كتب : علي أبو طبل
عندما ترحل في منتصف الموسم عن منصب المدرب المساعد لكارلو أنشيلوتي في بايرن ميونيخ، بطل الدوري في ألمانيا، وتختار أن تسلك مسارك الخاص كمدير فني لفريق يسير بثبات نحو الهبوط، فتلك حقا مغامرة كبيرة.
مع حلول شهر يناير الماضي، كان سوانزي سيتي يقبع في مؤخرة الترتيب في الدوري الإنجليزي الممتاز.
خسائر تتوالى بثلاثية وبرباعية وأحيانا بخماسية كنتائج معتادة للفريق كل مباراة، بجانب الكثير من الفوضى التي تركها فرانشيسكو جوديولين وبوب برادلي، قبل أن يتولى بول كليمنت المسؤولية.
بول كليمنت الذي عمل مساعدا لكارلو أنشيلوتي في العديد من المحطات التدريبية في السنوات الـ10 الأخيرة، في كل من تشيلسي وريال مدريد وباريس سان جيرمان وموسم غير مكتمل مع بايرن ميونيخ، يمتلك تجربة واحدة سابقة خاضها كمدير فني مع ديربي كاونتي في الدرجة الأولى الإنجليزية في الموسم الماضي.
متشبعا بخبرات عديدة اكتسبها من مرافقة أنشيلوتي، قرر الرجل الإنجليزي ذو الـ45 عاما تحدي نفسه من جديد كمدير فني، محاولا انقاذ سوانزي سيتي من الهبوط في محاولة باتت في البداية مستحيلة.
"الفريق يمتلك لاعبون قادرون على البقاء في الدوري"
هكذا حفز كليمنت لاعبيه الجديد في أول مؤتمر صحفي له خلال تقديمه كمدير فني للفريق الويلزي.
"أن تتلقى 3 أو 4 أو 5 أهداف في كل مباراة فهذا ليس أمر هين. لكنني أثق في قدرته على أن ذلك لن يتكرر بهذا الشكل مرة أخرى، وأعتقد أنني قادر على بناء فريق صلب يصعب التسجيل فيه".
وعد كليمنت وأوفى. فمقابل 44 هدفا تلقتها شباك الفريق في النصف الأول من الموسم، تلقت شباكهم في النصف الثاني قبل جولة واحدة فقط من النهاية 25 هدفا فقط، وقد خاضوا مباريات صعبة خارج ملعبهم ضد تشيلسي وليفربول وقطبي مانشستر.
البداية لم تكن جيدة في أول مباراة قادها حيث خسر أمام أرسنال برباعية نظيفة، ولكنه حقق انتصارات في 7 مباريات من الـ16 التالية، وكانت بداية ذلك بانتصار هام على ليفربول في ملعب أنفيلد.
بجانب تعادلين آخرين، جمع الفريق 23 نقطة كانت كافية لوضعه في مراكز الأمان مع نهاية الموسم وقبل جولة من النهاية، ليحقق كليمنت المهمة الصعبة.
عدة عوامل ساهمت في نجاح طريقة المدير الفني الشاب مع الفريق الويلزي.
بداية من الثقة بقدراته وقدرات لاعبيه، وصولا إلى عدم الضغط على لاعبيه بالعديد من الجلسات.
التقارير من داخل سوانزي سيتي تقول بأن أطول جلسة جمع كليمنت لاعبيه فيها منذ توليه المسؤولية امتدت لنصف ساعة فقط، وذلك لاستعماله بعض مقاطع الفيديو لشرح أخطاء لاعبيه.
بخلاف ذلك، لا يطول أي اجتماع عن 10 دقائق، ويحرص كليمنت على أن تكون رسائله واضحة وفي نقاط محددة خلال تلك الفترة القصيرة، وهو ما بدا إيجابيا في النهاية.
بخلاف بوب برادلي، حصل كليمنت على فرصة تدعيم الفريق في الانتقالات الشتوية، فضم 3 لاعبين حسنوا كثيرا من شكل الفريق.
مارتن أولسون انضم من صفوف نورويتش وجوردان أيو جاء من صفوف أستون فيلا وكلاهما من دوري الدرجة الأولى، بينما انضم لاعب الوسط توم كارول من صفوف توتنام.
نقطة إيجابية أخرى تحسب لكليمنت بأنه شخص غير عنيد ما إذا كان الأمر يتعلق بخطأ تسبب فيه. فقد اعترف أكثر من مرة بأنه قد اخطأ في تشكيلة أو في قراءة تفاصيل مباراة ما، تماما مثل ما حدث بعد مباراة توتنهام التي خسرها 3-1، حيث أقر بعدم صحة تكتيكه بأن يعود للدفاع أكثر من اللازم.
بجانب ذلك، فإنه يقوم بالتعديل باستمرار ليصل إلى أفضل شكل ممكن لفريق صلب كما كان يأمل.
فبعد الهزيمة أمام واتفورد قبل شهر من الآن، قرر تعديل الخطة وأعاد ليون بريتون -34 عاما- إلى وسط الملعب، ولعب بثلاثي في الوسط يتقدمهم الآيسلندي جيلفي سيجوردسون، بالإضافة إلى ثنائئ هجومي مكون من جوردان آيو وفيرناندو ليورينتي هداف الفريق في الموسم الحالي.
بعد هذه التعديلات، حقق سوانزي 10 نقاط من 4 مباريات، كانت كفيلة بضمان بقائه في النهاية.
وعلى كل حال، لن يلومه أحد على أي هفوات الآن، فقد حقق المعجزة وأصبح سوانزي في آمان.
وعن مجمل أعماله في نصف موسم، تم إدراج اسمه ضمن المرشحين لجائزة أفضل مدير فني في الدوري الإنجليزي الممتاز لهذا الموسم.
بالطبع لن يفوز بها في وجود أسماء مثل كونتي وبوتشيتينو، ولكن تواجده فيها بعد أقل من 5 شهور قضاها في قيادة النادي الويلزي يمكن اعتباره إنجازا فريدا.
موسم سوانزي سيتي المقبل سيكون السابع على التوالي في الدوري الإنجليزي الممتاز، وفضل كبير في ذلك خلال الموسم الحالي يعود لمعجزة كليمنت.
ولكن ذلك لا ينفي أو يعفي أخطاء وقعت فيها إدارة النادي طوال الموسم، بداية من انتدابات ضعيفة في الصيف الماضي، وصولا إلى أخطاء تتعلق بطريقة وتوقيت إقالة أو تعيين المديرين الفنيين طوال الموسم.
النادي الويلزي الآن يمتلك مدربا جيدا أعلن عن قدراته بشكل قوي، والموسم القادم فرصة لتصحيح الأخطاء وتقديم ما هو أفضل لبطل كأس رابطة المحترفين قبل 4 أعوام من الآن.