يٌقال أن السن مجرد رقم طالما لديك الشغف والرغبة ولكن في كرة القدم الأمور لا تسير هكذا فرونالدو الظاهرة التي تغلب على إصابات قاتلة في شبابه اعتزل لنفس السبب الذي قاد المايسترو زين الدين زيدان للإعتزال وهو أن الجسد لا ينفذ ما يطلبه ويرسمه العقل سريعا.
هناك من يستمر بعد وصوله لهذه النقطة حبا في كرة القدم ورغبة في الإستمرار ولكنه يبحث عن الطريق السهل البعيد عن المنافسة والإلتحامات القوية بعيدا عن أوروبا ومنافساتها فيلجأ إلى التراجع بدلا من الإعتزال نجما كبيرا كما هو حال البعض الآخر.
ولكن لكل قاعدة استثناء ولتلك القاعدة كان زلاتان إبراهيموفيتش هو الاستثناء فكلما تقدم في السن زاد نضوجا ورغبة وشراسة على المرمى عكس المتوقع ومع كل موسم يقال فيه هنا سينتهي إبرا يعود أقوى وأكثر غضبا ليسكت الجميع ويؤكد أن لكرة القدم ملك واحد وهو زلاتان.
السلطان السويدي حطم كل أرقام باريس سان جيرمان التهديفية بعد أن ذهب إليهم وهو على مشارف الثلاثين من عمره قبل رحيله الصيف الماضي والإنتقال إلى الدوري الأقوى في العالم الدوري الإنجليزي في المحطة التي قد تكون الأخيرة في أوروبا إن لم يقرر الاعتزال بعد ذلك.
نجاحات في إيطاليا مع يوفنتوس ثم إنتر ميلان وغريمه ميلان وفرنسا مع الباريسيين ونجاح جزئي لم يستمر في برشلونة بإسبانيا لينتقل إلى مانشستر يونايتد في ظروف لا يحسد عليها الشياطين الحمر من فقدان الشخصية وارتباك داخل أروقة الفريق ولكن وصول جوزيه مورينيو عزز ثقة إبرا في قراره.
"سيفشل في تسجيل أكثر من 10 أهداف في الدوري الإنجليزي" أتفق البعض على هذا الرقم والبعض الأخر رفعه إلى 20 هدفا ولكن في كل البطولات التي يشارك فيها يونايتد خصوصا أنه في إنجلترا لا مكان للاعب بطئ قليل الحركة يبلغ من العمر 35 عاما هناك.
ولكن إبرا رد على الجميع وأثبت لهم أنه ذهب لا يصدأ واستثناء لا يمكن تعميمه مستفيدا من خبراته التي اكتسبها لتقليل مجهوده في الملعب وللياقته المتميزة التي حصل عليها من التايكوندو لعبته الثانية.
لا يمكنه تحمل قوة وسرعة الدوري الإنجليزي وسيتعب؟ لا بالتأكيد إبرا لا يتوقف لعب 38 مباراة في كل البطولات حتى الآن وهو الأكثر مشاركة بين زملائه في المباريات.
أما عن التهديف فحدث ولا حرج فسجل السلطان 26 هدفا هذا الموسم في كافة البطولات ولم يتوقف عن هز شباك المنافسين منذ بداية الموسم أضاف إليهم سبعة أهداف أخرى صنعها لزملائه.
كل ذلك حدث وأمام ساوثامبتون في نهائي كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة وضح جليا أهمية إبراهيموفيتش الذي تعاقد معه مورينيو بدلا من أي مهاجم شاب آخر.
لن نتحدث عن الركلة الحرة التي افتتح بها التسجيل ليونايتد فقليلون فقط من يستطيعون تسجيلها منهم إبرا ولكن الحديث سيكون عندما كانت النتيجة تشير إلى التعادل 2-2.
الكل في يونايتد متراجع والحماس واضح على لاعبي ساوثامبتون والرغبة في قلب الأمور رأسا على عقب والركنيات والعرضيات تتوال على منطقة جزاء الفريق وإبراهيموفيتش يدافع مع زملائه وركنيات ساوثامبتون تجد رأسه وقدميه في طريقها لإبعاد الخطر عن مرمى فريقه.
الدقيقة تشير إلى 87 واللاعب صاحب الـ35 عاما يضع رأسه في كرة كانت في طريقها إلى مرمى ديفيد دي خيا ليبدأ هجمة مرتدة سريعة لفريقه وإبرا يتقدم بجانبه مارسيال على ثنائي دفاعي لساوثامبتون والقرار المتوقع أن يركض السلطان وينفرد منذ منتصف الملعب ولكن بالتأكيد سيلحق به الجميع وسيقضون على أحلامه وأحلام فريقه.
الوقوف على الكرة والتمرير إلى راشفورد عندما عاد لاعبو القديسين إلى منطقة جزاءهم وتقدم لاعبو يونايتد للضغط وإبرا كل ذاك الوقت يقف خارج منطقة الجزاء على اليمين منتظرا اللحظة المناسبة.
وفي لحظة ينظر مارسيال ليحول الكرة إلى أندير هيريرا على اليمين كان إبرا قد وجد الثغرة وانطلق إلى الداخل ناحية اليسار وينتظر الهدية المتقنة التي أرسلها هيريرا على شكل عرضية سكنت الشباك.
أهدى إبرا الكأس الثانية ليونايتد منذ وصوله بعد الدرع الخيرية التي كان هو أيضا صاحب هدف تتويج يونايتد بها في الدقائق الأخيرة أيضا.
أن تكون إبراهيموفيتش يعني أن تحطم كل القواعد التي وضعت سابقا فالسلطان السويدي يثبت كل يوم أن السن مجرد رقم وأنه كما العطور يصبح أفضل كلما تقدم في السن.