هناك جملة شهيرة في مرسيسايد، عرفت بها المنطقة وبالتحديد في مدينة ليفربول:"إما أن تكون أحمر اللون أو أزرق"، لكن الطرف الأكبر في النجاح كان الأول، ذلك الذي ذاق طعم النجاح محليا وأوروبيا في أكثر من فترة من فتراته.
أما دربي اللونين الأحمر والأزرق أو ميرسيسايد، فهو واحد من أقدم المباريات في تاريخ الكرة الإنجليزية ما يتخطى الـ225 مباراة لمدة تصل إلى 120 عاما.
لكن هناك حقيقية يعرفها جمهور ليفربول ويتقبلونها ممتعضين، تلك التي توضح أن ذلك النادي لم يكن ليرى النور لولا إيفرتون، والجملة معروفة أيضا :"من دون إيفرتون، لم يكن ليولد ليفربول أبدا".
إيفرتون كان جزء من تاريخ الكرة الإنجليزية منذ وجودها في 1888، وكان يتحدى في ذلك الوقت فريق بريستون نورث إيند، إلى أن قرر جون هولدينج الذي كان مجبرا إلى إيجار أرضه، قد قرر أخيرا أن يتشجع ويبنى قلعة عرفت فيما بعد بـ"أنفيلد"، ليتشكل نادي جديد بملعبه عرف بليفربول في 1892، في ذلك العام ولد دربي ميرسيسايد.
في كثير من الأحيان لم يكن ذلك الخلاف دمويا على الإطلاق، بل والدربي لقب بدربي الأصدقاء نظرا لأنه نادرا ما اشتبكت الجماهير في المدرجات، مثلما يحدث في المباريات الخاصة بالدربي حول العالم، لكن العنف يكون موجودا في الملعب، لا يوجد ما يسمى بالود في تلك المواجهات فقط العنف.
قال يورجن كلوب في المؤتمر الصحفي قبل المباراة :"علينا أن نكون عنيفين أن نظهر من نحن".
نعلم جيدا أنه دائما ما ستكون هناك مشاهد اشتباك بين اللاعبين، سواء كانت المباراة في جوديسون بارك أو أنفيلد، اعتراضات قوية واشتباكات بالأيدي والألفاظ وعدد كبير من البطاقات الحمراء هو الأكبر من أي مباراة أخرى في تاريخ الدوري الإنجليزي بمسماه الحديث.
تحدث روني ويلان نجم ليفربول السابق عن الدربي قائلا :"لعبت مباراتي الأولى في نوفمبر على ملعب أنفيلد، ولازال لدي تذكارا من تلك المباراة أحفظه حتى يومنا هذا".
وأضاف "إنها ندبة تطلبت خمسة غرز احتجت إليها بعد تدخل من إيامون أوكيفي، لقد كانت أشبه بترحيب بي في الدربي الأول لي، لم أكن أدري كم كان كبيرا أو مهما بالنسبة للمدينة، في كل مكان الجميع كان يتحدث عنه، لا مجال للهروب من ذلك الضغط الكبير".
هناك أيضا مقولة شهيرة في مرسيسايد :"إن كان ليفربول لديه ستيفن جيرارد، فإيفرتون لديه تيم كاهيل".
كاهيل مثل جزء خاصا من دربي المرسيسايد خلال 8 أعوام قضاها داخل أسوار جوديسون بارك مع إيفرتون، ربما لم يقضي فترة طويلة مثل جيرارد مع ليفربول.
لكن ذلك النجم الأسترالي مثل لجماهير إيفرتون نجمهم المحبوب، اللاعب المقاتل ذو القلب الشجاع الذي لا يخشى شيئا ويقاتل بقوة من أجل اللون الأزرق.
تحدث كاهيل عن مواجهة الدربي قائلا :"المشاركة في تلك المباراة مختلفة، سواء كنت مصابا أو تعاني من مشاكل ما، ستنسى كل شيء، وستدخل للملعب".
وأضاف "بالنسبة لشخص مثلي أتى من أستراليا، شعرت بهذه الأشياء وكنت أتناسى كل شيء حرارة الدربي كانت تجعلني أدخل الملعب متناسيا كل شيء".
ما اختلف بين الناديين على مدار التاريخ خاصة في الستينات، كانت مع نجاحهما محليا، لكن في السبعينات والثمانينات كان ليفربول ينجح بينما إيفرتون يسقط لمدة قاربت 14 عاما.
وإن كنا سنتحدث عن الجيرة وأيضا الرابطة القوية بين الناديين على الرغم من عداوة الملعب، فعلينا تذكر وحدتهما في 1989 بعد كارثة هيلسبورو حينما لقى 96 مشجعا لليفربول حتفهم في مأساة لن تنسى في تاريخ كرة القدم الحديث، وقتها ساند إيفرتون وجماهيره الحمر طيلة الوقت، وكرم ضحايا الحادث.
ما حدث في تلك الفترة يحكي الكثير عن علاقة الفريقين ببعضهما البعض، خلف تلك المعارك التي نراها في الملعب، وبعض المشادات خارج الاستاد، خلف كل شجار في الملعب هناك وحدة في المدينة تجمع الناديين، ليفربول أيضا ساند إيفرتون حينما قتل ريس جونز طفل في عمر الـ11 عاما وهو مشجع لإيفرتون، وكرمه أيضا.
قد تكون تلك المعارك بسبب حالة الشغف الكبيرة التي يتمتع بها لاعبو الفريقين، لكنهم بين بعضهم البعض أبناء المدينة الواحدة، متوحدون بشرف خلف المدينة، ما يحدث في الملعب بينهم يظل في الملعب ولا يخرج معهم منه، إنها علاقة لها أصولها العريقة في تاريخ كرة القدم الإنجليزية، وشكلت بطريقة أو بأخرى هوية الكرة وثقافة االتشجيع في مدينة ليفربول.
ربما لن يصبح أبدا مشجعو إيفرتون وليفربول أعداء، ولن يجتمعوا سويا في أي مكان، إنها كرة قدم في النهاية ونعي جيدا حقيقة التشجيع تلك، وأيضا طالما أنت في مرسيسايد وبالتحديد في ليفربول فعليك اختيار أحد اللونين، لكن لا ننكر أن هناك رابطا سيظل معقودا للأبد بين الفريقين، لن يصبحا أصدقاء، لكنهما لن يكونا أعداء معادلة صعبة لكنها تسير بتلك الطريقة دائما.