كتب : أحمد العريان | الثلاثاء، 04 يوليه 2017 - 05:03

الأهلي والزمالك.. مكاسب مالية أم منافسة على الألقاب؟

الأهلي والزمالك.. مكاسب مالية أم منافسة على الألقاب؟

سنصنع المواهب ونستوردها، لكننا لن نحافظ عليها. هذا هو الواقع الجديد للكرة المصرية، حتى وإن كان قاسيا على الجمهور المصري.

23 لاعبا خرجوا من الدوري المصري خلال فترتي القيد الصيفية والشتوية الماضيتين إلى دوريات أخرى. والرقم يبدو كبيرا جدا مقارنة بمواسم سابقة.

انتقل محمود عبد المنعم "كهربا" إلى اتحاد جدة للمرة الثانية معارا من الزمالك، مصطفى فتحي اقترب من اللحاق به إلى التعاون لمجاورة عصام الحضري في الدوري السعودي، وسبقهم محمد عبد الشافي إلى أهلي جدة وماليك إيفونا إلى تيان جين الصيني، وربما يلحق بهم أخرون في أيام قليلة مقبلة.

اقتصاديا، تغير الوضع كثيرا في مصر، قيمة الجنيه أمام الدولار في مثل هذا اليوم من العام الماضي كانت بـ 8.85 جنيه للشراء و8.88 جنيه للبيع، وفقا لأسعار البنك المركزى، أما اليوم وبعد عام فقط أصبح يساوي 18.13 جنيه للشراء، و18.18 جنيه للبيع بزيادة 10 جنيهات وحوالي 120%.

في المقابل، وحسب الميزانية الرسمية لقطاع الكرة في الأهلي، باع النادي لاعبين بقيمة 6.5 مليون جنيه في عام 2015، مقارنة بـ146 مليون جنيه في 2016.

الزمالك أيضا حصل على مبلغ 70.5 مليون جنيه نظير إعارتين لكهربا فقط خلال الموسم الماضي وفترة الانتقالات الحالية، وهذا المبلغ سيصل إلى 94.94 مليون جنيه إذا تمت صفقة إعارة مصطفى فتحي إلى التعاون السعودي.

"لا ننوي بيع أي لاعب من لاعبينا نحتاج إلى خدماته، لكن إذا وصلنا عرض مغري لا يمكن رفضه مثلما كان الحال مع تريزيجيه، رمضان صبحي وإيفونا، فلما لا نوافق" سيد عبد الحفيظ ردا على العروض المحتملة لعلي معلول وأحمد حجازي.

مجبرين على البيع

في اعتقادي أن بيع اللاعبين لن يكون اختياريا بعد ذلك، فأنت لن يكون بمقدورك إقناع لاعب بالبقاء في فريقك ليتقاضى ثلث الراتب المعروض عليه من نادي أخر.

وإن أجبره النادي على البقاء، فسيخسر النادي فرصة استثمار في موهبة يمكنه صنع غيرها من جانب، ولن يضمن كامل عطاء اللاعب المجبر على البقاء من جانب آخر.

هذا اللاعب مثله مثل كل موظف في مصر، فقد حوالي نصف قيمة راتبه بسبب القرار الاقتصادي الأخير من الحكومة، فلماذا يرفض عرضا مغريا مقدم له ويرضى بالبقاء في مصر؟

الدوري السعودي مثلا، وهو أكثر الدوريات استقداما للاعبين المصريين في الفترة الأخيرة، رفع عدد اللاعبين الأجانب المسموح بقيدهم في قائمة كل فريق إلى ستة لاعبين بداية من الموسم المقبل.

القرار ربما يكون مفيدا أو ضارا للكرة السعودية، هذا سنعرفه في السنوات المقبلة، لكن الأكيد أنه سيفتح الباب أكثر وأكثر أمام خروج لاعبي الدوري المصري صوب السعودية.

دوري في نفس مستوى الدوري المصري، إن لم يكن قد تفوق مؤخرا، شهرة في الإعلام وشعبية كبيرة للأندية، وفوق كل ذلك عروض كبيرة ماديا، ربما هو النموذج الكامل لأي عرض يتمناه كل لاعب، وكلها متوفرة حاليا في دوري جميل السعودي.

