بعض القرارات التي تتخذها وقد تبدو صحيحة لك، مع الوقت تدرك أنها لم تكن كذلك، وحينما تخرج من تلك التجربة فإنك وبكل تأكيد ستكتسب خبرة كبيرة فيما هو قادم لك.
لويس إنريكي خاض تجربة دامت لموسم وحيد مع روما في 2011-2012، حينها بدا الأمر وكأن الذئاب يحاولون بناء شيء ما، تجديد للدماء في التشكيل، وأيضا البحث عن أسلوب متميز للعب الكرة.
بيب جوارديولا كاد أن يترك برشلونة في موسم 2010-2012 وقتها الصحافة الإسبانية تحدثت عن أن إنريكي هو الخليفة المثالي لبيب، لكن ذلك لم يحدث.
لم يتولى إنريكي مهمة تدريب برشلونة، وفي 2011 شعر بأنه بحاجة لتولي مهمة أكبر مع فريق أقوى من فريق ب الخاص بالنادي الكتالوني.
لكن إنريكي كان يعلم أنه وبكل تأكيد سيدرب برشلونة، وبالتالي روما فرصة جيدة له للتعلم والتدرب حتى يحين موعد المهمة الرئيسية، وبالتالي لم يقدم أفضل ما لديه.
سريعا بدا الأمر واضحا، أن إنريكي يرغب في جعل روما نموذج مصغر من برشلونة سواء في طريقة اللعب أو طريقة ضم اللاعبين.
قال والتر ساباتيني مدير الكرة السابق لروما:"السبب الذي جعلنا نختار لويس إنريكي هو رمزي ومثالي للغاية، لأنه يمثل لنا فكرة كرة القدم التي نرغب في اتباعها، والتي نشاهدها اليوم في إسبانيا وبرشلونة".
في 2011 كان العالم أجمع منبهر كليا بفريق برشلونة، والذي توج مرتين خلال 3 أعوام بلقب دوري أبطال أوروبا ووصل لنصف النهائي 3 مرات متتالية، الفريق كان مخيفا للغاية.
لم يكن الأمر مجرد كلمات عابرة من ساباتيني، إنريكي حاول بالفعل استنساخ كل شيء في برشلونة بحذافيره، متوسط الاستحواذ في بداياته مع روما وصل إلى 60% وسرعان ما انخفض إلى 57.5% في الموسم كان الثاني بعد يوفنتوس.
في الدوري الإيطالي الأندية لا تهتم كثيرا لنسبة الاستحواذ والسيطرة على الكرة مثل الإسباني، العديد من الأندية استغلت ما يفعله روما لصالحها، لأن الذئاب كانوا يمتلكون الكرة لكن يمررون بكل بطء.
للأسف لا يمكنك أبدا أن تحاول إيجاد ليونيل ميسي جديد أو سيرخيو بوسكيتس وتمنح الأدوار للاعبين ليسوا في نفس المستوى الفني والبدني.
إنريكي كان محظوظا لوجود فرانشيسكو توتي الذي أجاد لعب دور المهاجم رقم 9 الوهمي، ودانيلي دي روسي في خط الوسط.
دي روسي في تلك الفترة كان يساهم في بناء الهجمة من الخلف، رودريجو تادي لعب كجناح ثم كظهير أيسر لمحاولة محاكاة أسلوب داني ألفيش الهجومي.
افتقر روما للتحركات الكثيرة التي كان يجريها برشلونة، وبالتالي أصبح استحواذه سلبيا، مع الفريق الكتالوني كان الأمر سهلا أن يفتح خطوط خصمه بكثرة التحركات، مع روما كان مجرد امتلاك للكرة فقط.
إريك لاميلا وداني أوسفالدو كانا جيدين على الصعيد الفردي لكن ليس في العمل الجماعي، إضافة إلى أن بويان كركيتش لاعب برشلونة السابق كان يفهم الفلسفة جيدا لكنه لم يمتلك القدرة على إنتاج أي شيء.
أندريا دي كارلو مذيع "ميدياست" صرح لـ FilGoal.com:" جميع اللاعبين الذين تواجدوا في تلك الفترة معه مثل لاميلا وأوسفالدو وأنخيل وهاينزه وبيانتش وغيرهم لم يكونوا جيدين كما توقع روما، بعضهم مواهب شابة ومدرب لم يكن خبيرا كفاية، لكنهم لم يلعبوا كفريق وتلك كانت مشكلة أخرى".
