كتب : عمر ناصف
"لم أدرب أندية كبيرة خلال مسيرتي الكروية ولكنني طورت وقدمت للمنتخب الإيطالي العديد من المواهب الشابة".
هكذا تحدث المدرب جيانبيرو فينتورا في أول مؤتمر صحفي له بعد إعلانه مديرا فنيا للمنتخب الإيطالي لخلافة أنطونيو كونتي الذي ترك الأتزوري بعد يورو 2016 ذاهبا إلى لندن لتدريب تشيلسي هناك.
يمتلك الخبير صاحب الـ 69 عاما نظرة فريدة من نوعها في المواهب الشابة فهو عكس معظم المدربين الإيطاليين يعشق الكرة الهجومية ولا يولي للدفاع أهمية كبرى في خطته ويحب الاهتمام بشباب فريقه وإعطاءهم الفرص فكان هو أمل إيطاليا لإنقاذها من غياب المواهب الشابة وجيل عجوز كان الأكبر في اليورو الأخير.
وأخيرا أصبح للمواهب الإيطالية فرصة للذهاب إلى منتخب بلادها عوضا عن الأماكن المحجوزة للاعبين بأسمائهم مهما أختلف الأداء أو غاب التألق عنهم في السنوات السابقة فزاد الحافز لديهم وأصبح الكالشيو يمتلئ بالعديد من الشباب المتألق هذا الموسم لحسن حظه بالتأكيد.
عمل فينتورا في إيطاليا ليس سهلا فهو لن يغير فقط القوام الأساسي للمنتخب الإيطالي ولكنه سيغير طريقة تفكير الجميع في إيطاليا بداية بالاستغناء عن التحفز الدفاعي والاعتماد أكثر على طريقة هجومية هي 4-2-4 لا ينفذها أحد في إيطاليا سوى اثنين، فينتورا واحد منهم والأخر سينسيا ميهالوفيتش خليفة فينتورا في تدريب تورينو.
قام المدرب رويدا رويدا في المباريات الست التي قادها تدريبيا للأتزوري في التحول من 3-5-2 إلى 4-2-4 وبدأ في الاستغناء عن بعض كبار السن ممن يفتقدون إلى القدرات القيادية واستبدالهم بشباب صغير يحصل على فرصة تلو الأخرى للمشاركة.
أصبح الجميع في إيطاليا يعلم بأن التألق هو سر دخولك إلى المنتخب وأنه لا يوجد مكان محجوز لأحد في تشكيلة الفريق فالجاهز هو من سيشارك والمميز سيحصل على الاستدعاء.
قائمة الأتزوري هذه المرة شهدت استدعاء رباعي جديد لتمثيل إيطاليا على رأسهم الحارس الشاب أليكس ميريت صاحب الـ 20 عاما والذي يلعب لنادي سبال متصدر الدرجة الثانية، ميريت رحل معارا من أودينيزي بداية هذا الموسم للبحث عن فرص للمشاركة بدلا من بقاءه كحارس ثالث في فريقه فوجد التقدير من المدرب الذي استدعاه لهذا المعسكر.
سيفتح ذلك باب جديد للمواهب الإيطالية الشابة التي كات تندثر مع بداية ظهورها بسبب الاختفاء في الدرجات الأدنى أو الجلوس على دكة البدلاء مع فرق الكالشيو مفضلين "الصيت ولا الغنى" فالأمل أصبح موجودا للجميع أينما كنت تلعب وتتألق هناك عيون تراقبك للانضمام إلى صفوة اللاعبين الإيطاليين.
مهاجم أتلانتا أندريا بيتانيا وجد نفسه مستدعى بعد إصابة المهاجم مانولو جابياديني قبيل المعسكر ليجد صاحب ال21 عاما نفسه يجهز حقائبه للسفر إلى المعسكر بعد أن تركه ميلان منذ أشهر قليلة يرحل إلى أتلانتا لعدم حاجتهم إلى المهاجم الشاب في وقت يعاني فيه ميلان من غياب المواهب!
لاعب أخر من أتلانتا هو ليوناردو سبينازولا لاعب شباب يوفنتوس الذي تركوه يذهب لحال سبيله دون الحصول على فرصة سابقة وجد أسمه بين قائمة هذا المعسكر ليكلل تألقه مع أتلانتا هذا الموسم خلف بيتانا.
كما أنضم الجناح سيمون فيردي إلى القائمة بعد تألقه في بولونيا هذا الموسم، فيردي كبيتانيا تركه ميلان يذهب بعيدا عنهم لعدم حاجتهم لمجهوداته فرد عليهم في الملعب وتركهم يعانون كثيرا حتى يجدوا جناحا يناسبهم.
سابقا كان من النادر أن تجد موهبة ترحل عن كبير في إيطاليا وتواصل التألق والتطور فالانهيار يكون سيد الموقف دائما عندما يتعلق الأمر بموهبة إيطالية خارج كبارها.
ونظرا لأن ساسولو يعتمد على أجنحة هجومية فكان لا بد أن تجد جناحا لها في الأتزوري ولكن ليس دومينيك بيراردي الذي يفضل الإتحاد الإيطالي إعطاءه لمنتخب الشباب بدلا من المنتخب الأول فكان استدعاء الجناح الأخر ماتيو بوليتانو لقائمة المنتخب لأول مرة أيضا في هذا المعسكر.
خطوة كبيرة قام بها فينتورا في إطار سعيه لتغير ملامح وجلد المنتخب الإيطالي ليس فقط بالنزول بمعدل أعمار الفريق ولكن في تغير عقلية الجميع في إيطاليا بداية من طريقة اللعب والاستغناء عن كلاسيكية 3-5-2 الدفاعية والاتجاه أكثر إلى الاعتماد على أجنحة هجومية مرورا بإعطاء الشباب الفرص وتطويرهم.
نجح فينتورا في تحفيز شباب إيطاليا فأمتلئ الدوري هذا الموسم بالعديد من المواهب التي لم يبخل عليها بالتشجيع وإدراج أسماءهم في قائمة الأتزوري وشجع ذلك مدربي الأندية الإيطالية على إعطاء الفرص للشباب أكثر بعكس العادة هناك.
"نحن منتخب يمثل إيطاليا ويجب علينا اللعب لجعل الإيطاليين فخورين بأنفسهم" هذا ما يهدف إليه فينتورا الذي لا يبحث عن أسماء بعينها لضمها فالأفضل هو من سيلعب لا يهم إن كان دي روسي صاحب الخبرة الكبيرة أو جاليارديني الذي يلعب أول موسم كبير له.
مهمة فينتورا الأولى التي تم اختياره لها لم تكن إعادة إيطاليا للفوز غدا بكأس العالم ولكن إعادة بناء منتخب إيطالي قوي قادر ليس فقط على المنافسة اللحظية كما حدث مع كونتي ومن قبله روبيرتو دونادوني ولكن المنافسة على كل البطولات مستقبلا بجيل جديد قادر على المواصلة.
تعتبر هي المهمة الأصعب لأي مدرب أن تكون مدرب المرحلة الانتقالية بين جيل عجوز عظيم حقق الكثير وبين جيل شاب مميز قادم فالخطأ هنا لن يضيع حاضر إيطاليا فقط ولكن مستقبلها أيضا وسيعود الأتزوري للبدء من نقطة الصفر مرة أخرى.