دائما نعاني من عقدة الخواجة وتفضيل كل ما هو أجنبي عما هو مصري وهذا يعود بالتأكيد لكثير من الأشياء لكن مؤخرا أصبح الأمر سيئا للغاية ومزريا.
منذ عدة سنوات لم تكن تمتلك مصر الكثير من اللاعبين المحترفين وحينها كان الكل يصرخ من أجل رؤية لاعبا محترفا حقيقيا في الخارج.
فتح محمد صلاح الطريق للجميع بتألقه مع بازل ثم فيورنتينا وأخيرا روما رغم فترة غير جيدة مع تشيلسي ولكنها لم تؤثر عليه والآن أصبح على أعتاب انتقال تاريخي لأحد أعرق الفرق الإنجليزية ليفربول.
لنعد بالأمر للخلف قليلا.
النني مدفعجي
لا يتمتع محمد النني لاعب خط وسط أرسنال بمهارات شيكابالا أو بينيات أبو تريكة ولكنه لاعب مجتهد للغاية يعرف هدفه وحدده بشكل واضح.
وحينما كان يلعب مع بازل وظل في صفوف الفريق لثلاث سنوات توقع الجميع أنه سيبقى هناك أو يعود لمصر، وحتى مع وجود أنباء عن عروض مقدمه له كان أكثر طموح المصريين هو انتقاله لفريق وسط في أي دوري قوي.
ولكن انضم النني لأرسنال تحت قيادة مدربه المخضرم آرسين فينجر الذي يعرف كيف يطور اللاعبين الشباب جيدا أكثر من أي شيء آخر.
وهنا بدأت السخرية منه ومن أرسنال الذي ضم صاحب الـ24 عاما أو بمعنى أدق كان يرى الكثيرين أن ما حدث كثيرا على لاعب المقاولون العرب السابق.
نعم ابتعد النني عن المشاركة مؤخرا مع أرسنال عقب عودته من الإصابة لكنه إجمالا شارك خلال الموسم المنصرم في 24 مباراة وكان من أكثر أصحاب التمريرات الصحيحة في الفريق.
حتى حينما احتفل بانتصار فريقه قائلا:"Vamos" والتي تعني "هيا" سخر الجميع منه، ولو كان لاعبا آخر كان الكل أشاد بروحه القتالية.
أتذكر حينما كان صلاح لا يحتفل مع زملائه في تشيلسي بالأهداف فكان الكل ينتقده لعدم ظهوره وخجله ولكن حين وجدنا النني متأقلم على أجواء أرسنال ويحتفل فانتقدناه فقط لأنه من مصر.
وليد سليمان تحدث لقناة "إل تي سي" عن موسم النني قائلا:"الكل دائما يهاجم مع أنه لا يوجد لاعب يحافظ على مستواه طوال الموسم".
وواصل"في بعض الموسم تتعرض لإصابات أو ينخفض مستواك لكن لو لم يكن النني مميزا لما انتقل لأرسنال".
لنعقد مقارنة بسيطة ماذا قدم كيران جبس لأرسنال طوال 10 سنوات مع الفريق؟ أو أبو ديابي خلال تسع سنوات؟
40 مليون يورو لصلاح
أصبح صلاح قريبا من العودة للدوري الإنجليزي من بوابة ليفربول الذي كان قاب قوسين أو أدنى من ضمه قبل عدة أعوام من بازل لولا عدم رفع السعر المطلوب وخطفه جوزيه مورينيو لتشيلسي بمكالمة هاتفية.
التقارير الصحفية تشير إلى أن روما طلب الحصول على 40 مليون يورو للتخلي عن الجناح الطائر للفريق لينتقل لكتيبة المدرب يورجن كلوب.
