كتب : عمر ناصف
لولا الخلافات لما ظهرت لنا دربيات إيطاليا حقيقة لا يمكن نكرانها في تاريخ الكرة الإيطالية فبسببها أنفصل مجموعة من اللاعبين عن ميلان لتشكيل إنترنازيونال وفي تورينو ولد "تورينو" بسبب انقاسم حدث داخل يوفنتوس.
اجتماع تم في إحدى الحانات بين بعض اللاعبين الرافضين لقرار دخول بعض لاعبي فريق يدعى تورينسي في عملية دمج مع يوفنتوس ولدت على إثرها فكرة إنشاء فريق "تورينو" لتبدأ في 1906 رحلة تقاسم فيها الطرفان الانتصارات والانكسارت والملعب لبعض الوقت بل وأيضا المأسويات.
ذهب عمال المصانع ورجال الطبقة المتوسطة والفقيرة والمهاجرون بحثا عن عمل في المدينة الصناعية إلى دعم تورينو ضد يوفنتوس الذي يمثل لهم كل ما كرهوه في حياتهم من أرستقراطية نظرا لأن ملاك المصانع ورجال الأعمال كانوا يدعمون يوفنتوس الذي تملكه بعد ذلك أحد عملاقة الاقتصاد الإيطالي متمثل في عائلة أنيلي المتحكمة في صناعة السيارات الإيطالية.
قبل ذلك في 1863 كانت تورينو هي العاصمة الإيطالية وأراد الحكام بناء ما يظهر قوة المدينة فتم بناء كنيسة عالية كبرى تدعى "مولي أنطونيليانا" في قلب المدينة منها أستمد الدربي أسمه "دربي ديلا مولي".
مازالت الكنيسة مرتفعة في قلب المدينة العريقة التي فقدت بعد ذلك مركزها كعاصمة سياسة لإيطاليا وإن كانت احتفظت بسيطرة أنديتها على كرة القدم طوال فترات كبرى من تاريخها بجانب ملامحها كمدينة صناعية.
ويتواجد "ثور" على شعارات الفريقان يمثل الروح القتالية لأبناء المدينة، يوفنتوس يضعه في أسفل شعاره بينما تورينو يضعه في وسط الشعار وعلى أكتاف قمصان الفريق.
هذا هو الموسم الأخير للثور على شعار يوفنتوس الذي سيتم تغيره بنهاية هذا الموسم لأسباب دعائية.
"تورينو مدينة صغيرة على أن يمثلها فريقان" كان هذا أحد تعليقات لوتشيانو مودجي المدير الرياضي السابق ليوفنتوس في حديثه عن دربي المدينة الذي كان يهيمن عليه يوفنتوس في الفترة السابقة التاريخ يؤكد ذلك فكان دائما هناك فائز واحد من المدينة والمنافسة بينهم لم تشتعل سوى في سنوات معدودة قبل أن يهيمن أحدهم على الأخر بشكل كامل.
تبادل الفريقان السيطرة على الكرة الإيطالية وكان الصغير تورينو أول فريق إيطالي يحصل على الثنائي دوري وكأس وأول من يحقق لقب الدوري خمس مرات متتالية حتى جاءت الكارثة وسقطت في 1949 طائرة الفريق المحملة بكل نجومه لتنتهي معها سيطرة الفريق الذي حصل على الدوري مرة وحيدة بعد ذلك فقط.
مأسي تورينو لم تتوقف ففي 1967 ظهر بالفريق نجم أتخذوه قائدا لإعادة أمجاد الفريق وهو جيجي ميروني وقبل دربي تورينو صدمته إحدى السيارات ليلقى حتفه، وكأن تورينو هي من صدمتها السيارة فخرج 22 ألف في جنازة اللاعب وبعدا بأيام كان اللقاء ضد يوفنتوس.
لم يكن ميروني قد فاز سابقا على الغريم ولكن صديق عمره وزميله بالفريق نستور كومبين أراد إهداءه شئ كبير بعد موته فأرتدى قميصه حاملا الرقم 7 فسجل ثلاثية من رباعية فريقه التي انتهى بها هذا الدربي وهي النتيجة الأكبر لتورينو في تاريخ مباريات الفريقان الممتد منذ 110 عام.
يوفنتوس أيضا عان من كوارث ففي 1985 سقط مشجعو يوفنتوس قتلى في حادثة ملعب هيسل الشهيرة في مباراتهم ضد ليفربول التي أودت بحياة 39 من مناصري الفريق وكانت هذه الحادثة مثار سخرية من مشجعي تورينو الذين علقوا لافتات بعدها "39 قتيل على الأرض فليحيا الإنجليز"
مشجعي السيدة العجوز سخروا أيضا من سقوط طائرة تورينو فكانت الجماهير تقلد صوت الطائرة عندما يبدأ المذيع الداخلي في تسمية تشكيلة تورينو ومع أخر أسم تقلد الجماهير صوت ارتطام وانفجار.
حتى في 1945 عندما ألتقى الفريقان في مباراة ودية إهداء لروح المدير الرياضي ليوفتوس في ذاك الوقت الذي قتل في إحدى التفجيرات التي ضربت المدينة ولكن المباراة الودية الوداعية تحولت إلى ساحة حرب على أرضية الملعب وتم إطلاق بعض الأعيرة النارية لتفريق الجماهير التي اجتاحت الملعب للتشاجر مع بعضها البعض.
كما لم يسلم الطرفان من الفضائح ففي 1927 تم سحب لقب الدوري من تورينو بسبب قيامه بدفع رشوة قبل أحد الدربيات أمام يوفنتوس التي انتهت بفوزه بهدفين لهدف ليتم إدانة الفريق وتعليق فوزه بالدوري.
يوفنتوس أيضا عان من ذلك بعد 80 عاما عندما تم إدانته في قضية تلاعب في المباريات أيضا وتم سحب لقبان دوري من خزائنه وإنزاله إلى الدرجة الأدنى.
لكن مع اختلاف طبقة المشجعين أختلف أيضا تعامل الفريقان مع أزماتهم المالية التي ضربتهم في وقت ما في تاريخهم فبينما سقط تورينو إلى الهاوية وأفلس وبدأ من الصفر في نهاية القرن الماضي كان يوفنتوس في نهاية العقد الماضي يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة نجح في النجاة منها سريعا نتيجة الخبرات الاقتصادية التي يملكها وعاد بقوة ليهيمن على إيطاليا ويرتفع بقوة لمنافسة بقية القوة الكروية الأوروبية اقتصاديا.
كان الفريقان في فترة يتقاسمان الملعب الأولمبي في تورينو ولكن يوفنتوس أستقل بملعبه ديلي ألبي ثم حاليا "يوفنتوس أرينا" الذي يمثل الرفاهية والفخامة من كل جوانبه مقارنة بالملعب الأولمبي القديم الذي يحمل عبق التاريخ والكلاسيكية المتبقية من عصر بينتو موسوليني.
إما أن تكون مشجعا لتورينو أو ليوفنتوس هذه هي القاعدة في المدينة ولكن غدا سيكون هناك شخص واحد فقط في حيرة من أمره وهو "لورينزو" ابن ليوناردو بونوتشي قلب دفاع يوفنتوس، الفتى الصغير متيم بحب الغريم تورينو منشقا عن الفريق الذي يتصدر والده قائمة نجومه.