كتب : إسلام مجدي
لم يفهم أحد ماذا يحدث خلال المباراة، الكثير من الحطام تسير عليه كتيبة حديقة الأمراء في باريس، الأحداث كانت سريعة ومتلاحقة 71 دقيقة فقط كانت كافية لتثبت أن برشلونة ليس ذلك الفريق المخيف الذي لا يمكن التغلب مطلقا.
لكي نفهم ما حدث ليلة الثلاثاء والحطام الكثير الذي خلفه باريس سان جيرمان من دك شباك برشلونة برباعية نظيفة في ليلة الأبطال علينا أن نعود بالزمن إلى بداية الموسم حينما تحدث بلايز ماتويدي لاعب وسط الفريق الفرنسي عن الطريقة الرائعة التي يتعامل بها أوناي إيمري مدرب الفريق مع اللاعبين.
قال ماتويدي :"إيمري يتحدث معنا بالفرنسية ويتواصل معنا عن قرب وهو أقرب لنا بكثير".
وأضاف "لم تكن بداية الموسم جيدة، لكننا اكتشفنا أننا نتحسن مع الوقت وأن ما مضى كانت مجرد فترة انتقالية طبيعية".
دائما كان هناك ذلك التساؤل ما الذي يراه المدرب في أدريان رابيو ليشركه، أو ما الموهبة الفذة التي يمتلكها ليظل ضمن قائمة أفضل لاعبي الوسط في أوروبا على الرغم من صغر سنه؟
صاحب الـ21 عاما وحسب تصريحات إيمري عنه "من الممتع مشاهدته يلعب"، لا عجب في ذلك إنه أحد أفضل من يتحكمون في إيقاع لعب فريقهم، ومن يتحكمون في وسط الملعب، طريقته مشابهة لطريقة كوكي مع أتليتكو مدريد نسخة دييجو سيميوني 2013-2014، لكنه النسخة الدفاعية الأكثر مساهمة في الدفاع عن الهجوم.
رابيو مرر 55 تمريرة منهم 48 صحيحة وتمريرة حاسمة وحيدة والباقي فشل، إضافة لمراوغاته الناجحة إذ أنه فاز بـ4 ضد برشلونة، وكذلك فاز بـ3 اعتراضات للكرة مما يجعله واحدا من أفضل خطوط الوسط في الملعب، إن نظرنا للمعركة في وسط الميدان فبكل سهولة تسيدها.
عمد إيمري للعب بثلاثة محاور ارتكاز في المباراة ومهمته المثالية لم تكن إيقاف ليونيل ميسي أو نيمار دا سيلفا أو لويس سواريز، الخطة كانت هلهلة نبض برشلونة خط وسط البلوجرانا كان الهدف الرئيسي.
خط وسط برشلونة كان عشوائيا بدرجة كبيرة، لم يكن ذلك لمحة عبقرية من إيمري قدر ما كانت هدية كبيرة من لويس إنريكي في مباراة مثل هذه، لم يكن عليك أن تدفع بأندري جوميز بجانب أندريس إنيستا وسيرخيو بوسكيتس، بل البدء بإيفان راكتيتش، وفات الأوان قبل إصلاح تلك الغلطة.
هل ساعد التدوير برشلونة؟ بالرجوع إلى مواجهة سيلتا فيجو والخسارة بنتيجة 4-3 لم يكن الوضع مريحا بكل تأكيد كان يجب أن تكون تلك المباراة بمثابة جرس الإنذار الكبير الذي دق في موعده، لكن لم ينتبه المدرب الإسباني إلى ذلك الأمر.
في وقت سابق كتب خوان خيمينيز محلل صحيفة "آس" الإسبانية قائلا :"مدرب برشلونة قلل من خصمه كثيرا وفي كل مرة يفعل ذلك يعاقب بشدة، برشلونة خلال مواجهة ألافيس نادرا ما كان يسدد على المرمى وافتقر للنجاعة الهجومية ولعب نوعا من كرة القدم بعيدا كل البعد عن فكرته التي يلعب بها كرة قدم".
كانت تلك الكلمات بعد الخسارة من ديبورتيفو ألافيس بنتيجة 2-1 في بداية الدوري الإسباني هذا الموسم.
