أجواء دربي "تاين-وير" المستمرة بعيدا عن سانت جيمس بارك وملعب النور

الإثنين، 01 مايو 2017 - 20:14

كتب : علي أبو طبل

دربي تاين-وير

المقاطعة تضم مدينة نيوكاسل ومدينة سندرلاند بجانب مدينة تاينسايند الشمالية وتاينسايد الجنوبية، ويربط النهران بين كل تلك المدن.

قبل ظهور اختراع كرة القدم، تبدو العداوة واضحة بين سكان مدينة نيوكاسل وسكان مدينة سندرلاند لأسباب تتعلق بالسياسة وصولا لحروب أهلية.

المدينتان كانتا على خلاف في المواقف الداعمة على الدوام. فخلال الحرب الأهلية كانت نيوكاسل داعمة للملكية، أما سندرلاند فكانت داعمة للبرلمانيين الذين حاربوا ضد سلطة المملكة.

مرة أخرى، كانتا المدينتان على خلاف في المواقف. نيوكاسل دعمت موقف منزل آل هانوفر، ذوي الأصول الألمانية والذين حكموا بريطانيا حتى وفاة الملكة فيكتوريا، أما سندرلاند فقد دعمت آل ستيوارت ذوي الأصول الأسكتلندية، وذلك ضمن سلسلة احتجاجات ضربت المملكة المتحدة في الفترة من 1688 إلى 1746.

مرت مئات السنوات، وتأثرت مواجهات كرة القدم بين أندية المدينتين بتلك الخلفية التاريخية.

دربي "تاين-وير" هو أحد الدربيات الأكثر شراسة وتنافسية في إنجلترا. وربما يبالغ اللاعب الفرنسي يان مفيلا قليلا حين يصفه بأنه أكثر قوة من دربي ميلانو.

هذا العام، تواجد نيوكاسل في دوري الدرجة الأولى بعد هبوطه في الموسم الماضي تاركا غريمه سندرلاند في الدوري الإنجليزي الممتاز، وحارما محبي كرة القدم في المدينتين من متابعة الدربي الأكثر شغفا بالنسبة لهم.

الموسم المقبل لن يشهد مواجهة دربي بين الفريقين كذلك. نيوكاسل نجح في الصعود من جديد رسميا إلى الدوري الممتاز، لكن سندرلاند بدوره قرر الهبوط إلى الدرجة الأولى.

كيف يفرغ أهالي المدينتين حماسهم وشغفهم الكروي في مواجهة تجمع فريقين من المدينتين وجها لوجه في ظل افتقادهم للدربي الأساسي والأكبر.

تحقيق أجرته مجلة FourFourTwo في عددها الصادر لشهر إبريل الماضي عن دربي "تاين-وير" الموازي.

- دربي هادئ

في مدينة نيوكاسل، يستعد بعض الجماهير لحضور دربي "تاين-وير". المشهد هادئ في محيط ملعب سانت جيمس بارك الذي يتسع لحضور 52 ألف متفرج.

لكن الشغف يتواجد في منطقة بينفيلد التابعة لمدينة نيوكاسل، حيث يتواجد فريق نيوكاسل بينفيلد، الفريق الهاوي والذي يعتبر ثاني فرق كرة القدم في المدينة بعد نيوكاسل يونايتد.

الأمور تبدو هادئة. عدد جماهير أقل بكثير من التي تتواجد في الدربي الآخر. لا توجد الكثير من قوات الشرطة التي تحاول الفصل بين الجمهورين ومنع حدوث شغب.

الفريق يستضيف على ملعبه فريق سندرلاند آر سي إيه "Sunderland RCAA" ضمن منافسات دوري منطقة الشمال للهواة.

مواجهة تعتبر متنفسا لكلا الجمهورين للشعور بانتصار معنوي في ظل غياب دربي "تاين-وير" الرئيسي هذا الموسم.

