كتب : إسلام مجدي
إن تحدثنا عن السمات التي يتصف بها المهاجم، فسنتفق سويا على بعض الصفات المعينة مثل السرعة والقوة البدنية والمهارة، وأيضا ضربات الرأس القوية، مع الجسد المتزن المتناسق القوي.
في ذلك الوقت لم يكن الأمر شائعا أن يكون المهاجم طويل البنية للغاية وقوي، وأيضا يتمتع بمهارات، كل ذلك تواجد لدى التشيك وكان أشبه بكنز في مرحلة ما يبنى مع الوقت حتى وإن بدأ بداية خاطئة لم يكن يريدها، والأمر كان أشبه بالطفرة الجينية للمهاجمين.
في عام 1994 وقبل بيتر كراوتش لاعب منتخب إنجلترا وستوك سيتي، كان هناك عملاقا أخر لا يكل ولا يمل عن القتال، وكلمة عملاق هنا تصف فعليا لاعبا يبلغ طوله 202 سم، في ذلك الوقت كان أمرا غريبا.
وبسبب طوله وقوته البدنية كان من البديهي أن يلعب في مركز حراسة المرمى، وقرر أن يشق طريقه بين المهاجمين لقدرته الكبيرة على التحكم بالكرة وبراعته أمام المرمى ، مما جعله يصنع اسما كبيرا.
إنه أحد أبرز علامات منتخب التشيك، وربما من أهم أسباب نجاحهم في فترات عديدة حتى بداية الألفية الحديثة، ربما لم تكن مسيرته حافلة بالإنجازات على صعيد الأندية، لكنه غير الكثير بالنسبة للتشيك، وتوج بطلا للدوري الألماني مع بروسيا دورتموند في 2001-2002.
كولر انضم إلى سبارتا براج رغما عن رغبته، نظرا لأنه كان أحد مشجعي الخصم الأخر بوهميانز براج، لكن سبارتا هو من قدم العرض.
صرح كولر في وقت سابق قائلا :"حينما كنت طفلا عشت في قرية صغيرة، وكرة القدم كانت رقم 1 بالنسبة لنا، لعبت مع جميع الأولاد في القرية، عدا أخي والذي كان أكبر مني بـ6 أعوام، بعد ذلك كنت قادرا على لعب كرة القدم باحتراف في عمر 17 عاما".
وأضاف "كنا عائلة متوسطة، لكن في جمهورية التشيك في ذلك الوقت كانت الحياة مختلفة، وكنا أطفالا لا نشعر بأي شيء، لم أكن عرف ما هي كوكاكولا أو الموز".
واستطرد "حينما كنت في الـ19 من عمري تدربت مع سبارتا براج، ووقتها أعجب بي المدرب كثيرا".
بعد عامين مع سبارتا براج، ومع تغيير عدد كبير من المدربين خلال عام 1994، قبل أن يتولى المهمة جوزيف تشوفانيتش، لم يجد الفتى التشيكي العملاق سبيلا سوى الرحيل للنادي البلجيكي الوحيد الذي اهتم بخدماته، ليضمه المدرب في فان هوف لكتيبته وتبدأ المسيرة الحقيقية للمهاجم التشيكي.
صرح كولر :"لم أكن جيدا في سبارتا، ولم أشعر أنني لاعب جيد، أردت مغادرة النادي بسبب العديد من المشاكل مع زملائي في الفريق، وكنت قد وقعت للوكرين".
خطواته الأولى أيضا كانت صعبة للغاية مع لوكرين، لقد كانت تجربة جديدة للغاية على المهاجم التشيكي العملاق، ولم يكن يشارك كثيرا واضطر لتعلم كل شيء من البداية، خاصة جزء اللغة، وصرح في وقت سابق عن أنه واجه صعوبات جمة في تعلم الألمانية، وبالطبع نسى الكثير منها.
