حكاية خيسوس - القادم من ضواحي ساو باولو وفتن جوارديولا
الأحد، 05 فبراير 2017 - 17:37
كتب : خالد وهبة
“هناك ثلاثة أنواع من البشر: أولئك من يتخيلون ما سيحدث، أولئك من لا يعلمون ما الذي يحدث، ونحن الذين نجعل الأمور تحدث”
جابريل جيسوس
النادي : أرسنال
عندما أذيعت أغنية A good place ل sabotage في عام 2002 على قناة MTV للمرة الأولى كان جابرييل فيرناندو خيسوس في الرابعة فقط من عمره في الوقت الذي كانت هذه الأغنية تحقق انتشارا واسعا في البرازيل، لكنه يحفظها اليوم ضمن قائمة أغانيه المفضلة على كل حال.
بالاستماع لذلك المقطع من جديد، ندرك جيدا أن جابرييل قد أثبت بقيادته فريق بالميراس للقب الدوري أنه واحدا من أولئك الذين يجعلون الأمور تحدث.
سجل جابرييل 12 هدفا خلال الموسم ليكون بذلك أهم المساهمين في إنهاء صيام بالميراس الذي دام طيلة 22 عاما، حقق “الأخضر” آخر لقب له في 1994.
كان يحلم جابرييل بأن يكون هداف المسابقة المحلية لكنه عانى من الجفاف خلال الجولات الست الأخيرة ليتخطاه اخرين. يأتي مهاجم أتليتكو مينيرو، فريد، على رأس القائمة بأربعة عشر هدفا، لكن ذلك لن يقلل من قيمة ما تم إنجازه خلال عام 2016 بالنسبة لمهاجمنا الشاب.
في عامه الثاني فقط كلاعب محترف، قدم جابرييل القادم من جارديم بيري في الضواحي القابعة شمالي ساو باولو نفسه للجميع بل وأصبح معبودا للجماهير. جنبا إلى جنب مع نيمار، استطاع مهاجم بالميراس أن يفوز بذهبية أولمبياد ريو غير المسبوقة تحت أنظار الأنصار الذي أملوا في تعويض خيبة أملهم في 2014 بعد الخسارة الكارثية بسبعة أهداف أمام الألمان، مرتديا القميص رقم 9 التاريخي الذي ارتداه من قبل الظاهرة رونالدو. سجل خيسوس وحده خمسة أهداف خلال ست مباريات.
القدرة على جعل الأمور تحدث. لفت هذا الأمر أنظار بيب جوارديولا منذ فترة طويلة راقب خلالها الشاب البرازيلي وهو ينضج ولم يخفِ الأمر كثيرا، طلب المدير الفني لمانشستر سيتي من الإدارة أن تأتي له بجابرييل إلى إنجلترا. وبالفعل، تم الاتفاق في أغسطس، سينتقل جابرييل خيسوس إلى أوروبا عبر بوابة مانشستر مقابل 32.75 ملايين يورو بعد مناوشات من برشلونة الذي حاول تجنيد اللاعب أيضا، لكن بيب أغلق الباب في وجه فريقه السابق سريعا وعرض على اللاعب أن ينضم لتدريبات الفريق في يناير 2017.
لقد كان قرارا صعبا على جابرييل، لكن توقه للتعلم والتطور قد انتصر في النهاية. يعلم جيدا أن حياته كانت مليئة بالتحديات، لذلك عليه أن يخوض تحديه التالي مع جوارديولا الذي هاتفه ذات يوم ليؤكد على رغبته في الحصول على خدماته. لا يعرف جابرييل بيب على المستوى الشخصي أو عن قرب، لكن تلك المكالمة هدأت من روع شاب على وشك اتخاذ قرار مصيري قبل حتى أن يكمل عامه العشرين.
إنها القدرة على جعل الأمور تحدث يا جابرييل.
خيسوس هو المهاجم الأساسي في تشكيل المنتخب البرازيلي على الرغم من صغر سنه، أمر كان من شأنه أن يثير اهتمام جوارديولا الذي يفضل العمل مع الشباب صغار السن من أجل تطويرهم وتطويعهم داخل منظومته الهجومية التي تمتاز بالاستحواذ الدائم على الكرة. على الرغم من ذلك، قد نراه يلعب على الجناح. يفضل في الأساس أن يلعب على الجناح الأيسر بدلا من أن يلعب كرأس حربة صريح، لكنه مستعد للعب في أي من المركزين كما صرح في وقت سابق.
