حكاية كريم درويش – مع جيله.. فتح بوابة السيطرة العالمية لمصر على الاسكواش
السبت، 15 أبريل 2017 - 10:25
كتب : أحمد العريان محمد سمير
"لكي تصل للمرتبة الأولى عالميا يجب أن تسقط. تسقط ثم تقوم مرة أخرى وربما تسقط ثانية دون إحباط حتى تستقر في القمة". هكذا يؤمن كريم درويش.
المصنف الأول عالميا في لعبة الاسكواش طبق مبدأه تماما، فكانت مثابرته طريقه للنجاح.
كريم درويش اعتلى صدارة التصنيف العالمي لرجال الاسكواش في يناير 2009، حافظ على مكانه في قائمة العشرة الأوائل لـ 12 عاما متتاليا، وحافظ على تواجده في قائمة الخمسة الأوائل لثمان سنوات متتالية.
فاز بـ 25 بطولة للمحترفين، أبرزها بطولات السعودية، الكويت، قطر وأمريكا، بالإضافة لبطولة العالم للناشئين وبطولة العالم للجامعات.
FilGoal.com التقى بنجم الاسكواش المصري السابق على هامش بطولة الجونة الدولية، ليسرد لكم قصة بطل فتح مع جيله الباب لسيطرة مصرية على اللعبة.
البداية
"بدايتي مع الرياضة كانت في السابعة من عمري عام 1987 كلاعب كاراتيه، وكان شقيقي الأكبر هو الذي يمارس الاسكواش".
"ذهبت معه للتدريب وشاهدته مرتين فأعجبت باللعبة، نزلت للتدرب كتجربة، فأعجب المدرب محمد عيد بي وقرر إلحاقي بمدرسة الاسكواش بنادي المعادي، إلى الآن أرى أنه مع شقيقي الأكبر كانا صاحبا الفضل الأكبر في مسيرتي".
"بمجرد ممارستي للاسكواش أصبحت اللعبة في دمي، لم أتخيل لحظة أن أعيش بدون أن أمارسها، كان ذلك هو أكبر دافع لأهلي كي يشجعوني على الاستمرار في اللعبة رغم أنها وقتها لم تكن بنفس السيط الحالي".
فوز كريم درويش ببطولة العالم للناشئين عام 2000 كان نقطة تحول في حياته، منها تحول من لاعب هاوي ربما يترك اللعبة في أي لحظة من أجل تعليمه، إلى مشروع بطل.
وعن تلك المرحلة يقول درويش لـ FilGoal.com: "مرحلة الناشئين تختلف كليا عن المحترفين".
"حين تنهي مرحلة الناشئين تكون أمام خيارين، إما الاعتزال والتفرغ للدراسة، أو الاستمرار كلاعب محترف".
"تتويجي ببطولة العالم للناشئين كان دافعا كبيرا لي للاستمرار، كان ترتيبي وقتها الـ 52 على العالم، ولم يستغرق الأمر سوى عام واحد حتى دخلت في قائمة العشرين الأوائل".
في عام 2001 دخل كريم درويش قائمة العشرين الأوائل في التصنيف، وبعام 2003 أصبح ضمن أفضل 10 على العالم، ثم في 2004 وصل لأفضل خمسة على العالم واستمر ضمن العشرة الأوائل حتى الاعتزال.
بين تلك الفترة الطويلة، تنقل درويش بين الأندية، أولا بنادي المعادي، ثم الانتقال إلى الأهلي ومنه إلى الجزيرة.
ومنذ عام 2007 انضم كريم درويش لنادي وادي دجلة في خطوة كانت فارقة في مشواره.
كريم يقول عن هذا الانتقال: "حين انتقلت لوادي دجلة كان نادي حديث العهد، لكني لا أعتبر أن انتقالي لهم كان مغامرة".
"لا لم تكن مغامرة لأنني كنت أعاني في الأندية الحكومية من الروتينية في التعامل، وفي الوقت نفسه كان وادي دجلة يقدم لي عرض احترافي من الدرجة الأولى".
