في عيد ميلاده.. كوبر "كابيللو الأرجنتيني" الذي لا يمكن أن يدرب بالاك
الأربعاء، 16 نوفمبر 2016 - 16:01
كتب : أمير عبد الحليم
تخيل هيكتور كوبر يدرب مايكل بالاك في فريق واحد، ربما النحس الذي لازم المدرب الأرجنتيني في أوروبا يحكي كل شيء عن الصعود والهبوط في مسيرة الرجل الذي كسر اليوم حاجز الـ60 سنة.
حسنا، بالاك نفسه الذي يعد أبرز اللاعبين المحترفين خسارة للنهائيات لا يتخيل "أراهن على أنه لا يوجد شخص خسر نهائيات أكثر مني غير كوبر".
لكن كوبر صاحب الذي يحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ61، لديه أكثر من النحس ليحكيه لنا أبطال مسيرته التي بدأها من الأرجنتين مع لانوس بكأس أبطال أمريكا الجنوبية 1996 وهو الاستثناء الوحيد في قاعدة النحس.
المنحوس صاحب الرأس الكبيرة
"أريد الفوز هذه المرة. أحيانا تشعر أن هذا دورك لتفوز ولكن عليك العمل بقوة والاستعداد بشكل مختلف".. هيكتور كوبر قبل نهائي دوري أبطال أوروبا 2001 ضد بايرن ميونيخ.
الحقيقة أن النحس لم يزامل كوبر على مقعد المدير الفني فقط، لكنه بدأ معه منذ كان لاعبا.
اشتهر كوبر بلقب "كابيزون" أو "الرأس الكبيرة" منذ كان لاعبا، وهي تسمية مزدوجة تشير إلى إجادته لضربات الرأس بشكل رائع، بجانب كونه العقل المفكر داخل الملعب.
ويقول كارلوس جريجول، مكتشف كوبر في فريق فيرو كاري وأحد أشهر المدربين في الأرجنتين، أنه صاحب فكرة تسمية كوبر بـ"الرأس الكبيرة"، مبينا "عرفته وهو في سن الـ18، كان قليل الكلام، يتحدث فقط حين يكون الكلام ضروريا، تكفيه نظرة ثاقبة على زملائه ليتواصل معهم، كما أنه كان الأفضل في ضربات الرأس على سطح الكوكب، لم يكن طويلا، لكنه بارع في توجيه رأسه".
ويحكي الصحفي الشهير مارسيلو كالفينتي "كوبر كان لاعبا مؤثرا في الدفاع خاصة في ألعاب الهواء، لم يتمتع بمسيرة كبيرة وقضى 10 سنوات مع فريقه الأول فيرو، وكان الإنجاز الأكبر له بتمثيل منتخب الأرجنتين في الفترة من 1982 حتى 1984".
كوبر فاز مع فيرو مرتين بالدوري عامي 1982 و1984 وهذا فتح له الطريق للانضمام إلى منتخب الأرجنتين. لكن الأبواب كانت مغلقة أمامه دائما في كأس العالم.
تركه سيزار لويس مينوتي في مونديال 1982، وفعلها كارلوس بيلاردو أيضا في المكسيك 1986 ليحرمه من شرف التقاط صورة الأبطال خلف مارادونا.
اعتزل كوبر كرة القدم قبل أن يحقق إنجازا يفخر به. لكن بسبب الرأس الكبيرة بات مدربا بعد اعتزاله بـ3 سنوات فقط.
وكمدرب، خسر كوبر 5 نهائيات مع الفرق التي دربها هذا طبعا غير خسارة الإسكوديتو مع إنتر ميلان في الجولة الأخيرة من موسم 2002-2003 لصالح يوفنتوس.
"كنت حزينا عندما رحل كوبر عن إنتر ميلان، كان شخصا مسؤولا وواقعيا ولكنه للأسف دفع ثمن خسارة الإسكوديتو في الجولة الأخيرة". خافيير زانيتي قائد النيراتزوري التاريخي.
مع ريال مايوركا في 1998 بدأ نحس كوبر في النهائيات، فمايوركا خسر من برشلونة في الميستايا بـ9 لاعبين بعد أن تقدم أولا عن طريق جوفان ستانكوفيتش لكن ريفالدو أنقذ لويس فان جال بالتعادل.