عملية التدوير التي يقوم بها إنريكي ليس من المفترض أن تكون صحيحة على طول الخط، فما رأيناه ضد باريس سان جيرمان كان أحد نتائجها هلهلة تامة في خط الوسط وارتباك دفاعي كبير.
قال إنريكي عقب المباراة "أتحمل المسؤولية وحدي لا أحد من اللاعبين يتحمل أي شيء، جميعهم فعل ما عليه فعله".
إضافة إلى ما سبق فتكتيكات إنريكي كانت شبه معروفة كليا، والدفاع ضدها لن يكون بالمعضلة الكبيرة.
باريس سان جيرمان دافع بقوة ودائما ما كان لديه لاعب يقطع الكرة وأخر يتسلمها، عملية الضغط تلك كانت ناجحة وساهم فيها ارتفاع معدل اللياقة البدنية للاعبين رأينا على سبيل المثال لا الحصر رابيو يجري في كل مكان بنفس القوة والسرعة.
مثلث هجوم سان جيرمان أنخيل دي ماريا وجوليان دراكسلر وإدينسون كافاني جميعهم سجل وإن دل ذلك على شيء فهذا يعني وبصورة كاملة أن إيمري منح الثلاثة أوامر بالضغط على ثنائية جيرارد بيكيه وصامويل أومتيتي ولم يكن ذلك بالأمر العسير خاصة وأن ظهيري جنب برشلونة لم يتواجدا بالقوة المطلوبة خلال اللقاء.
باريس سان جيرمان جعل برشلونة يلعب مباراته هو وكأن الفريقين قد تبادلا القمصان، الضغط العالي والاستحواذ والتسجيل وجعل الخصم يلعب أمام خط مرماه، كل ذلك حدث للبلوجرانا.
خط وسط برشلونة كما هو موضع في الصورة أدناه لم يكن موجودا بالمباراة، باريس سان جيرمان تمتع بحرية كاملة للغاية في التحرك في خط وسط برشلونة واللعب بأريحية في كل هجمة ضد الفريق الكتالوني.
صورة 2
أندري جوميز لم يكن الخيار المثالي في وسط الملعب، في 58 دقيقة لعبها قبل استبداله كان مستسلما تماما لضغط باريس سان جيرمان ومنح الكرة للخصم 7 مرات وفاز بـ29% فقط من الالتحامات، وبالطبع لم يفز بأي من اعتراضاته لاستخلاص الكرة.
النقطة الأخيرة أن إيمري ربما لم يكن عبقريا لكنه مدرب عرف كيف يستخدم موارده بامتلاكه 3 محاور ارتكاز متميزين جعل المباراة بين أيدي مارك أندري تير شتيجن حارس برشلونة وقد كان ذلك جيدا إذ أن الحارس على الرغم من تصديه لـ6 فرص خطيرة إلا أنه استقبل 4 أهداف في النهاية.
برشلونة لعب بطريقة 4-3-3 نفس طريقة باريس سان جيرمان في المباراة لذا تحكمت الفروق الفردية والتكتيك في نتيجتها، إيمري تفوق وبشدة في اللعب بهذه الطريقة المتميزة والتي نجح من خلالها ببساطة وبأفكار سهلة في السيطرة على وسط الملعب ببراعة ثم هيمن على برشلونة كليا، التحرك بسرعة ونقل الكرة من الطرف إلى العمق واستغلال نقطة ضعف سيرجي روبيرتو كل ذلك منحه أفضلية لا بأس بها.
صرح بوسكيتس عقب المباراة "سان جيرمان كان أفضل منا، على الصعيد التكتيكي والبدني".
وأضاف "الأمر ليس حول السلوك، لقد كانت كرة قدم بحتة، باريس كان الأفضل، والوضع سيكون صعبا في كامب نو، سنحاول كما نفعل دائما".
حسنا تلك ليست كلمات متشائمة من النجم الإسباني قدر ما كانت كلمات واضحة وصريحة والأهم أنها واقعية بشكل رائع، تحليل المباراة بكل بساطة تحولت للعبة رجل لرجل وتكتيكات مدرب يعي جيدا أن الثلاثي الأمامي إن عزل عن بقية الفريق فلا خطورة من برشلونة مطلقا.