يعلم خيسوس أن لدى بيب متطلبات خاصة من جميع لاعبيه حتى المهاجمين منه لذلك، كان ذكيا في أولى تصريحاته عقب انتهاء الصفقة عندما قال: “أستطيع أن أتخلى عن مركزي في الأمام من أجل تقديم الواجبات الدفاعية لأن الرقابة الجيدة أو استخلاص الكرة من الخصم قد يؤديان في النهاية إلى هدف لفريقي. أحب أن أرى نفسي كلاعب متعدد المهام”.
يدرك جابرييل جيدا أن أفضل المعارك يخوضها أفضل المحاربين، ستقوده رغبته في التعلم إلى الاستماع كثيرا لنصائح وتعليمات بيب ليتطور ويتأقلم سريعا هناك. في المقابل، يؤمن به المدرب الإسباني كثيرا ويعتقد أنه سيصبح في غضون سنوات قليلة واحدا من كبار اللعبة في العالم.
عقب الإعلان عن إتمام الصفقة قال جوارديولا:
“عندما تأتي له الكرة فهي هدف. تستطيع أن تشتم رائحة الأهداف تفوح منه ونحن نشتري أهدافا، هذا ليس سهلا اليوم. نحن سعداء لأنه لن يساعدنا خلال الموسم الحالي فقط، بل مستقبلا كذلك”
“أريد فقط أن أساعده وأن أطور من قدراته”
“لدينا لاعبين برازيليين مثل فيرناندو وفيرناندينيو مما سيسرع من عملية تأقلمه معنا”
سيذهب جابرييل إلى مدينة مانشستر لكنه لا ينسى أبدا الكلمات التي غناها Sabotage قبل 14 عاما..
“المكان الجيد مبني على التواضع.. لا تنسى ذلك”
رغم كل شيء، لا ينسى جابرييل فريقه الذي وضعه في هذه المكانة العالية سريعا. حتى مع تهافت سكان مدينة ساوباولو ومقاطعة جوارالاهوس تحديدا عليه في المطار قبل مباراة كروزيرو. الإعجاب بجابرييل ليس حصريا فقط على جمهور بالميراس، أصبح هذا الشاب مثار حديث البرازيل بأكملها. وحتى مع كل الكلام عن انتقاله إلى انجلترا، كان يردد دوما “عقلي مع بالميراس فقط”. أراد جابرييل أن يمنح الناس هناك شيئا قبل أن يغادر، ليس هناك أفضل من أن يكون سببا في تتويج بالميراس بالدوري.
“الفوز بالدوري سيكون أفضل وداع لي بالنسبة لي”
لكن الأمور أخذت تتعقد بالنسبة له. ابتعد جابرييل عن المشاركة مع بالميراس من أجل منتخب بلاده الذي سجل له 6 أهداف وصنع 4 اخرين في 6 مباريات فقط، فترة رائعة من عمره لكن جماهير بالميراس كانت تريده هناك معها. عقب مباراة بيرو الأخيرة مثلا، أعاده النادي إلى البرازيل في طائرة خاصة من أجل المشاركة في الدوري. الجفاف أصاب حاسته التهديفية، لكنه تلقى الدعم من مدربه عقب مباراة أتليتكو مينيرو: “جماهير بالميراس تقدر هذا الفتى جيدا”.
“سنذهب إلى المعركة، لنجرب حظنا، ولنكن أقوياء”
أنهى جابرييل خيسوس الفصل الأول من حكايته في بالميراس ويستعد الآن للمنافسة على مركز في التشكيل الأساسي لجوارديولا، سيجد هناك رجلا آخرا يحبه الجميع وهو سيرخيو أجويرو. على فتى جارديم بيري أن يثبت نفسه الآن في مانشستر سيتي.
على الرغم من النجومية التي وصل لها جابرييل، خاصة بعد النصف الثاني من عام 2016، إلا أنه لا يبقي نفسه على مسافة بعيدة من أصدقاء طفولته وجيرانه في جارديم بيري. يختصر جابرييل الأمر في جملة واحدة “إنه المكان الذي أحب أن أكون به دوما”.
متأثرا بزميله الأكبر، نيمار، رسم جابرييل وشما على ذراعه مطابقا تماما لذلك الذي رسمه نيمار في 2014 على ساقه من الخلف: الوشم الذي يظهر ضواحي ساوباولو حيث يقف طفلا حاضنا الكرة بذراعه اليمنى وينظر للضواحي وقد كتب في الأعلى اسم المنطقة التي ولد بها جابرييل.
هناك في جارديم بيري، يعتبر الجميع جابرييل خيسوس بطلا محليا. تفاجأ سكان الضواحي في صباح يوم ما بوجود رسم لجابرييل بقميص منتخب البرازيل على حائط قام أحدهم بتلوينه وكتب أسفله “أستطيع أن أترك جارديم بيري، لكنها لن تتركني أبدا”.