كتب : فادي أشرف
العنوان يبدو وكأنه جزء من سلسلة هاري بوتر؟ نعم، فما فعله سعد سمير منذ نهاية الموسم الماضي وحتى تتويج الأهلي بالدوري أقرب للسحر منه للحقيقة.
نهاية الموسم الماضي كانت قاسية على الأهلي. خروج محبط ومهين من دوري أبطال إفريقيا وخسارة كأس مصر للمرة الثانية على التوالي أمام الزمالك. سعد سمير بالذات كان هدفا سهلا لـ"كوميكس" صفحات الزمالك الجماهيرية على فيسبوك، وجزء من عتاب رئيس النادي محمود طاهر لمارتن يول قبل أيام سيئة كرويا على القلعة الحمراء.
بحاجب مفتوح ومعنويات منخفضة بطبيعة الحال، كان سعد سمير أحد المرشحين للرحيل عن الأهلي في نهاية الموسم الماضي إلا أنه بقى، ومع بقاءه ساهم بشكل كبير في فوز الأهلي بالدوري رقم 39.
بعيدا عن قطعه لـ10 كرات في كل مباراة للأهلي هذا الموسم الذي شارك فيه في 27 مباراة كاملة ولم يغب إلا بسبب أزمة أوراق التجنيد، سجل سمير 4 أهداف للأحمر وكان جزء أساسيا من دفاع حديدي لم يستقبل سوى 9 أهداف حتى لحظة التتويج بالدوري.
وفي منافسة مع الدوليين رامي ربيعة وأحمد حجازي، والمخضرم محمد نجيب، صار سعد سمير المدافع الأول في الأهلي الذي يتوتر الجمهور بسبب غيابه، بل ويرى بعض المتابعين أن سعد سمير أحد أفضل لاعبي الدوري المصري في الموسم الحالي.
لكن، الإمكانيات الفنية لم تكن هي صانعة الفارق في رحلة تحول سعد سمير من لاعب مهدد بالرحيل عن الأهلي، للاعب لا غنى عنه في قلب دفاع الأحمر.
"اقفل يا أستاذ عيب وبطل هزار"
بين موسمي 2007 و2009، كان سعد سمير – لاعب ألعاب القوى السابق، هذا يفسر سرعته الكبيرة بالنسبة لمدافع - يلعب في نادي اتحاد الشرطة الذي كان ينافس في الدرجة الثانية، قبل أن يساعد ابن الـ17 عاما في صعود النادي للدوري الممتاز، قبل أن يرحل للنصر الليبي.
وفي عام 2009، تلقى سعد سمير مكالمة تليفونية غيرت حياته، لكن رده عليها كان "اقفل يا أستاذ عيب، وبطل هزار".
على الناحية الأخرى من المكالمة، كان محمود الخطيب نائب رئيس الأهلي وعضو لجنة الكرة بالنادي، بعيدا عن كونه أسطورة الكرة المصرية.
احتاج سمير مكالمة أخرى ليتأكد أن محدثه هو "بيبو" الذي أتم انتقاله للأحمر في عام 2009.
انضم ابن الـ20 عاما حينها لفريق الناشئين في الأهلي، تحت قيادة فتحي مبروك.
"حمدا لله أنه عاد للأهلي"
"دربت سعد في فريق الناشئين، وكتبت في تقريري أن استمرار اللاعب في الأهلي أمر لابد منه"، يكشف فتحي مبروك لـFilGoal.com .
وأضاف "لكنه خرج للإعارة للمقاولون العرب وثم للمصري، أخبرت اللجنة في ذلك الوقت أن سعد سمير يمتلك مقومات المدافع الجيد كلها".
وشرح "سعد قوي جدا بدنيا، كما أنه سريع، ولديه الموهبة الكافية لبناء اللعب بالتمرير وليس التشتيت".
وأكد "حمدا لله أنه عاد للأهلي".
ومنذ عودة سمير للأهلي في أعقاب مذبحة بورسعيد، صار بديلا للأسطوري وائل جمعة، وشريكا له في قلب الدفاع في بعض الأحيان.
ما قاله وائل جمعة
يقول سعد سمير في تصريحات لجريدة "فيتو": "وائل جمعة سرد لى قصة غريبة، أنه أثناء العودة مع المنتخب الوطني للقاهرة بعد المشاركة في بطولة أمم إفريقيا 2004 التي أقيمت بتونس، تلقى انتقادات بالجملة بل وطالبه جميع النقاد بالرحيل عن الأهلي واعتزال الكرة".
وأضاف "لم يكن الصخرة قد شارك في هذه البطولة سوى في شوطين من مباراتين مختلفتين، وعلى الرغم من ذلك حمله الجميع مسئولية خروج المنتخب، ولم يتأثر بتلك الانتقادات ووضعها وراء ظهره وواصل مسيرته الكروية".
