طموح بلا حدود (1) – رونالدو.. العاصمة تريد "النحلة" من شوارع ماديرا
الخميس، 20 أبريل 2017 - 15:52
كتب : محمد الفولي
هناك بمستشفى كروز دي كارفاليو يوم الثلاثاء الموافق 5 فبراير 1985 ولد كريستيانو رونالدو في العاشرة وعشرين دقيقا صباحا. كان وزنه جيدا للغاية، أربعة كيلوجرامات، طوله 52 سم. إنه الابن الرابع لماري دولوريس دوس سانتوس وجوزيه دينيس أفييرو بعد كل من هوجو وإلما وكاتيا.
كريستيانو رونالدو
النادي : النصر
هو ذلك الطفل الذي لم يكن من المخطط قدومه للحياة ولكنه جاء ليغير مستقبل حياة عائلته بالكامل. جاء بعد تسع سنوات من ولادة شقيقته كاتيا ليجعل والديه في حيرة.
يقدم FilGoal.com كتاب الإيطالي لوكا كاليولي عن كريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد والذي عنوانه "طموح بلا حدود".
ونستعرض حاليا الحلقة الأولى والتي تسلط الضوء على نشأة رونالدو وإدمانه للكرة في جزيرة ماديرا مما جعل أندية العاصمة لشبونة تريده بأي ثمن.
العائلة
تقول والدته:"كانت شقيقتي تعمل في دار أيتام واقترحت أثناء الحمل تسميته كريستيانو إذا كان ولدا. راقت لي الفكرة، ولكن أنا وزوجي كنا نحب أيضا اسم رونالدو، مثل اسم الرئيس الأمريكي (رونالد ريجان). لهذا اخترنا اسما مركبا".
لم تكن أحوال العائلة في خير حال، صحيح أنهم لم يجوعوا ولكن ظروفهم كانت صعبة للغاية. كريستيانو الطفل لم يكن يدرك هذا الأمر كثيرا في البداية، فهو يحمل الكرة أسفل إبطه متجولا بها في كل الأنحاء وفي عمر السادسة دخل مدرسة (بارييروس) الواقعة بالقرب من الملعب الذي يحمل نفس الاسم ويلعب فيه فريق ماريتيمو.
العشق
لم يكن كريستيانو ينكب على الدراسة ولكنه في نفس الوقت لم يكن طالبا سيئا للغاية. يحصل فقط على درجات النجاح الكافية، ولكنه كان مهووسا بالرياضة، حيث تقول ماريا دوس سانتوس إحدى معلمات رونالدو:"منذ اليوم الأول كانت الكرة هي رياضته المفضلة، إن لم يجدها يصنع مع زملاءه كرة من الجوارب. في النهاية كان يجد الطريقة اللازمة للعب الكرة خلال الفسحة".
لم يقتصر الأمر على لعب كرة القدم في المدرسة بالطبع بل كان الوقت الأكبر في الشارع. تقص والدة كريستيانو "بعدما يصل للمنزل كنت أقول له اذهب لغرفتك وانجز واجباتك ولكنه كان يرد بأنه ليس لديه شيء يفعله. كنت أنشغل بالطهي ليستغل الفرصة ليقفز من النافذة ممسكا بثمرة فاكهة في يده والكرة تحت إبطه. كان يعود في التاسعة والنصف مساء".
مع مرور الوقت أصبح كريستيانو يهرب من الفصول الدراسية للعب الكرة حيث تحكي دولوريس "معلموه طالبوني بتعنيفه ولكن لم أعاقبه. كان يجب أن يفعل ما يحبه ليصبح لاعبا عظيما".
الشارع
رونالدو الأمس كان يلعب الكرة في شوارع حي لاكينتا دو فالكاو الفقير، الذي لا يخلو من الحركة المرورية، لذا فإن المباريات كان يجب أن تتوقف لمرور تلك السيارة أو تلك الحافلة أو لإزالة "حجري المرمى"، لعدم تعطيل المرور قبل استئناف اللعب مجددا. غالبا ما تكون هذه المواجهات بين منزل وأخر أو مجموعات مختلفة من الأصدقاء في مباريات أبدية لا تنتهي.
كانت المشكلة الكبرى تحدث حينما تذهب الكرة لحديقة أحد المنازل أو ربما تكسر نافذة ما، مثلما حدث مع منزل السيد أجوستينيو الذي كان دائما ما يهدد الأطفال بقطع الكرة.
بدأ رونالدو في اللعب من من هم أكبر منه سنا ليتعلم الحيل الكروية والفنيات وليصقل أيضا شخصيته. يقول أديلينو أندرادي أحد جيرانه في فترة الطفولة "كان يسير بالكرة في الشارع طوال اليوم. يفعل بها أمورا شيطانيا، كما لو كانت الكرة امتدادا لجسمه".
أندورينيا
في يوم من الأيام حصل رونالدو على دعوة من ابن عمه نونو الذي كان يلعب في فريق أندورينيا لمشاهدته وسأله ما إذا كان يرغب في الانضمام للفريق. بدأ الطفل الصغير صاحب الست سنوات في التدريب وقرر البقاء. شعر والداه بالسعادة فكلاهما محب لكرة القدم، دولوريس تحب سبورتنج لشبونة ودينيس يعشق بنفيكا.
حصل كريستيانو في موسم 1994-1995 وعمره تسع سنوات على أول رخصة رياضية له صادرة من اتحاد فونشال لكرة القدم وارتدى قميص أندورينيا، واحد من الأندية الصغيرة للغاية ولكنه تأسس منذ فترة، عام 1925، يعني اسمه "العصفورة".
