كتب : إسلام مجدي
كمدرب فما قدمه إرنستو فالفيردي ليس كبيرا، مثله مثل جوسيب جوارديولا في بداياته، ليس معروفا للكثيرين، لقطته الأهم في إسبانيا حينما فاز ضد برشلونة بنتيجة 4-0.
في عام 2012 حينما سئل جوارديولا عن رأيه في رحيل فالفيردي عن تدريب أولمبياكوس أجاب:"اليونان خسرت مدربا كبيرا، ومصورا رائعا".
أما حينما سئل عنه يوهان كرويف أسطورة برشلونة ومدربه السابق قال:"لقد كان لاعبا ذكيا، لطالما أظهر لي اهتمامه بكرة القدم ورغبته في التعلم إنه أحد أفضل المدربين الرائعين والواعدين في إسبانيا".
أكثر المخاوف التي تحيط بفالفيردي هي ألا يكون قادرا على قيادة برشلونة، مع سيرته الذاتية وسياسته غير الواضحة في سوق الانتقالات.
في عام 2006 كان فالفيردي مدربا لإسبانيول، وبعد عام وحيد مع النادي وصل لنهائي الدوري الأوروبي لكنه خسر بركلات الترجيح ضد إشبيلية.
إسبانيول كان فريقا متوازنا وقويا، وفي 2008 حينما كان برشلونة يبحث عن مدرب جديد خلفا لفرانك ريكارد، كان الجميع يعلم عن اثنين من المرشحين "بيب جوارديولا" و"جوزيه مورينيو".
القائمة الأخرى ضمت 3 أسماء أخرى كشفها فيما بعد جراهام هانتر الصحفي البريطاني وفيها كان اسم فالفيردي مع لوران بلان ومايكل لاودروب.
مرة أخرى ترشح فالفيردي لتدريب برشلونة كانت قبل تعيين تيتو فيلانوفا، ورشح أندوني زوبيزاريتا مدير الكرة فالفيردي لتولي المهمة، لكن تاتا مارتينيو تولى المهمة وفشل، بعد ذلك ومرة ثالثة كان ينافس إرنستو نظيره لويس إنريكي على المهمة، لكنه خسر مرة أخرى.
في الباسك حصل فالفيردي على لقب "النملة" بجانب الكأس، ويعني لديهم الحجم الضئيل مع منسوب هائل وكبير من العمل وأخلاقياته.
التساؤل الأكبر بالنسبة لفالفيردي ما المختلف الذي سيقدمه؟ إنه لعب مع كرويف من 1988 وحتى 1990، لكنه لم يحظى بالحياة الكبيرة كلاعب مهم له وضعه وسط نجوم برشلونة الكبار.
قال فالفيردي عن حياته كلاعب:"حينما كنت لاعبا لبرشلونة بدأت أحضر دروسا للتصوير، علمت أن تلك هي المهنة التي يجب أن أكرس نفسي لها بعد التوقف عن اللعب، لكن كرة القدم تتعلق بك وترسم طريقك".
كرة القدم تنادي دوما على فالفيردي كما قال كرويف إنه يحب اللعبة وهي كذلك تحبه، ابتعد المدرب الإسباني عن كرة القدم لبعضة أعوام لكي يمتهن التصوير نادته اللعبة مرة أخرى.
عن أفكاره وطريقته في التفكير في اللعبة والأسلوب الذي تأثر به قال :"لعبت لإسبانيول وكان خافيير كليمنت يحب أن نتحول سريعا لملعب الخصم بكثافة وقوة، كرويف لم يفضل ذلك النوع من اللعب، لقد أراد درجة من الكمال في برشلونة، ولم يسامح أي منا على تمريرة خاطئة".
وأضاف "يوهان طلب منا أن نكون دقيقين للغاية، وأن نهيمن على الملعب ولم يمانع إن كان ذلك يدفعنا للمخاطرة، بالنسبة لبعضنا تطلب ذلك القليل من الوقت للتكيف أيضا".
فالفيردي ليس مثل جوارديولا فيما يخص الاستحواذ، إنه لا يبحث عن درجة الـ100%، إنه خليط من التمريرات الطولية والمرتدات السريعة والسيطرة على الخصم، إنه مدرسة متنوعة تشكلت عبر محطات عديدة مر عليها طيلة مسيرته، حتى التصوير أثر عليه وظهر ذلك جليا في مواجهة برشلونة التي فاز بنتيجة 4-0 فيها.
كرة القدم الإسبانية كانت قد بدأت في التحول بعد حقبة فرانك ريكارد في برشلونة خاصة وأنه نقل قيم كرويف إلى الفريق الذي يدربه، أتى عصر جوارديولا محليا ولويس أراجونيس مع المنتخب الإسباني، فالفيردي كان لديه وجهة نظر موازية.
فالفيردي كان يحلل المباريات أثناء لعب منتخب إسبانيا مع أراجونيس، وكان له رؤية واضحة، ثنائية سيسك فابريجاس وأندريس إنيستا كلاهما يدور حول الخصم لفتح المساحات، وجد أنه كم كان سيكون جميلا لو تحركا بطريقة رأسية في الملعب، وصف ذلك لشبكة "إي إس بي إن".
