كتب : فادي أشرف
العالم ليس في مرحلة التأكيد أو التشكيك فيما يفعله أنطونيو كونتي مع تشيلسي، فمنذ أن خسر من أرسنال بثلاثية دون رد قبل شهرين والأمر تغير في ستامفورد بريدج بشكل كامل.. 7 انتصارات متتالية مع استقبال هدف وحيد فتحول من فريق مبتعد بـ10 نقاط عن القمة لآخر يحتل الصدارة مع وصولنا للجولة الـ13.
الحديث هنا ليس عما إذا كان تشيلسي سيفوز بالدوري أم لا، بل عن عهد جديد للفريق الذي كان قبل موسمين بطلا للدوري الإنجليزي وضيف دائم على ربع نهائي دوري الأبطال قبل أن ينزلق لمنتصف الترتيب بشكل كارثي.
يرى فيل ماكنالتي كبير كتاب هيئة الإذاعة البريطانية – ومعه ربما معظم الـ4.7 مليار شخص المتابعون للدوري الإنجليزي – إن كونتي ومعه يورجن كلوب مدرب ليفربول مدربان تحب رؤيتهم على الخطوط، تلك الإنفعالات التلقائية والتفاعل مع الجمهور ومع كل كرة بعكس طائفة "المدربين الكبار"، بيب جوارديولا مثالا، ودون البعد عن صلب الموضوع، يرى ماكنالتي أن ما يفعله كونتي خارج الملعب هو من أهم أسباب صحوة تشيلسي وعهده الجديد.
في تقريره الذي ينقله FilGoal.com دون التقيد بترتيبه ومع بعض الإضافات، يضع ماكنالتي بعض الأسباب التي تضع تشيلسي في مقدمة فرق الدوري الإنجليزي وتكتب له عهدا جديدا في كرة القدم الإنجليزية والأوروبية.
التحكم في النار
"كونتي هكذا في كل مباراة وفي كل حصة تدريبية، هذا رائع بالنسبة لنا لأن هذا يجعلنا دائما في قمة تركيزنا وجاهزيتنا". ثيبو كورتوا حارس مرمى تشيلسي.
نعود إلى تسجيل مباراة تشيلسي مع توتنام، سترى كونتي في كل نقطة من منطقته الفنية. يعترض على الحكم الرابع ويصرخ في لاعبيه في شوط أول ربما هو الأسوأ لتشيلسي منذ تغيير الرسم التكتيكي من 4-3-3 إلى 3-4-3 إلى أن سجل بيدرو رودريجيز التعادل في الدقيقة 44.
رغم ذلك، تحكم كونتي في النار التي ينشرها داخل منطقته الفنية عند دخوله غرفة ملابس تشيلسي فرأينا تعديلات تكتيكية داخل الملعب قادت تشيلسي للسيطرة التامة على توتنام ما أدى إلى الفوز في النهاية.
مسرحية كاملة يقوم بها كونتي على الخط، ولكنه أبدا لا يفقد تركيزه في الأوقات التي تتطلب قرارات تكتيكية هامة وهو ما اتضح أمام توتنام بالذات.
متطلب ومتواضع.. مطرقة وسندان
"علينا أن نواصل العمل والتطور وأن نظل متواضعين"، هكذا قال كونتي نفسه. علينا هنا أن نعود لمشوار كونتي الذي أبدا لم يكن مثل جوارديولا مثلا الذي بدأ من برشلونة. نحن هنا نتحدث عن مدرب تم رفده من أريتزو في الدرجة الثانية الإيطالية في أول مهامه التدريبية قبل أن يبدأ مجددا مع باري وأتالانتا وسيينا ثم يوفنتوس حيث فاز بـ3 ألقاب متتالية للدوري قبل أن يقدم أداء محترم مع إيطاليا في يورو 2016.
تواضع كونتي لا يمنع أنه مدرب متطلب، وصفته جريدة "لا جازيتا ديللو سبورت" يوما ما بـ"المطرقة" ولتلك التسمية قصة.
عدد من لاعبي يوفنتوس إبان فترة كونتي قالوا إنه من الطبيعي أن يتلقوا مكالمة منه في الحادية عشر مساء يخبرهم بتعديلات في النظم التدريبية الفردية الخاصة بهم، كما أنه في تشيلسي الآن يتابع النظم الغذائية للاعبين بنفسه كل يوم.
