كتب : إسلام مجدي
دائما في اللحظات الصعبة التي تعيشها الأندية الصغيرة، وهي كثيرة للغاية، يخرج من الظل بطل جديد أو لاعب شاب لا يكترث سوى لتقديم الكرة الجميلة.
ريال بيتيس كان يعيش أسوأ أيامه خاصة في الفترة التي رحل فيها بيبي ميل عن الفريق في ديسمبر 2013 ليحظى بفترة سيئة بدوره مع وست بروميتش ألبيون، ثم عاد ليدرب بيتيس مرة أخرى.
منذ 24 شهرا كان النادي الأندلسي ينافس في بطولة الدوري الأوروبي، تلك التي اعتاد أن يتوج بها إشبيلية، لكن الطرف الأخر من الأندلس لم يكن سعيدا.
في ظل تلك الأزمة الكبيرة ظهر الفتى الشاب الجديد دانييل سيبايوس فيرنانديز، بدا أملا للجماهير خاصة مع مستواه المبهر الذي يقدمه رفقة ريال بيتيس في كل مرة يشارك.
احتفاله بالأهداف في بداياته مع الفريق وهو يرتدي القميص رقم 46 بدت شغوفة للغاية، ومع الأسلوب والطريقة التي يلمس بها الكرة، أصبح لاعبا معشوقا للجماهير.
رحل بيبي ميل، وتولى جوستافو بويت تدريب ريال بيتيس، لكنها فترة لم تدم طويلا ليغادر في نوفمبر بعد أن تسبب في انقسامات في غرفة الملابس والعديد من المعارك، وتولى فيكتور سانشيز المهمة خلفا له.
أهم ما كان يشغل بال فيكتور سانشيز هو الموهوب الصغير داني سيبايوس، خاصة وأنه أفضل موهبة شابة بين جدران الفريق، وربما أفضل لاعب في فريقه أيضا.
بويت كان يستبعد سيبايوس ولا يعتمد عليه، على الرغم من أن بيتيس رأى موهبة كبيرة في اللاعب ورغب في تجديد تعاقده في عام 2015، ليجدد عقده حتى عام 2020، بشرط جزائي رأوه كبيرا 15 مليون يورو، في شتى الأحوال لم يعتقدوا أن كل هذا التطور قد يحدث له.
ما جعل قيمة الشرط الجزائي وكل شيء يختفي من توقعات هو مستوى الفتى الإسباني الصغير، ريال مدريد كان مهتما بضمه فيما مضى خاصة خلال موسم 2015-2016، في ظل سعي النادي الملكي لضم مواهب شابة مثل بورخا مايورال وماركو أسينسيو وخيسوس فاييخو، سيبايوس كان أحد أبرز لاعبي منتخب إسبانيا تحت 19 عاما، وفي بطولة اليورو صنع هدفا في 5 مباريات، ولفت إليه بعض الأنظار.
نابولي اهتم بضم سيبايوس بعدما خفت اهتمام ريال مدريد بضمه، وكان على وشك إنهاء الصفقة في أكثر من مرة، لكن مستوى اللاعب انخفض بشدة وفجأة وتحول من بطل وألمع موهبة في إسبانيا، إلى مجرد لاعب شاب انتظر منه الكثير لكن ذلك لم يحدث ولم يرتق لقيمة التوقعات.
موسم 2015-2016 كان من المفترض أن يكون بوابة لسطوع نجمه في سماء مواهب أوروبا، إلا أن عدم استقرار فريقه وسوء الأداء أثر عليه بالسلب تماما، في ذلك الموسم لعب كصانع ألعاب متقدم ومهاجم ثاني ولاعب وسط وجناح أيسر في 38 مباراة بكل المسابقات ومجموع 2229 دقيقة، وصنع هدفين فقط.
على الرغم من ذلك إلا أن هذا الموسم أثر كثيرا في شخصيته، على الجانب الأخر بعد أن كان ملحوظا في الصيف لم يلحظه أحد، خاصة مع قلة مشاركاته رفقة بويت، لم ييأس سيبايوس وعين مدربا بدنيا خاصا ليساعده على أن يصل للأداء المثالي، وكان يتدرب مساء خلال الموسم في حصص إضافية ليصل لأعلى مستوا، متحديا مدربه بويت، واصل استبعاده، لكن الموهوب الشاب لم ييأس وواصل أيضا تدريباته.
صرح سيبايوس حول ذلك الأمر :"لم أفهم منطقه، لقد كنت مهم ا بالنسبة له قبل بداية الموسم في الجولة التحضيرية، وأخبرني أنني سأشارك، بعد ذلك فجأة لم أصبح جزاء من الفريق لفترة طويلة".
فيكتور منح موهبة سيبايوس قبلة الحياة، والأمر ذاته لريال بيتيس.