بعد ذلك وبعدما تكيف مع لوكرين وأصبح هدافا للدوري في الموسم الثالث له مع لوكرين، جاء أندرلخت وستاندرليج، ما شكل الفارق بالنسبة لكولر هي المعاملة الجيدة والتي لم يحظ بها مع سبارتا براج، وهو ما ساهم في تكيفه وتحوله لمهاجم يسجل الأهداف وعملاقا من الصعب مراقبته داخل منطقة الجزاء، لذا أندرلخت عامله بطريقة جيدة، في حين أن طريقة ستاندرليج في التفاوض معه لم تعجبه على الإطلاق.
قال كولر في تصريحات لموقع "سو فوت" قائلا :"جاءت إلى عروض من أندرلخت وستاندردليج، ما شكل لدي فارقا دائما، كان المعاملة الجيدة وتلك التي وجدتها من أندرلخت، لكن ستاندرد كانوا سيئين للغاية، إضافة إلى أن الملكي كان أفضل فريق في بلجيكا، إضافة إلى أن آيمي أنثونيس أراد ضمي بشدة".
ابتسمت الكرة أكثر لكولر أكثر مما يعتقد هو، تشوفانيتش كان قد ترك براجا ليتولى مهمة تدريب التشيك، وحينها قرر ضم كولر لتألقه مع لوكرين ثم انضمامه لأندرلخت فيما بعد، ليسجل أول أهدافه الدولية في أولى مشاركاته في مباراة ودية ضد بلجيكا.
خلال تصفيات يورو 2000 شارك ضد ليتوانيا لكنه لم يسجل أو يصنع، واستبعد في مباراة اسكتلندا، ومع تزايد قلقه من ألا يسجل، عاد مرة أخرى في شهر يونيو ليسجل هدفين في مباراتين متتاليتين، ضد استوانيا واسكتلندا على الترتيب.
بدأ كولر في كتابة قصته التاريخية مع منتخب التشيك، ثم حقق لقبي دوري بلجيكي مع أندرلخت، ثم في دوري أبطال أوروبا 2000-2001 حينما كتب تاريخا لا ينسى وتصدر أندرلخت مجموعته السابعة برصيد 12 نقطة بعد التفوق على مانشستر يونايتد صاحب المركز الثاني، وبي إس في أيندهوفن ودينامو كييف.
وفي دور المجموعات الثاني بالمجموعة الرابعة فاز ضد لاتسيو وريال مدريد لكنه ودع البطولة.
شكل عام 2000 ذكرى لا تنسى لكولر، إذ أنه فاز بالحذاء الذهبي في بلجيكا وأيضا الكرة الذهبية هناك، وأفضل لاعب تشيكي، حتى أتت لحظة الحقيقة كما يسمونها، فبعدما تألق في التصفيات وسجل 4 أهداف ضد ليتوانيا والبوسنة والهرسك وجزر الفارو، ثم سجل ضد هولندا وأيرلندا وأستراليا وإسرائيل وديا.
فشل كولر في تسجيل أي هدف في بطولة يورو 2000، وودعها مبكرا، حتى أنه فشل في هز شباك هولندا فقط بعد أشهر قليلة من هدفه ضد الطواحين، وفشل في التسجيل ضد الدانمارك على الرغم من الفوز في ذلك اللقاء.
على غير العادة لم يكن كولر ذلك المهاجم المشاغب، فعلى الرغم من بنيته الجسدية القوية، لم يكن ذلك المشاغب الذي يستفز ويضرب في المدافعين بل ويسبهم أحيانا، بل كان هادئ الطباع، ولم يصرخ قط ضد خصم ما، فقط هناك لاعب وحيد استفزه وكان دانييل فان بويتن مرتين الأولى حينما كان الأخير لاعبا لستاندرد ليج والثانية حينما كان في ألمانيا.