"قد تكون شهادتي مجروحة بحكم عضويتي في مجلس الإدارة بالنادي، لكني أرى أن وادي دجلة هو النادي المحترف الوحيد في مصر".
"حين انضممت لوادي دجلة كنت رقم 12 على العالم، كانوا بالنسبة لي النادي الذي ألعب له والراعي الذي يتولى أمري أيضا، وحين انضممت لهم حدننا سويا هدف كبير هو أن أعتلي صدارة التصنيف.. وقد كان".
منافسة عمرو شبانة
منافسك اللدود هو أشد أعدائك، كريم درويش وعمرو شبانة لا يعترفان بهذا المبدأ، فلكل منهما فضل على الآخر في الارقاء بمستوياتهما.
كريم درويش يقول لـ FilGoal.com عن منافسة شبانة: "علاقتي بعمرو شبانة كانت حالة شاذة، أنا وهو ترتيبنا الأول والثاني على العالم، ومع ذلك نتدرب، يوميا سويا.. أثناء البطولات نوجه بعضنا البعض من الخارج".
"تربطني بشبانة علاقة صداقة خارج الملعب، وساعدنا ذلك في الارتقاء بمستوانا أكثر وأكثر، كنا حين يرتقي مستوانا نرتقي سويا وحين يتراجع مستوانا نتراجع سويا أيضا".
"الآن يتواجد محمد الشوربجي ورامي عاشور كاثنين من أفضل لاعبي الاسكواش في مصر، لكن وضعيتهما مختلفة لأن الشوربجي يعيش خارج مصر وبالتالي لا تتاح الفرصة لهما للتدرب سويا، أما أنا وشبانة فتربينا سويا وكنا من جيل واحد، كنا جيران أيضا وكل ذلك ساعد على تشكيل صداقتنا".
- نجاحك مع جيلك كان بوابة لسيطرة مصرية مطلقة في الوقت الحالي، هل توقعت هذا التطور الهائل بتلك السرعة؟
"بطبيعة الحال لا، لم أتوقع أبدا سرعة هذا التطور الهائل في اللعبة بمصر، اللعبة في الأساس إنجليزية وفي فترة من الفترات كان لباكستان سيطرة مطلقة عليها، لكننا وصلنا الآن لأن نملك عدد ضخم من اللاعبين في التصنيف الأول للعبة، وهذا يعد تطور ضخم وبسرعة غير متوقعة لمصر".
الاعتزال
في عمر الـ 33 قرر كريم درويش اعتزال اللعب بعد مسيرة حافلة بالبطولات في عام 2014، لكنه لم يبتعد كثيرا عن اللعبة، وسنعرف ذلك لاحقا.
يقول كريم درويش عن سبب اعتزاله: "في وجهة نظري أن مستوى لاعب الاسكواش يبدأ في الانحدار بهذا السن مهما بلغ حجم تدريباتك ومحافظتك على لياقتك".
"اعتزلت وأنا أحافظ على ترتيبي بين العشرة الأوائل، وتفاديت الخسارة من لاعبين أقل كثيرا مني في المستوى".
"وفوق كل ذلك أنني تلقيت عرضا مغريا من وادي دجلة، بأن أكون رئيس جهاز الاسكواش وقطاع الرياضة عامة، كل ذلك دفعني للاعتزال".
نجاح ما بعد الاعتزال
اعتزال اللعب لم يكن نهاية حكاية كريم درويش، فكما كان مبدعا كلاعب، كان كذلك إداريا، وصاحب عين ثاقبة.
درويش نجح سريعا بتطوير قطاع الرياضة في وادي دجلة بشكل كبير، بالإضافة لنجاحه في ضم موهبتين رائعتين هما رنيم الوليلي ونوران جوهار ضلعي المربع الذهبي لبطولة العالم للاسكواش الأخيرة.
عن تلك المرحلة يحكي درويش لـ FilGoal.com التالي..
