كتب : إسلام مجدي | الثلاثاء، 11 أبريل 2017 - 17:35
رسائل إلى مرتضى منصور
في عالم كرة القدم النجاحات مقترنة بالاستقرار، نادرا ما ينجح فريق ما خاصة على الصعيد المحلي إلا في حال شعور مدربه قبل لاعبيه بالاستقرار، برشلونة نجح محليا لسياسته المتبعة وفلسفته في اختيار المدربين، بينما عانت أندية مثل ريال مدريد وباليرمو، وحتى ميلان.
قال مرتضى منصور رئيس الزمالك ذات مرة قبل إقالة محمد حلمي مدرب الفريق السابق :"أنا صاحب نظرية تغيير المدربين في مصر، والنظرية تلك نجحت في الفوز لي بـ3 بطولات كأس مصر، ودوري وسوبر، وحصد 3 بطولات مباشرة من الأهلي".
الكلمات حقيقية للغاية، الزمالك نجح فعليا في اقتناص تلك الألقاب ولا عيب في ذلك، لكن لننظر للأمر من جهة مختلفة، جوزفالدو فيريرا حينما توج بطلا للدوري كان مطمئنا على منصبه وينظر بفلسفة مباراة بأخرى ويتابع عن كثب ما يحدث، ولا يفكر في أي شيء خارجي ونجح في عزل لاعبيه عن أي شيء خارج الملعب بذلك ضمن الاستقرار النفسي، وهو أمر مهم فيما يتعلق بالنفس الطويل أثناء سباقك للتتويج بلقب الدوري.
لكن ماذا بعد إقالته وبنظرة أبعد؟ ما الذي يحدث للفريق الذي يغير مدربيه طيلة الوقت؟ بإمكاننا النظر لتجارب حدثت بالفعل ونجحت الأندية بطريقة نسبية لكن سرعان ما انهارت، وفي جهة أخرى اللاعبون يفقدون الثقة في أنفسهم قبل النادي ويتحولون من نجوم إلى مجرد ظلال لما كانوا عليه في الماضي، ثم سيتساءلون هل نجحنا بسبب مدربنا السابق أم لقدرتنا نحن؟ هل نمتلك فعلا تلك القدرات أم أنه كان نجاح لحظي لسوء مستوى المنافس؟
الإدارة الحكيمة تتعلق بقدرة رئيس النادي على جلب أكبر قدر من الاستقرار بين جدرانه، وخلق جو من السلام النفسي لتحقيق النجاح، وتوفير كل شيء في مختلف الرياضات لضمان النجاح، والحساب يأتي بعد نهاية فترة يحددها الجميع بوجهة نظر فنية بحتة، ولا يوجد أبدا ما يسمى بطريقة إدارة الحديد والنار.
تولى جورج رينولدز رئاسة فريق دارلينتون، الفريق كان يعاني بشدة من المستوى السيء، وكان بحاجة للاستقرار، خاصة وأنه كان في الدرجة الثالثة، وبدلا من أن يفعل أي شيء، أعاد تسمية ملعب الفريق على اسمه، ثم احتل النادي وأصبح الآمر الناهي لكل شيء، ليختفي الفريق تماما من على الساحة.
رئيس النادي قد يتحول إلى رمز وذكرى جيدة للغاية حينما يقوده للاستقرار الفني والإداري والجماهير مع الوقت هي من ستخلد ذكراه دون أي حاجة لتذكيرهم.
حينما تتولى إدارة جديدة أي نادي فهي تدرس بدقة الوضع كاملا، وتتعامل بناء عليه، وتعرف جيدا نقاط القصور، لا يمكن أبدا اختزال إدارة فريق في شخص واحد، خاصة وإن كان فريقا كبيرا له اسمه ووزنه.
بخصوص الاستقرار الفني فهناك درس جيد جدا يجب أن يتعلم منه رئيس النادي الأبيض، وهو نادي باليرمو، ذلك النادي الذي ذات يوم كان من الممكن أن يحوي تشكيلا يضم إدينسون كافاني وخافيير باستوري وباولو ديبالا وغيرهم من المواهب لكنه لم يفعل والسبب؟
ماوريزيو زامباريني رئيس باليرمو، ذلك الذي عين مدربين كثر وربما أول من عمل بتطبيق تلك النظرية التي تختص بتغيير المدربين لتحقيق النجاح.
كانت له عبارات مختلفة متشابهة للتي نراها بشكل يومي :"يجب وضع جميع الحكام في السجن"، "تغيير المدربين استراتيجية ناجحة للغاية".
الآن باليرمو يعاني من سنوات عجاف، بعد أن قام بتغيير ما يقرب من 22 مدربا خلال 6 أعوام فقط، لم يصبر على أي مدرب ولم يمنحه الأمان ولو لفترة 3 أشهر، حاليا ترك النادي وقد هبط بدرجة كبيرة للغاية، إذ أنه يحتل المركز الـ19 برصيد 15 نقطة.