قال كولر :"نعم أنا لا أحب العنف وأفضل الهدوء، كنت أشعر بتوتر شديد في الملعب، حسنا، لا أتذكر أنني صرخت في أحد في الملعب حينما كنت في التشيك، إلا أنني أتذكر انفجاري ضد الأندية الكبيرة، وتحديد فان بويتن هو من بدأ ذلك".
في موسم 2001-2002 انضم كولر إلى بوروسيا دورتموند بعدما أصبح هدافا كبيرا في بلجيكا، خاصة وأنه التحدي الكبير أمام ما يقرب من 80 ألف مشجع شغوف بفريقه.
كولر في موسمه الأول ساهم في تتويج دورتموند ببطولة الدوري الألماني، كما قاد الفريق لنهائي بطولة الدوري الأوروبي، وسجل هدفا في النهائي، لكنه خسر من فينورد بنتيجة 3-2.
أبرز لقطاته في الموسم الثاني كانت الأغرب، في مباراة ضد بايرن ميونيخ، تعرض يانز ليمان حارس دورتموند للطرد بعد حصوله على البطاقة الصفراء الثانية، وكانت الأسود قد استنفذت تبديلاتها، وقرر كولر بعدما كان قد سجل هدفا في المباراة أن يتولى حراسة المرمى بعد مرور 67 دقيقة من عمر اللقاء، ومنع أية أهداف من الخصم، وفيما بعد قامت مجلة "كيكر" الألمانية باختياره كأفضل حارس في الدوري الألماني لذلك الأسبوع وانتهى اللقاء بفوز بايرن بنتيجة 2-1.
وصرح كولر عن تلك الواقعة :"حينما كنت صغيرا كنت أحرس المرمى، وأيضا أحببت الوقوف داخل المرمى في فترة ما، لذا كان أمرا طبيعيا بالنسبة لي، وطلبت ذلك من المدرب".
بعد فترة من 2001 حتى 2006 انضم إلى موناكو، بسبب عدد كبير من المشاكل الرياضية، وكان كولر وقتها يبحث عن فريق يناسب عائلته، ولذا وقع اختياره على موناكو.
ما بين تلك الفترات كانت منتخب التشيك يبدأ حقبة جديدة مع مدرب جديد أحب كولر بشدة وهو كارل بروكنر، لكن إصابة "الديناصور" كما كان يلقب جعلته يغيب عن التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2002 رفقة منتخب بلاده.
شيئا فشيء عاد كولر في شتاء 2002، وخاض 6 مواجهات دولية سجل خلالها 3 أهداف، ثم شارك في التصفيات المؤهلة لبطولة يورو 2004.
خلال بطولة اليورو، شارك كولر في 4 من 5 مباريات لعبها منتخب التشيك، وسجل هدفين الأول ضد هولندا، والثاني ضد الدانمارك، ثم ودع البطولة من نصف النهائي ضد اليونان.
صرح كولر بعد تلك البطولة :"كنا جيلا رائعا، كان هناك نيدفيد وبوبورسكي وسيمتشر وروزيسكي وباروش، كنت حزينا لأننا لم نفز بأي شيء".
وأَضاف "لعبنا في تلك البطولة بطريقة أكثر من رائعا، وأحبطنا للغاية حين خسرنا من اليونان، ما أفادهم حقا كان التكتيك الدفاعي".
واصل كولر مسيرته الدولية مع التشيك محاولا أن يترك بصمة واضحة، لكن للأسف لم يفعل ذلك سواء في كأس العالم 2006 أو يورو 2008 قبل أن يستبعد بعدها لفترة طويلة، ليشارك في 89 مباراة سجل خلالها 55 هدفا، ليصبح الهداف التاريخي لمنتخب التشيك.
كولر كان هادئ الطباع على الرغم من أن لقبه كان "الديناصور" لم يلجأ لأي أسلوب سيء لاستفزاز المدافعين، لم يبدأ الشجار يوما، ربما لم يترك بصمة كبيرة في التاريخ، لكنه تركها مع التشيك، ذلك العملاق الذي غير الكثير من القواعد.