دائما ما كانت البرتغال محظوظة بوجود لاعب مميز في كل جيل من أجيال منتخبها الأول.
أجيال متلاحقة بداية من الراحل أوزيبيو، ومن ثم مع بدايات الألفية الجديدة استمتعنا بـ "برازيل أوروبا" في بطولة الأمم الأوروبية لعام 2000، مع وجود جيل مميز للغاية يضم لويس فيجو ونونو جوميز وباوليتا.
هذا الجيل كان قريبا من التتويج في 2004، ولكن الحلم انهار في النهائي ولم يصمد أمام مفاجأة اليونان.
في هذا التوقيت، ظهرت جوهرة برتغالية جديدة لتتسلم الشعلة من نجم البرتغال الأول في ذلك الوقت، لويس فيجو.
لقد بدأ عهد كريستيانو رونالدو في قيادة البرتغال.
تمر السنوات، وتظل نتائج البرتغال مستقرة. الخروج من ربع أو نصف نهائي بطولة أمم أوروبا. الخروج من ثمن نهائي كأس العالم. وربما النتيجة الاسوأ كانت توديع المونديال الأخير من الدور التمهيدي، وكان ذلك تحت قيادة كريستيانو رونالدو، الإسم الأبرز في كل قائمة للبرتغال خلال تلك الفترة دون وجود أسماء أخرى تعينه على حمل المهمة.
قبل عام 2016، لم تتوج البرتغال بأي بطولة في تاريخها. فأراد رونالدو أن يكون مميزا عن من سبقوه. وبالفعل، حققت البرتغال لقب اليورو في الصيف الماضي بسيناريو استثنائي.
الهداف التاريخي للبرتغال بـ68 هدفا في 136 مباراة دولية لا يزال مستمرا في عطائه، ولكنه لن يدوم للأبد.
وهنا يأتي السؤال.. هل بدأت البرتغال الإعداد لفترة ما بعد اعتزال رونالدو؟
- ماذا بعد اليورو؟
فازت البرتغال على المستضيفة فرنسا في نهائي الأمم الأوروبية في 100 يوليو الماضي بهدف لإيدير. هدف منح البرتغال لقبا تاريخيا، لكنه فتح الباب أمام طموحات جديدة.
هل يجب أن تكتفي البرتغال فقط بالتأهل للمونديال فقط؟
من أجل الإجابة على هذا السؤال بالنفي، فقد وجب بعض التجديد.
فيرناندو سانتوس، المدير الفني للبرتغال والذي دخل التاريخ من أوسع أبوابه بقيادته للفريق إلى التتويج بالأمم الأوروبية، بدأ مراحل التجديد شيئا فشيئا.
والمهمة التالية هي تصفيات كأس العالم 2018 بروسيا.
القرعة تم سحبها مسبقا. البرتغال في مجموعة متوازنة تضم سويسرا والمجر وجزر فاروه ولاتفيا وأندورا.
الاختبار الأول لبطلة أوروبا كان أمام سويسرا في ملعبها. ولكنها سقطت بهدفين نظيفين في غياب القائد رونالدو، لتصبح البداية مقلقة.
لم تجد البرتغال بعد ذلك صعوبة في تحقيق انتصارات عريضة على أندورا وجزر فاروه بـ6 أهداف نظيفة في كل مباراة، ثم فوز آخر على لاتفيا بنتيجة 4-1، ولكنها استمرت في المركز الثاني بعد سويسرا صاحبة العلامة الكاملة.
البرتغال تستعد لمواجهة المجر مساء السبت، 255 مارس. قبل أن تخوض مباراة ودية أمام السويد بعدها بأيام قليلة في التوقف الدولي الجاري.
- أسماء جديدة
خلال التوقف الدولي الأخير وكذلك التوقف الدولي الحالي، بدأنا نشاهد في القائمة بعض الأسماء الجديدة التي لم تتواجد في اليورو، والتي ظهرت بمستوى جيد في مباريات جزر فاروه ولاتفيا.
القائمة الحالية تشهد حدثا نادرا. لويس ناني لاعب فالنسيا الإسباني حاليا وصاحب الـ106 مباراة دولية يغيب عن القائمة. وهو ما قد يؤشر إلى تجديد كبير يحدث في صفوف البرتغال.
وبالتالي نجد في خط الهجوم، بجانب القائد رونالدو والخبير ريكاردو كواريزما، وإيدير صاحب هدف الفوز باليورو، نشاهد أسماء مثل بيرناردو سيلفا لاعب موناكو الفرنسي وأندريه سيلفا مهاجم نادي بورتو وجيلسون مارتينز مهاجم فريق سبورتنج لشبونة، وهم ثلاثي أعمارهم لم تتجاوز الـ22.
