كانت الشوارع تكتظ بالناس، لا مكان لقدم في كل الشوارع والميادين الرئيسية حتي في محافظة خوخوي أقصي شمال الأرجنتين كان الفتي الذي أتم عامه الثاني عشر من اشهر قليله يتابع بطولة كأس العالم 1986 أو كما تلقب آنذاك بطولة مارادونا.
العرق كان يتصبب منه بفعل حرارة الشمس و الازدحام الكثيف، وكانت بطولة المكسيك قد لعبت في أوقات الظهيرة حتي تسطتيع أوروبا مشاهدتها في أوقات مناسبة بسبب فرق التوقيت إلا أن فرق التوقيت بين المكسيك والأرجنتين ساعتين فقط لذا كان الفتي مبتلاً تماماً من العرق بعدما رقص لأكثر من 6 ساعات متواصله.
كانت المدينة بأكملها تغني " فامو فامو أرجنتينا " وكان الفتى يرقص ويغني كالجميع، وفي هذا اليوم تحديدا بينما كانت الشاشات تتوهج بحروف زرقاء لتكتب "أرجنتينا كامبيون" قرر الفتى آرييل أن يصبح لاعب كرة قدم.
لم يكن آرييل أرنالدو أورتيجا وحده من قرر أن يصبح مثل مارادونا في ذلك اليوم، بل إن كل فتيان الأرجنتين كانوا يعلقون صور مارادونا علي الحائط كما عُلقت في الشوارع التي تُلعب بها كرة القدم يومياً، كان مارادونا أسطوره حية للجميع تمني الكل أن يحذو حذوها إلا أن قلة من هؤلاء كانوا يتمتعون بالموهبة اللازمة كي تعترف بهم الأرجنتين لاعبي كرة بعد أن رأت دييجو.
ووحده من استطاع أن يزامله بنفس القميص ثم يحمل قميصه بنفسه حتي ولو كان يلعب في الظل، لقد كانت أسطورة مارادونا تتمثل في حجم المهارة والإنجاز غير المسبوقين، فتضخمت كثيرا حتي ألقت بظلالها علي جميع لاعبي الكرة بعد ذلك.
وحده أورتيجا كان مقدرا له أن يكون في محل المقارنة وأن يقتبس ولو شعاع من وهج الأسطورة.
احترف أورتيجا كرة القدم في عامه السابع عشر وبصحبة اللا باندا أو نادي ريفير بلات الشهير، ولمدة ستة مواسم كاملة لعب أورتيجا كأفضل لاعبي الدوري الأرجنتيني وأكثرهم مهارة.
وفي ذلك الوقت مثل المنتخب الأرجنتيني في كأس العالم 94 كلاعب صغير وقد زامل أسطورته آنذاك وكانت مشاركته ملحوظة حتى أنه شارك في مباراة الهزيمة أمام رومانيا ثم رحل لأوروبا عبر بوابة فالنسيا ثم سامبدوريا وبارما في أربعة مواسم أخرى، وفي ذلك الوقت شارك في كأس العالم 1998 كنجم المنتخب وبقميص مارادونا.
ورغم تألقه اللافت في مرحلة المجموعات، إلا أن الأمر أصبح كارثي بعد أن تم إقصائه أمام هولندا للإنذار الثاني في الدقيقة 87 ثم وبعد ثلاثة دقائق أحرز بيركامب هدفه الشهير بعد مراوغة أيالا ليطيح بأورتيجا خارج الكأس، وليعود للأرجنتين دون أي نجاح يُذكر، مع الاكتفاء بالبقاء في ذهن الجميع كلاعب كرة قدم مهاري محبوب.
ربما هذا هو قدر البعض، فأورتيجا أحد أمهر لاعبي التسعينات علي الإطلاق كان رجل يطارد مصيره كلاعب مقارن دوماً بمارادونا، كل تلك المهارة والقدرة علي المراوغة والتمريرات الحاسمة باللإضافة للتكوين الجسماني القصير والممتليء.
كل ذلك جعل الجميع ينظر إليه فينتظر أن يبعث مارادونا من جديد. إلا أن أورتيجا لم يكن مارادونا رغم التشابه حتي في العصبيه والمزاج السيء، فالرجل الذي اشتهر بالأهداف المحرزة من فوق رؤوس الحراس لم يكن يعبئ أن يلتزم تجاه الأندية بواجباته كلاعب، إلا أنه كان يدرك أنه كان سيصبح شخصاً أخر إذا اختلف الوقت أو ربما لن يكن ظلاً لمارادونا.