كتب : عمر ناصف
قطع الرباط الصليبي.. كابوس كل لاعب في كرة القدم وقضى على العديد من المواهب الشابة التي فشلت في تجاوز آثاره بجانب اعتزال آخرين خاصة في الدوريات الأدنى بسبب المشاكل الاقتصادية والتكلفة الباهظة للعملية والعلاج.
في البداية يعتبر الرباط الصليبي واحد من أربعة أربطة مهمة تحافظ على ثبات المفاصل ولكنه رغم أهميته فهو الأكثر عرضة للإصابة والقطع خصوصا مع التغير المفاجئ في اتجاه الحركة أو التواء الركبة مع السقوط.
ويربط الصليبي بين عظمتي الفخذ وقصبة القدم ويمنع حركتها إلى الأمام ومع انقطاعها يفقد اللاعب القدرة على ثني الركبة.
ويوجد رباط صليبي أمامي وهو الأشهر في الإصابات بين لاعبي كرة القدم ويعتبر كابوسا لهم، وتحتاج الجراحة إلى فترة راحة وإعداد تتراوح من ستة إلى ثمانية أشهر على حسب حجم القطع وسن اللاعب وبنيانه العضلي.
كما يوجد رباط خلفي وهو نادر الانقطاع ولا يوجد حالة مشهورة للاعب تعرض لتلك الإصابة إلا كيرت زوما مدافع تشيلسي والذي قطع رباطه الخلفي بسبب السقوط الخاطئ أثناء القفز.
ويتم إجراء الجراحة غالبا بعد عدة أسابيع من الإصابة حتى تزول أعراض التورم حول الرباط المصاب وقد يتم إجراءها مبكرا على حسب الرأي الطبي للطبيب المعالج.
وتثار العديد من التساؤلات حول مستوى اللاعبين بعد العملية خصوصا أن الأطباء يؤكدون على نجاح العملية واللاعب يصبح جاهزا للمشاركة في المباريات ولكنه يعود جسد بلا روح غير قادر على العطاء بعدها بنسبة كبيرة.
تقرير FilGoal.com يناقش هذا الموضوع وبدأ بتوجيه سؤال إلى دكتور بجاد محمد سامي طبيب نادي وادي دجلة السابق والمتخصص في الإصابات البدنية والتأهيل.
السؤال كان "انخفاض المستوى بعد الرباط الصليبي سببه نفسي أم بدني؟".
وأجاب طبيب دجلة "المشكلة مشتركة بين مشاكل عضوية المسؤول عنها الطبيب بشكل كبير بداية من عدم الاهتمام بالتأهيل الكافي قبل إجراء العملية مرورا بمشاكل في طريقة إجراءها".
واستدرك "لكن هذا نادرا ما يحدث فيكون العامل النفسي هو السبب الأهم في انخفاض مستوى اللاعب وابتعاده عن الملاعب".
ثم تابع "اللاعب يظل لفترة طويلة بعيدا عن الملعب وعند عودته يخاف من الحركة والتدخلات، حالة اللاعب البدنية قبل العملية مهمة أيضا خصوصا التوافق العقلي والعضلي".
وضرب مثالا بثنائي الأهلي عمرو جمال وأحمد حجازي الذي تعرض لتلك الإصابة سابقا فقال: "عمرو جمال كان لم يمتلك توافقا بدنيا وعقليا كبيرا قبل الإصابة ولذلك بعد الجراحة أصبحت المشكلة واضحة".
وأضاف "بينما أحمد حجازي فلم تظهر تلك المشكلة عليه نظرا للياقته البدنية المميزة من قبل العملية فلم تواجهه أزمة تؤثر على مستواه وطريقته في الملعب".
وانتقل إلى نقطة أخرى وهي "مسؤولية المعد البدني" فقال: "تشاهد كثيرا تعرض اللاعب للعديد من الإصابات العضلية التي لم تكن تأتيه سابقا بعد إجراء جراحة الرباط الصليبي ويكون السبب في ذلك المعد البدني".
وكشف "الاهتمام بعناصر اللياقة والمرونة والسرعة وإهمال الاهتمام بباقي عضلات القدم خصوصا العضلة الأمامية والخلفية يؤدي إلى ذلك، إضافة إلى استعجال اللاعب نفسه والتسرع في الانتقال من مرحلة تأهيلية إلى أخرى".
وأتم قائلا: "في إنجلترا يتم تعين طبيب نفسي للاعب العائد من عملية الرباط الصليبي لإعداده للعودة مرة أخرى إلى الملاعب والتدريبات وإبعاده عن الضغوط والتي قد توضع عليه خصوصا من مدربيه وجماهير فريقه التي تنتظر عودته سريعا إلى مستواه المعهود قبل الإصابة".
انتقلنا إلى الحديث مع مصطفى المنيري طبيب الزمالك، ليتحدث لنا أكثر عن كيفية إجراء الجراحة نفسها.
وقال لـFilGoal.com: "في البداية كان يتم تقريب الأطراف الممزقة لتلتئم وفشلت تماما كما فشلت محاولات الربط بين تلك الأجزاء بالغشاء الخارجي للعضلة الأمامية".
