كان هذا هو المنتخب المصري الأقوي خلال العشر سنوات الأخيرة، وربما لسنوات خمس أخرى ستأتي.
تحت القيادة الفنية المتميزة لعبده صالح الوحش اجتمع تشكيل مميز ضم لاعبين يتألقون أفريقيا مع الأهلي والزمالك والمقاولون العرب، وعلي رأسهم محمود الخطيب أفضل لاعب أفريقي لعام 1983، وزملائه: الحارسان ثابت البطل وإكرامي، والمدافع ربيع ياسين ولاعب الوسط مجدي عبد الغني، والمهاجم زكريا ناصف، ومن الزمالك شارك نجم الدفاع إبراهيم يوسف وزميله عادل عبد الواحد.
أضف إلى هؤلاء نجوم المقاولون علي شحاتة وناصر محمد علي وحمدي نوح ومحمد رضوان، ونجما الدراويش عماد سليمان و محمود حسن.
كما انضم إلى هذه الكوكبة اثنين من نجوم منتخب الناشئين الذين تألقوا في كأس العالم في أستراليا 1981 وهما هداف البطولة طاهر أبوزيد الذي نضج وأصبح من أبرز نجوم القارة وزميله المدافع الصلد حمادة صدقي القادم من المنيا، كما شهدت البطولة المشاركة الأولي لأسطورة غزل المحلة شوقي غريب.
كانت مصر قد غابت عن بطولة 1982 التي استضافتها ليبيا بسبب خلافات سياسية، ومن ثم عاد المنتخب متشوقا لاستعادة لقب إفريقي غاب عنه منذ عام 1959.
وضعت القرعة مصر في المجموعة الأولي جنبا إلي جنب مع كوت ديفوار الدولة المنظمة والكاميرون الفريق الذي تألق في كأس العالم 1982 وفشل منتخبا إيطاليا وبولندا أول وثالث العالم في هزيمته، بالاضافة إلي الوافد الجديد منتخب توجو.
في حين ضمت المجموعة الثانية حامل اللقب غانا بقيادة أوبوكو نتي نجم أشانتي كوتوكو والذي حل ثانيا في استفتاء مجلة "فرانس فوتبول" لأفضل لاعب إفريقي خلف الخطيب، والجزائر التي أيضا تألقت في كأس العالم بنجومها بلومي وماجر وعصاد، ونيجيريا القوية بالإضافة إلى مالاوي.
افتتح الفريق المصري مبارياته بمواجه الأسود الكاميرونية غير المروضة بملعب فيليكس هوفويت-بواني تحت منظار الحكم الإثيبوبى جبريسوس تيفوسى، واصطدم الفراعنة بفريق يضم الحارس العملاق توماس نكونو والمدافع القائد أبيجا والنجوم مفيدي وإيبونجي والأسطورة روجيه ميلا.
كان اللقاء يتجه نحو التعادل السلبي العادل بين الفريقين، الا أن اللاعب رقم 12 في الفريق المصري الذي كتب علي الشاشة اسمه "سيد أبو" خطأ بدلا من "طاهر أبو زيد" استفاد من ضربة حرة علي مسافة 30 مترا ليسدد كرة زاحفة سكنت مرمي الأسود في الدقيقة 76 لتخطف فوزا هاما للفريق المصري.
في المباراة الثانية دخل منتخب كوت ديفوار المباراة مستفيدا من عاملي الأرض والجمهور ونجاحه في افتتاح البطولة بفوز بثلاثية نظيفة علي توجو في ظل تألق نجمه الكبير يوسف فوفانا، وبعد شوط أول سلبي نجح باسكال ميزان في إحراز هدف التقدم، إلا أن المنتخب المصري تماسك ونجح خلال خمس دقائق في إحراز هدفين لنجمه طاهر أبو زيد بيسراه أحدهما من الوضع طائرا. لتنتهي المباراة بضمان الفراعنة التأهل للدور الثاني.
في نفس الوقت كان منتخب الكاميرون يسحق توجو بأربعة أهداف لهدف، ليتصارع مع أصحاب الأرض علي المركز الثاني في الجولة الأخيرة. لينجح الأسود في حسم الصراع بفوز بهدفين نظيفين والتأهل في المركز الثاني خلف المنتخب المصري الذي اكتفي بتعادل سلبي مع توجو .
ليأتي الدور على مباراة الدور نصف النهائي بمواجهة صعبة لمصر في مواجهة النسور النيجيرية التي احتلت المركز الثاني خلف الجزائر.
بداية المباراة شهدت هجوما مصريا كاسحا أسفر عن هدف لعماد سليمان، تبعه تسديدة يسارية أخرى لصاحب القميص رقم 12 ليرفع رصيده لأربعة أهداف ضمنت له لقب هداف البطولة.
احتفلت الجماهير المصرية مبكرا بالتأهل للنهائي، الا أن نيجيريا حصلت علي ضربة جزاء قبل نهاية الشوط الأول حولها ستيفان كيشي في الشباك.
وفي الشوط الثاني أهدر لاعبو المنتخب أكثر من فرصة محققة، فيما نجحت نيجيريا في خطف هدف التعادل بخطأ قاتل من لاعب الدراويش محمود حسن، ويتم تمديد المباراة لشوطين إضافيين، يفشل خلالهما الفريقان في حسم المواجهة ما نقل المباراة إلي ضربات الترجيح، حيث نجح الفريقان في تسديد أول خمس ضربات ثم أخفق محمود حسن وعادله لاعب نيجيريا قبل أن يخفق إبراهيم يوسف وينجح لاعب نيجيريا لتنتهي المغامرة المصرية في ساحل العاج!
وأمام الجزائر في مباراة المركز الثالث سيطر الاحباط علي أداء الفريق ليخسر 3-1 بأسوأ أداء في البطولة وجاء الهدف الوحيد عن طريق مجدي عبد الغني.
كان هذا هو الأداء الأبرز للمنتخب المصري في كأس الأمم الأفريقية خلال السبعينات والثمانينات خارج أرضه، ووضع الأساس للفريق الذي نجح في استعادة اللقب الأفريقي في الدورة التالية التي استضافتها مصر عام 1986.