يفسر قاموس لغة لينجالا، إحدى اللغات المحلية في الكونجو، كلمة ماكيليلي بالضوضاء، وهو بالضبط ما كان يفعل كلود في الملعب.
في الـ18 من فبراير عام 1973 رُزق أندري جوزيف مكاليالي لاعب منتخب زائير بمولود أطلق عليه اسم كلود، وهو اسم فرنسي مشتق من لقب الإمبراطور الروماني كلوديوس الذي وُلد بعاهة ولم تظن العائلة أنه سيكون صاحب شأن كبير لكنه أقام العديد من المشاريع الهامة وتوسع في الإمبراطورية.
ويبدو أن مصير كلود الصغير كان مشابهة لكلوديوس، بالتحديد في ريال مدريد، فنظرة مجلس النبلاء الروماني لكلوديوس كانت نفس نظرة فلورنتينو بيريز لماكيليلي.
"ليس مهاريا ويفتقد للسرعة وتسجيل الأهداف، 90% من تمريرات ماكيليلي للخلف أو لأحد جانبي الملعب، لا يجيد الضربات الرأسية، وتمريراته لا تكون لأكثر من 3 أمتار للأمام. لن نفتقده إطلاقا. لاعبونا الصغار سيجعلوا الجماهير لا تتذكر ماكيليلي".
كان هذا تصريح الرئيس المهتم بجمع النجوم في فريقه الذي أطلق عليه فريق "المجرة" لتواجد النجوم: زين الدين زيدان، رونالدو، لويس فيجو، راؤول جونزاليز وانضم إليهم لاحقا ديفيد بيكهام.
وربما ظن بيريز أن البطولات التي حققها ريال مدريد في وجود مكاليالي كانت بسبب هؤلاء النجوم. لذا رفض زيادة راتب الارتكاز الفرنسي.
ومثلما دخل مكاليالي في صدام مع إدارة نادي سلتا فيجو لرغبته في الرحيل إلى ريال مدريد عام 2000 بعدما رفضت الإدارة زيادة راتبه، دخل مكاليالي في نفس الصدام مع بيريز حتى رحل إلى تشيلسي صيف 2003 مقابل 17 مليون جنيه إسترليني.
في لندن كان كلود مثل البطارية، كما وصفه كلاوديو رانييري بعد أفضل مواسم تشيلسي رقميا في الدوري الإنجليزي الممتاز بعدما حقق الزرق المركز الثاني لأول مرة في تاريخ الدوري.
إنجاز تشيلسي لم يمنع مالك النادي رومان أبراموفيتش من إقالة رانييري والتوقيع مع جوزيه مورينيو في موسم 2004-2005. موسم كلود مع البرتغالي جعله يختاره أفضل لاعب في تشيلسي بعدما حققوا الدوري لأول مرة.
قيمة ماكيليلي الفنية فسرها مدرب فولام كريس كولمان بعد الفوز على تشيلسي في مارس 2006، حيث قال: "خطتنا كانت بسحب مكاليالي إلى طرف الملعب ومنع تواجده في العمق لكي لا يقطع تمريراتنا، هكذا تغلبنا على تشيلسي".
في ذلك الموسم لم يخسر ماكيليلي سوى مباراتين فقط مع تشيلسي، فيما كان فريقه القديم يعاني من هزائم متكررة وفشل كبير.
ثلاثة مواسم بدون بطولات للنادي منذ رحيل ماكيليلي، بعد سبع بطولات حصلوا عليها رفقة الدولي الفرنسي تمثلت في لقبين للدوري ومثلهما للسوبر الإسباني ولقب دوري الأبطال وكأس سوبر أوروبية وكأس عالم للأندية.
افتقاد ريال مدريد لماكيليلي في وسط الميدان فسره قائد الفريق، فيرناندو هييرو، حيث قال: "كلود كان اللاعب الأهم في الفريق لكن الناس لم تكن تلاحظ ذلك، لكننا، نحن اللاعبون، كنا نعرف ذلك جيدا، كنا نعرف أنه الأهم، إذا سألت أي شخص في ريال مدريد في تلك الفترة عن من أهم لاعب في الفريق كانت إجابتهم ستكون: ماكيليلي، رحيله كان بداية النهاية للجلاكتيكوس".
ستيف مكمانمان جناح الفريق السابق اتفق مع قائده هييرو بشأن أهمية مكاليالي، حيث أبرز أهمية زميله الفرنسي في مذكراته التي حملت عنوان: "إل ماكا، 4 سنوات في ريال مدريد"، فكتب: "ماذا يفيد طلاء سيارتك البنتلي بطبقة من الذهب بعد أن قمت ببيع المحرك؟". الجناح الإنجليزي كان يشير لبيكهام بالذهب ولكلود بالمحرك.
وكما كان مصير كلود مشابها لمصير كلوديوس، كان ماكيليلي يطبق معنى اسمه حرفيا في أرض الملعب بازعاج الخصوم بـ"الضوضاء" المتمثلة في الضغط المستمر عليهم واستخلاص الكرة وقطعها وتسليمها لأقرب زميل لتسجيل الأهداف.
ضوضاء افتقدها ملعب سانتياجو بيرنابيو بسبب عدم عودة نجوم المجرة للدفاع مثلما قال الأسطورة الإيطالي أريجو ساكي عندما عمل مديرا رياضيا لريال مدريد موسم 2004-2005: "نحتاج للاعب يجيد قطع الكرة والوقوف أمام رباعي خط الدفاع لحمايتهم بسبب فقر الخصائص الفنية لزيدان وفيجو".
ربما كانت "عاهة" كلود هى عدم قدرته على تسجيل الأهداف في شباك الخصم، لكنه كان يعوض ذلك بمنع الخصم من التسجيل في شباك ريال مدريد، الذي ظل دون أي لقب حتى موسم 2006-2007.
وفي سنوات بحث الريال عن أي لقب، كان مكاليالي يسطر اسمه بحروف من ذهب في جيل تاريخي لتشيلسي بتحقيقه لقب الدوري الإنجليزي موسمي 2004-2005، 2005-2006، وكأس الرابطة موسمي 2004-2005، 2006-2007، وكأس الاتحاد موسم 2006-2007 والدرع الخيرية عام 2005.
تلك الضوضاء التي لطالما أطربت أذان أنصاره وشتت أذهان خصوم، ظلت مستمرة في الملاعب حتى عام 2011 عندما اعتزل وهو بقميص باريس سان جيرمان الذي قاده لتحقيق لقب الكأس موسم 2009-2010، بعد 20 موسما من الإزعاج المثمر الحافل بالبطولات