كتب : إسلام مجدي
مع الوقت تطور مركز الظهير خلال عملية تطور كرة القدم ككل، هناك لاعبون قادرون على مسايرة التطور ليستمروا في تقديم الأفضل دائما وهناك من لا يفعل.
في الأعوام الأخيرة كان هناك أكثر من ظهير حاول مواكبة ذلك التطور مثل جيانلوكا زامبروتا وآشلي كول، وهناك من تطور فعليا مثل مارسيلو، وهناك من بدأ مع بداية عملية التطور وبالتالي هو يعرف كل ما هو جديد بخصوص المركز مثل ديفيد ألابا.
لكن دائما هناك لاعب واحد حقق الكثير والكثير وأعاد تهيئة نفسه في مركزه أكثر من مرة، في كل وقت تعتقد أنه انتهى يعود إليك ليؤكد لك ولنفسه قبلك أنه لا يموت أبدا، ذلك اللاعب هو داني ألفيش.
لطالما كان لعب كرة القدم هو شغفه الأول والأخير في الحياة، والده قال في وقت سابق إن ابنه قد يسافر أميالا ليشاهد المنشآت الخاصة بكرة القدم، ليلعب مباراة أو ليدعم فريقه، مشيرا إلى أنه تعلم كرة القدم مثل أقرانه البرازيليين في الشارع.
حينما كان في الـ10 من عمره قام والده دومينجو ألفيش بإعداد فريقا خاصا لكرة القدم سماه بالميراس دي ساليتر، داني لعب في ذلك الوقت كجناح ثم مهاجم، ونافس لاعبين أكبر منه سنا وحجما، لكنه دائما كان طموحا ويشعر بالمسؤولية.
مع الوقت بدأ ألفيش يشعر بالمعاناة في تسجيل الأهداف مع انطلاقته بالكرة خلال الثلث الأخير من الملعب، فاتخذ قرارا من شأنه أن يغير مستقبله باللعب في مركز الظهير الأيمن، دمج موهبته في الهجوم مع قدراته كمدافع ليكتسب خبرة فريدة في سن صغيرة للغاية.
في سن الـ13 انضم جوزيه كارلوس كيروش والذي كان مدربا لفريق بالميراس دي سالتير في ذلك الوقت إلى فريق باهيا ليدربه، شرطه الرئيسي كان اصطحاب المراهق داني ألفيش معه، وبعد عامين لعب الفتى لفريق باهيا للشباب أو ما يعرف بالفريق الثاني، ليتغلب على الصعوبات اليومية مثل ابتعاد منزله عن مقر التدريبات، مثلما قال والده:"قد يسافر أميالا من أجل كرة القدم".
بعد أعوام قليلة بدأ الجميع يلاحظ تطور ألفيش السريع وتكيفه على الأجواء بسهولة، إيفاريستو دي ماسيدو المهاجم البرازيلي لاعب برشلونة وريال مدريد السابق ومدرب باهيا طلب من الناشيء الانضمام إلى فريقه لمواجهة كأس الشمال الشرقي ضد ريسيفي.
صرح دي ماسيدو بعد ذلك :"لقد كان أغرب رد فعل رأيته في حياتي من لاعب شاب قط، اعتقد أن الأمر مزحة وضحك وتركنا ورفض ثم رحل".
بعد ذلك تم تأكيد ذلك الطلب رسميا، ليدرك ألفيش أن الأمر حقيقي، وأن الوقت قد حان للمشاركة مع الفريق الأول.
قال ماسيدو :"تحدثت معه لفترة وجيزة، أخبرته أنه يجب أن يتخذ هذه الخطوة للفريق الأول، وسيجتمع مع اللاعبين الكبار في الظهيرة".
لم يكن انضمامه أمرا عاديا، لم يكن ضمن القائمة فقط بل بدأ المباراة، باهيا فاز بنتيجة 3-0، وألفيش خطف الأنظار وصنع هدفا وساهم في الفوز بعدما حصل على ركلة جزاء، وحسب شبكة جلوبو البرازيلية تغنت الجماهير باسمه :"داني يلعب للفريق الأول".
ألفيش أصبح فيما بعد الخيار الأول كظهير أيمن في باهيا، ولفت الانتباه خاصة في أوروبا، بعد ذلك قام مونشي المدير الرياضي لإشبيلية بالتحرك سريعا لخطفه على سبيل الإعارة في عام 2003، وتحقق حلمه ثم انضم ألفيش للفريق الأندلسي.
