يؤمن زيدان بأنه يمتلك نجمة حظ تساعده دائما منذ أن كان لاعبا ومستمر تأثيرها معه وهو مدرب مما يجعله يستمتع بالأمر.
الحديث عن حظ زيدان يستمر يوما بعد يوم بعد النتائج التي يحققه فريقه في الدوري الإسباني، لكن ما قدم المدرب الفرنسي مع ريال مدريد في مباراة ديبورتيفو لاكورونيا يثبت أن زيدان لا يعتمد على حظ بقدر ما يجيد قراءة المباريات واللعب على التفاصيل.
مع استبعاد العناصر الأساسية استعدادا للمشاركة في كأس العالم للأندية المقام باليابان؛ اعتمد زيدان على خاميس رودريجيز وإيسكو وأسينسيو خلف المهاجم موراتا في تشكيل الفريق، فيما شارك كروس للمرة الأولى بشكل أساسي منذ عودته من الإصابة بجوار كاسميرو في خط الوسط، وتولى دانيلو مهمة الجانب الأيمن وناتشو الجانب الأيسر بالإضافة لراموس وبيبي في خط الدفاع.
4-2-3-1 كانت سمة ريال مدريد في الشوط الأول من المباراة بوجود أسينسيو في الجناح الأيمن وخاميس في الأيسر وإيسكو في مركز صانع الألعاب.
وجود هذا الثلاثي خلف موراتا لأول مرة معا أفقد الفريق السرعة في بناء الهجمة كما جعل جعل الفريق يظهر دون تنظيم في التمركز في الحالات الهجومية، فنجد أن الثلاثي كان يعود للخلف للحصول على الكرة للصعود بها بدلا من البقاء في الجناح لخلق مساحات وعمل ثنائيات مع الظهير، وهو ما أثر على انطلاقات دانيلو على الجانب الأيمن وكذلك ناتشو في الجهة الأخرى بسبب طبيعة أسينسيو وخاميس التي تفضل اللعب في عمق الملعب بدلا من الطرف.
هنا مثلا نجد الثلاثي في الخلف للحصول على الكرة، مما أعطى الفرصة للديبور للعودة وإعادة التنظيم الدفاعي.
ما قد نصفه بالعشوائية الهجومية لريال مدريد في الشوط الأول؛ استغله ديبورتيفو لاكورونيا جيدا وسيطر على الكرة وتبادلها بسهولة بين لاعبيه بالتحديد جيل وبابل وكولاك بمساعدة من المهاجم أندوني، خصوصا وأن وسط ريال مدريد افتقد للاعب يجيد قطع الكرة بجانب كاسميرو.
وهو ما زاد من استحواذ الديبور على فترات في الشوط الأول، مع اعتماد زيدان على أسلوب 4-1-4-1 في الحالات الدفاعية، بصعود كروس بجوار إيسكو للضغط على حامل الكرة، على أن يبقى كاسيميرو في الخلف ليقوم بعملية التأمين.
هذا الأسلوب أثر على الفريق بالسلب في عملية قطع الكرة من الديبور، فنجد أن الريال قام باعتراض الكرة 9 مرات فقط خلال اللقاء.
في الشوط الثاني ومع تقدم الديبور في النتيجة، قرر زيدان خروج أسينسيو الذي لم يقدم المطلوب منه على الجناح الأيمن، والدفع بالجناح بلوكاس فاسكيز وسحب إيسكو والدفع بالمهاجم الشاب ماريانو لاستغلال فعاليته على المرمى وحماسه الذي ظهر في كل لقطة لمس فيها المهاجم الدومينيكاني، واللعب بثنائي في المقدمة.
وقبل الخوض في تفاصيل تلك التغييرات، علينا أن نشير لماذا دفع زيدان بفاسكيز وفضله على داني كارفاخال.
بعيدا عن قدرة فاسكيز الهجومية والدفاعية وقدرته على إرسال الكرات العرضية واللعب على خط الملعب، وهى الصفات التي يتمتع بها كارفاخال أيضا، لا يحتاج فاسكيز لوقت للدخول في المباراة عندما يلعب بديلا على عكس كارفاخال.
وهو ما تؤكده الأرقام: فاسكيز شارك في الموسم الماضي مع ريال مدريد 19 مرة كبديل، ونجح في صنع 6 أهداف وسجل 4، أي أنه بديل مثالي.
باللعب بثنائي في المقدمة تحول انتشار الفريق الرقمي لـ4-4-2 صريحة، بوجود فاسكيز يمينا وخاميس يسارا وماريانو وموراتا في قلب الهجوم.
لكن وجود خاميس يسارا جعل الريال يفتقد لصانع ألعاب يتمركز في عمق الملعب، ولم يفلح الكولومبي في إرسال كرات عرضية لثنائي الهجوم.
هذه اللعبة توضح هذا الأمر.
راموس يصعد للأمام لمحاولة بناء الهجمة ومساندة كروس وكاسميرو في إجهاض أي هجمة مرتدة.
يمرر راموس لخاميس المتواجد في اليسار.
لكن خاميس يفشل في إرسال عرضية صحيحة بسبب الحصار الدفاعي، بالمناسبة كانت هذه العرضية الوحيدة التي قام بها الكولومبي من الناحية اليسرى.
كما جعل ثنائي الطرف على الوسط ملتزم بواجبات دفاعية وقيد كروس من الصعود للأمام بسبب مساندة الدفاعية أيضا.
شكل الفريق الدفاعي في أسلوب 4-4-2، هل يمكن لفريق يريد الانتصار أن يدافع بهذا الكم في الدقيقة 77؟ بالتأكيد لا.
لذا لجأ زيدان للدفع بمارسيلو وتغيير الانتشار الرقمي للفريق لـ3-5-2، وهو ما ظهر بإشارة مارسيلو لرفاقه عقب نزوله أرضية سانتياجو بيرنابيو.
تغيير أسلوب اللعب كان من أجل إرسال الكرات العرضية، واستغلال قدرة ماريانو، موراتا على اللعب بالرأس، كما جاء الاعتماد على ثلاثي في الخط الخلفي لتأمين الدفاع عند صعود راموس للأمام.
لعب راموس بين بيبي وناتشو، فاسكيز ينطلق في اليمين ومارسيلو في اليسار، كاسيميرو أمام ثلاثي أو ثنائي الدفاع حال تقدم راموس، كروس يقوم بالتمرير بعرض الملعب أو طوله لتدوير الكرة، وخاميس صانع ألعاب كلاسيكي خلف ثنائي هجومي.
لاحظ أين يتواجد راموس في كرة الهدف الثاني الذي سجله ماريانو.
دخول خاميس في عمق الملعب وتواجد مارسيلو في اليسار نشط الجبهة اليسرى وأضاف للريال أجنحة هجومية تعوضه ما أفتقده في الشوط الأول من سرعة في بناءا الهجمة والتحول من الدفاع للهجوم، بالإضافة لقدراتهم على إرسال كرات عرضية.
ما فعله زيدان من تغييرات وتحولات في طريقة اللعب وتعليمات للاعبيه، نجح في حسم اللقاء لصالح ريال مدريد بعدما حول الفريق تأخره في النتيجة وانتصر بنتيجة 3-2 واستمر في صدارة الليجا برصيد 37 نقطة بعد مرور 15 جولة.