وصل بيب جوارديولا الصيف الماضي إلى مانشستر سيتي ليبدأ مهمته التدريبية الجديدة في قيادة الفريق الإنجليزي الذي يديره الثنائي الإسباني تيكساكي بيجرستان وفيران سوريانو واللذان جمعا شملهما بالمدرب مرة أخرى بعد أن كانا أصحاب الفضل في تعينه مديرا فنيا لبرشلونة في 2008.
سعى جوارديولا لإدخال أفكاره سريعا على الفريق بمجموعة المدرب مانويل بيللجريني المميزة والتي رغم خبراتها الكبيرة وقوتها إلا أنها كانت تعاني من كبر السن وعدم وجود تغيرات على التشكيلة الأساسية منذ ثلاثة أعوام رغم الصفقات الكثيرة التي تمت وفشل معظمها.
لا أحد ينكر التطور الكبير الذي شهده هجوم مانشستر سيتي على يد الفيلسوف الإسباني رغم أن الفريق كان الأقوى هجوميا دائما مع بيللجريني إلا أنه مع جوارديولا أصبح لا يقهر خصوصا مع دخول الأسماء التي تعاقد معها المدرب إلى التشكيلة مثل ليروي ساني ومن قبله جابريل خيسوس والذي لسوء حظه تعرض لإصابة أنهت موسمه مبكرا مع الفريق.
تطور أداء رحيم سترلينج وعودته مرة أخرى ليتصدر أغلفة الصحف الإنجليزية التي حولت الهجوم عليه لسوء مستواه الموسم الماضي إلى مديح وشعر مع مرور كل جولة يصبح الشاب الإنجليزي أفضل من الجولة التي قبلها.
ولكن المشكلة التي وصل عليها جوارديولا كانت دفاعية ومعه أصبحت كارثة، الفريق الذي لا يقهر هجوميا يستقبل أهدافا بسهولة، وأحيانا لا تستطيع قوته الهجومية تعويضها في بعض المباريات وأخطاء الخط الخلفي كثيرة ومتكررة والسبب هو عدم قدرة الأسماء المتواجدة على تنفيذ أفكار المدرب.
قلق جماهير ومحبي مانشستر سيتي وبيب جوارديولا يزداد كل مباراة كان يتواجد فيها الحارس كلاوديو برافو الذي تعاقد معه الفريق لإمكانياته المميزة في بناء الهجمات ولكن التشيلي أصبح لا يتصدى للكرات الخطيرة منها والسهلة فكانت شباك السماوي تستقبل هدف لكل تسديدة بين الثلاث خشبات عليه.
ولكن ويلي كاباييرو متواجد وجوارديولا تخلى عن الحارس التشيلي مؤقتا لحين إستفاقته من غيبوبته الكروية متأخر نعم ولكن التخلي عنه حدث أخيرا فتحسن المردود الدفاعي للفريق وأصبح هناك "حارس" بين القائمين والعارضة، إضافة إلى ذلك الموسم المقبل قد يشهد عودة الحارس الأرجنتيني روللي المعار لريال سوسيداد.
تم حل مشكلة الحارس ولكن تظل مشكلة قلبي الدفاع فنيكولاس أوتاميندي لا يقدم المستوى الذي تعاقد معه سيتي بسببه من فالنسيا وجون ستونز الذي كلما وضع في موقف ضد مهاجم المنافس وفينسنت كومباني مصاب دائما ولا يوجد حلول أخرى سوى الإستعانة بألكسندر كولاروف في هذا المركز وحاله ليست بالأفضل من الآخريين.
ستونز كان المدافع الذي طلبه جوارديولا هذا الموسم لينضم إلى الأوكراني تشيجرنسكي الذي طلب الإسباني التعاقد معه في برشلونة قبل أن يكتشف أنه لا يصلح لأي شيء.
كونه إنجليزي كان أحد أسباب التعاقد معه بهذا المبلغ الكبير وقدرته على بناء الهجمات ولعب الكرات الطولية هي ما خطفت أنظار بيب وجعلته يقع في حب الإنجليزي الشاب ولكن الأداء بقميص سيتي في أفكار المدرب تظهر فشلا كبيرا.
مشكلة التعاقدات الدفاعية في سيتي ليست بسبب جوارديولا شخصا ولكن طريقة لعب الفريق منذ وصول مانويل بيلجريني ثم جوارديولا لا تصلح للأسماء الدفاعية التي يتعاقدوا معها.
