كتب : محمد يسري
راوغ دييجو أرماندو مارادونا لاعبي إنجلترا من منتصف الملعب مسجلا هدف القرن، لكن هذه اللوحة الفنية فائقة الإبداع لم تكن بسببه، بل بإلهام من شقيقه.
يوم 22 يونيو 1986 سجل مارادونا هدفين في شباك إنجلترا في ربع نهائي مونديال المكسيك 86، الأول بيده أو "يد الرب" كما يقول، والثاني لا يعرف أحد كيف؟
قبل الخوض في أحداث المباراة، لم تكن المواجهة بين الأرجنتين وإنجلترا مجرد مباراة عادية، بل مواجهة بين طرفي النزاع على جزر فوكلاند.
إنجلترا كانت تحقق انتصارات في الحرب ضد الأرجنتين على جزر فوكلاند لتفوقها عسكريا بسبب المال الذي لا تمتلكه الأرجنتين، لذلك كان انتصار الأخيرة ضروريا عند مواجهة "العدو"، ليس للانتقام للشباب الذين أُطلق عليهم النار مثل "الطيور الصغيرة" كما قال مارادونا، بل لتأكيد قوة الأرجنتين حين يدور الأمر بدون مال أو سلاح. اللقاء لم يكن "حربا" مع إنجلترا.
أفتتح مارادونا التسجيل في الدقيقة 51 بهدف بالبيد في مرمى بيتر شيلتون بعد تمريرة ثنائية مع خورخي فالدانو. أبعد جلين هوديل الكرة بشكل خاطيء لتلتقطها يد مارادونا داخل الشباك.
<iframe width="100%" height="450" src="https://www.youtube.com/embed/-ccNkksrfls" frameborder="0" allowfullscreen></iframe>
لم يشاهده علي بن ناصر حكم المباراة الذي قال: "انتظرت إشارة من الحكم المساعد لإلغاء الهدف، لكنه لم يفعل أي شيء، لذلك احتسبته".
بينما كان للمساعد البلغاري بوجدان دوشيف رأي أخر، فقال:"الاتحاد الدولي لم يكن يسمح للحكام المساعدين باتخاذ قرارات بدلا من حكم الساحة، وكان يجب أن يتم إسناد إدارة المباراة لحكم من أوروبا نظرا لأهميتها".
هدف القرن
بعد 4 دقائق من الهدف الأول استلم مارادونا الكرة من منتصف الملعب وصولا لمنطقة الجزاء وسجل الهدف الخالد.
<iframe width="100%" height="450" src="https://www.youtube.com/embed/zKUYPZvOdUs" frameborder="0" allowfullscreen></iframe>
إل توركو
قام مارادونا بنفس الماراثون حين واجهت الأرجنتين نظيرتها إنجلترا على ملعب ويمبلي عام 1980، وقتها راوغ الفتى "دييجة" صاحب الـ20 عاما، 4 لاعبين إنجليز على حدود منطقة الجزاء لكنه وضع الكرة بتلك الطريقة بدلا من تسجيلها في مرمى راي كليمينس.
<iframe width="100%" height="450" src="https://www.youtube.com/embed/BXrbxzKveRY" frameborder="0" allowfullscreen></iframe>
عقب عودة "دييجو" إلى المنزل توجه له الأخ الصغير صاحب الـ7 سنوات، وقال له:"أنت غبي للغاية، كان عليك مراوغة الحارس أيضا ووضعها بقدمك اليمنى في المرمى. كان لديك الوقت والمساحة الكافية لفعل هذا لكنك تسرعت".
مارادونا لم يصمت على إهانة أخيه الصغير، وقال له:"أنت تتحدث لأنك تشاهد اللعبة من التلفاز".
لكن حديث "إل توركو" ظل في ذهن مارادونا وفكر فيه كثيرا، وتمنى أن تأتي له فرصة لتكرار تلك اللعبة وتسجيلها.
بعد 6 سنوات في المكسيك كان لمارادونا ما أراد وسجل هدف القرن.
ويتذكر مارادونا الشعور الذي اعتراه حين امتلك الكرة:"كنت أرواغ معتمدا على وجود فالدانو أمامي، الإنجليز كانوا ينتظرون أن أمرر له، لكنني استخدمته لكي أرواغ وعندما وصلت لمرمى شيلتون فعلت كما قال أخي الصغير اللعين لي".
وفي عالم يدور حول مارادونا كان الأرجنتيني القصير يركض فرحا بالهدف وكأنه طفل حقق انتصارا قوميا، لماذا؟
كان الأطفال في الأرجنتين يقومون بسرقة حافظة النقود الخاصة بالجنود الإنجليز كنوع من المقاومة للعدو ويركضون بأقصى سرعة حتى لا يتم الإمساك بهم.
لذا قال مارادونا عن احتفاله: "كنت أركض فرحا بالهدف وكأني سرقت حافظة نقود جندي إنجليزي".
فازت الأرجنتين، وأكملت طريقها بعد تخطي بلجيكا بهدفين لمارادونا أيضا، إلى النهائي الذي تغلبت فيه على ألمانيا بثلاثة أهداف مقابل هدفين.
"اسمي دييجو مارادونا وعمري 10 سنوات ولدي حلمين، الأول هو اللعب في كأس العالم، والثاني هو الفوز بكأس العالم".