والانضمام للقلعة الحمراء.
ومنذ انضمامه للأهلي في عام 2012 الجميع من محبي كرة القدم المصرية يعرفون تماما كل شيء عن السعيد وما قدمه بقميص القلعة الحمراء.
وهنا يعود معكم FilGoal.com بالذاكرة مرة أخرى لأكثر من 11 عاما للحديث عن بداية السعيد مع الفريق الأول للإسماعيلي. ومعرفة ما لم يُعرف سابقا عنه.
FilGoal.com توجه للحديث مع مجموعة من المدربين الذين أشرفوا على تدريب عبد الله السعيد منذ أن كان في ناشئين الإسماعيلي وحتى وصل لقمة تألقه.
أبو تريكة الجديد
هكذا وصف المدرب الهولندي مارك فوتا لاعبه الشاب عبد الله السعيد.
فوتا الذي تولى تدريب الإسماعيلي في موسم 2006/2007 كان أول مدرب يُصعد عبد الله السعيد للمشاركة في الفريق الأول للدراويش.
وتحدث FilGoal.com مع فوتا عن السعيد الذي قال: "عندما أتيت إلى الإسماعيلي شاهدت أمامي فتى انطوائيا ولديه إمكانيات فنية رائعة ومهارات في التمرير والركلات الحرة".
وتابع "عملت معه أكثر على الجانب النفسي والبدني لتقويمه ثم الجانب التكتيكي، خاصة فيما يخص مسؤوليته كلاعب جماعي وتحوله للدفاع في حالة فقدان الكرة".
وأضاف "كان فتى طموحا لكنه كان صغيرا في السن وبالتالي فرص مشاركته في تلك الحقبة من الكرة كانت أقل بعض الشيء، تمنيت أن ينضج أكثر حتى بعد رحيلي".
وأكمل "في إحدى المرات نادي بي إس في أيندهوفن سألوني عنه وأخبرتهم أنه مستعد للعب في أوروبا وهولندا، لكنهم اختاروا لاعبا من أمريكا الجنوبية، لسوء الحظ كنت سأحب جدا أن يلعب في أوروبا مثل محمد صلاح والذي تطور كثيرا عما كان عليه في سويسرا وإنجلترا والآن في إيطاليا".
واستفاض "أتذكر أنني قلت مرات عديدة أن عبد الله عليه أن يسيطر أكثر على الكرة خلال المباراة، أتذكر أيضا تسجيله لهدفين من ركلات حرة في الإسكندرية ضد الاتحاد، قوة لا تصدق في التسديد والدقة".
وأكد "عبد الله كان أبو تريكة الصغير بالنسبة لنا في الإسماعيلي".
وأتم "رأيت ما فعله ضد المغرب في كأس الأمم الإفريقية 2017، الركلة الحرة التي نفذها ابتسمت كثيرا وقلت بأنه عبد الله التقليدي بعد تلك التمريرة الرائعة لمحمد صلاح من أعلى الحائط البشري".
حديث مارك فوتا عن السعيد انتهى هنا، ولكن حديث باقي المدربين لا يزال طويلا.
مرحلة تطور الأداء
فوتا ذكر في حواره مع FilGoal.com أن أشرف خضر كان له دورا في ظهور عبد الله السعيد بهذا المستوى لأنه كان مدربه في فريق الشباب.
لهذا أجرى FilGoal.com حوارا مع أشرف خضر المدير الفني الأسبق للإسماعيلي للحديث عن السعيد وقال: "من صغره ظهر عليه الاختلاف عن باقي اللاعبين، المدرب في هذه المرحلة يعمل مع أكثر من 20 لاعبا ولكن قليلا عندما تجد لاعب مختلف ومميز عن زملائه".
وقال: "عبد الله موهوب وذكي بالفطرة، ولديه رؤية في الملعب وموهبة من الله، وما يميزه عن غيره أكثر هي طريقة تفكيره السليمة".
