كتب : علي أبو طبل
"حينما تنتهي فرصتنا حسابيا في الوصول إلى دوري الأبطال عن طريق احتلال إحدى المراكز الأربع الأولى في الدوري، فسنقاتل بشكل أكبر لتحقيق ذلك من خلال الدوري الأوروبي"
جوزيه مورينيو يؤمن تماما بأن التواجد في رباعي المقدمة في الدوري الإنجليزي الممتاز أهم كثيرا، ولكنه يدرك في الوقت نفسه أهمية تواجد الفريق في دوري أبطال أوروبا في الموسم القادم، لذا فإنه يبقي الفرص قائمة من خلال طريقين.
مانشستر يونايتد كاد أن يفقد إحدى هذه الطرق اليوم، فالضيف البلجيكي كان عنيدا وشجاعا للغاية.
ورغم الفوز والهجوم القوي وبناء العديد من الهجمات، لا يزال مانشستر يونايتد يعاني من بعض المشاكل التي لا يمكن إغفالها رغم إيجاد حلول أخرى لتحقيق الفوز.
ما أبرز ما لاحظناه في انتصار الشياطين الحمر الصعب على ضيفهم البلجيكي؟
ضيف شجاع
على الورق، مانشستر يونايتد هو الطرف الأقوى في المواجهة ومن المفترض ألا يجد أي صعوبات.
لكن في الواقع، متصدر الدوري البلجيكي قدم عرضا يستحق التحية والإشادة، وسبب القلق في العديد من اللقطات على مرمى سيرجيو روميرو، بل كان قريبا من خطف هدف تعادل في النهاية، كان كفيلا بإحداث المفاجأة واقصاء رجال مورينيو.
الفريق البلجيكي، ورغم تلقيه هدف مبكر بأقدام هنريك مخيتاريان، لم يتراجع بل قرر الهجوم بحثا عن التعادل، وقد نجح في ذلك قبل نهاية الشوط الأول، عن طريق سفيان بن هني، بعد سلسلة من المحاولات الخطيرة.
يمكنك أن تلاحظ مدى الجرأة من خلال عدد تصويبات الفريق على المرمى، والذي بلغ 15 تصويبة و11 صناعة لفرص خطيرة.
مع مرور الوقت، الفارق البدني كان في صالح مانشستر يونايتد الذي استمر في الضغط خلال الشوط الثاني ولكن دون أن يهز الشباك، وظل الأمر مؤجلا لحين تمكن الشاب راشفورد من تسجيل هدف الفوز قبل دقائق من نهاية الأشواط الإضافية.
ورغم ضغط الشياطين الحمر، لم يخل الأمر من بعض المناوشات المقلقة للفريق البلجيكي.
مشاكل مستمرة
الفوز لا يعني عدم الحديث عن مشاكل واضحة في مانشستر يونايتد وجب علاجها إن كان يرغب في التتويج بطلا للدوري الأوروبي دون حدوث مفاجآت.
المعروف عن مورينيو هو مدى اهتمامه بالتفاصيل الدفاعية، وعندما لا يقدم أحدهم المطلوب في هذا الشق، فإنه لا يكتسب ثقة المدير الفني البرتغالي.
لوك شاو قدم مباراة مميزة هجوميا متسببا في العديد من الفرص الخطيرة القريبة من التسجيل، ولكن دفاعيا كان الأمر سيئا مما تسبب في العديد من المشاكل في هذه الجبهة.
وبشكل عام، فإن التمركز الدفاعي للفريق يبدو ضعيفا في لقطات هامة قد تتسبب في استقبال أهداف تضيع المجهود الهجومي الذي يقوم به الفريق.
ليس هدف بن هني اليوم فقط والذي برز فيه ضعف التمركز ومراقبة اللاعب المتابع للكرة المرتدة من حارس المرمى، ولكن الأمر يتكرر في العديد من الأهداف التي استقبلها الفريق هذا الموسم.
المشاكل الدفاعية تزداد بتواجد الغيابات. كريس سمولينج وفيل جونز يغيبان للإصابة، وانضم إليهم ماركوس روخو الذي خرج مصابا خلال المباراة ليحل الهولندي داني بليند بدلا منه، ويصبح إيريك بايي هو قلب الدفاع الصريح الوحيد المتاح في القائمة.
الوضع لا يريح مورينيو الذي عقب على الأمر بعد المباراة قائلا: "على جونز وسمولينج أن يتحليا بمزيد من الشجاعة في هذه الظروف. لو كنت مكانهما لعدت من الإصابة غدا"
أما المشكلة الأبرز على الإطلاق، والتي تحدث عنها مورينيو مرارا وتكرارا، فهي ضعف ترجمة الفرص المتكررة إلى أهداف.
رعونة شديدة في أكثر من فرصة محققة كان من الممكن أن تقتل المباراة دون اللجوء لأوقات إضافية، ولكن هذا يجري الأمر مع الشياطين الحمر في أغلبية مباريات هذا الموسم.
يكفي أن ترى 20 تسديدة على مرمى إندرلخت و17 صناعة للفرص، وفي النهاية تكون المحصلة هدفين فقط.