تجربة أوروبية

بعض الدوريات عالميا تشتهر بتصدير النجوم. الفرنسي، البلجيكي، البرتغال، السويسري والدوري الهولندي كلها دوريات تصدر أنديتها عشرات اللاعبين للدوريات الأغنى سنويا.

أندية الدوري البرتغالي مثلا ونحن في بداية الصيف، جمعت حتى الآن 158 مليون يورو نظير بيع اللاعبين خارج البرتغال.

بنفيكا وحده باع لاعبين بـ 81 مليون يورو، على رأسهم إيديرسون مورايش إلى مانشستر سيتي مقابل 40 مليون يورو وفيكتور ليندلوف إلى مانشستر يونايتد مقابل 35 مليون يورو.

بورتو أيضا باع لاعبين بقيمة 44 مليون يورو، على رأسهم أندريه سيلفا إلى ميلان مقابل 38 مليون يورو.

المنافسة

الأهلي والزمالك. الطموح منافسة وألقاب أم مكاسب مالية؟ ربما كانت البطولات هي الهدف الوحيد سابقا، لكن دون المكاسب المادية حاليا لن تتوافر الألقاب أيضا.

في الدوري البرتغالي والهولندي والبلجيكي فقدت الأندية الكبيرة فيها فرصة المنافسة على الألقاب قاريا، اللهم استثناءات قليلة على فترات.

أياكس بطل أوروبا أربع مرات، بنفيكا كان بطلا في مرتين والوصيف في 5 مرات أيضا، لكنهما حاليا ليسا كما كانا سابقا.

يقولون أن الفريقين إن احتفظا بنجومهما منذ 2010 حتى الآن، لكانا منافسان مباشران على دوري الأبطال كل عام، لكنها ليسة سياسة الناديين.

تشكيل محتمل لبنفيكا إن حافظ على نجومه منذ 2010

حارس: يان أوبلاك "أتليتكو مدريد حاليا"

الدفاع: فابيو كوينتراو "ريال مدريد وانتقل الآن إلى سبورتنج لشبونة" – ديفيد لويز "تشيلسي حاليا" – فيكتور ليندلوف "مانشستر يونايتد حاليا" – نونو سيميدو "مازال في بنفيكا"

الوسط: نيمانيا ماتيتش "تشيلسي حاليا" – أكسيل فيتسل "زينت سان بطرسبرج حاليا" – ريناتو سانشيز "بايرن ميونيخ حاليا" - أنخيل دي ماريا "باريس سان جيرمان حاليا" – نيكولاس جايتان "أتليتكو مدريد حاليا"

الهجوم: نوليتو "مانشستر سيتي حاليا"

_ _ _ _

هل سيكون هذا هو مصير الأهلي والزمالك أيضا مع السياسة الجديدة ببيع النجوم؟

لحسن الحظ أن القوة الاقتصادية الأقوى منا والتي أصبحت تجذب لاعبي دورينا ليست من قارتنا.

نرى الفرق المصرية تبيع لاعبيها للدوري السعودي، للدوري الصيني أو لأوروبا، لكن لم نر لاعب انتقل من الأهلي أو الزمالك إلى الدوري التونسي أو المغربي مثلا.

داخل إفريقا مازالت مصر هي القوة الاقتصادية الأكبر، مع منافسة من تونس والمغرب وجنوب إفريقيا، ومازيمبي في الكونغو.

تلك الأفضلية تمنح أنديتنا رفاهية البيع مع استمرار المنافسة، لكن أيضا بشروط..

الاستثمار

وائل جمال، الباحث والكاتب الاقتصادي قال في تصريحات سابقة لـ FilGoal.com: "من الضروري استعمال مكاسب الأندية من بيع لاعبيها في استثمارات سريعا، عن طريق مثلا تجميدها في أصول ثابتة لا تتأثر بالتضخم، أو استثمارها في قطاع الناشئين بطريقة محسوبة المخاطر".

