وجهة النظر الأولى: ما هو المميز في لاعب لم يحاول على المرمى سوى 5 مرات طوال الموسم، وأغلب تمريراته للجانبين، ليفز بـ10 بطولات دوري مع الأهلي؟
حسام عاشور
النادي : معتزل
وجهة النظر الثانية: متابعة المباراة من الملعب مختلفة كثيرا عن التلفاز، أنتم لا تفهمون الأدوار التي يقوم بها في الملعب!
منذ أن صرخ مانويل جوزيه في إحدى تدريبات قطاع الناشئين "اللاعب رقم 4 سيكون مستقبل الأهلي وأريد تصعيده"، والنقاش المذكور أعلاه محتدم، ولا يحسمه أصحاب وجهة النظر الثانية إلا عندما تظهر مشاكل الأهلي الدفاعية عند غياب عاشور.
البحث عن الحقيقة
وبمناسبة فوز الأهلي بالدوري رقم 39، نبحث هنا عن الحقيقة خلف حسام عاشور، ما الذي يجعل هذا اللاعب – الذي يبدو من بعيد غير مميزا على الإطلاق – هاما للغاية للأهلي.
في غياب عاشور في الدوري، سكن مرمى الأهلي 7 أهداف في 6 مباريات. في وجوده سكن مرمى الأهلي 3 أهداف فقط.
عاشور لا يسدد على المرمى كثيرا، لا يمكنك أن تنتظر منه تمريرة بينية تضرب الخطوط الدفاعية، لن يبهرك بقدرته على المرور من خط وسط المنافس وتحويل الفريق لطور الهجوم، لكن ما يقدمه عاشور أهم من ذلك، جعلت 29 لاعبا يمرون بجوار عاشور ويرحلون، وهو باق دائما في تشكيل الأهلي بلا أي تهديد.
في الموسم الحالي، لم تخطئ سوى 7% من تمريرات عاشور أهدافها، لكن هنا سيصرخ أصحاب وجهة النظر الأولى "إنه يمرر للخلف أو للأجناب.. ما الفائدة".
انتصار الكلاسيكية
ماذا يطلب المدرب من لاعب الوسط؟ إجابة هذا السؤال معقدة للغاية وقد تستغرق ساعات لإجابتها، لكن الإطار العام هو مساندة الدفاع بمحاولة قطع الكرة، ومساندة الهجوم بتمريرها للاعبي الخط الأمامي.
هذا، ما يفعله حسام عاشور.
في 22 مباراة مع الأهلي هذا الموسم حصل عاشور على الكرة 291 مرة من الخصوم، ثم مررها بنسبة نجاح 93% للاعبين أخرين في الملعب. عاشور ينتصر للكلاسيكية في الملعب.
لكن، بالتأكيد من أصل 29 لاعبا مر بجانب عاشور في وسط ملعب هناك أخرين يستطيعون فعل تلك المهمة.
"لو شاهدت المباراة من على بعد من الممكن ألا تشعر بأهميته"
من أصل 130 مباراة قادها حسام البدري مع الأهلي، اتخذ قرارا بوجود عاشور في التشكيل 103 مرة، من أصل 439 مباراة يتربع بها عاشور على عرش أكثر اللاعبين مشاركة مع الأهلي منذ 2000.
قال البدري لـFilGoal.com سابقا "لو شاهدت المباراة من بعيد من الممكن ألا تشعر بأهميته".
قبل أن يضيف "لكن عندما تشاهده عن قرب ستجد أنه لاعب مهم للغاية ينظم خط وسط الفريق وكذلك تمركز زملاءه في الملعب".
الغرق خارج الجزيرة
رغم تاريخ حافل لعاشور داخل أسوار الأهلي، يبدو وأنه يغرق دائما خارج الجزيرة. مشاركات عاشور مع منتخب مصر قليلة وحزينة. هل تنتصر الكلاسيكية في الأهلي فقط؟
أثناء وجود عاشور، كان محمد شوقي شريكه في وسط ملعب الأهلي منفجرا مع منتخب مصر وعنصرا أساسيا في بطولتين من ثلاثية تاريخية مع الرجل الذي يراه المعظم العدو الأول لحسام عاشور، حسن شحاتة.
قال شوقي سابقا "عاشور يقدم مستوى مميز للغاية مع الأهلي طوال سنوات عديدة ولا يخرج من التشكيل الأساسي لأي مدرب، لكن الأداء الدفاعي لعاشور فقط لا يكفي لتمثيل المنتخب، لأن مدربي المنتخب دائما يبحثون عن اللاعب الذي يؤدي في أكثر من مكان، فمثلا يستطيع لاعب الوسط الدفاعي أن يشارك في الدفاع ولاعب الوسط الهجومي".
لاعب ميدلزبره السابق يتحدث من وجهة نظر الشريك في خط الوسط، لكن أخر مدرب استدعى عاشور لمنتخب مصر له رأي أخر..
ضياء السيد كان مدربا عاما لمنتخب مصر في الجهاز الفني الذي كان يقوده بوب برادلي بين سبتمبر 2011 ونوفمبر 2013، تلك كانت أكثر فترات مشاركة عاشور، المحدودة، مع منتخب مصر.
لماذا كان برادلي يضم عاشور؟ ضياء السيد شرح لـFilGoal.com "عاشور يصنع مثلثا مع أي لاعبين محاصرين في الملعب".
هل هذا فقط السبب؟ يضيف مدرب الفراعنة السابق "إحدى مميزات عاشور هو مواظبته على الركض لتغطية المساحة بعد تمريره للكرة".
