حكاية تيفيز.. كيف يمكن أن تغير 80 مليون يورو مبادئك

أثار انتقال النجم الأرجنتيني كارلوس تيفيز إلى شنجهاي شنهوا غضب جماهير يوفنتوس لإيطالي خصوصا أن الأباتشي كان قد قرر الرحيل عن البيانكونيري منذ موسمين بسبب رغبته في العودة إلى بلاده والبقاء بجانب عائلته.

كتب : عمر ناصف

السبت، 31 ديسمبر 2016 - 20:51
كارلوس تيفيز

أثار انتقال النجم الأرجنتيني كارلوس تيفيز إلى شنجهاي شنهوا غضب جماهير يوفنتوس لإيطالي خصوصا أن الأباتشي كان قد قرر الرحيل عن البيانكونيري منذ موسمين بسبب رغبته في العودة إلى بلاده والبقاء بجانب عائلته.

ودعت جماهير يوفنتوس هدافها ونجمها المنتقل إلى بوكا جونيورز مفضلا العائلة والوطن على أموال النادي الإيطالي التي وصلت إلى 5 مليون يورو في الموسم قابلة للزيادة إن أراد ولكنه رحل من أجل البقاء بجانب عائلته وبراتب وصل إلى نصف ما كان يتقاضاه في إيطاليا.

ظلت جماهير يوفنتوس تتذكر تيفيز بالخير حتى جاء الخبر الصادم، المهاجم الأرجنتيني الذي تركهم من أجل عائلته مهاجما الأموال وتحكمها في كرة القدم رحل إلى الصين تاركا عائلته وناديه الذي نشأ فيه من أجل راتب خيالي هو 40 مليون يورو.

تيفيز صرح في 2010 "من السيئ رؤية كل هؤلاء اللاعبين يركضون خلف المال بدلا من البحث عن الأمجاد والبطولات، لقد أصبحت كرة القدم تتمحور حول المال وأنا لا أحب ذلك".

ولكن كل تلك المبادئ نسيها صاحب الـ32 عاما فور وصول عرض النادي الصيني "غير القابل للرفض".

دائما ما لعب تيفيز على وتر العائلة والوطن خصوصا مع إنتقاله إلى مانشستر سيتي ثم يوفنتوس فدائما ما كان يتحدث عن رغبته في العودة إلى الأرجنتين ونادي بوكا جونيورز من أجل البقاء بجانب أسرته.

وكان رحيله عن يوفنتوس مدفوعا بحادث جلل لأسرة اللاعب عندما تعرض خاله الذي يعتبره مثل والده، سيجوندو تيفيز، للخطف في يونيو 2014 ولم يكن المهاجم الأرجنتيني قادرا على التواجد بجانب عائلته في ذاك الوقت الذي لحسن حظهم مر بسلام سريعا.

ذلك سرع من رحيل اللاعب عن البيانكونيري نحو بلاده والعودة إلى بوكا جونيورز للبقاء بجانب عائلته.

حياة اللاعب الأرجنتيني مليئة بالصعوبات والصراعات منذ الصغر بداية من مولده في حي إجيركتو دي لوس أنديس وهو ليس فقط من أفقر أحياء بوينس أيريس ولكن أخطرها أيضا فهناك الشرطة غير مسموح لها بالدخول للحي وإلا ستكون العواقب وخيمة.

وبعد أشهر قليلة من مولده تعرض الأرجنتيني لحادث كاد يودي بحياته حيث أسقط بالخطأ ماء مغلي عليه ليتعرض لحروق في الوجه والصدر بقى على إثرها الطفل الذي لم يكمل عامه الأول بعد في العناية المركزة لشهرين.

تلك الحروق يرفض تيفيز التخلي عنها حتى مع إغراءات بوكا جونيورز في صغره وأطباء التجميل بعد شهرته لإخفائها معتبرا إياها علامة تدل على مسيرته الصعبة لا يجب أن يخفيها أو ينساها أبدا.

مآسي الأرجنتيني الصغير لم تنتهي ففقد والده في أوضاع فقيرة والدة مدمنة للكحوليات وفي حي تخاف أن تسير فيه وحيدا في النهار وليلا يكفي أن تفتح نافذتك لتجد نفسك في أحد مشاهد هوليود لحروب الشوارع بين العصابات.

ولكن لحسن حظه فخاله كان عطوفا عليه وعلى بقية أخوته فاعتنى بهم جيدا رغم الفقر المدقع ولم يكن هناك ما يشغل اللاعب عن فقره والحياة الصعبة التي يعيشها سوى ملعب بمرمى محطم بجانب منزلهم.