وحكى "موقف لا أنساه مع السعيد كشف لي كيف يفكر باتزان وبشكل سليم عندما كان متألقا مع الإسماعيلي قرر فوتا تعديل عقده وزيادة رابته، لكنه رفض وأصر على استكمال تعاقده كما هو".
وأردف "وأخبرني السعيد أنه يريد هذا لأن عندما ينتهي تعاقده سيستطيع طلب ما يريده ويكون التعاقد الجديد مثلما يريد".
قاتل
البرازيلي ريكاردو مدرب الإسماعيلي السابق تحدث مع FilGoal.com أيضا عن السعيد وقال: "عبد الله كان صغيرا جدا حينما توليت المهمة، لكنه أظهر قيمة ومستوى كبير وجودة أكبر".
وأضاف "يوما ما لعبنا ضد المصري البورسعيدي وسجل هدفين، استبدلته في الشوط الثاني، وأتى إلى دكة البدلاء غاضبا جدا".
واستكمل ضاحكا "لم يفهم السبب خاصة وأنه لعب جيدا، لكن في عقلي حاولت دفعه لكي يلعب ويقاتل مثل المحاربين، ليس فقط اللعب بل الرقابة وبعد تلك المباراة قاتل في كل المواجهات".
وأكد "كل ما كنت أفعله كان من أجل مصلحته، إنه لاعب رائع لكنه ليس عنيفا أو صعب المراس في الرقابة ضده، بعد تلك المباراة تغيرت عقليته".
وضرب ريكاردو مثلا، مفصحا "كانت لدي حالة مماثلة مع نواف التمياط حينما أشركته صغيرا مع الهلال".
حالة مشابه حدثت مع السعيد وساهمت في تطور أدائه ولكن هذه المرة مع المدرب صبري المنياوي.
مدرب الإسماعيلي السابق في موسم 2006/2007 كشف لـFilGoal.com الكثير من المواقف والأسرار عن عبد الله السعيد.
وقال المنياوي لـFilGoal.com: "في أول مران لي مع الإسماعيلي اضطرني عبد الله لإيقاف التدريب أكثر من 5 مرات لأقول له بعض التعليمات، لأنه كان يهاجم فقط ولا يعود للدفاع".
وأوضح "وقتها ظن السعيد أنني أتعمد تعنيفه أمام زملائه، لكن بعد ذلك ظهر بمستوى مميز للغاية في المباريات وعلم أن هذه التعليمات كانت سببا في تألقه".
وأكمل "وقتها الإسماعيلي كان يُطلق عليه فريق عبد الله السعيد وعبد الله الشحات، نظرا لتألق الثنائي مع الدراويش ومنتخب الشباب".
وحكى "السعيد كان ظاهرة في هذه الفترة، لديه طريقة لعب برازيلية وتفكير مميز عن باقي اللاعبين، يخلق فرص له ولزملائه ويستطيع التسجيل كثيرا، لذلك كان يلعب معي بشكل أساسي".
وأفاد "يجيد التسديد بالقدم اليسرى تماما كأنها اليمنى، أتذكر هدفه في الأهلي في المباراة الشهيرة التي فاز بها الإسماعيلي 3-صفر عندما سدد الكرة بقوة بقدمه اليسرى بعد عرضية من سيد معوض، وكأنه يسدد بالقدم اليمنى".
"في الإسماعيلي كان عبد الله يقدم أداء أجمل وأمتع من الأهلي لأن أدواره الدفاعية كانت أقل كثيرا، ولهذا السبب لم يظهر بشكل جيد في سنواته الأولى مع الأهلي لأنه كان يلعب على أطراف الملعب وينفذ أدوار دفاعية".
"كان يمتع نفسه وزملائه والجماهير وكانت له فعالية هجومية على مرمى الخصوم بشكل أكبر".
"ولكن في الموسمين الماضيين عندما تحرر السعيد من الأدوار الدفاعية بعض الشيء قدم مستوى أفضل وكان من أهم لاعبي الأهلي ومنتخب مصر".