مايك أوبراين، مشجع محلي لنادي نيوكاسل، يقول: "على الرغم من أنها مواجهة في دوري الهواة، إلا أن التنافسية لا تزال متواجدة".

ويضيف: "أهتم بالأمر دوما في أي مكان تتواجد فيه مباراة تنافسية لفريق من نيوكاسل ضد فريق من سندرلاند. الأمر شخصي للغاية. نود دائما الفوز عليهم. هذا هو التاريخ وسيظل في دمائنا".

الأجواء المصاحبة لمحيط ملعب نيوكاسل بينفيلد قبل بداية المباراة لا تشير لوجود مواجهة بين مدينتين يحملان خلفية تاريخية كبيرة من العداوة، لكن الأمر يظهر حين تدخل لمدرجات الملعب الصغير وترى انفعالات الجماهير القليلة الشغوفة الحاضرة.

أوبراين اعتذر عن عمله في ذلك اليوم من أجل حضور المواجهة، ويخبر المشجع الشغوف لمدينة نيوكاسل مراسل FourFourTwo عن سبب اهتمامه بالمباراة"الأمر كله يعود لجدي".

ويضيف "كان جدي يعمل في بناء السفن، وقد أخبرني منذ صغري أنني يجب أن أكره العدو، والعدو هو سندرلاند."

ثم يعود ليوضح "في مجال عملي، أعمل وأتواصل مع الكثير ممن ينتمون من مدينة سندرلاند ويتم الأمر بشكل جيد. ولكن حين يتعلق الأمر بكرة القدم، فإنني أظهر الكره وخاصة في يوم الدربي".

ويختتم حديثه "هذا التأثير نابع من جدي، وقد أخبرت أبنائي بذلك أيضا".

على عكس الدربي الأساسي، فإن هذا الدربي بين الناديين الهاويين لا يمتلك تاريخيا لأكثر من 10 مواسم فقط، حين تم تأسيس الفريق التابع لمدينة سندرلاند، بينما يتواجد فريق نيوكاسل بينفيلد منذ عام 1988.

القليل من الجماهير الداعمة للفريق التابع لمدينة سندرلاند تبدو متشككة حول فكرة الدربي والعداوة حين تدخل ملعب بينفيلد في البداية، ولكن تلك الشكوك تذهب فورا حين يقومون بالنظر حولهم.

الفريق التابع لنيوكاسل يفتخر بتاريخ أبرز لاعبي نيوكاسل يونايتد عبر تاريخه. نجد صور لأساطير الفريق مالكولم ماكدونالد وكريس وادل وصولا لكيفن كيجان.

الفريقان يستعدان لمواجهة دربي الظل. الطاقم التحكيمي وفي مقدمته "لوسي أوليفر" زوجة الحكم "مايكل أوليفر" المعروف من خلال قيادته لمباريات عديدة في الدوري الإنجليزي الممتاز، تستعد لانطلاقة المباراة.

مواجهة هامة للفريقين ضمن المنافسات، الفوز سيجعل أحدهما يدخل في قائمة الفرق الخمسة الأولى في جدول ترتيب المسابقة.

أجزاء من الثلوج تغطي بعض أجزاء الملعب، مما جعل للاعبي سندرلاند حجة من أجل إبداء عدم رغبتهم اللعب على أرضية بتلك الحالة.

جاري ثومبسون، السكرتير العام لفريق نيوكاسل، أبدى انزعاجه من تصرفات لاعبي سندرلاند قائلا: "الأرضية تبدو صالحة للعب. هم فقط من يشتكون من الأمر. يبدو أنهم خائفون من مواجهتنا".

بعد شد وجذب، قررت الحكمة بداية المباراة تحت أنظار 150 مشجعا في الملعب.

هجمات متبادلة بين الفريقين إلى أن نجح الضيوف في تسجيل التقدم بل وكانوا قريبين من الهدف الثاني.

