حصاد 2016 – محرز.. الذي ترك الموت خلفه ليرفع علم العرب عاليا

الجمعة، 30 ديسمبر 2016 - 17:45

كتب : معتز سيد

من هو؟

رياض محرز. 25 سنة. جزائري.

لمحة عنه

وُلد رياض محرز في الـ21 من فبراير لعام 1991 في فرنسا.

ولكن الأزمة أبدا لم تكن في فرنسا بل في الحي الذي نشأ فيه محرز وهو حي سارسيل.

سارسيل هو حي يبعد عن شمال العاصمة باريس بمسابقة لا تتعدى الـ10 أميال فقط. ولكن الأهم إنه الحي الأخطر في فرنسا. منذ 1950 وحتى يومنا هذا دائما ما ترتبط الجرائم والأحداث الكارثية بحي سارسيل "الأخطر في باريس بل وفرنسا بشكل عام" والسبب في إنه يُعد ملجأ للمهاجرين المستقرين.

يجمع الحي، المغاربة والجزائريين والمسلمين واليهود والعديد من العقائد المختلفة ومن هنا دائما ما تأتي النزاعات وعمليات القتل في كل مكان ويصبح أي شخص مهدد في أي لحظة بالموت.

عن تلك الأحداث كتب صحفي فرنسي منذ أكثر من 11 عاما: "ما يحدث أصبح شيئا ثابتا. مواجهات عنيفة دائما بين المهاجرين وأصحاب البشرة السمراء واليهود. الأمر ثابت ومتكرر". نعم في هذا الحي الذي نشأ محرز وحاوطه الموت بشكل دائم حتى أثناء ممارسته كرة القدم في الشارع.

هنا تدخل الأب فتغير كل شيء.

الأب والأزمة غير المنتظرة

أحمد محرز والد رياض مارس كرة القدم في أكثر من نادي جزائري وفرنسي ولذلك كان يمتلك تلك النظرة التي تميز الموهوب عن الشخص العادي. ولذلك أكتشف موهبة نجله وأصر على تطويرها ولاحظ مهاراته الرائعة بالقدم اليسرى.

وألحقه بأحد أندية الهواة في باريس. بالتأكيد رياض محرز كان يعشق والده. ولكنه أيضا كان كالمعلم بالنسبة له.

فيقول محرز في مقابلة صحيفة مع صحيفة (جارديان) في بداية هذا الموسم: "والدي كان دائما معي ودائما ما كان يساعدني".

"هو لعب في أكثر من فريق في فرنسا والجزائر ولذلك يعرف ما يقوله بالتمام ولذلك استمع إليه دائما جيدا".

كل ما سبق من تعليم وإلحاق بناد كان قبل ما يبلغ محرز من العمر 15 سنة ولكن عندما وصل إلى هذا العمر تلقى ما لم يتمناه نهائيا أن يحدث. وفاة والده أحمد محرز عن عمر 54 عاما بسبب أزمة قلبية حدثت بعد عملية جراحية في القلب. والحال يتغير 180 درجة الآن.

" لا أعلم ما حدث بي عقب وفاة والدي. ولكني شعرت بأن كل شيء يتغير. الوقت يتقلص والحياة تصبح أقصر وأقصر. شعرت بأن الجد بدأ الآن وعلي القتال وبذل الجهد لتحقيق حلم والدي". هكذا تحدث محرز عن وفاة والده. الذي انفجر في الملاعب من أجل تحقيق حلم والده وهو أن يصبح لاعبا محترفا الكل يتحدث عنه.

الضعيف والقوي

بعد وفاة والده انتقل محرز إلى فريق كويمبر كورنوال الفرنسي الذي يلعب في الدرجة الخامسة في فرنسا. وقتها تولى مهمة تدريب وتطوير محرز، محمد كوليبالي -مُدرب شاب-. ومع أداء محرز المتقدم والرائع انتقل إلى نادي لو هافر الفرنسي العريق الذي تأسس عام 1872.