فور انضمامه للنادي الأندلسي، سافر ألفيش مع البرازيل للمشاركة في بطولة كأس العالم للشباب 2003، وفي تلك البطولة أصبح العالم أجمع يدرك أن هناك موهبة فذة متواجدة لدى البرازيل في ذلك المركز، وأصبح ثالث أفضل لاعب في البطولة التي توجت بها البرازيل بعد الفوز ضد إسبانيا بنتيجة 1-0 في النهائي سجل الهدف لاعب شاب يدعى فيرناندينيو حاليا يلعب لمانشستر سيتي.
بعد مستواه المتميز قام إشبيلية بضمه نهائيا وفي موسم 2003-2004 شارك ألفيش في 29 مباراة للفريق الأندلسي وأصبح رقم 1 في ذلك المركز وساهم في تأهل الفريق لبطولة الدوري الأوروبي.
في ذلك الوقت كان مدربه هو خواندي راموس، ومع الوقت تطور معه ألفيش، أندي بارسيل كاتب بشبكة "إي إس بي إن" تحدث عن المدرب الإسباني وداني فقال:"لقد كان خواندي راموس هو من بدأ كل شيء، هو من جعل ألفيش ما هو عليه الآن".
إشبيلية بدأ في الفوز بالألقاب وتوج بطلا للدوري الأوروبي مرتين في 2006 و2007، ألفيش كان عنصرا حيويا في ذلك اللقب مرتين، واكتسب سمعة كبيرة في أوروبا، وفاوضته عدد من الأندية في بريطانيا.
في يونيو 2006 حسب تقارير نشرته صحف "دايلي ميل" و"جارديان" قالت إن ليفربول قد توصل لاتفاق مع إشبيلية لضم ألفيش، لكن الفريق الأحمر رفض دفع مبلغ 8 ملايين جنيه إسترليني قيمة اللاعب.
في ديسمبر 2006 قام ألفيش بالتوقيع على عقد جديد مع إشبيلية يضمن بقائه حتى 2012، لم يحبط اللاعب لانتهاء فرصة انضمامه لليفربول، وفي موسم 2006-2007 شارك في 47 مباراة بكل المسابقات وسجل 5 مباريات، لعب كل مباريات إشبيلية في الدوري الأوروبي في ذلك الموسم.
فيما بعد قام المنتخب البرازيلي باستدعاء ألفيش في أكتوبر 2006، وشارك لأول مرة ضد نادي كويتي في مباراة ودية غير رسمية، بعد ذلك شارك في ودية رسمية ضد الإكوادور وفاز السليساو بنتيجة 2-1، وفي تلك المباراة أعجب به دونجا كثيرا مدرب المنتخب في ذلك الوقت، ليقرر اصطحابه لبطولة كوبا أمريكا 2007.
في كوبا أمريكا شارك ألفيش في 4 مباريات منها النهائي ضد الأرجنتين، وقدم مستوى مبهرا للغاية صنع وسجل في فوز البرازيل بنتيجة 3-0 ضد راقصي التانجو.
في أغسطس 2007 ظهرت تقارير جديدة تفيد باهتمام تشيلسي بضم ألفيش، لكن اللاعب صرح لقناة "سبورت" البرازيلية قائلا :"أرغب في الرحيل عن إشبيلية إلى أحد عمالقة أوروبا، اهتمام تشيلسي شكلا إطراء كبيرا لي، لا يمكنني رفض فرصة مثل هذه".
في 16 أغسطس من نفس العام رفض إشبيلية عرض تشيلسي لضم ألفيش، النادي الأندلسي وجد العرض أقل بكثير من المطلوب، فقرر ألفيش مهاجمة ناديه.
قال ألفيش :"خوسيه ماريا ديل نيدو رئيس النادي لم يحترمني أو يحترم رغبتي".
بعد صراع قصير مع رئيس النادي، توفي اللاعب أنطونيو بويرتا، ليقرر ألفيش البقاء مع الفريق، لكن لمدة موسم وحيد فقط.
في يوليو 2008 قرر برشلونة التحرك لضم ألفيش، بتقديم عرض يقترب من 30 مليون جنيه إسترليني، ليصبح واحدا من ضمن أغلى المدافعين في تاريخ كرة القدم، وانضم اللاعب إلى الفريق الكتالوني بعقد يمتد لمدة 4 مواسم، بشرط جزائي يقدر بـ90 مليون يورو.
في المؤتمر الصحفي قال ألفيش:"أدين بالكثير لإشبيلية، انضممت له كفتى صغير وغادرت منه كرجل، هدفي أن أصبح أفضل ظهير أيمن في العالم حاليا بالطبع".
في ذلك الوقت كان جوسيب جوارديولا قد تولى لتوه تدريب برشلونة وصرح قائلا :"ضم ألفيش كانت أخبارا جيدة جدا وسعيدة للنادي، مع ليونيل ميسي إن عملا سويا سيكون لديان أقوى جانب أيمن في العالم".