يرى فالفيردي أن الثنائي كان عليه أن يستخدم فنياته ورؤيته للتحرك مباشرة لدفاع الخصم بسرعة، الأمر بدا مختلفا كليا عن التحرك العمودي لما يفعله جوسيب جوارديولا وأراجونيس، ربما مختلفا لكنه قريبا منه أيضا، الأمر يعود بنا للخطة الرئيسية التي كان يلعب بها لويس إنريكي مع برشلونة والتي تشبه كليا ما يفكر به فالفيردي، لكنه ستطلب مجهودا أكبر.
المدرب الإسباني يدرك حجم التحدي وما يطلب منه، لكن مسيرته ليست سيئة حمل ألقابا في اليونان وقاد إسبانيول لنهائي الدوري الأوروبي، ضد برشلونة خاض 27 مباراة مع كل الأندية التي دربها فاز في 4 مواجهات وتعادل في 8 وخسر 15، وضد ريال مدريد لعب 20 مباراة فاز في 5 مواجهات وتعادل مواجهتين وخسر 13 مباراة.
وبالطبع لقطته الأفضل منذ عامين ضد برشلونة في نهائي كأس السوبر وفوزه بنتيجة المباراتين 5-1، كانت تلك أول بطولة لأتليتك منذ ما يقرب من ربع قرن.
فالفيردي دائما يقول في معظم مؤتمراته:"متع نفسك في الملعب لكي تتخطى التحديات وتتعامل مع المصاعب".
وأضاف "لا أتحدث عن تمرير الكرة من بين أقدام الخصم، لاعب كرة القدم يجب أن يشعر بالراحة حينما يطلب منه فعل شيء وهذا لا يعني فعل السحر بالكرة أيضا، لكن أن تفهم الأسلوب ونوعية وفكرة كرة القدم التي يقدمها المدرب لكي ينفذها اللاعب".
فالفيردي تعلم من كرويف ذلك المبدأ وأكثر:"إن كان اللاعب جيدا كفاية فهو كبير في السن كفاية".
عمل مع قطاعات الشباب في أتليتك بلباو وجرب الكثير نظرا لسياسة النادي المعقدة في التعاقدات، وقام بالدفع بعدد من المواهب لتسانده، وكان لديه نظاما شابا لدى الفريق الباسكي.
جراهام هانتر قال إنه حضر حصصا تدريبية لفالفيردي وشاهد أنه يوميا يتعامل بقوة في التدريبات ويرغب في تنفيذ كافة التعليمات بدقة شديدة وبمجهود مضاعف.
يؤمن فالفيردي بأن فريقه إن كان قادرا على السيطرة على الخصم والمباراة وخنقه تماما وإمتاع الجماهير فهذا هو الهدف الثاني له، لكن أول أهدافه دوما هو الفوز.
لم يحظ فالفيردي يوما بتنوع الموارد الذي سيكون لديه في برشلونة، طيلة الوقت كان محدودا للغاية، ومضغوطا طيلة الوقت ولا يمتلك لاعبا واحدا قادرا على قلب المباراة مثلما يتواجد ليونيل ميسي أو لويس سواريز أو نيمار دا سيلفا.
إنه رجل يحب النظام والاستقرار وأن يلعب فريقه باستراتيجية مدروسة ومحددة، فالفيردي سيواجه تحديا بإقناع ليونيل ميسي، بطبيعة الحال، اللاعبون هم من يتكيفون على فكر المدرب الجديد وليس العكس، لكن فالفيردي عليه أن يظهر أنه ذكي.
مجلة "دون بالون" الإسبانية قالت في وقت سابق إن ليونيل ميسي نجم الفريق قد دعم اختيار فالفيردي لقيادة الفريق عوضا عن أي مرشح أخر.
سيحتاج أن يفوز بثقة ميسي بعدما فاز بدعمه، إنه يحب اللعب ويفكر بطريقة واقعية للتعامل مع كافة المشاكل، خاصة وأن التحديات مع برشلونة ستكون أعمق وأكبر، مثل إقناع المواهب الكبيرة في أوروبا على الانضمام إلى الفريق، خاصة وأنه سيتعامل مع صفقات ولاعبين بمستوى وطراز رفيع.
قال فالفيردي في وقت سابق:"جميع المدربين يختارون طريقهم، عليك أن تشعر بأنك مرتاح بأن تكون نفسك، وتتأكد من صدقك مع نفسك، اللاعبون بإمكانهم أن يخبروك سريعا إن لم يكن هناك شيئا ليس حقيقيا، حينما تخبر لاعبا بشيء ما، عليك أن تشعر بأنك تقصد ما تقوله".
وأضاف "الشيء الأهم في أي نادي هو اللاعبون، علينا أن نكون واضحين حول ذلك الأمر، المدربون يكونون قادرين فقط على استخدام موهبتهم في الملعب".
وأتم "الأضواء مهمة والأهداف مهمة، في الصور وكرة القدم أنت تبحث عن التوازن، كلاهما يعتمد على العناصر المتاحة لك".