تحقيق في الجول – الأهلي بين طريقة أياكس والابتعاد عن أرسنال.. ماذا يحدث في قطاع الكرة

هذا الحل سيكون مفيدا للنادي اقتصاديا أيضا مثلما هو الحال فنيا. على الأندية المصرية أن تستثمر الأموال التي تجمعها وستجمعها في الفترة المقبلة بتنمية قطاع الناشئين فيها.

قطاع الناشئين بمقدوره إنتاج لاعبين يعوضون رحيل نجم عن الفريق في كل موسم لدوريات الخليج أو أوروبا، يؤمن للأندية دخلا قويا مع استمرار المحافظة على المنافسة قاريا على الألقاب.

أوجه الاستثمار أيضا يجب أن تشمل المنشآت الخاصة بالنوادي من ملاعب وأكاديميات، وجلب كشافين جيدين لاستقدام اللاعب الأجنبي الذي يضيف للفريق.

تلك النقطة تأخذنا لمقارنة سريعة مع دوريات شمال إفريقيا.

أجانب فرق شمال إفريقيا دائما ما يكونوا في المستوى. فابريس أونداوا أخرهم في الوداد البيضاوي.

أندية شمال إفريقيا لها كشافينها الذين يذهبون إلى دول قارة إفريقيا ويتابعون اللاعبين الشبان بدقة، قبل أن يتمموا التعاقد معهم دون تدخل من وكلاء لاعبين لمنع المغالاة في أسعارهم.

أندية مصر يجب أن تسير على هذا النهج. تعيين كشافين يذهبون لمتابعة اللاعبين في منشأهم بدول إفريقيا، فيكون التعاقد معهم بمقابل مادي أقل كثيرا عن الذي تتعاقد به أنديتنا حاليا معهم من أندية أخرى بعد أن يكونوا قد اشتهروا بالفعل وزاد سعرهم.

أما صرف الملايين في استقدام ورواتب لاعبين قد يكونو مميزين فعلا لكن لن يفيدوا الفرق أمثال سليماني كوليبالي أو إيمانويل مايوكا، فلن يكون مسموحا بتلك الصفقات مرة أخرى.

عوامل جذب

الدوري المصري بوضعه الحالي ليس جاذبا على الإطلاق. للاعبين المصريين قبل الأجانب حتى.

دوري تغيب عنه المنافسة الحقيقية على اللقب منذ سنوات طويلة سواء كان البطل الأهلي أو الزمالك.

لا جماهير في المدرجات، لدواع يقال عنها أمنية.

لا نظام ثابت للبطولة، مع كل موسم نناقش، هل الأفضل قائمة بـ 25 لاعبا أم 30؟ هل نلعب دوري من 18 فريقا أم نخفض العدد إلى 14 فقط؟

في تونس، وهي البلد التي مرت بأقرب تجربة لمصر في السنوات الأخيرة، يقام الدوري بانتظام.

تقام المباريات بجمهور، وتجد المنافسة على اللقب مشتعلة بين أربعة فرق حتى الجولات الأخيرة.

بطبيعة الحال يمكنك حاليا أن تلمس الفارق بين حال الدوريين المصري والتونسي في مقارنة بسيطة بين نتائج فرق البلدين في المسابقتين القارتين.

4 فرق تونسية تأهلت بالفعل للدور التالي في دوري أبطال إفريقيا والكونفدرالية، أما مصر فلا يتبقى لها سوى ثلاثة فرق بعدما ودع المصري الكونفدرالية قبلا. سموحة شبه خرج من الكونفدرالية والزمالك يحتاج لمساعدة الغير للتأهل في دوري الأبطال، أما الأهلي فإن تأهل بالفوز في المباراة الأخيرة، فهو خسر صدارة المجموعة بالفعل رسميا.

مصر مازالت إلى الآن قوة جاذبة أكبر من دوريات شمال إفريقيا وباقي القارة، بفضل تاريخ وسمعة فرقها والكرة المصرية عامة سابقا وليس بسبب الوضع الحالي، لكن مع استمرار الأوضاع على حالها، سيكون فقدان تلك الأفضلية مسألة وقت بكل تأكيد.

أخر الأخبار
التعليقات