لاعب مثل أوتاميندي كان مميزا في فالنسيا في طريقة لعب مشابهة لما يقوم به في سيتي فهو يلعب دفاع متقدم ومطالب بالإندفاع إلى الأمام للإقتراب من المهاجم بدلا من إنتظاره داخل منطقة الجزاء، في إسبانيا كان هناك من يقوم بتغطيته إذا أرتكب خطأ أو هفوة ولكن في سيتي لا يوجد أحد خلفه، ستونز يحتاج إلى من يغطي وراءه والموسم الماضي كان مارتن ديميكيليس متواجدا وهو أبطئ وأكثر أخطاءها ما ساهم في الظهور السيء لأوتاميندي الذي يحتاج إلى مساندة من الزميل أكثر من كونه يلعب بشكل سيء فهو يقدم كل ما يملك.
تعاقد آخر فشل في سيتي كان مانجالا وهو مثل أوتاميندي وحش مندفع إلى الأمام إما أن يحصل على الكرة أو يرتكب خطأ أو تمر منه بسلاسة وسهولة إن كنت ذكيا فالتفكير بالنسبة للثنائي ليس في قاموسهم قبل الهجوم والإنقضاض على الخصم.
وقبلهم فشل ستيفان سافيتش الذي نجح في فيورنتينا ثم أتليتكو مدريد عندما لعب في خطوط دفاعيه متأخرة وماتيا ناستاسيتش الذي لم ينجح حتى الآن في شالكه الألماني.
عندما كان بيب في برشلونة كان ثنائي دفاعه قلب الأسد المندفع بويول وبجانبه الوتد الثابت الهادئ جيرارد بيكيه، عندما كان يفشل بويول في إيقاف المنافس فخلفه يقف بيكيه هادئها لإفتكاك الكرة من بين أقدام المنافس بكل هدوء وذكاء.
هناك في سيتي كان كومباني يقوم بهذا الدور ووكان من المفترض أن يكون جون ستونز هكذا بالنسبة لجوارديولا ولكنه فشل بشكل مأساوي لقلة الخبرة ولسهولة فقدانه للكرة وإهداءها للمنافس.
وعندما كان يفقد جوارديولا أحد مدافعيه فالحل كان في عودة خافيير ماسكيرانو إلى الخلف، لاعب الإرتكاز الدفاعي الذي يلعب في قلب الدفاع لإفتكاك الكرة وبناء الهجمات وفي بايرن ميونيخ وجده جوارديولا جاهزا في خافي مارتينيز بجانب جيروم بواتينج.
أما في سيتي فلا يوجد الإرتكاز الدفاعي الثابت، فيرناندو فقير فنيا وفيرناندينيو مندفع مثل أوتاميندي بجانب كونه كثير الأخطاء والإنذارات والإيقافات.
بحث سيتي عن مدافع هذا الصيف يجب أن يكون أكثر تخصصا، ليس كل مدافع مميز قادرا على أداء ما يطلبه جوارديولا وليس كل مدافع قادر على تنفيذ مطالب بيب مدافع مميز وهي معضلة كبيرة سيصعب حلها إلا إذا تغير البحث من مدافع إلى لاعب إرتكاز دفاعي يمتلك القدرة على اللعب في الخلف.
الفيلسوف الإسباني يرى أنه لا أهمية لتدريب الفريق على الدفاع فكما علمه أستاذه وأبيه الروحي يوهان كرويف فالدفاع يبدأ من الهجوم وليس بالتأمين من الخلف لذلك فشل المهدي بن عطية في بايرن ميونيخ مع جوارديولا بعدما كان صخرة دفاع في روما فهناك في إيطاليا يقف المدافعون داخل منطقة جزاءهم والزحام في الخلف هو المطلوب لإرباك المهاجمين وتصعيب الأمور أمامهم.
حال بن عطية سيكون الأقرب لمصيره ليوناردو بونوتشي أبرز إهتمامات جوارديولا المطلوبة لتدعيم دفاع السماوي الصيف المقبل، قلب الدفاع الإيطالي مميز في بناء الهجمات من الخلف كما يريده جوارديولا ولا أحد يستطيع الحديث عن قدراته الدفاعية فهو من الأفضل إن لم يكن الأفضل على مستوى العالم حاليا.
لكن بونوتشي لم يتألق ولم يبرز كمدافع مميز إلا عندما شارك مع أنطونيو كونتي ومن بعده ماكسيميليانو أليجري في الدفاعات المتواجدة قريبا من مرماها بعكس طريقة الفيلسوف التي تجعل المدافع أقرب لدائرة المنتصف منها لحارس مرماه وهي ما لم يلعبه الإيطالي من قبل وتبدو فكرة التعاقد معه مخاطرة جديدة لفريق أعتاد دفع الأموال لجلب المهاجمين المميزين ومدافعين يفقدون أبجديات مركزهم فور إرتداء قميصه.
الجميع ينتظر الحل الذي طال إنتظاره من بيب جوارديولا لحل المشكلة الدفاعية المؤرقة التي أضاعت على سيتي العديد من النقاط وستظل تضيع عليه إن لم يصل لحلها وهو ما يضيع مجهودات مهاجميه ويبعد الفريق خطوات عن الفوز بالألقاب المنتظرة.