وصرح المدرب الشاب عن لاعبه الموهوب قائلا :"مع الموهبة التي يمتلكها سيبايوس يجب أن يخرج المزيد منه أكثر مما شهدناه، ما حدث في الماضي قد ولى، لكن الآن علينا أن نعيده لما كان عليه".
تطور سيبايوس بدا واضحا وسريعا خاصة في شهر يناير، كان يبدو كموهبة ضلت طريقها حتى وصل فيكتور سانشيز، ونجاحه كمدرب مع بيتيس كان مفتاحه موهبة سيبالوس وإعادته لما كان عليه وسط الجماهير، وفي أسرع وقت ظهر سيبايوس في أفضل حال دفاعيا وهجوميا.
وصرح فيكتور في هذا الصدد قائلا :"تألقه يجعلني سعيدا، لم يقف في الملعب ليهاجم فقط، لكن أيضا دافع مع الفريق، لديه القدرة على الحفاظ على الكرة ومساندة الفريق في جانب الاستحواذ كذلك".
مع تقدم جابي في السن وابتعاد كوكي عن مستواه، فكر أتليتكو مدريد خلال شهر مارس 2017 في ضم سيبايوس، إضافة إلى ذلك نابولي عاد مرة أخرى من أجل ضم اللاعب إلى كتيبته.
ما حدث له في بداياته كان من الممكن أن يقضي سريعا على موهبته، لكن عوضا عن ذلك أصبح أكثر نضجا وتحديا عما كان عليه، وأثبت براعة في الأداء، لينضم إلى منتخب إسبانيا تحت 21 عاما.
أدائه ضد كبار إسبانيا في موسم 2016-2017 كان علامة فارقة على الرغم من خسارة فريقه بسداسية سواء من برشلونة أو ريال مدريد شخصيته كانت واضحة في الملعب، وفي النصف الثاني من الموسم أكثر اللحظات التي شهدت تطوره كان التعادل بنتيجة 1-1 ضد برشلونة ومن ريال مدريد بنتيجة 2-1.
طريقة اللعب
إن كنت تحب لاعبي الوسط الإسباني أمثال تشابي هيرنانديز وإيسكو وجابي فأنت أمام لاعب يمتلك الذكاء والموهبة مثلهم، دائما لديه الإصرار على الحصول على الكرة وإيصالها نحو مرمى الخصم والقتال من أجل فوز فريقه.
إضافة إلى ذلك يمتلك سرعة كبيرة يجري بها طيلة الـ90 دقيقة بلا كلل أو ملل ويرجع ذلك لمدرب اللياقة البدنية الخاص لديه، في نهاية المباريات لا تجده يلهث من التعب، بل يجري ويقاتل ويمتلك سرعة وقوة تمكنه من ذلك.
كما أنه لاعب متوازن دفاعيا وهجوميا، ويتفهم جيدا مهامه في الملعب، يدعم وسط الملعب ويضغط على الخصم للحصول على الكرة، قد لا يمتلك نفس الرؤية الفنية لماركو أسينسيو لاعب ريال مدريد حاليا، إلا أنه يمتلك من الموهبة ما يجعله مؤهلا ليكون أحد أهم مواهب إسبانيا في خط الوسط منذ تشابي وأندريس إنييستا نجمي برشلونة.
صاحب الـ20 عاما فاز بـ79 مراوغة قام بها هذا الموسم من أصل 116، وارتكب 50 خطأ وارتكب ضده 116 خطأ، واعترض الكرة 67 مرة من أصل 182، وفاز بـ12 كرة هوائية من أصل 29، وخلق 38 فرصة خطيرة صنع منها هدفين، ويمتلك دقة تصويبات تقدر بـ50%، ودقة تمرير تقدر بـ81%.
لازال سيبايوس في مرحلة تسمح له بالتطور حتى وإن كان ضعيفا في بعض الجهات الفنية، إلا أنه في الـ20 من عمره ويلعب لريال بيتيس وفريقه عانى من فترة سيئة طويلة، إضافة إلى معاناته الشخصية مع مدربه السابق، ورغم كل ذلك قاتل ليثبت نفسه.
قال سيبايوس في وقت سابق "الجماهير تغادر مستمتعة حينما أسجل هدفا جميلا أشعر بذلك، شعرت به حينما سجلت ضد أتليتكو مدريد".
أما مدربه في منتخب إسبانيا تحت 21 عاما ألبيرت سيلاديس قال عنه :"من الجيد أن أشعر بهذه الثقة مع لاعب في عمر سيبايوس".
وأضاف "سيبايوس دائما على قدر المسؤولية طوال الوقت، حتى وإن لم يكن فريقه في أفضل حالاته، كنت أتحدث معه حينما لم يكن بويت يشركه، إنه لاعب دائما أعتمد عليه لأنني أعرف أهميته جيدا للمنتخب، وهو لم يستسلم لحظة، إننا محظوظون لأنه معنا".