بالطبع، لم تكن وطأة الانتقادات في 2004 مثل 2016 مع تضخم وسائل الإعلام الرقمي ووسائل التواصل التي جعلت اللاعبين أهدافا سهلة للانتقادات الجارحة التي يرونها كل يوم الآن.
اعتزل وائل جمعة، وكان سمير عضوا في دفاع الأهلي في موسم كارثي أخر خسر فيه الأهلي الدوري والكأس لصالح الزمالك، قبل أن يستعيد الدوري في الموسم التالي دون مشاركة بارزة من سمير إلا في نهاية الموسم الكارثية أيضا.
"التغيير الذي طرأ على سعد؟ دعني أخبرك أن سعد سمير لاعب لديه إرادة وعزيمة. هناك أوقاتا لم يكن يلعب فيها كثيرا ولكنه الآن أصبح أساسيا وأصبح لديه الحافز، تحول إلى لاعب رائع لا غنى عنه"، هكذا يرى فتحي مبروك.
ميزة أخرى لسعد سمير
لا يمكن الحديث عن سعد سمير دون الحديث عن "خفة الظل".
ولأن خفة الظل أمر نسبي، لا يمكن إسباغ تلك الصفة على سعد سمير بشكل قاطع لكن أحمد ناجي مدرب حراس مرمى منتخب مصر يقول لـFilGoal.com: "بعيدا عن أنه أحد أهم اللاعبين في مركزه في الفترة الأخيرة، فإنه ينشر البهجة في معسكرات المنتخب".
وأكمل ناجي "سعد سمير (روحه حلوة)، وفي أوقات كثيرة كان ينهي العصبية في الملعب بمزحة واحدة".
وأردف "بعيدا عن ذلك، لقد طور من نفسه هجوميا ودفاعيا وأصبح أساسيا، لاعب رجولي وفدائي وخبراته تتزايد يوما بعد أخر".
درب محمد يوسف، الذي لعب للأهلي في نفس المركز، سعد سمير طوال عام كامل، وأعطى لـFilGoal.com تشريحا كاملا للتغيير الذي طرأ على سعد سمير.
"دعني أخبرك بشيء، سعد سمير لاعب جدي للغاية ويتدرب بقوة وكفاح كل يوم، وهذا بشكل طبيعي يجعله أفضل في الملعب".
بالنسبة ليوسف، فإن أداء سعد الحالي ناتج عن سمات شخصية بجانب قدراته الفنية، "سعد سمير صبور جدا، بدأ في وقت كان موجودا فيه أحمد السيد ومحمد نجيب ووائل جمعة، وصبر كثيرا حتى نال الفرصة وأثناء ذلك تعلم منهم الكثير حتى وصل لما هو عليه الآن".
وأضاف "لا يمكن إبخاس حق زملاء سعد في تطوره، أن تتنافس كل يوم في التدريب مع أحمد حجازي ورامي ربيعة ومحمد نجيب من أجل مكانين في الملعب سيجعلك أفضل".
وأكمل "سعد بدنيا رائع، وسريع للغاية ولديه ميزة أخرى. سعد ينقض على الكرات بشكل شرس ورائع ويضع المهاجم الذي يراقبه دائما تحت ضغط كبير، هذا بالإضافة إلى تعامله الرائع في الكرات الثابتة هجوميا".
وعند سؤال يوسف عن أهم ميزة في سعد سمير أجاب دون تردد "السرعة".
وأتم "دعني أقول لك أيضا أن تقليد سعد سمير للممثلين والمزاح في المعسكرات له أثر السحر في خروج اللاعبين من العصبية في المعسكرات، لكنه داخل الملعب شخص مختلف تماما، جدي وشرس لأقصى درجة".
أسوأ ما في مركز المدافع هو أن الغلطة لا تنسى، لن تتذكر تدخلا دفاعيا مميزا لسعد لكن ستتذكر هدف الزمالك الأول في نهائي كأس مصر 2016.
في الموسم الحالي، قدم سعد أداء تميز بالسرعة والشراسة. سعد ليس المدافع الأنيق الذي سيستخلص الكرة بطريقة فنية، بل أنه يحافظ على مكانه في التشكيل الأساسي بجعل حياة مهاجمي الخصوم صعبة بالضغط المستمر وسباقات السرعة التي غالبا ما يفوز بها.
أضاف سعد سمير درعا رابعا لخزائنه وهو في عمر الـ28، ويستعد غالبا لمرافقة منتخب مصر في عام هو الأهم في الكرة المصرية، ومن يدري، قد يكون له دورا أساسيا في أمور لم يكن ليصل إليها دون رهانه الدائم على الصبر والكفاح والسرعة.