حتى في ركلات الترجيح، لمست أصابع كوبر الكأس للحظات عندما أهدر فيها ريفالدو و ألبرت سيلاديس ثم لويس فيجو لبرشلونة لكن مايوركا أهدر 4 مرات.
رغم الانتقام من برشلونة في السوبر، إلا أن النحس لم يترك كوبر في نهائي أبطال الكؤوس في نهاية الموسم الذي خسره من لاتسيو القوي الذي كان يقوده سفين جوران إريسكون 2-1 بهدفي كريستيان فييري وبافيل نيدفيد.
رحل كوبر إلى فالنسيا لكن النحس لم يتركه، وكانت الضربة الأكبر بخسارة نهائي دوري أبطال أوروبا مرتين متتاليتين، على يد ريال مدريد 3-0 ثم من بايرن ميونيخ بركلات الترجيح. لم يكن دوره كما شعر.
حتى عندما ساءت الأمور واتجه إلى اليونان، خسر مع أريس سالونيك فرصة معانقة المجد بالتتويج بالكأس وخسر من باناثينايكوس نهائي 2010.
يتمم الصحفي الأرجنتيني مارسيلو كالفينتي "لا يمكن اعتبار المدرب الذي يلعب عددا من النهائيات في أوروبا فاشلا، فما فعله كوبر يحظى بكل التقدير من جماهير لانوس والكرة الأرجنتينية بشكل عام".
كابيللو الأرجنتيني
يقول جوسيب جوارديولا: "كوبر هو ملك الدفاع، من الصعب جدا أن تهزم فريقا يقوده كوبر".
تشبيه طريقة لعبه بالإيطالي فابيو كابيللو بدأ مبكرا جدا قبل حتى أن يدرب أي فريق أوروبي، ولذلك كان هذا العنوان في انتظاره عندما حط الرحال في إسبانيا مع ريال مايوركا.
هكذا اختارت الصحافة الإسبانية أن تقدم المدرب المجهول الذي أطلقت عليه اسم "كابيللو الأرجنتيني"، وربما كانت الطريقة الأفضل لإثارة جماهير مايوركا حيث كان كابيللو الأصلي يدرب ريال مدريد.
"تعاقد مايوركا مع كوبر كان لغزا حقيقيا وهو مدرب غير معروف في أوروبا. لا أحد يعرف كوبر" .. الصحفي الإسباني جونزالو مازاراسا عضو مركز البحوث لتاريخ وإحصاءات الكرة الإسبانية.
الأجواء الاحتفالية في مايوركا بالعودة إلى الدوري الممتاز بعد غياب 7 سنوات كانت أكبر من خبر التعاقد مع كوبر الذي لا تعرفه الجماهير، ولكن المهم هو أن يبقى بالفريق ضمن الكبار.
كوبر بدأ في بناء فريق من مطاريد الفرق الأخرى مثل إيفان كامبو وإنريكي روميرو بالإضافة إلى ضم كارلوس روا وأوسكار مينا وجابرييل أماتو من الأرجنتين وهم يعرفون طريقة لعبه جدا.
يعود لنا الإسباني جونزالو مازاراسا ليكشف "مايوركا تحول لواحد من أقوى الفرق الدفاعية التي يمكن أن تقابلها في حياتك، لازلت أتذكر الطريقة التي كان يدرب كوبر بها لاعبيه قبل بداية الموسم. كان يطلب منهم الركض فترات طويلة دون توقف ودون لمس الكرة وهذا منحهم قدرات بدنية هائلة ثم أضاف إليهم القوة الدفاعية".
في الموسم الأول لكوبر بإسبانيا مع الفريق العائد حديثا لليجا، كان فالنسيا فقط أكثر من سجل في مرماه بثلاثة أهداف. كان الفريق مميزا جدا في استغلال الكرات الثابتة رغم قصر قامة أغلب لاعبيه.
ما فعله مايوركا في موسمه الأول كان بمثابة ثورة في الكرة الإسبانية، فريق صاعد حديثا أنهى الدوري في المركز الخامس وخسر نهائي الكأس من برشلونة بركلات الترجيح.
