"والآن قد اقتربنا من النهاية ولذا فأنني سأوجه نزول ستار النهاية".. كلمات أخرجها العظيم فرانك سيناترا من حنجرته في 1969 لتصف شابي ألونسو في 2017.
انتهى كل شيء الآن. شابي ألونسو لعب اليوم السبت أخر مباراة له في عالم الساحرة المستديرة.
خطف قلوب الجميع. نادرا ما تجد من لا يحبه. لما لا هو رائع وأنيق، داخل وخارج الملعب. هو شابي.
ألونسو قرر توديع الجميع قبل مشاركته لأخر مرة مع بايرن ميونيخ. نشر صورته وهو جالس بعد نهاية أخر حصة تدريبية له. بجانبه حذائه وكرته التي أعطى لها وأعطت له كل شيء، مع جملة And now, the end is near
And now, the end is near... pic.twitter.com/XDCMztfQqu
— Xabi Alonso (@XabiAlonso) May 19, 2017
And now, the end in near هي المقطع الأول من أعظم وأجمل وأشهر ما غنى فرانك سيناترا، أغنية My way.
ربما لم يقصد ألونسو التغريد بالمقطع الأول من المقطوعة الموسيقية الرائعة، وربما تعمد ذلك.
عندما تسمع ما قاله سيناترا، الأمريكي الإيطالي، في أغنية My Way ستشعر بغرابة شديدة. كيف توصف مقطوعة ظهرت في 1969، حال اعتزال لاعب في 2017!. ألونسو هو المقطوعة الأجمل لسيناترا.
.And now, the end is near; And so I face the final curtain
.My friend, I'll say it clear, I'll state my case, of which I'm certain
I've lived a life that's full. I've traveled each and every highway; And more, much more than this
I did it my way
عندما يجلس ألونسو في حديقة منزله ليتذكر مسيرته مع عالم كرة القدم، سيتذكر حياة حافلة، مليئة بالنجاحات والتنقلات وأكثر وأكثر من ذلك.
ولكن الأهم من كل ذلك أنه فعلها بطريقته الخاصة.
شابيير، أو كما أطلقت عائلته عليه لقب "شابي" للتدليل، وُلد في مقاطعة تولوسا، في المنطقة الخاصة بإقليم الباسك، شمال إسبانيا.
حياة التنقلات بدأت معه سريعا، فرحل للعيش مع ولاده "ميجيل أنخيل بيريكو" في برشلونة. وقتها كان يلعب والده في صفوف النادي الكتالوني بل ورفع معه لقب الدوري.
ثم عاد مجددا إلى إقليم الباسك ليبدأ بمداعبة كرة القدم على شاطئ بلايا دي لا كونتشا.
رحلاته استمرت فذهب إلى أيرلندا عندما كان في الـ15 من عمر، في رحلة مدرسية هدفها تعلم اللغة الإنجليزية.
ومع ممارسته المستمرة لكرة القدم وحبه في توزيع الكرات من وسط الملعب لزملائه، انضم شابي رفقة ميكيل أرتيتا، الذي جمعته به صداقه منذ الصغر، إلى نادي أنتيجوكو الباسكي، قبل أن تظفر به أكاديمية ريال سوسيداد.
لن نتحدث كثيرا عما فعله ألونسو مع ريال سوسيداد، ولكن يكفي أن نذكر أن الويلزي جون توشاك، عندما تولى تدريب الفريق، قرر قطع إعارة ألونسو إلى إيبار ليعود إلى سوسيداد بل ويرتدي شارة القيادة!
نعم، ألونسو حمل شارة قيادة سوسيداد وهو في عمر الـ20 فقط، نظرا لما أظهره من شخصية تقود لاعبي فريقه وتُخرج منهم أفضل ما لديهم.
رحلة القائد ألونسو مع سوسيداد، بدأت بالنجاح في الهروب من الهبوط ثم لقب دوري كاد أن يحرزه لولا خسارته بنقطتين فقط لصالح ريال مدريد.
ومع مشاركته الدولية مع منتخب إسبانيا، خطف أنظار ليفربول ليذهب القائد الصغير إلى قلعة أنفيلد. ولنتوقف هنا قليلا..
Regrets, I've had a few; But then again, too few to mention
I did what I had to do. And saw it through without exemption
مثل ما مرت بعض لحظات الندم على فرانك سيناترا، مرت على شابي بكل تأكيد.
ولكن تلك اللحظات ليست كثيرة فالثنائي "فعل ما كان يجب أن يحدث".
ألونسو كشف في حوار سابق له عن لحظات الندم التي مرت عليه. ولكن ندم لأنه لم يحقق ما يريد وليس ندم على شيء ما بدر منه.
ويقول ألونسو: "يوجد 3 أمور لن أنساهم أبدا. أولا، لحظات الندم بسبب عدم تتويجي بالدوري مع ريال سوسيداد، كنا قربين للغاية من ذلك".
"ثانيا، عدم نجاحي لقيادة ليفربول للتتويج بالدوري الإنجليزي. سنواتي كانت رائعة هناك ولكنني لم أحقق الدوري كما أراد الجماهير".