بعد ذلك، شهدت المواجهة العديد من التدخلات العنيفة، ولكن تدخل واحد بعينه أدى إلى تصرف غير متوقع.

قررت الحكمة أوليفر إنهاء المباراة قبل 23 دقيقة من النهاية وأمرت الفريقين بالدخول لغرف خلع الملابس.

الجماهير بدأت في الرحيل عن الملعب بإحباط شديد. بعض اللاعبين بدأوا في الخروج بصحبة أصدقائهم من الحاضرين للمشاهدة، في مشهد لا يتواجد بهذه البساطة في دربي "تاين-وير" الكبير.

- ما بين التنافسية والعداوة

وجب التأكيد أن العداوة تعود لخلفيات تاريخية قديمة للغاية تنعدم في الوقت الحالي، لذا فأن الكراهية بين المدينتين حاليا تبدو أقل كثيرا من 20 عاما مضت على سبيل المثال.

هذا لا يمنع التنافسية الخاصة للمواجهة بين أندية نيوكاسل وسندرلاند، ولكن الأمر لم يعد يستدعي وجود قوات خاصة لتأمين مواجهة مغمورة مثل هذه على سبيل المثال.

في وقت ما، جماهير الناديين كانت تتواجد في مواجهات الفرق الرديفة لأندية نيوكاسل يونايتد وسندرلاند متسببة في الكثير من المشاكل، وهو ما لم يعد موجودا بنفس الدرجة في الوقت الحالي.

الانفتاح بين المدينتين يبدو بشكل واضح، وهو ما أكده شخصان في ذلك التحقيق للمجلة البريطانية الشهيرة.

الشخص الأول هو جون ماكليمنت، مشجع لسندرلاند وقرر القدوم لمتابعة هذه المباراة من أجل الاستمتاع بكرة القدم فقط لا غير.

أسباب هدوء ماكليمنت تجاه تلك المواجهة التنافسية تعود إلى كونه عم لأخين، ستيف ولي هوي، وهما لاعبا كرة قدم سابقان.

رغم كونهما أخين، إلا أنهما في فترة ما في التسعينات تواجد كل منهما في نادي من أندية النزاع، لذا فإن جون يشعر بشعور حيادي لا يشوبه كراهية تجاه تلك المواجهة.

شخص آخر بدا منفتحا وهو جوناثان كارميشال، حارس مرمى فريق سندرلاند للهواة.

كارميشال نشأ في مقاطعة تون آرمي، والتي يتبع لها فريق نيوكاسل يونايتد، واعتاد على التواجد كمشجع في ملعب سانت جيمس بارك على الدوام، ولكنه يلعب كهاوي في صفوف فريق تابع لسندرلاند.

ويقول كارميشال: "لا أجد أي مشكلة. لقد اعتدت أن أكون مشجعا لنيوكاسل طوال عمري، ولكن لا أجد مانعا من الاستمتاع بلعب كرة القدم التي أحبها في أي مكان".

لكن الأمر لا يزال يسبب بعض الحساسية للاعبين الذين يأخذون المواجهة على محمل الجد، حتى وإن كانوا في صفوف الهواة.

مارك داميت، الشقيق الأكبر لبول داميت مدافع فريق نيوكاسل يونايتد الحالي، انضم لفريق نيوكاسل بينفيلد مطلع الموسم الحالي، ليحصل على فرصة خوض الدربي الأول في مسيرته، وإن كان في الظل.

يرى مارك أن خوض الدربي يعد مسؤولية، وأن أي شخص ينتمي لأي من المدينتين عليه أن يفعل ما في وسعه من أجل تحقيق الفوز على الغريم اللدود.

ما بين فكرة المسالمة والاستمتاع بكرة القدم دون شوائب، وفكرة التعصب الشديد، يستمر دربي "تاين-وير" على الدوام مصدرا للشغف لجماهير كرة القدم في المدينتين.

أخر الأخبار
التعليقات