تكتيك في الجول (7) – الفوضى المنظمة في الاتحاد السوفيتي خلقت طريقة 4-2-4
الخميس، 22 ديسمبر 2016 - 19:11
كتب : محمد البنا
وصلت كرة القدم المتطورة إلى الاتحاد السوفيتي في وقت متأخر إلا أن بصمة بوريس أركادييف أول محلل سوفيتي كبير كان لها أثرا كبيرا في تاريخ اللعبة.
يواصل الأب روايته لنجله في الحلقة السابعة من سلسة (تكتيك في الجول) التي يقدمها FilGoal.com مقتبسة من المحلل الشهير جوناثان ويلسون في كتابه Inverting The Pyramid: The History of Soccer Tactics
يمكنك قراءة الحلقات السابقة بالضغط هنا) تكتيك في الجول(
البداية
لم يؤدي تغيير قانون التسلل في طريقة اللعب التقليدية 2-3-5 "الهرم" في الاتحاد السوفيتي إلى تغييرات كبيرة في المستوى الخططي.
لكن كل هذا تغير في 1937 عندما وصل فريق إقليم الباسك "الإسباني" في جولة بالاتحاد السوفيتي لخوض عدة مباريات ودية، كانت لها اهتماما بالغا من خلال وسائل الإعلام لندرة مواجهة الفرق الأجنبية وقتها.
نجح الباسك المدعم بستة لاعبين من منتخب إسبانيا في الفوز 5-1 أمام لوكوموتيف وانهزم فريق دينامو 2-1 وتعادل مع لينجراد السادس 2-2 وفازوا على المنتخب السادس لمجلس دينامو المركزي 7-4.
كل هذا اعتمد الباسكيون على طريقة "دبليو إم" وهو ما جعل نيكولاي ساروستين المدير الفني لفريق سبارتاك استدعاء منتخب من كل الفرق ليواجههم بطريقتهم ذاتها.
وحول ساروستين لاعب الوسط المدافع إلى ظهير ثالث لتقليل فاعلية مهاجمي الباسكيين، وقال ساروستين: "سبارتاك استخدم النسخة الدفاعية من طريقة دبليو إم من خلال تعزيز الظهيرين بإضافة ظهير ثالث وعند الضرورة يتراجع ظهيرا الطرف إلى الخلف".
حظت مواجهة الباسكيون باهتمام بالغ حتى أن أعضاء منظمة الشباب الشيوعي الروسي وأعضاء الحزب كانوا يبيتون في معسكر التدريب نظرا لأهمية المباراة.
وبالفعل نجح سبارتاك في العودة من تأخره بهدفين إلى فوز 6-2. فنجحت طريقة ساروستين حديثة التطبيق في روسيا.
قائد الثورة الروسية
انتصارات الباسك في روسيا أثارت اهتمام بوريس أركادييف الذي جعل نفسه أول محلل سوفيتي كبير في كرة القدم وقاد دينامو موسكو واشتهر بذكائه النادر في الثلاثينيات.
قرر أركادييف إجراء تعديلات تكتيكية بما وصفه "اللاعب الحر في الهجوم"
وجود الظهير الثالث أجبر الفرق الروسية في التحرك بحرية في الملعب لأسباب لا تتعلق بالتكتيك.
ويقول أركادييف واصفا الموقف التكيتيكي: "يكون لديك أربعة مهاجمين من إجمالي خمسة يتخذون مواقع سليمة ويتحركون للأمام والخلف في المنطقة المخصصة لهم، ثم تجد فجأة لاعبا واحدا يبدأ في التحرك القطري والعرضي وهذا ما جعل الأمر صعبا على الفريق المدافع لرقابة هذا اللاعب".
كان هدف أركادييف هو إيجاد الشكل المحسن من طريقة "دبليو إم" وعقد محاضرة لمدة ساعتين للاعبي فريقه لم يتحدث عن أي شيء غير التكتيك.
الفوضى المنظمة
ومع بداية الموسم كانت النتائج مخيبة ثم تحسنت بعد ذلك، وبدأ تدريجيا في إخراج لاعبي فريقه من الإطار التقليدي لطريقة دبليو إم.
فأضاف الطابع الروسي على الطريقة التي ابتكرها الإنجليز. فمنح الحرية لخط الهجوم.
فيقول أركادييف على تطبيق طريقته في إحدى المباريات: "أربكنا الخصم ونزعنا منه أسلحته الدفاعية بتحركاتنا المفاجأة، فسجل جناحنا الأيسر أهدافه من موقع قلب الهجوم، وجناحنا الأيمن أحرز من موقع المهاجم ورأس الحربة سجل من الأطراف".
وصفت تحركات مهاجمي دينامو موسكو في الصحف ب"الفوضى المنظمة".
ويشرح أركادييف استخدامه حرية اللاعبين قائلا: "مع رقابة لاعبين معينين في الفريق الخصم، يصبح من المنطقي على المستوى التكتيكي أن تجعل كل الهجوم وخط الوسط يتجولون بحرية في الملعب".
4-2-4
مع التحركات بحرية لخط الهجوم بدأت تدريجيا طريقة 3-2-2-3 "دبليو إم" للتحول إلى 4-2-4.
ويعتقد أكسيل فارتانيان المؤرخ المرموق لكرة القدم السوفيتية أن أركادييف هو أول من نشر أربعة لاعبين في خط الظهر.
انتقل أركادييف إلى من دينامو إلى سسكا سنة 1943 وواصل فوزه بالبطولة خمس مرات قبل أن يتم حل النادي.
ورغم رحيل أركادييف عن دينامو، ظل فريقه يطبق سياسته التي أربكت حسابات الإنجليز في مواجهة ودية مع تشيلسي.
لدرجة أن ألبرت تينانت اشتكى من تحركات لاعبي دينامو قائلا: "كان الروس يتحركون طوال الوقت ووجدنا صعوبة في مجاراتهم".
وكتب دافي ميكيلجون القائد السابق لفريق رينجرز في صحيفة (ديلي ريكورد): "تبادل الروس أماكنهم لدرجة أن المهاجم الأيسر كان يلعب في الجناح الأيمن والعكس، لم أر في حياتي هذه الطريقة في كرة القدم، كانت عملية متابعة اللاعبين في مراكزهم كما هي مرسومة في الخطة أشبه بالبازل الصيني، يتنقلون ببساطة هنا وهناك كما يريدون، ولا يحدث تداخل بينهم قط".
تدريجيا ومع حرية لاعبي الوسط في دعم الهجوم وتكليفهم بأدوار دفاعية بدأت طريقة 4-2-4 في الظهور.