كونتي من قبل علق على كونه مدرب متطلب "هناك مواقف تتطلب منك أن تكون مطرقة ومرات تتطلب منك أن تكون سندان يتحمل الضرب، على الجهاز الفني أن يفهم دوره كسندان أيضا".
في الوقت نفسه يقول عنه زميله في الملاعب جيانلوكا فيالي "كرة القدم هي حياة كونتي. قلبه داخل الشعار على قميصه. لا يريد أن يكون شخصا أخر، بعد المباراة هو شخص هادئ وسعيد ولكن داخل الملعب هو فقط يريد الفوز".
بين المطرقة والسندان، يتم تشكيل شيء ما رائع وهو هنا تشيلسي هذا الموسم.
غرفة ملابس تشيلسي
غرفة ملابس تشيلسي من الممكن أن تكون واحدة من الأصعب في التعامل معها في الدوري الإنجليزي، ويقال عنها كثيرا أنها كانت سبب في رحيل مدربين وقدوم أخرين.
5 أشهر مرت من الموسم ولا يمكن القول إن كونتي فشل في السيطرة على غرفة ملابس تشيلسي، مع الوضع في الاعتبار أن أيقونة بحجم جون تيري لا تبارح دكة البدلاء إلا نادرا.
في محادثة مع زميله السابق ويليام جالاس، قال تيري "إن لم أعد للتشكيل فذلك يعني أن تشيلسي يفوز. نحن في الوقت الحالي لا نستقبل أهداف وهذا يعني أننا من الممكن أن نفوز بالدوري، في وجودي أو لا هذا لا يشكل أي فارق".
يمكن أن نفسر تصريحات تيري بأنها نابعة من قائد حقيقي ومشجع للفريق، ومن الممكن أيضا أن نقول أنها تصريحات لاعب لا يستطيع المطالبة بالمشاركة لأن الفريق يفوز ولكن في الحالتين حقق كونتي المعادلة الصعبة وهي السيطرة على غرفة ملابس تشيلسي.
قرارات أخرى، مثل تحجيم دور نجم أيقوني أخر هو سيسك فابريجاس في حين يعتمد على لاعبين أقل في النجومية مثل فيكتور موزيس وبيدرو رودريجيز، والاستفادة التامة من سلوك دييجو كوستا - له ما له وعليه ما عليه - في الملعب، تثير الإعجاب فيما يخص سيطرة كونتي على غرفة ملابس تشيلسي.
في مباراة توتنام، رأينا كوستا يتعرض للضربات من دفاع توتنام دون رد عنيف متوقع منه. وضع هذه التصرفات في سياقها يعيدنا لحادثة طلبه التغيير أمام ليستر سيتي ليتفادى الحصول على إنذار وتفويت مباراة مانشستر يونايتد.. هنا علم كوستا أن عليه الحفاظ على سجله الإنضباطي دون مساعدة من المدرب.
كيف تسببت ثقة كونتي في حدسه في تحويل تشيلسي إلى ماكينة قلما تخطئ
حفلة من أرسنال كانت السبب – ربما يندم عليها أرسين فينجر فيما بعد مع نهاية الدوري – غير بعدها كونتي كل شيء.
تحويل الخطة الرقمية وطريقة اللعب تسبب في تقليل نسبة الإستحواذ للفريق – 56% مع رباعي الدفاع مقابل 52% في وجود ثلاثي خلفي – مع تقليل نسبة التسديدات في كل مباراة التي وصلت لـ16.7 تسديدة في كل مباراة منذ بداية الدوري وحتى مواجهة أرسنال لتصل إلى 15.4 تسديدة في المبارايات التالية ولكن النتيجة.. 7 انتصارات متتالية مع استقبال هدف واحد فقط وتسجيل 19.
ماكينة عدل فيها كونتي أمور جوهرية، أصبحت إنتاجيتها لا تضاهى في إنجلترا.
النتائج أثبتت أن كونتي ليس رجلا عنيدا، ولكنه مرن وقابل للتغير لإخراج الأفضل من مجموعة لاعبيه ولهذه الأسباب نرى تشيلسي على قمة الدوري الإنجليزي.