كل ما سبق تجسد في مواجهة كالياري في شهر فبراير عام 2012، استحوذ روما على الكرة بنسبة 61%، لكنه سدد على المرمى 7 تسديدات واستقبل 5 تسديدات على مرماه، والنتيجة؟ كانت الخسارة بنتيجة 4-2 من مضيفه.
توتي بدأ في الهجوم وفابيو بوريني ولاميلا كجناحين، جاجو في وسط الملعب في ظل غياب دي روسي، والثنائي سيمون كاير وخوان في الدفاع، روسي كظهير أيمن وخوسيه أنخيل ظهير أيسر، الطريقة كانت 4-2-1-3 لكنه لم يكن قريبا بأي شكل من برشلونة.
جيمس هورنكاسل محلل بريطاني للكرة الإيطالية في التلفزيون البريطاني قال :"إنريكي كان لديه بعض التحديات، لم يعمل من قبل في دوري كبير، ولم يعمل في إيطاليا من قبل، لذا كان الوضع غريبا من حوله، وطاقمه لم يكن مستقرا لأن إيفان دي لا بينا غادر سريعا".
وأضاف "نجح في الفوز بلاعبيه وفاز بتوتي في جانبه، وأيضا رأينا تطور دي روسي وتحويل طريقة لعبه إلى بوسكيتس، لكنه لم يمتلك نفس العناصر في برشلونة".
تغيير عقلية فريق هي أصعب مهمة على الإطلاق، جوارديولا كان قد تولى تدريب برشلونة والذي يعمل فعليا بنفس الفلسفة، لكن إنريكي كان عليه أن يغير كل شيء في روما في دوري مختلف وظروف مختلفة ومع لاعبين مختلفين كليا.
المركز السابع كان نهاية محبطة لجماهير روما وإنريكي بالطبع، الأسوأ خلال العقد الأخير، لكن فلسفته في امتلاك الكرة كانت ناجحة لكنه احتاج أكثر من ذلك.
دي كارلو قال:" الإحباط؟ لم يكن للنادي بل للجماهير التي أحبطت بعد سلسلة من الخسائر، لم يصدق أحدا، الفريق كان ضعيفا للغاية".
في ذلك الموسم خسر روما 14 مباراة وتعادل في 8 وفاز في 16 أخرى، وأبرز لمحاته كانت مواجهة إنتر ميلان في شهر فبراير بالدوري، حينما فاز بنتيجة 4-0، لكنها كانت مباراة بين اسمين كبيرين يقبعان في المركز السادس بالنسبة للذئاب والخامس بالنسبة للأفاعي.
أكثر الانتقادات سواء في الصحف الإيطالية أو من قبل المحللين كان بخصوص طريقة الضغط، نظرا لأن تلك الطريقة بدت صعبة للغاية لكي يتم تطبيقها في الكرة الإيطالية، ثقافة اللعب هناك مختلفة كليا عن الطريقة والفلسفة الخاصة بإنريكي، وروما كان غير فعال بالمرة في المباريات الكبرة.
فيما بعد رحل إنريكي وبكلمات ملأها الإحباط قال:"أرحل عن روما لأنني أشعر بأنني منهك ومستهلك كليا، منحت كل ما لدي هذا الموسم".
وأضاف "لا أعتقد أنني سأكون قادرا على استعادة طاقتي خلال الصيف، ليست الطاقة التي أحتاجها لكي أحفز مجموعة اللاعبين، لن أدرب الفريق في الموسم المقبل، ولا أعلم حتى إن كانت لدي عروض للتدريب".
إنريكي بعد ذلك رحل إلى تجربة جديدة مع فريق إسباني سيتقبل فلسفته نوعا ما هو سيلتا فيجو في موسم تلاه توليه مهمة تدريب برشلونة.
ربما كان الأغرب هو قيام روما باستبدال إنريكي بزيدنيك زيمان والذي اشتهر بطريقته في اللعب بطريقة معتمدة على الضغط الشديد على الخصم.
إنريكي فشل في تجربته الأولى لعدة عوامل، وأثر ذلك على شخصيته، لكنه فيما بعد ذلك بموسمين كتب تاريخا لا ينسى وتوج بثلاثية، لكن الأمر المشوق هو كيف سيعمل بعد رحيله عن برشلونة، وبذلك سيضطر لتطبيق فلسفته من الصفر مرة أخرى.