لم يعد وضع بريطانيا في الاتحاد الأوروبي كما هو بعد شهر يونيو من العام الماضي.
ذلك الاتحاد الاقتصادي الذي تم تأسيسه في 1958 ويضم عددا من الدول الأوروبية الموحدة اقتصاديا تبعا لاتفاقيات اقتصادية مختلفة، وتتعامل بعملة موحدة –اليورو- كانت بريطانيا جزء منه، ولكن بشروطها الخاصة وببعض الاستثناءات.
لكن الوضع تغير تماما في يونيو الماضي حين تم اجراء استفتاء شعبي من أجل الانفصال عن الاتحاد، وهو ما تم تأييده من قبل الغالبية التي مثلت 52% من إجمالي الأصوات.
الكثير من الأمور ستتأثر فيما يخص بريطانيا واتفاقياتها مع باقي دول الاتحاد، وأكثر تلك الأمور مما يتعلق بالشأن السياسي والإقتصادي.
لكن كرة القدم لا تمثل استثناء هنا، فبالتأكيد سيحدث بعض التأثير والتغيير نتيجة ارتباط كرة القدم في بلد منشأها بعوامل مختلفة منها أمور اقتصادية أيضا.
كيف سيتغير وجه كرة القدم، وبالأخص الدوري الإنجليزي، في بريطانيا؟
صحيفة "ميرور" البريطانية قدمت تقريرا منذ عدة أيام تجيب من خلاله على أسئلة مختلفة بهذا الشأن.
- هل تستمر الأندية في الحصول على خدمات أفضل اللاعبين؟
نود الإشارة في البداية هنا إلى أن كرة القدم لن تتأثر بهذا الانفصال في انجلترا فقط، بل في بلد مثل أسكتلندا وأبرز أنديتها سيلتك ورينجرز.
أندية بريطانيا، قبل أن يدخل الانفصال حيز التنفيذ، كانت تستفيد من إمكانية الحصول على اللاعبين من دول الاتحاد الأوروبي دون شروط معينة لاصدار تصاريح العمل.
الأمر يختلف للدول من خارج نطاق الاتحاد الأوروبي، حيث يشترط للاعب أن يلعب نسبة معينة من المباريات الدولية مع منتخب بلاده، وتختلف النسبة حسب تصنيف المنتخب الشهر الذي يصدر من الإتحاد الدولي لكرة القدم.
مثال قدمته صحيفة ميرور، وهو الشاب الفرنسي أنتوني مارسيال الذي لم يكن مانشستر يونايتد ليستطيع أن يحصل على خدماته من موناكو لو أن قرار الانفصال قد تم تطبيقه في ذلك الحين، حيث لم يكن لاعبا دوليا في ذلك الوقت.
بريان مونتيث، وهو أحد الداعمين لقرار الانفصال، يرى أن ذلك القرار سيكون في مصلحة الأندية.
ويقول مونتيث لشبكة "بي بي سي": "الانفصال سيعطي فرصة لمعاملة اللاعبين من جميع الدول بنفس الطريقة دون تفرقة. تفضيل لاعبين من الاتحاد الأوروبي وتسهيل انتقالهم يقلل من فرص امكانية استكشاف مواهب في القارات الأخرى".
على كل حال، فإن الأندية ستتابع عن كثب مفاوضات بريطانيا مع باقي دول الاتحاد فيما يخص بعض الاتفاقيات، وأهمها بالنسبة لهم اتفاقيات تصاريح العمل.
- أي الدوريات سيتأثر بشكل أكبر؟
كما تم التنويه مسبقا، فإن الضرر لا يقع على الدوري الإنجليزي فقط، بل يمتد للدرجة الأولى –الشامبيونشيب- وكذلك الدوري الأسكتلندي الذي يعمل بالقوانين البريطانية.
تقرير لشبكة بي بي سي يقول: "23 من أصل 1800 لاعبا ينتمون لدول الاتحاد الأوروبي من غير البريطانيين ويلعبون لأندية الشامبيونشيب فقط هم من تنطبق عليهم شروط تصريح العمل. أما الدوري الأسكتلندي، فإجمالي 53 لاعبا أوروبيا من غير البريطانيين لا تنطبق عليهم الشروط كذلك".
وتضيف ميرور أن أندية مثل أستون فيلا ونيوكاسل وشارلتون اتليتك في الشامبيونشيب قد تخسر أكثر من 11 لاعبا من قوائمها نتيجة الانفصال، لعدم تطابق شروط تصريح العمل.