"في الطبيعي حين يعتزل أي رياضي بعد فترة طويلة من النجاحات يحتاج لفترة أجازة قد تصل لعدة أشهر أو سنة، في حقيقة الأمر أنني كنت أرسم هذا السيناريو لنفسي أيضا لكنه لم يتم".
"ما حدث معي كان مختلفا، لقد اعتزلت اللعب وبدأت مهمتي الإدارية في اليوم التالي مباشرة".
"أحب النجاح وأكره الفشل، قد أقوم بأي شئ للنجاح ولذلك أحاول دائما تطوير نفسي والاطلاع على كل ما هو جديد".
"رنيم الوليلي زميلتي منذ فترة طويلة، هي شخصية رائعة خلقا وفنيا متميزة أيضا داخل وخارج الملعب".
وقع الاختيار عليها في وادي دجلة لتلك الأسباب وكان هدفنا أن نساعدها بأن تعتلي صدارة التصنيف العالمي. بالفعل نجحت أن تصبح أول مصرية تعتلي صدارة التصنيف العالمي في أي لعبة".
"أما نوران جوهر فشخصيتها شخصية بطلة، لا يحتاج الأمر طويلا كي تكتشف ذلك حتى لو لم ترها تلعب اسكواش من قبل".
"هي فتاة ملتزمة جدا، موهوبة جدا ولديها هدف لأن تكون الأولى على العالم، لذلك لم يكن ممكننا أن نتركها تتدرب خارج منظومتنا الناجحة".
"عرضت عليها الانضمام لنا قبل 4 أو5 سنوات، وأعتقد أنها الآن تجني ثمار تلك الخطوة في حياتها، هي مازالت في الـ 19 من عمرها، وأرى أن بإمكانها اعتلاء التصنيف العالمي والاحتفاظ بصدارته لسنوات طويل مثلما فعلت نيكول ديفيد سابقا".
"كيف أختارهم؟ أعرفهم جميعا، يلعبون 15 بطولة سنويا تحت عيني والبطل لا يحتاج لوقت طويل لتكتشف أنه بطل، لذلك من السهل أن نكتشف هؤلاء".
"بالمناسبة الاهتمام في وادي دجلة ليس منصبا على النساء في الاسكواش فقط، نحن نملك أقوى قطاع ناشئين في العالم باللعبة دون مبالغة، إن كنتم ترون الآن بعض الأسماء اللامعة، فخلال أربع سنوات ستسمعون أسماء أخرى متفوقة، أمثال يوسف
إبراهيم المرشح لأن يكون الأول على العالم في بطولة الناشئين المقبلة، ومروان طارق ومصطفى منتصر وعمر التركي وأخرين انتظروهم.. كل هؤلاء أنا من تعاقدت معهم".
- هل يمكن أن تنجح في مجال التدريب مثلما حدث إداريا؟
"شخصيا أفضل العمل الإداري عن التدريب، لكني لا أتأخر حين يطلب مني أحد اللاعبين أن أتدرب معه لعدة أيام قبل بطولة ما أو ما شابه".
ميدو
كريم درويش لا يتوقع النجاح لوادي دجلة في الاسكواش فقط، فهو لا يستبعد أن يرى ناديه بطلا للدوري في كرة القدم قريبا جدا.
ويقول كريم درويش: "أنا متابع جيد لكرة القدم وأحبها، أحلم أن أرى وادي دجلة بطلا للدوري في كرة القدم يوما ما، وهذا الحلم ليس بعيدا بالنظر لما أراه من جهد مبذول داخل المنظومة".
"أنا مسؤول عن 20 لعبة بعيدة عن كرة القدم لأن المهندس ماجد سامي هو المسؤول عنها مباشرة، لكني تربطني علاقة جيدة بأحمد حسام "ميدو" مدرب الفريق، والذي يعد من التجارب الشابة هو الآخر".
"أرى أن تجربة ميدو تشبه تجربتي، وأعتقد أنه يوما ما وقريبا جدا، سيصل إلى مكانة مرموقة في عالم التدريب".