والآن، نكتب هذه السطور بعد أن عاد عاشور للمنتخب في فترة أكثر نجاحا من فترة برادلي، في نوع من إعادة قليل من التقدير لعاشور.
مراقبة هادي خشبة، عاشور يشرح ما يفعله في الملعب
من أفضل من حسام عاشور ليشرح لنا، الحقيقة وراء حسام عاشور.
"منذ كنت ناشئا وأنا أتابع عن قرب هادي خشبة.. كان مستواه مبهرا بالنسبة لي خاصة في الواجبات الدفاعية، هو من أفضل من لعب في هذا المركز في تاريخ الكرة المصرية".
"ربما يكون هذا المركز من أصعب المراكز في الملعب، لأن مهامك تكون عديدة جدا، أنا أضغط الخصم، أغطي الجناحين والظهيرين وأحمي قلبي الدفاع، وأزيد كذلك في الهجمات".
ويوضح حسام في تصريحات سابقة لـFilGoal.com "مركزي وشخصيتي يجعلاني دوما مؤمن بقاعدة هامة.. التزم بتعليمات مدربك حرفيا، لا تخرج عن طوعه أبدا".
وأكمل "ثلاثة أرباع عملي هو التركيز، أنت تسيطر على خصمك ذهنيا قبل أي شيء أخر".
وشرح "شيكابالا مثلا، أنا أعرف قدراته جيدا.. أعرف سرعته، قوته، ومهارته.. لهذا في الملعب لا توجد مشكلة في إيقافه، المشكلة فقط في توقع ما سيفعله".
وأضاف "لهذا قبل مواجهة شيكابالا، أختلي بنفسي.. أفكر وأدرس، كيف سأتعامل مع كل خطوة سيقدم عليها في أرض الملعب".
وأردف "ماذا لو حاول الدخول لعمق الملعب.. ماذا لو حاول مراوغتي.. لهذا في الملعب أنا مستعد لكل حيلة لديه، وهو يشعر بذلك، هو وعبد الله السعيد حين كان في الإسماعيلي، عموما من المهم أن أقول، التعامل مع كل خصم يكون مختلفا بحسب قدراته".
وفسر "لو صانع الألعاب الذي أواجهه يتميز بالسرعة، أتحرك قبل أن تصل الكرة إلى قدميه، أما لو كان مهاريا، فيجب عليك أن تنتظر للحظة، لأن عليك أن تكون أهدأ، وتتوقع ما الذي سيفعله، هل سيذهب بي لليمين أم لليسار".
وأتم "الهدف: ألا يصل الخصم إلى منطقة الـ18 أبدا.. وفي الوقت نفسه تحمي رفاقك وتغطيهم".
لا يبخل عاشور بإعطاء الجهد من أجل الأهلي – باتفاق الجميع – لكنه لا يبذل الجهد من أجل بذله فقط، أو من أجل الظهور بمظهر اللاعب المجتهد الذي لا يمتلك الموهبة الكافية، هو يعلم ماذا يفعل، من يراقب، من هو منافسه، من عليه مساعدته في الملعب، لديه وعي تكتيكي في الملعب أشار له حسام البدري من قبل.
وبما أن الأرقام دائما في صف عاشور، يبدو وأن أصحاب وجهة النظر الثانية لديهم نقطة واضحة يؤكدها مدربي اللاعب.
الحقيقة – فعلا – وراء حسام عاشور.. معضلة الرجل الثاني
كعادته، يحصل محمد أبو تريكة على لقطة النهاية التي تلخص كل أحداث أي يوم، حيث قال في تغريدة سابقة "حينما يغيب اللاعب عن المباريات يدرك الجميع قيمته في الملعب، حسام عاشور محور مهم في فريق الأهلي .. تحية واجبة لحسام عاشور".
غياب حسام عاشور له تبعات سلبية على الأهلي - منذ 2007، لم يغب عاشور عن الأهلي سوى في 13 مباراة في دوري أبطال إفريقيا وفي تلك المباريات تعادل الأهلي 7 مرات وخسر مرة واحدة، ولم يفز سوى 5 مباريات. هذا يعني أن الأهلي يحقق الفوز إفريقيا بنسبة 38% فقط في غياب عاشور.
دفاع الأهلي قدم موسما رائعا، لكنه بدا ضعيفا ومرتبكا دائما في غياب عاشور الذي يداري بما يفعله في الملعب الحقيقة خلفه، أن عاشور عنصر هام للغاية في منظومة الأهلي الدفاعية.
هذه هي مشكلة الرجل الثاني. في سنوات رائعة للأهلي في وجود عاشور لن تتذكر أي لحظات تاريخية له سوى تمريرة لأحمد فتحي حسم بها الدوري في 2009، لكن لن تجد على يوتيوب فيديو يلخص تسديدات عاشور أو صناعته للأهداف في سنوات الأهلي الذهبية.
قد لا تشعر بوجود الرجل الثاني، لكن غيابه يضرب المنظومة كلها ويدمر أهم تروسها.
لا يقدم عاشور أداء أنيقا أو جميلا، تمريراته سهلة ولا يراوغ كثيرا، يقوم بالمهام القذرة من أجل زملاءه في الأمام ليجدوا هم الوقت والفرصة لإنهاء اللوحة الجميلة التي تملك قاعدة من اللون "السادة" الذي يبدو وحده عاديا، لكن رائعا مع اللوحة كاملة.