بعد قرار التخلي عن كلود ماكليلي كان تعليق زميله ونجم الفريق الأول زين الدين زيدان: "كيف تضع طبقة من الذهب على سيارتك وأنت قد افتقدت المحرك؟!".
النجم الفرنسي فور اتجاهه لمجال التدريب في كرة القدم قرر قضاء فترات من المعايشات مع أفضل المدربين في العالم ليستفيد من الأفكار المختلفة لكل منهم، فقد أجرى مقابلات مع بيب جوارديولا أثناء قيادته لبايرن ميونيخ ومارسيلو بييلسا رائد مدرسة واتجاهات معينة في التدريب لا مجال للحديث عنها بالإضافة لعمله كمساعد مع كارلو أنشيلوتي ولكن الأهم والأكثر تأثيرا كان كريستيان جوركوف أثناء تواجده مع فريق لوريان في فرنسا والذي يعتمد على الهجوم من الأطراف بشراسة.
قبل تولي زيدان كان الفريق يعاني كثيرا أثناء امتلاك الكرة من تباعد خطوطه وعدم وجود حلول للتمرير وهو الأمر ذاته على الجانب الدفاعي، ليقوم أولا بإضافة البرازيلي كاسيميرو لخط وسط فريقه لعمل العمق الدفاعي وإعطاء حرية أكبر للثنائي المساند توني كروس ولوكا مودريتش للقيام بأدوار أفضل عند امتلاك الكرة.
المدير الفني الفرنسي مع الفريق انتهج العديد من طرق اللعب المختلفة فشاهدنا الثلاثي الدفاعي في فترات بعودة كاسيميرو كقلب دفاع وشاهدنا الـ4-4-2 و4-2-4 أمام ليجيا وارسو ببنزيمة ورونالدو وبيل وموراتا وشاهدنا 4-4-1-1 أمام أتليتكو مدريد في ظل الغيابات التي عانى منها الفريق وحقق فوزا ساحقا ونشاهد أيضا 4-3-3 في أغلب المباريات وتتحول إلى 4-4-2 بفضل المرونة الحركية للثنائي رونالدو وبنزيمة.
الجماعية أهم نقاط قوة الفريق الحالية:
ما أفضل أن تصل بلاعبيك لتطبيق الأفكار والمصطلحات المثالية مثل أن كرة القدم لعبة جماعية وفي عهدها الحديث علينا أن نهاجم معا وندافع معا، نعم هذه ليست أشعارا بل يطبقها الفريق في أغلب مبارياته وليس أمام أتليتكو مدريد أمس فقط.
في الحالة الدفاعية كل اللاعبين في منتصف ملعبهم بداية من ثنائي الهجوم رونالدو وبنزيمة.
ويستغل زيدان مثل تلك الفكرة بشكل مميز في التحول الهجومي وتنفيذ المرتدات حيث ينطلق الثنائي رونالدو وبنزيما في المساحات خلف ظهيري الخصم.
أما في الحالة الهجومية فكثيرا ما ستشاهد قلبي دفاع ريال مدريد في منتصف ملعب الخصم يتناقلون الكرة مع زملائهم في وسط الملعب مما يعطي كثافة هجومية للفريق.
وعلى جانب الكرات الثابتة فالجميع يعتبرها نقطة قوة بالفريق في ظل قدرات رونالدو وراموس وفاران وبيل في التعامل مع الكرات الهوائية، ولكن الأهم استغلال زيدان لها بشكل غير مباشر وهو الكرات الثانية حينما يقوم دفاع الخصم بإبعاد الكرة فستجد دائما ثلاثي من ريال مدريد متمركز بشكل عرضي على حدود منطقة الجزاء وهو ما يعطيهم أفضلية الحصول على الكرات الثانية ثم إرسال العرضيات مرة أخرى في ظل ارتباك دفاع الخصم لعودة بعض اللاعبين لمراكزهم.
الأمر تكرر في الهدف الأول في مرمى برشلونة في الكلاسيكو الأخير والهدف الأول أمام أتليتكو مدريد في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.
ليست فقط الكرات الثابتة واستغلال الأطراف مميزات ريال مدريد "زيدان" بل هنالك أفكار أخرى مثل الاستحواذ ومحاولة بناء اللعب من الخلف في ظل امتلاك لاعبين أمثال كروس ومودريتش مميزين للغاية في ذلك الأمر ولكن الفكرة الأهم كانت في ما يسمى "التحميل الزائد والعزل overloading & isolation" بمعنى تجميع اللعب في أحد الجبهات بأكبر عدد من لاعبين فريقي لإجبار الخصم على الانتقال والترحيل لتلك الجبهة ثم تغيير وجهة اللعب للجهة العكسية لاستغلال موقف لاعب ضد لاعب أو ثنائي ضد لاعب فقط للخصم ليتم اختراق الجبهة وإرسال العرضية.
لاحظ 6 لاعبين من الريال في ممنتصف الملعب الأيمن.
وفي مواجهة اتليتكو بالأمس ظهر الأمر بشكل كبير وكان يقود تلك الفكرة لاعب الوسط الرائع توني كروس بتوجيه التعليمات لزملائه بالتحرك في تلك المساحات والتمرير ثم تغيير اللعب بتمريراته الرائعة لللجهة اليمنى.
لاحظ الثنائي رونالدو وبنزيمة تحركا معا للخلف حتى لو كلفهم الأمر عدم وجود عمق هجومي لا يهم فعند تغيير وجهة اللعب فهنالك متسع من الوقت للانطلاق في المنطقة.
والفكرة الأخيرة التي لم يتقنها الفريق بعد بشكل تام ولكن ينفذ منها نسبة مقبولة وهي الضغط العكسي فور فقدان الكرة في منتصف ملعب الخصم، دائما ما تر كاسيميرو يقود مجموعات الضغط تلك مع مساندة من كروس ومودريتش لغلق زوايا التمرير وانقضاضات كارباخال ومارسيلو حتى لعمق الملعب وتقدم راموس للتغطية من خلفهم وإن كلفه الأمر مساحات في ظهره.
هي نسخة جيدة من الفريق لم تصل بعد للشكل المثالي وإن كان زيدان في طريقه للوصول حتى وإن خرج من الموسم الحالي بلا ألقاب فهنالك عمل واضح وتغير في هيكل الفريق على الجانبين الدفاعي والهجومي.