"أنصحه بضرورة إخفاض وزنه لأن وزنه في زيادة خلال الفترة الماضية وهذا سيؤثر على مستواه، يجب عليه منع نفسه من الأكل والتدريب بقوة حتى يكون وزنه مثالي، وله في كريستيانو رونالدو عبرة".
لا أحب اللعب ضده
هذه المرة عبد الله هو الذي يتحدث ولكن عن حسام عاشور زميله في الأهلي.
عبد الله كشف في حوار تليفزيوني سابق عندما كان لاعبا في الإسماعيلي أنه لا يفضل اللعب ضد حسام عاشور لأنه لاعب وسط مدافع قوي ومميز ودائما ما يواجهه في الملعب، وهو خصم صعب.
عاشور أيضا ذكر سابقا أن مواجهته لعبد الله السعيد خلال مباريات الأهلي والإسماعيلي تكون صعبة للغاية.
القائد الهادئ
"كان يختلف عن غيره من اللاعبين في هذا السن، هادئ ومتزن ويفكر بشكل جيد، لذلك اخترته لأن يكون قائدا للمنتخب".
هكذا تحدث محمد رضوان المدير الفني لمنتخب الشباب المشارك في كأس العالم للشباب 2005 مع FilGoal.com.
وقال رضوان في حواره مع FilGoal.com: "كان هادئا دائما ومتزنا ولديه شخصية قوية واختياره ليكون قائدا للمنتخب كان لهذه الأسباب، خاصة أن كان محبوب أيضا من زملائه".
وأفصح "اعتمدت عليه في أكثر من مكان داخل الملعب في المهاجم الصريح وصانع الألعاب ولاعب الوسط، ومن أول يوم له في المنتخب وهو يبحث أن يكون نجم شامل".
الهدوء أوصله ليكون قائدا لمنتخب الشباب، ولكن ماذا قال السعيد بنفسه عن الهدوء في الملعب.
قال عبد الله السعيد في أحد المقابلات التليفزيونية السابقة "استفدت كثيرا من اللعب بجانب محمد أبو تريكة، تعلمت منه الهدوء في الملعب خاصة في الظروف الصعبة، مثلا يكون اللقاء في اللحظات الأخيرة والنتيجة ليست في صالحنا وتصل الكرة لتريكة وبكل هدوء يضعها في المرمى".
غير المتوقع
"دائما يقدم غير المتوقع وهذا يمنحه أفضلية أمام منافسيه".. هذا ما قاله خالد القماش المدير الفني الأسبق للإسماعيلي والذي أشرف على تدريب عبد الله مع الدراويش.
وقال القماش لـFilGoal.com: "كان في الإسماعيلي أفضل فنيا ويقدم مستوى جمالي بالكرة على عكس الأهلي، وهذا بسبب الأدوار الدفاعية المُكلف بها، إذا أردت أن تحصل من السعيد على أفضل ما لديه عليك إبعاده عن ضغوط الدفاع".
يستطيع اللعب في أوروبا
"كان واحدا من أفضل اللاعبين معي في الفريق".. هذا ما أشار له الإسباني خوان كارلوس جاريدو المدير الفني الأسبق للأهلي عن عبد الله السعيد في تصريحاته لـFilGoal.com.
FilGoal.com تواصل مع المدرب الإسباني للحديث عن السعيد وقال: "هو بالفعل من أفضل اللاعبين من ناحية الجودة والتمريرات والرؤية في الملعب والتصويب وتنفيذ الضربات الثابتة والركنيات".
وأتم "إضافة إلى موهبته الكروية الكبيرة، هو بالفعل يمتلك مستوى مميز يؤهله للعب في أوروبا".
ـــــــــــــــــــــــــــ
أجرى الحوار مع كل من أشرف خضر وصبري المنياوي ومحمد رضوان وخالد القماش.. الزميل أحمد شاكر
أجرى الحوار مع كل من مارك فوتا وريكاردو.. الزميل إسلام مجدي
أجرى الحوار مع خوان كارلوس جاريدو.. الزميل أمير عبد الحليم
لمتابعة الكاتب عبر تويتر -Amrooo90