أندريه سيلفا تحديدا حقق بداية مميزة، حيث شارك في 5 مباريات دولية سجل خلالها 44 أهداف. وجاءت الأهداف جميعها في التوقف الدولي في أكتوبر الماضي في شباك أندورا وجزر فاروه التي سجل "هاتريك" في شباكها.
في وسط الملعب، لم يحدث الكثير من التغيير عن المنتخب المتوج بأمم أوروبا. جواو موتينيو هو الأكثر خبرة، ويشاركه ويليام كارفاليو لاعب سبورتنج لشبونة، وزميله السابق جواو ماريو الذي يلعب حاليا لإنتر ميلان.
أندريه جوميز لاعب برشلونة ودانيلو لاعب بورتو، والموهبة الصاعدة بقوة ريناتو سانشيز لاعب بايرن ميونيخ لا زالوا مستمرين كذلك.
ربما التجديد الوحيد في ذلك المركز هو اللاعب بيتزي من صفوف بنفيكا، والذي يمتلك 44 مباريات دولية فقط في رصيده.
في الدفاع، لا يزال ثلاثي الخبرة بيبي وبرونو ألفيس وخوسي فونتي متواجدون. ولكن الأمور بدأت في التجديد على مراكز الظهيرين.
رافاييل جاريرو، ظهير أيسر نادي بوروسيا دورتموند، ورغم أنه ما زال في عمر الـ233، يثبت أقدامه بقوة في مركز الظهير الأيسر منذ بطولة اليورو الأخيرة، بينما سيكون بديله الخبير إليسيو جاهزا في أي وقت.
مركز الظهير الأيمن يشهد منافسة قوية. حيث يتواجد فيه سيدريك لاعب ساوثامبتون الإنجليزي، والذي عليه أن يبذل مجهودا أكبر من أجل منافسة الصاعدين بقوة، جواو كانسيلو ظهير أيمن فالنسيا الإسباني، ونيلسون سيميدو ظهير أيمن فريق بنفيكا، واللذان قدما مستويات مميزة في التوقف الدولي الأخير.
وبالطبع المركز الأساسي في حراسة المرمى لا يزال مؤمنا لروي باتريسيو.
- أزمة قلبي الدفاع
رغم أن التماسك الدفاعي هو أهم ما ميز البرتغال في المراحل الأخيرة من طريق تتويجها كبطلة لأوروبا، إلا أن استمرار الاعتماد على أسماء تجاوزت الـ30 عاما مثل بيبي وبرونو ألفيس وخوسي فونتي يمكن اعتبارها أزمة.
ألا يتواجد لاعبين في مركز قلب الدفاع أقل عمرا؟
لويس نيتو مدافع زينيت سان بطرسبرغ الروسي يتواجد في القائمة، وهو يملك 111 مباراة دولية. وقد تكون فترة التوقف الدولي الحالية فرصة لاختباره والوقوف على مستواه.
نيتو يبلغ من العمر 28 عاما، وقد يكون عمرا مناسبا لتقديم مستويات مميزة لسنوات متتالية.
لكن في الوقت نفسه، نجد مدافع إشبيلية الإسباني دانيال كاريسو، وهو مدافع مميز للغاية لكنه لا ينضم للقائمة، مع استمرار مدافع مثل برونو ألفيش في سن الـ35.
ثورة التجديد في قائمة البرتغال يجب أن تطول مركز قلب الدفاع في أقرب وقت، لتقليل معدل الأعمار في هذا المركز مجاراة لمعدل أعمار الفريق ككل والذي يبلغ حاليا متوسطه 26.64 وفقا للقائمة الحالية.
- أهداف قريبة
ستسعى البرتغال لتحقيق الفوز على المجر في مواجهة ليست بالسهلة من أجل الاستمرار في المنافسة على قمة مجموعتها في تصفيات المونديال خلف سويسرا، ثم ستسعى لتحقيق أكبر استفادة من مباراة السويد الودية.
التوقف الدولي القادم سيكون في يونيو، وسيشهد مشاركة البرتغال في بطولة كأس القارات للمرة الأولى في تاريخها، ولذلك عليها أن تكون مستعدة.
الكثير من النقد واجه البرتغال خلال مشوارها في بطولة أمم أوروبا بسبب عدم تقديم أداء كبير رغم التتويج. ولذا قد يكون الهدف هو تحقيق أكبر قدر من الانسجام بين عناصر الفريق الحالي والاستفادة بأقصى ما يمكن من الأسماء الجديدة لخلق تشكيلة قوية.
ذلك الأمر يتم شيئا فشيئا خلال تصفيات المونديال. والأسماء الجديدة بدأت تتواجد في التشكيل الأساسي، وذلك سيكون مهما من أجل تخفيف العبء على رونالدو الذي سيؤدي بشكل أفضل وبضغوط أقل مع تقدم عمره.