الصحافة الإيطالية وصفت زامباريني بالرجل المزاجي، وعلى مدار عقد من الزمان اتهم الحكام بالتحيز وهدد لاعبيه طيلة الوقت، ووصف إنجلترا بأرض القراصنة، وسب مدربا سابقا لديه، وفي إحدى المرات أهان أحد لاعبيه إهانة بالغة هو أدريان موتو.
وفيما بعد صرح قائلا :"اكتشفت أن سياسة تغيير المدربين كانت غلطة سيئة مني والتي أطلب من جماهير باليرمو أن يسامحوني عليها". لكن كان الأوان قد فات على كل حال.
الزمالك وإن كان قد حقق نجاحا في عهد مرتضى منصور إلا أنه ومع الوقت وعلى المدى البعيد قد خسر ما هو أكبر، الاستقرار الفني والنفسي، والسمعة السيئة فيما يخص تغيير المدربين، وفقدان اللاعبين لثقتهم في أنفسهم واستعادة أشباح من الماضي.
إن وصل الفريق للشعور بأنه لا جدوى من أي شيء ففي شتى الأحوال رئيس النادي سيقوم بإقالة المدرب سيتشتت ولن يكون له هدفا محددا، وسيتحولون إلى مجرد 11 قميصا في الملعب يجرون بلا هدف واضح، وشخصية البطل التي وإن كانت وجدت في فترة ما منذ مدة ليست بالطويلة، ستتلاشى وستصبح الشخصية أضعف بكثير وهو ما حدث فعليا ضد الشرقية وإنبي.
إن أردت أن تفتت فريقا وتدمره فليس عليك بوضعه ضد خصم قوي أو أقوى منه، في عالم كرة القدم لا يوجد فريق لا يخسر أو فريق قوي للأبد، لكن عليك بأن تجعل الفريق يعاني من مشاكل داخلية طيلة الوقت، وذلك لا يحدث سوى بيد الفريق نفسه، ينغمس دائما في مشاكله، يكون دائما في حالة حرب حتى ولو لم تتواجد واحدة.
كين باتس رئيس نادي تشيلسي السابق كان مشتتا للغاية ودائما ما كان يدخل في صراعات مع "الهوليجانز"، ويسبهم في الصحافة وفي أحد المرات اقترح وضع سياج كهربائي قوي حول ستامفورد بريدج لإبعادهم ومرة أخرى اقترح القبض عليهم، لولا وقوف بلدية لندن في وجهه، ولطالما كان يؤكد أنه له الفضل في "انتشال" تشيلسي من دوري الدرجة الثانية.
تشيلسي في أولى أعوام باتس كان في الدرجة الثانية لكنه سرعان ما تأهل إلى الدوري الممتاز، وأخذ باتس يلمح إلى دوره المتميز في انتشال الزرق من أعماق الدرجة الثانية إلى قمة الدرجة الأولى.
في 1988 هبط تشيلسي مرة أخرى إلى دوري الدرجة الثانية وظل يعاني حتى ماديا، والنادي في فترته حقق بعض النجاحات لا شك في ذلك، وضم لاعبين متميزين مع رود خوليت في 1996، لكن مهما كانت تلك النجاحات كبيرة الإخفاقات كانت أكبر ولم يعرف لتشيلسي اسما كبيرا وشخصية حتى قام رومان أبراموفيتش بشراء النادي في يونيو 2003.
لذا وإن أدرنا الوصول لاستنتاجات من كل الحكايات السابقة، فرئاسة النادي أكثر من مجرد مسؤولية، الحالة الفنية، والاستقرار، والقوة ليست نابعة من شخصية رئيس النادي لأنه يتولى أمورا أخرى كتوفير النفقات وإدارة المرافق ومراجعة تقرير العام، إضافة لتحديد أهداف كل عام ومراجعتها مع المدرب وبالتالي سيكون الحساب شاملا كاملا وليس بالقطعة.
امنح مدربك ما يكفي من الوقت للبناء وبعد ذلك حاسبه، امنحه مساحة ليعطي أفضل ما لديه ثم تأكد من أنك ستقف على النقاط العريضة لتحديد المشاكل في فريقك، لكن إن أردت أن تحاسب سريعا فالمصير سيكون واحدا أيا كانت المعطيات، تذكر أيضا أن الجماهير هي أغلى ما يمتلكه النادي وإن شعروا بأن فريقه قد سقط، فستحتاج لما يقرب من 100 عام لإعادة الثقة، ولائهم لن يهتز لكن ولاء مع إحباط يعني انهيار تام إنهم اللاعب الـ12 وعليك أن تهتم به كليا، في النهاية أنت مسؤول عن كل شيء، وإن كنت مسؤولا عن نجاح الزمالك فأيضا الإخفاق سيكون مسؤوليتك.
مقالات أخرى للكاتب
-
إلى مارادونا الذي لم ولن أراه قط.. وداعا الخميس، 26 نوفمبر 2020 - 20:32
-
كيف تخسر قبل أن تلعب الأربعاء، 05 فبراير 2020 - 17:23
-
حرب لا نريدها.. الاحترافية الغائبة عن الدوري المصري الإثنين، 11 فبراير 2019 - 16:52
-
رحيل زيدان .. الحظ لا يطرق بابك ثلاث مرات الخميس، 31 مايو 2018 - 18:38