واستكمل "تم تجربة استخدام غشاء الركبة بدلا من العضلة الأمامية ففشلت المحاولات أيضا ومعها زادت إمكانية الإصابة بخشونة الركبة، ليتم تجريب الربط بين طرفي الوتر بقضيب كاربون ولكنها فشلت فشلا ذريعا أيضا".
المنيري تابع "إلا أن تم تجربة نقل رباط صليبي من جثة متوفي إلى المصاب حققت النجاح مع سرعة شفاء الرباط وعودة المصاب إلى الملعب سريعا ولكن صعوبة الحصول على الأوتار بتلك الطريقة حال دون انتشار التجربة".
واستدرك "حاليا يتم أخذ قطعة من وتر عضلة أخرى للربط بين الأطراف الممزقة وهي الأشهر والأكثر استخداما ومازال البحث جاريا عن طريقة أكثر نجاحا".
وعن رأيه في أسباب انخفاض مستوى اللاعب بعد الإصابة قال: "السبب نفسي وعضوي، فكما قلنا يتم نقل الوتر من مكان آخر وهو ما يؤدي إلى صعوبة اللاعب في الإحساس بحركته كما كانت مع الرباط الطبيعي".
وأردف "على الجانب النفسي يكون اللاعب خائفا من معاودة الإصابة له لذلك تجد حركاته كلها بحذر وهو ما يحتم ضرورة إخضاع اللاعب لإعداد نفسي جيد قبل عودته إلى المباريات بجانب إعداد بدني مناسب أيضا لطول فترة غيابه عن ممارسة اللعبة".
وأوضح المنيري "هناك حاليا اختبارات تتم بالـDNA وهي تحدد مدى إمكانية تعرض اللاعب للإصابات من عدمها والعضلات الأكثر عرضة للإصابة".
وأتم "ذلك فسر الإصابات الطويلة والمستمرة لبعض اللاعبين وغياب الإصابات عن آخرين ومثل تلك التحاليل مفيدة للإعداد البدني من أجل الابتعاد عن أسباب الإصابة للتقليل من عددها".
ومن هنا انتقل FilGoal.com إلى المتخصصين في الإعداد البدني، فتحدث مع أنيس الشعلالي المعد البدني للنادي الأهلي.
واتفق الشعلالي مع طبيب وادي دجلة في العديد من النقاط ولكنه أضاف "تكمن المشكلة أيضا في طريقة إجراء الجراحة خصوصا إن قام الطبيب بالاستعانة بوتر من مكان آخر في الجسد".
وشرح "ذلك يجعل اللاعب يفقد إحساسه السابق بالوتر وهو ما يؤثر كثيرا على الحركة وتحديدا عند تغير الاتجاه، مما يعيقه بشكل كبير عما كان يقوم به سابقا بجانب التكسل العضلي وذلك يحتاج إلى الوقت والتدريب كثيرا من أجل إعادة إحساس اللاعب بعضلاته كما كان".
وتابع المعد التونسي "إضافة إلى إهمال التأهيل الصحيح لبقية العضلات مما يؤدي إلى ضعفها عن سابقا ويؤثر على أداء اللاعب".
وانتقل الشعلالي إلى العنصر الأهم من وجهة نظره وهو العنصر النفسي فقال "اللاعب يهاب الموقف خصوصا في الملعب ففي عقله الباطن يتذكر كيف كانت إصابته الأولى فيصبح خائفا خصوصا في الموقف الذي تعرض فيه للإصابة سابقا".
وضرب مثالا "يظهر الفارق واضحا في التدريبات ومستوى اللاعب بها، ومستواه في المباريات وخوفه من الالتحامات والتدخلات".
وأشار الشعلالي إلى أن ضعف التأهيل قد يصبح مسؤولا عن الإصابات المختلفة التي تأتي للاعبين بعد الرباط الصليبي قائلا "السبب بالتأكيد لا يكون الرباط الصليبي ولكن ضعف الإعداد البدني لبقية عضلات القدم مما يجعلها أكثر عرضة للإصابة".
وأردف "إضافة إلى عامل الضغوطات النفسية التي يتم وضعها على اللاعب مما يجعل تفكيره مشتتا أكثر في الملعب ويعرضه للإصابات العضلية المتتالية".
كما تواصل FilGoal.com مع مايكل ليندمان المعد البدني الهولندي السابق للنادي الأهلي فقال: "نجاح الجراحة ونجاح برنامج التأهيل يكملان بعضهما البعض".
ثم أضاف "ويجب على اللاعب الصبر في فترة ما بعد العملية خصوصا في العلاج الطبيعي ومحاولة شغل النفس بشيء بعيدا عن الإصابة والتأهيل".
وتابع ليندمان "عندما يعود إلى الكرة يكون اللاعب كالطفل في لمسته للكرة خوفا من الإصابة لذلك تجد دائما تمريرات بعض اللاعبين قصيرة للغاية".
وشرح "هنا يأتي دور الإعداد البدني ومدرب الأحمال والعمل مع اللاعب لفترة قد تمتد إلى شهرين لمساعدته على تجاوز مخاوفه وقلقه من الكرة والانتكاس عن طريق التشجيع والثناء على اللاعب مع كل حركة يقوم بها حتى لو كانت بسيطة وذلك لإشعار اللاعب بالإنجاز الذي يقوم به ومده بالشجاعة والثقة بالنفس".