"كنا نلعب بكرات تنس محطمة لغياب الإمكانيات عنا لشراء كرة حقيقية، في الشارع الأوضاع أمتع في اللعب ولكن إن أراد أحد أثناء اللعب أن يحطم وجهك بقدمه فلن يوقفه أحد".

ولم يركل تيفيز كرة قدم حقيقية سوى عندما أكمل 11 عاما ولكنه تعرض كثيرا للركل واللكمات في الشارع وهو ما أدى إلى تواجد أسنان محطمة وأخرى معوجة.

وكان لتيفيز الأختيار إما إستكمال حلمه الذي بدأ بعمر السادسة عندما شاهد لأول مرة مارادونا يلعب في التلفاز مع بوكا جونيورز ليصبح مثله أو يتجه إلى الشارع ويصبح تاجرا للمخدرات أو عضو عصابة من أجل حماية أهله وإخوته فأختار الطريق الأول بينما صديق عمره في اللعب والأفضل مهاريا داريو كرونيل اختار الثاني، وقتل في حادثة إطلاق نار مع الشرطة بعد إحدى السرقات.

شاهده المدير الفني نوربينتو بورباتو المدير الفني لناشئي أل بويز ليعجب به ويتحدث لخاله سيجوندو والذي لم يجد المال الكافي لشراء حذاء لأبن أخته ولكن المدرب قرر الإعتناء بذلك وتوفير الحذاء لصاحب الستة أعوام.

وفي 1997 جذبت إمكانياته بوكاجونيورز فقاموا بضمه بعد صراع مع أل بويز انتهى لصالح بوكا وأضطر تيفيز من أجله الإستغناء عن كنية أبيه ألبيرتو مارتينيز وإستخدام أسم عائلة والدته وخاله "تيفيز".

ووصل راتب تيفيز إلى 200 دولار شهريا أستغله في مساعدة خاله وعائلته التي قامت ببيع منزلها من أجل محاولة مواصلة العيش والتغلب على الفقر خصوصا مع أزمة إقتصادية كبرى ضربت الأرجنتين أدت إلى طرد سيجوندو من عمله ولولا تيفيز لكانت النهاية مختلفة لهم.

من هنا بدأت مسيرة النجاح للأرجنتيني وانتقل إلى اللعب في الفريق الأول وهو لم يكمل ال16 عاما بعد لتبدأ مسيرة لأرجنتيني الذي مر على كورينثيانز والجارين في مانشستر ثم يوفنتوس قبل العودة إلى بوكا جونيورز مرة أخرى بعد 11 سنة من تركها.

لم ينسى اللاعب عائلته طوال تلك الفترة فكان دائم الزيارة لهم ورعايتهم بجانب رعاية الأطفال الفقراء في الأرجنتين مؤمنا بأن الحياة فرص وأنه حصل على فرصة للهروب من الفقر وحياة الجريمة ونجح فلا بد من توفير تلك الفرص لبقية الأطفال.

ولا يريد تيفيز أن يحرم أولاده الثلاثة من أبويهم كما حدث معه في صغره فدائما ما يقدم لهم ملامح المحبة وأبرزها إحتفاليته المهداة لإبنته الصغرى مع كل هدف له وقبل ذلك كتابة اسم "فلوريسنا" ابنته الكبرى بوشم على جسده.

تيفيز تزوج من صديقة طفولته التي صعدت معه سلم المجد منذ البداية وأم أولاده الثلاث منذ أيام وفي نفس وقت الفرح كان منزله في بوينس ايريس يتعرض للسرقة من قبل إحدى العصابات المحلية.

العرض الصيني و40 مليون يورو في العام الواحد كان كفيلا لتيفيز لتغيير طريقة تفكيرة فالبقاء بجانب عائلته جيد ولكن المشاعر لن تعوض 80 مليون يورو سيحصل عليهم اللاعب في موسمين في الدوري الصيني بعيد عن ضغوط المنافسة.

ليس ذلك فقط فوقت الطيران من أوروبا إلى بوينس أيريس يعتبر نصف ذاك الذي سيقطعه اللاعب من شنجهاي إلى مدينته الأرجنتينية والذي يصل وقت الطيران المباشر بينهم إلى 23 ساعة وأكثر.

تيفيز خسر مبدأ هو بنفسه من وضعه لحياته وخسر احترام وتقدير جماهير يوفنتوس ولكنه في النهاية قد فاز بملايين لم يكن ليحلم بها يوما الطفل الأرجنتيني قبل عشرين عاما ولكنها استحقها تعويضا له عما عاناه في صغره.