كان فرانسيسكو أفونسو هو أول مدرب لرونالدو في قطاع الأشبال ويقول عنه:"الكرة لكريستيانو هي بمثابة الخبز لأي منا. كان سريعا للغاية وفنياته مرتفعة. يلعب جيدا على اليمين واليسار. نحيفا ولكنه أطول من باقي الأطفال في مثل سنه. كان يرغب دائما في الحصول على الكرة وإنهاء المباريات وحده. عزيمته هائلة. كان يرغب في القيام بكل شيء على أفضل صورة، ولكنه كان يصاب بالإحباط إذا ما غاب عن مباراة واحدة".
يتذكر رئيس النادي حينها روي سانتوس مباراة في موسم 1993-1994 بين أندورينيا وكاماتشا الذي كان في تلك الفترة واحدا من أقوى فرق الجزيرة. مع نهاية الشوط الأول كان أندورينيا متأخرا بهدفين، لكن ما حدث كما يقول سانتوس:"رونالدو كان في قمة الاستياء ويصرخ كطفل أخذ أحدهم منه لعبته المفضلة من على الدكة ولكنه حينما دخل في الشوط الثاني سجل هدفين ليقود فريقه للفوز 3-2. لم يكن يحب الخسارة أبدا لذا كان يبكي مع كل هزيمة".
النحلة تطير للعاصمة
ربما لهذا السبب أطلقوا عليه لقب "الطفل البكاء" كما تقول والدته. كانت دموعه قريبة ويشعر بالضيق بسهولة إذا لم يمرر له أحدهم الكرة أو إذا فشل في التسجيل أو إذا ما كان الفريق يلعب على عكس رغبته، لكن هذا لم يكن اللقب الوحيد الذي أطُلق على رونالدو، فهناك أخر وهو "البيلينيا" والتي تعني "النحلة" لأنه كان دائم النشاط ولا يتوقف.
مر وقت قصير وبدأ إسم كريستيانو يصل لأهم ناديين في الجزيرة: ناسيونال ماديرا وماريتيمو فونشال. كلاهما كان يرغب في "النحلة". كانت هناك فرصة حقيقية للتعاقد مع أي من الاثنين، ولكن فرناندو سوسا العراب الذي اختاره والد رونالدو له لدى ولادته كان مسئولا عن قطاع الشباب بناسيونال حيث يقص "كنت أعرف أنه يلعب الكرة بكل تأكيد فهو مثل ابني ولكن ما لم أكن أعرفه أنه بهذه المهارة. كان مختلفا عن البقية، لذا عرفت فورا أن هذا الطفل ربما يكون سببا في إنقاذ عائلته، تحدثت مع والدته وقلت لها أن هذا هو الأفضل له وتوصلت لاتفاق مع أندورينيا".
يشير سوسا إلى أن الأمور لم تكن سهلة للغاية لأن دينيس كان يفضل انتقال نجله لماريتيمو لأن ملعبهم قريب للغاية فيما أن كريستيانو نفسه يحب ماريتيمو الذي لم يتخذ الإجراءات اللازمة لضم اللاعب في صفقة لم تكلف ناسيونال ماديرا سوى 20 كرة وطاقمين رياضيين كاملين لفريق الأشبال بأندورينيا. لم تكن أبدا صفقة قياسية ولكن بمرور الوقت أصبح اسم أندورينيا يعرفه كل محبي كريستيانو، فهو في النهاية أول فريق لعب له.
تطور الأمر بالنسبة لرونالدو، فبدلا من اللعب على الأراضي الترابية باتت أمامه فرصة للتدريب على ملعب بعشب صناعي ومزود أيضا بإضاءة ليلية، هذا بخلاف أن المدربين لاحظوا أن نحف اللاعب وعدم تغذيته بصورة مناسبة أمر يجب علاجه.
يقول أنطونيو ميندوسا مدرب رونالدو في ناسيونال ماديرا:"علمنا فورا امتلاكه لمهارات كبرى. خصائصه كانت معروفة وواضحة، سرعة التنفيذ والانطلاق والقدرة على المرواغة وقوة التسديد. كرة الشارع علمته الفنيات اللازمة لتجنب الخصوم ومواجهة من أهم أكبر منه".
كانت المشكلة الكبرى بالنسبة لميندوسا وباقي مدربي النادي هي جعل كريستيانو يدرك أن كرة القدم رياضة جماعية. لماذا؟ لأن رونالدو كان دائما ما يأخذ الكرة وينطلق بها نحو مرمى الخصم دون تمريرها. كان يتجاهل زملائه وأيضا خصومه. لم يكن يقبل الهزيمة أبدا.
يضيف ميندوسا "الفريق كان يتحمله لأنه يسجل الكثير من الأهداف. فزنا بكل المباريات تقريبا بفارق كبير"، مشيرا إلى أن أي تأنيب بخصوص الأنانية أو الفردية كان يتم بشكل فردي وليس أمام بقية اللاعبين لأن هذا ما تتطلبه شخصية رونالدو.
وصل إسم رونالدو إلى أندية البرتغال الكبرى، لدرجة أن بورتو كان قريبا من ضمه، لكن هناك رجل عمل على تغيير كل شيء وهو جواو ماركيس دي فريتاس رئيس رابطة سبورتنج لشبونة في فونشال والذي لفتت انتباهه موهبة رونالدو.
تقدم سبورتنج لشبونة في المفاوضات على بورتو وبوافيستا وأرسل مبعوثا للحديث مع اللاعب وعائلته، ليترك كريستيانو في النهاية طفولته وعائلته والجزيرة. بات على "النحلة" أن تذهب للعاصمة.