29 عاما من الحكم، انتهى اليوم في السادس عشر من مارس عام 2017 احتكار الكاميروني عيسى حياتو على مقعد رئاسة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم.
الرجل الذي لم يلعب كرة القدم بشكل احترافي من قبل واستطاع الوصول لمقعد رئاسة الفيفا ولو بشكل مؤقت.
ولمدة 10598 يوم، كان الكاميروني حياتو مسؤولا عن الكرة الإفريقية وأثير حوله جدلا واسعا في كثير من الأحيان خاصة مع قضايا الفساد التي طالت مسؤولي الفيفا بما فيهم بلاتر رئيس الاتحاد السابق وبلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكن دون أن تمس رئيس الكاف.
رياح التغيير التي طالت الكثير من الأشياء مؤخرا، سياسيا ورياضيا لم تخش عيسى حياتو الذي فاز برئاسة الكاف في العاشر من مارس عام 1988 لتطيح به لصالح المدغشقري أحمد أحمد رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم الجديد.
أصول ذات سلطة
على عكس ما هو شائع عن النجوم الساطعة من القارة السمراء، فإن عيسى حياتو لا ينتمي لأسرة فقيرة بل بالعكس فهي ذات أصول ملكية لخلافة سكوتو التي امتدت لأكثر من 100 عام في غرب إفريقيا قبل ان تنتهي مطلع القرن العشرين.
عيسى حياتو ولد في جاروا الكاميرونية نجلا لولي العهد في منطقة شمال الكاميرون، شقيقه سادو تولى رئاسة الوزراء في الكاميرون مع مطلع التسعينات والعائلة بها الكثير من الشخصيات التي تعمل بمناصب قوية في البلاد.
والعائلة قريبة من الحزب الحاكم لبول بيا الذي يحكم الكاميرون منذ 1982 فشقيقه الآخر عليم جارجا عمل سكرتيرا لوزارة الصحة لسنوات طويلة، لكن عيسى فضل الابتعاد عن السياسة.
ويقول حياتو في تصريحات قديمة لمجلة جين أفريك "كانت فضيحة في عائلتي، لكنني أردت الرياضة فهي كانت شغفي".
الحقيقة الطريفة في عيسى حياتو الرجل الذي وصل لأعلى مناصب الكاف أنه لم يكن لاعبا محترفا يوما ما في كرة القدم، بل كانت اهتماماته متجهة لألعاب أخرى ربما بسبب الطبيعة البدنية له.
حياتو كان مدرسا للألعاب الرياضية في مدرسة بياوندي تقتصر فقط على أبناء الأثرياء في الكاميرون، وفي الستينات كان لاعبا بمنتخب كرة السلة وكذلك في ألعاب القوى التي حقق فيها ألقابا عدة في مسافات 400 و800 متر ببلاده وحمل الرقم القياسي فيهما لفترة.
لكن عيسى الابن الأصغر اتجه للعمل الإدارى في السبعينات وبات السكرتير العام للاتحاد الكاميروني لكرة القدم ثم رئيسا له في 1986 قبل أن يتربع على رئاسة الكاف بعدها بسنتين.
الانتشار
بشكل سريع بدأ حياتو في الانتشار في عالم كرة القدم، وكان يستهدف أن تكبر الكرة الإفريقية ومع أول مونديال كان فيه رئيسا للكاف (إيطاليا 1990) رأينا بلاده الكاميرون بقيادة روجيه ميلا يتأهلون لربع النهائي وهو الإنجاز الأكبر لمنتخب إفريقي آنذاك وبأداء أبهر العالم أجمع افتتحه بالفوز على الأرجنتين حامل اللقب في سان سيرو.
وفي العام ذاته بدأ حياتو يخطو أولى خطواته داخل الفيفا بعد أن بات عضوا في اللجنة التنفيذية، وبلا شك مهاراته السياسية جعلته في سنتين أحد أهم رجال الاتحاد الدولي وترأس الكثير من اللجان.
وعلى الرغم من الجدل المثار حول طريقة انتشاره، والإدعاءات ضد تورطه في قضايا رشاوي لكن الكرة الإفريقية رأت الكثير من النجاحات في فترة تواجد حياتو بالفيفا.
بداية من زيادة عدد المنتخبات الإفريقية في كأس العالم لتنظيم إفريقيا لكأس العالم 2010، أيضا انتقاداته للكرة الأوروبية بسبب ما أسماه بالاستعمار الكروي بسبب سرقة المواهب الإفريقية وفي المقابل تصدير المدربين السيئين.
هذه الانتقادات صبت في صالح الأندية الإفريقية والاتحادات التي حصلت على الكثير من الأموال بسبب الاتفاقات التي عقدها بين الكاف واليويفا، بالإضافة لمشروع الميريديان الذي يقوم فيه الاتحاد الأوروبي بدعم اتحادين إفريقيين كل سنتين.
الجدل
على الجانب الآخر يمتلك حياتو تاريخا طويلا من الجدل ربما بدأ في السنوات السبع الماضية بعد أن نشرت شبكة بي بي سي وثائقيا يحمل عنوان "أسرار الفيفا القذرة" ادعت فيه أن رئيس الكاف حصل على رشاوي في التسعينات لتسهيل إبرام عقود بيع حقوق بث كأس العالم وتم الإشارة لحصوله على 10 آلاف دولار.
لكن عيسى حياتو نفى الأمر وأكد أن المال كان للكاف وليس لحسابه الشخصي، وفي العام التالي بدأت إدعاءات حصوله على رشوة من أجل التصويت لقطر على تنظيم كأس العالم 2022 وهو لم يثبت عليه.
أيضا بالعودة لعام 2010 قام الكاف برئاسة حياتو بإيقاف توجو لمدة عامين بعد اعتذارهم عن المشاركة في كأس الأمم الإفريقية بأنجولا في العام ذاته بسبب تعرضهم لحادث إطلاق نار في أندولا قبل انطلاق البطولة مباشرة وهو القرار الذي قوبل بالكثير من الانتقادات لكن في النهاية الاتحاد التوجولي فاز بالاستئناف أمام المحكمة الرياضية.
ترأس حياتو اللجنة الأوليمبية في الفيفا من 1992 وحتى 2006، وفي الوقت الذي خضع فيه عام 2011 للتحقيق بسبب إدعاءات الرشوة قام الاتحاد الدولي بتعيينه مجددا رئيسا للجنة الأوليمبية قبل أن يتراجع الفيفا ويؤكد بأنه كان مجرد خطأ تقني.
في 2015 وبعد فضيحة رشاوي الفيفا التي طالت مسؤولين كثيرين لم يكن بينهم حياتو والذي أيضا لم تذكره لجنة الأخلاق بالفيفا في أي شيء يتعلق بالفساد، فاز السويسري بلاتر أيضا برئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم قبل أن يترك الفرصة في اجتماع كونجرس الفيفا في العام التالي من أجل انتخاب الرئيس الجديد، ليتولى حياتو منصب القائم بأعمال رئيس الفيفا ليصبح أخر الرجال الواقفين من النظام القديم.