لكن مرة أخرى الانتقادات تطول اللاعب المصري وأنه لا يستحق ذلك الرقم؟ عذرا هل بول بوجبا استحق 100 مليون يورو؟ أو كان يستحق فيرجيل فان ديك الانتقال لليفربول مقابل 69 مليون يورو؟
هناك تسعة معايير يتحدد على أساسها قيمة الصفقات في الانتقالات من بين تلك المعايير (يمكنك الإطلاع بالكامل على معايير ضم اللاعبين وتحديد سعرهم في تقرير من هنا)
** هل سيكون الوافد الجديد مكون أساسي في تشكيل الفريق؟
** هل سيكون لاعبا مهما في قائمة الفريق؟
** هل سيكون لاعبا له أهميته مستقبلا في القائمة؟
هل صلاح لا يستحق ذلك المبلغ بناء على تلك المعايير؟
قيمة الانتقالات أصبحت مرتفعة بشكل جنوني خاصة مع عقود البث التليفزيوني في الدوري الإنجليزي لذا فضم أحد أهم لاعبي روما خلال آخر موسمين يستحق ذلك الرقم بالتأكيد.
ناهيك عن الانتقادات التي تطوله دائما بأنه لا يمتلك ميزة غير الركض مع العلم إنه تطور كثيرا في إنهاء الفرص وصناعتها بل وحتى العودة للدفاع.
وبعقد مقارنة بسيطة بين آخر موسمين لصلاح مع روما سنجد أنه في 2015-2016 سجل 15 هدفا وصنع 9 في 42 مباراة.
أما الموسم المنصرم فسجل 19 هدفا وصنع 15 في 41 مباراة.
ولا دليل لما يحدث دائما سوى ما نشره صلاح من قبل عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أثناء تعثره مع تشيلسي وانتقاد المصريين له.
ما يحدث مع النني وصلاح يحدث وبشكل أقل حدة مع باقي المحترفين المصريين مثل أحمد حسن "كوكا" ومحمود حسن "تريزيجيه" ورمضان صبحي وعمر جابر.
فعلى سبيل المثال حينما عاد تريزيجيه للتدرب مع الأهلي استعدادا لمعسكر منتخب مصر ضد تونس كان أول سؤال يوجه له "هل ستعود إلى الأهلي"؟
لماذا يعود وهو تألق مع موسكرون أثناء إعارته ويستطيع اللعب لأي ناد آخر في أوروبا وخاصة أنه مازال سنه صغير ويستطيع البقاء كثيرا في الاحتراف.
حتى مع كوكا صحيح أن سبورتنج براجا لا ينافس على البطولات كثيرا ولكنه يتأهل للدوري الأوروبي ومهاجم المنتخب المصري يسير بخطوات ثابتة في رحلته الاحترافية بداية من ريو آفي وصولا لفريقه الحالي.
حتى مع جلوس رمضان صبحي وعمر جابر على مقاعد البدلاء كثيرا في أول موسم للثنائي في الاحتراف كانت دائما التعليقات تتهمهم بالفشل والعودة لمصر.
أين هو الفشل؟ صحيح أن رمضان لم يشارك مع ستوك سيتي سوى في 20 مباراة جاء أغلبهم كبديل ولكنه متواجد مع الفريق ولا يوجد حديث من المدرب حول رحيله أو حتى إعارته.
عمر جابر شارك في 16 مباراة وتوج ببطولتين ومازال أمامه مسيرة طويلة يستطيع خلالها أن يكون أساسيا في بازل ثم يبدأ التفكير في خطوته المقبلة.
لماذا دائما نرغب في عودة اللاعبين من الخارج سريعا ثم نصرخ بأننا لا نمتلك محترفين؟
أتذكر مرة تصريحا لحازم إمام أيقونة الزمالك الذي تحدث قائلا:"نحن شعب يحب جلد الذات" وكان ذلك ردا على انتقادات الجمهور لهيكتور كوبر بعد الفوز على غانا في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2018.
نحن الآن نمتلك جيلا قويا من اللاعبين لديه طموح مرتفع اتركوهم يحلمون ويحاربون ليثبتوا أنفسهم، لا تكونوا سببا في قتلهم مبكرا كما قُتلت آمال عودة الجماهير للملاعب.
ناقشني عبر تويتر