تألق روبن
يستفيد إندرلخت من خدمات حارس المرمى الإسباني روبين مارتينز والذي يلعب للفريق منذ يناير الماضي فقط على سبيل الإعارة من ديبورتيفو لاكارونيا الإسباني.
روبن قدم مباراة كبيرة وساهم في صمود الفريق البلجيكي حتى وقت متأخر من الأشواط الإضافية، قبل أن يسقط أمام تسديدة راشفورد.
تصدى روبن لـ 7 كرات خطيرة للاعبي مانشستر يونايتد، بينما خرج بشكل خاطئ في كرة عرضية في مناسبة واحدة فقط.
رد فعل روبن كان مميزا في العديد من الكرات، وأبرزها رأسية لبول بوجبا خلال الشوط الأول، وكرة خطيرة لزلاتان ابراهيموفيتش داخل منطقة الجزاء.
فيلايني التكتيكي
تختلف الآراء حول مدى أهمية مروان فيلايني في تشكيلة مانشستر يونايتد، أو مدى أهميته كلاعب كرة قدم من الأساس.
لكن في الحقيقة، فإن مورينيو يؤمن تمامه بلاعبه البلجيكي ويعتقد أنه يستطيع توظيفه بأشكال معينة ليحصل على أفضل ما لديه، والأمر ينجح في أوقات كثيرة.
أحيانا نشاهد فيلايني كلاعب ارتكاز خلف بول بوجبا وأندير هيريرا على سبيل المثال، وفي أحيان أخرى حين يحتاج مورينيو للضغط الهجومي بشكل أكبر يقوم بالدفع بلاعب الوسط البلجيكي مع مهام للتقدم إلى منطقة جزاء الخصم مستغلا طول قامته.
ذلك التوظيف الثاني حدث تماما في تلك المواجهة، وأثمرت بشكل كبير.
طول قامة فيلايني يساهم في نجاحه في الالتحامات الهوائية، ربما من أجل التهديف إن سنحت الفرصة، أو من أجل تهيئة الكرة لزميل قادم من الخلف كصناعة لفرصة محققة.
الأمر نجح نسبيا في الشوط الإضافي الأول حين هيأ فيلايني كرة لبوجبا أودعها الأخير الشباك قبل أن يحتسب الحكم خطأ على اللاعب البلجيكي بسبب دفع للاعب اندرلخت.
ولكن كللت مجهودات وخطط مورينيو في النهاية بنفس الأسلوب، حيث هيأ فيلايني الكرة لماركوس راشفورد الذي تكفل ببطولة باقي المشهد مهديا هدف الفوز للجماهير الحاضرة في "أولد ترافورد".
مروان فيلايني نجح في قطع الكرة مرتين، كما نجح في 50% من الالتحامات الهوائية بواقع التحامين من أصل 4، وكان مذهلا في التمرير حيث بلغت دقة تمريراته 91% محافظا على استحواذ الفريق على الكرة.
ماركوس راشفورد المذهل
كيف للاعب شاب لم يتمم عامه الـ19 أن يكون حاضرا ذهنيا بهذا الشكل؟
لا يهم إن أضاع فرصة أو اثنين بشكل محقق للتهديف، فتجده يرفع الكرة بحركة "رابونا" في الشوط الإضافي الأول، ويستمر في المحاولات والركض على كل حال بثقة وشخصية قوية، قبل أن ينجح في النهاية بتسجيل الفوز بنفسه.
ماركوس راشفورد كان نجم المباراة الأول بلا شك.
بجانب هدفه الحاسم، قام راشفورد بصناعة هدف الفريق الأول لهينريك مختاريان، بعدما أجاد التحرك على الطرف الأيسر ليتسلم تمريرة بينية من بول بوجبا.
طوال المباراة، نجح راشفورد في تقديم أداء مميز بتواجده على الجبهة اليسرى، مع هروبه أحيانا كمهاجم ثان في العمق بجانب زلاتان، متسببا في العديد من المشاكل لدفاعات الفريق البلجيكي.
30 تمريرة صحيحة و7 مراوغات ناجحة وصناعة هدف وتسجيل آخر من أصل 3 تسديدات على المرمى هي إحصائيات مميزة للغاية للاعب الدولي الإنجليزي الشاب.
والسؤال الآن .. هل يبدأ عصر ماركوس راشفورد؟
خبر إصابة زلاتان إبراهيموفيتش خلال المباراة يبدو مؤلما لجماهير الفريق. إصابة بدت صعبة في الصور، ومن المرجح أن تنهي موسم اللاعب السويدي مبكرا.
الاعتماد سيكون في الأغلب على ماركوس راشفورد الذي يثبت كفاءته من مباراة لأخرى، ويسجل للمباراة الثانية على التوالي.
ولكن من يستفيد أيضا من إصابة إبراهيموفيتش؟
واين روني يحتاج للظهور من جديد، وقد يكون مفيدا لما يمتلكه من خبرة.
ولكن من يتوجب عليه حقا التمسك بالفرصة هو أنتوني مارسيال، الذي يحتاج لاكتساب الكثير من الثقة بالنفس من أجل يكتسب ثقة مورينيو.