خلال المواسم الأربعة تلك كان ألفيش في أوج تطوره وقمة مستواه، أثبت أنه أفضل ظهير أيمن موجود في أوروبا وربما العالم بتلك الفترة، قدم إضافة هجومية بفضل سرعته ومستواه ومهاراته، وساند في بناء الهجمات مع برشلونة من الطرف الأيمن من الملعب، إضافة لارتداده الدفاعي السريع لإيقاف مرتدات الخصم، كان قادرا على ملائمة النظام المطلوب في برشلونة وكان أيضا خيار جوارديولا الأفضل.
نجح ألفيش في أن يكون ظاهرة مع برشلونة وتوج بكل الألقاب خلال ما يقرب من 247 مباراة خاضها، توج بطلا للدوري 6 مرات و4 بطولات كأس ملك إسبانيا و4 بطولات كأس سوبر محلية و3 ألقاب دوري أبطال أوروبا و3 ألقاب كأس سوبر أوروبية و3 ألقاب كأس عالم للأندية، إنه واحد من 7 لاعبين ساهموا في تتويج برشلونة بالثلاثية مرتين وهم ليونيل ميسي وأندريس إنيستا وشابي هيرنانديز وجيرارد بيكيه وبيدرو رودريجيز وسيرخيو بوسكيتس.
بعد 8 أعوام من التألق مع برشلونة زينها بالألقاب، أعلن روبيرتو فيرنانديز المدير الرياضي للفريق أنه سيرحل عن صفوف النادي على الرغم من تبقي عام في عقده، سمح الفريق الكتالوني للبرازيلي بالرحيل مجانا ليجد ناديا جديدا هو يوفنتوس.
صرح ألفيش عن رحيله بعد ذلك قائلا:"برشلونة نادي ممتاز، لكنني شعرت براحة كبيرة في مركزي، أنا شخص حينما يساورني ذلك الشعور، فهو يعني أن هناك شيئا ما خاطئ، ما يحركني دوما هو التحدي والقتال لصنع التاريخ، وذلك سيكون في مكان أخر، آمل أن تستمر الأمور بنفس الطريقة في ذلك المكان".
بعد تلك التصريحات بدا الأمر غريبا، فألفيش هاجم برشلونة لأنه رحل مجانا ولم يعرف السبب أبدا حتى الآن.
صرح ألفيش :"الرحيل مجانا عن برشلونة كانت لكمة حقيقية لي، خلال مواسمي الثلاثة الأخيرة كنت أسمع دوما أنني راحل، لكن الإدارة لم تقل شيئا لي، لقد كانوا مخطئين بحقي وغير شاكرين لما قدمته، لم يحترمونني قط، لقد عرضوا علي عقدا جديدا فقط حينما عاقبهم الفيفا، هؤلاء الذين يديرون برشلونة اليوم ليس لديهم فكرة عن طريقة معاملة اللاعبين".
في يونيو 2016 انضم ألفيش ليوفنتوس بعقد يمتد لعامين مع خيار للتجديد لعام ثالث، وشارك ضد فيورنتينا في فوز البيانكونيري بنتيجة 2-1، لكنه أصيب في نوفمبر بعدما تعرض لكسر بالقدم في خسارة فريقه ضد جنوى، بسبب تلك الإصابة لم يلعب سوى 10 مباريات فقط مع يوفنتوس في موسمه الأول خارج أسوار كامب نو.
بعد ذلك أثبت ألفيش أنه شخص لا يستسلم أبدا، عاد من جديد أحب التحدي وساهم في انتفاضة يوفنتوس ثم في تأهل فريقه لنصف نهائي دوري أبطال أوروبا بمستوى استثنائي لا يصدر سوى عن داني فقط.
على الجانب الإنساني فألفيش شخص ممتاز في 2011 حينما أصيب زميله إريك أبيدال بمرض في الكبد عرض التبرع بجزء من كبده لمساندة زميله.
صرح ألفيش في وقت سابق :"حينما نتقاعد سيتساءل الناس عمن هو أفضل لاعب؟ الإجابة ميسي، من كان يمرر له؟ الإجابة داني، اسمي متواجد هناك سواء أحب الناس ذلك أم لم يفعلوا".
مع اقترابه من نهاية مسيرته، ألفيش حاليا وضع أسسا ومعايير لكي تصبح ظهيرا أيمنا ناجحا، وبالفعل سيقول البعض العب كما كان يفعل ألفيش، بالطبع في فترة من الفترات أثنى الكثيرين على ثلاثية ميسي وإنيستا وشابي لكن كان هناك ألفيش دائما يصنع ويساهم في الظل من أجل كتابة التاريخ وقد كتب الكثير.