"وأخر لحظة، هو عدم تتويجي بدوري أبطال أوروبا مع بايرن ميونيخ. وهذه هي كرة القدم".
لكن لحظات الندم التي تحدث عنها ألونسو مع 3 فرق مختلفة، كانت مجرد لحظات عابرة ضمن لحظات ولا أسعد له مع تلك الفرق أيضا.
مع سوسيداد حصل ألونسو على أول جائزة فردية له. ولم تكن مجرد جائزة بل جائزة الأفضل في إسبانيا.
مجلة Don Balón الإسبانية الشهيرة، اختارت ألونسو كأفضل لاعب في إسبانيا لموسم 2002-03.
مع ليفربول، كان ألونسو حاضرا في واحد من أعظم نهائيات دوري أبطال أوروبا، ليفربول ضد ميلان ونهائي اسطنبول.
قبل ذلك تعرض ألونسو لإصابة بكسر في الكاحل وغاب لأكثر من 3 أشهر، قبل أن يعود مع تأهل ليفربول لنصف نهائي دوري الأبطال وثم النهائي.
ألونسو هز شباك ميلان ليكتب الهدف الثالث لليفربول والعودة المستحيلة في اسطنبول من 3-0 إلى 3-3 والفوز بعد ذلك بركلات الترجيح.
وتوج أيضا بلقب السوبر الأوروبي وكأس الاتحاد الإنجليزي وكأس إنجلترا.
مع بايرن ميونيخ، حقق 3 ألقاب دوري ولقب سوبر ولقب كأس ألمانيا.
ولحظات ندمه كانت مع الثلاث فرق السابقة رغم كل تلك النجاحات.
Yes, there were times, I'm sure you knew
When I bit off more than I could chew
But through it all, when there was doubt
I ate it up and spit it out
I faced it all
من أجل الانتصار على الشك عليك بمواجهته، فما هي لحظات الشك التي مرت على ألونسو؟
هنا نتحدث عن علاقة القائد برافا بينيتيث في ليفربول.
ألونسو تحدث عن توتر علاقته مع بينيتيث خلال حوار سابق له مع جارديان، قائلا: "بينيتيث جاء لي وقال: شابي، نحن في حاجة إلى المال لكي نجلب صفقات جديدة ولذلك اسمك سيكون على قائمة المغادرين".
"وقتها وافقت لأنني في الأخير، لاعب محترف وتفهمت الأمر. ولكن ليفربول لم يتوصل لاتفاق مع أرسنال أو يوفنتوس بسبب شروط الريدز".
"كنت أعلم أن مدربي لا يريدني معه في الفريق، يشك في قدراتي ولكني في النهاية استمريت بسبب عدم الوصول لاتفاق. في العام التالي، ذهبت وواجهت الشك. واجهت بينيتيث، وأخبرته أنه مثل ما طلب مني الرحيل العام الماضي، فأنا أطلب الرحيل الآن. وفي النهاية توصلنا لاتفاق".
"علاقتي برافا لم تكن جيدة كما كانت في البداية ولكن في النهاية واجهته وانتهت رحلتي مع ليفربول وبدأت مع ريال مدريد. الخلاف معه لم يكن السبب الرئيسي في الرحيل على أيا حال، بل الرغبة في خوض تجربة جديدة بعد 5 سنوات مع الريدز".
I've loved, I've laughed and cried
I've had my fill; my share of losing
And now, as tears subside, I find it all so amusing
تمر علينا جميعا لحظات سعادة وأخرى حزينة.
قفز ألونسو مسرعا من المدرجات نحو جاريث بيل ليحتفل مع فريقه ريال مدريد بلقب دوري الأبطال العاشر في تاريخ الملكي.
بكى من السعادة مع رفع إيكر كاسياس لأمم أوروبا وكأس العالم.
وأخفى دموعه حزنا على ما لم يقدر على فعله لجماهير ليفربول.
جماهير ليفربول لها مكانة خاصة في قلب ألونسو. ليحرص اللاعب على الاعتذار لهم.
وقال ألونسو في تصريحات سابقة له: "أشعر بالأسف لعدم نجاحي لقيادة ليفربول لرفع لقب الدوري. شعور مؤلم للغاية ألا تحقق ما كانت مدينة بالكامل ترغب في رؤيته. مدينة ليفربول رغبت في رؤية لقب الدوري الإنجليزي أكثر من أي لقب أخر، حتى مع عودتنا من اسطنبول بدوري أبطال أوروبا".
ولكن كلما مرت فترته مع ليفربول في ذهنه، لتذكر عشق جماهير الريدز له، فـ"الدموع تهدأ.. فعلتها بطريقتي". فألونسو "أعرف جيدا ما يعنيه ليفربول لكل من يتعلق به. مكان خاص وسأبقى مشجعا له للأبد".
And did it my way!... Yes, it was my way
شكرا سيناترا.. فعلتها بطريقتك. وداعا شابي.. وداعا لأفضل مقطوعة موسيقية.