ولكن لم يشارك مع الفريق الأساسي وشارك مع الفريق الثاني. وتحدث محمد كوليبالي عن محرز في تلك الفترة في حديث مطول مع مجلة فرانس فوتبول الفرنسية منذ أكثر من عام قائلا: "كان نحيفا للغاية. وهذه كانت أكبر عيب به. ولكنه كان يمتلك ما هو مميز دائما داخل الملعب. تحركاته السريعة ولمسته المهارية. هذا إلى جانب الشجاعة والشخصية وهذا ما يتميز به الكبار".

وهو أيضا ما اتفق عليه محرز، قائلا: "كنت ضعيفا ونحيفا للغاية ولم أكن قويا ولكنني بذلت قصارى جهدي وقتها".

مع الفريق الثاني لنادي لو هافر شارك محرز في أكثر من 60 مباراة ونجح في تسجيل 25 هدف. ليتم تصعيده للفريق الأول موسم 2013 ويواصل التألق والتسجيل واللمعان بالقدم اليسرى.

وواصل اللمعان مع لو هافر قبل أن يقرر الرحيل إلى إنجلترا حيث المجد الذي كان في انتظاره. مجد ليستر سيتي.

2016 = رياض محرز

عام سيبقى في الذاركة. سيبقى في ذاكرة رياض محرز وفي ذاكرة كل عاشق ومشجع لكرة القدم الإنجليزية وكل مواطني الجزائر والبلدان العربية.

محرز يقود ليستر سيتي لتحقيق معجزة القرن والتتويج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز.

الجزائري سجل 17 هدفا وصنع 10 في 37 مباراة له بالدوري الإنجليزي، في موسم تتويج ليستر.

عام فريد من نوعه جعل محرز يتوج بلقب أفضل لاعب في إفريقيا (بي بي سي) ويصبح المرشح الأوفر حظا بالتتويج بجائزة الاتحاد الإفريقي لأفضل لاعب في القارة. كما جاء في المركز السابع في قائمة فرانس فوتبول للاعبين المرشحين للفوز بالكرة الذهبية. جائزة توج بها كريستيانو رونالدو.

ليقول محرز: "أنا متأثر للغاية، بالنسبة لأي لاعب أن يكون ضمن المراكز الـ10 الأولى في قائمة الكرة الذهبية لفرانس فوتبول حلم، بالإضافة لذلك أنا في المركز السابع، وأنهيت في مركز ممتاز خلف لاعبين رائعين".

"عرفت أن بإمكاني أن أفعلها، لكن أن أجد نفسي في المركز السابع في قائمة فرانس فوتبول للكرة الذهبية 2016، على بعد 3 مراكز من ميسي ونيمار ورونالدو، إنه شيء قوي ولا يصدق، أعتقد أن عملي قد كوفئ ويجب أن أستمر، تلك ليست النهاية، إنها مكافأة علي أن أؤكدها بمستواي أن أكون في القائمة يتطلب تأكيدا على مستوى عالي".

رياض كتب التاريخ للجزائر والعرب أيضا بعدما أصبح ثاني جزائري يحصد جائزة بي بي سي لأفضل لاعب في إفريقيا.

وكذلك اللاعب العربي الرابع الذي ينجح في حصد الجائزة بعد محمد بركات ومحمد أبو تريكة وياسين براهيمي.

سنة محرز الرائعة لم تكن فقط مع ليستر سيتي بل أيضا بقميص المنتخب الجزائري.

ما الذي ينتظره في 2017؟

التحدي الأكبر في حياة محرز سيكون بقميص الجزائر.

أمم إفريقيا الجابون 2017 وتصفيات كأس العالم، روسيا 2018.

فهل سينجح محرز في كتابة التاريخ مع الجزائر؟

التحدي الأخر سيكون مع ليستر سيتي لمحاولة قيادته إلى بر الأمان في الدوري بعد موسم سيء للغاية حتى اللحظة لكتيبة كلاوديو رانييري.

إلى جانب الوصول إلى أبعد نقطة ممكنة في دوري أبطال أوروبا.

وسجل محرز منذ بداية الموسم 7 أهداف وصنع 4 خلال 23 مباراة بقميص ليستر في 3 بطولات.

التعليقات