الأمر يلقي بظلاله على الأندية المتوسطة وأندية المؤخرة في البريمييرليج كذلك، والتي لا تمتلك الميزانيات الكافية لشراء النجوم، فتضطر للبحث عن المواهب في دوريات مليئة بالكنوز الكروية مثل فرنسا وبلجيكا.
على سبيل المثال، اذا تم تطبيق توابع الانفصال بأثر رجعي، لم يكن ليتواجد لاعب مثل نجولو كانتي في ليستر سيتي، ومن ثم تشيلسي.
- هل تقل فرص بعض الأندية في التقاط المواهب الصغيرة؟
الإجابة هنا ستكون نعم، الأمر سيصعب قليلا.
قوانين الفيفا ما قبل تطبيق الانفصال تقول أنه من المسموح انتقال اللاعبين من سن 16 إلى 18 سنة من بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي دون قيود.
مثال على الضرر الذي قد يقع فيما يخص هذه النقطة إذا تم التطبيق بأثر رجعي.
لاعب أرسنال هيكتور بيليرين كان من الممكن أن يصبح مصيره في مكان آخر بعيدا عن لندن.
- هل يتأثر تعيين المديرين الفنيين بالانفصال؟
الإجابة هنا ستكون نعم أيضا. والأمر يتعلق أكثر بالماديات.
أندية مثل مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي وتشيلسي قامت بتعيين أسماء مثل جوزيه مورينيو وبيب جوارديولا وأنطونيو كونتي في الوقت الذي ما زال مسموحا به حرية التنقل.
مورينيو نفسه انتقل منذ أكثر من 12 عاما إلى انجلترا قادما من البرتغال في قمة أوقات حرية التنقل بين دول الاتحاد الأوروبي.
تواجد تلك الأسماء التدريبية سيتأثر فيما يخص الضرائب التي يتم خصمها من رواتبهم، والتي قد تتكون أرقامها من 7 خانات. والعامل المادي بلا شك أمر بالغ الأهمية من أجل اقناع المدربين بالقدوم للأندية.
ذلك الأمر كذلك سيتم متابعته عن كثب كذلك من الأندية، وذلك ضمن حزمة الاتفاقيات التي ستتم مناقشتها بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي خلال العامين القادمين.
- هل يوثر الانفصال على مشاركة الدول التابعة لبريطانيا في البطولات الأوروبية؟
الإجابة ستكون لا. فالبطولات الأوروبية تقام تحت مظلة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) الذي تم تأسيسه عام 1954، ويضم حاليا 55 اتحاد كرة قدم لدول أوروبية، نسبة كبيرة منها ليست جزء من الاتحاد الأوروبي .
- ماذا عن الجماهير؟
في الوقت الحالي، تتواجد حرية تنقل كبيرة لجماهير بريطانيا إلى دول الاتحاد الأوروبي، والعكس كذلك.
لكن في حال تطبيق قرارات الانفصال وتوابعه، فالأمر لن يصبح بهذه السهولة، وقد يصبح البريطانيون في حاجة إلى تأشيرات لدخول دول أوروبية أخرى.
الأمر برمته يعتمد على رد فعل الدول المجاورة، ومدى ما ستصل إليه الاتفاقيات والتسويات، والتي ستكون أغلبيتها ثنائية بين بريطانيا ودول معينة، أو بريطانيا والاتحاد الأوروبي بأكمله.
في إيجاز، بريطانيا ستتعامل ككيان مستقل يقوم باتفاقيات مختلفة مع الاتحاد الأوروبي، بعد أن كانوا كيانا واحدا.
- ما هو رد فعل رابطة البريمييرليج واتحاد كرة القدم في انجلترا؟
حتى الآن، فهم يكتفون بالمتابعة، كما أصدروا بيانا دبلوماسيا قالوا فيه: "الدوري الإنجليزي الممتاز مسابقة رياضية ناجحة ولها متابعين كثر محليا ومن كل دول العالم. بعيدا عن أي تغيرات سياسية أو عواقب نتيجة قرار الانفصال، فإننا سنستمر في العمل إلى حين أن تصبح الأمور أكثر وضوحا".
وأنهوا البيان "سنستمر في العمل مع الحكومة ومع أي كيانات مسؤولة بغض النظر عن أي نتائج".
الجدير بالذكر أن ريتشارد سكودامور، المدير التنفيذي لرابطة الدوري الإنجليزي الممتاز، كان من ضمن المعارضين الأشداء لقرار الانفصال.