ولم تتوقف الثورة، فمايوركا في موسم كوبر الثاني انتقم من برشلونة وتوج بالسوبر، أنهى الدوري في المركز الثالث ليتأهلوا إلى دوري الأبطال وخسروا نهائي كأس أوروبا لأبطال الكؤوس من لاتسيو.
يكشف هيكتور كوبر "لن أبذل جهدا لأحصل على تصفيق الجماهير، أفعل ذلك من أجل الفوز بالمباريات والألقاب".
في فالنسيا الأمور مختلفة، صحيح أن الفريق بعيد عن منصات التتويج منذ فترة وتوج بالكأس كأول بطولة بعد غياب 19 عاما، لكن بالتأكيد هو ليس الفريق الصاعد حديثا مثل مايوركا.
"كوبر.. ارحل" غنتها له جماهير فالنسيا عندما خسر أول 4 مباريات في الليجا وطالبوه بالاستقالة كثيرا.
في فبراير 2000 على الميستايا، عندما قرر إخراج المهاجم كلاوديو لوبيز في الدقيقة 90 ضد ريال مدريد والنتيجة تشير للتعادل 1-1، رفعت له الجماهير المناديل البيضاء.
بعد أسابيع قليلة كان كوبر سيواجه نفس المناديل البيضاء ضد مايوركا، عندما بدأ المدافع يواكيم بيوركلوند في إجراء الإحماء لكن المدرب غير رأيه عندما بدأ صياح الاستهجان يخرج من مدرجات الميستايا وأشرك صانع الألعاب أوسكار جارسيا.
"جماهير فالنسيا تطلب المزيد من المخاطر والترفيه، أنا أحب فريقي أن يلعب كرة قدم هجومية ولكن أنا لا أذهب إلى الانتحار أو إعطاء الهدايا للمنافسين".. كوبر عن الانتقادات.
كذلك دافع جايزكا مندييتا قائد فالنسيا عن مدربه "ليس من العادل أن تنتقد الجماهير المدرب عندما نكون في صدارة الليجا ونسير بشكل جيد في دوري الأبطال".
وأكمل "يجب أن يفهم الناس أن الأمور تكون صعبة جدا جدا عندما يكون مطلوبا منا الفوز وتقديم كرة جميلة، لو فزنا بالليجا لن يتذكر أحد كيف حصدنا النقاط".
الصارم الذي لا يضحك
يقول كوبر "يقولون عني إنني شخص جاد ولا أضحك، لا أعرف ما اذا كان هذا ميزة أم عيبا".
وكما نجح كوبر في فهم جماهير فالنسيا، تعامل مع المشاكل التي واجهته مع لاعبيه كلاوديو لوبيز والقائد باكو كاماراسا عندما صرحا بأنهما يعانيان من الممل في التدريبات بصرامة.
حصل لوبيز على إجازة إجبارية 6 أيام من التدريبات، وعوقب كاماراسا بالتدريب مع الفريق الرديف. وهكذا لم يقرأ كوبر أي انتقادات له من لاعبيه في الصحف مرة أخرى.
"قلت تصريحات لم تعجب كوبر، عبرت بصوت عال عما كان يقال في غرفة الفريق ودفعت الثمن بإبعادي عن الفريق الأول".. يكشف كاماراسا في حوار عام 2011.
ويضيف "كان يرفض أي أجواء مرحة في غرفة الملابس".
لكن هذا لا يمكن أن يفعله مدرب مع الظاهرة رونالدو، ولذلك علاقته بكل المدربين في تاريخه كانت ممتازة، باستثناء كوبر في إنتر ميلان.
ويقول رونالدو: "كان مدربا دفاعيا، يعتمد دوما على الدفاع، وهذا ليس مناسبا لنوعية اللاعبين في إنتر ميلان".
ويكمل "ذهبت إلى ماسيمو موراتي (مالك إنتر ميلان)، قلت له يجب أن تطرد هذا المدرب من النادي، أنا مشجع لإنتر ميلان ولهذا أقول لك ما أقول".
سبب غضب رونالدو من كوبر ستفهمه أكثر عندما تعرف أن المدرب الأرجنتيني رد بأن "بالتأكيد رونالدو لاعب رائع. ليس كمهاجم فقط بل كمدافع أيضا".
وأوضح "نعم رونالدو كان مدافعا جيدا لا يقدر أي أحد على المرور منه. كان مذهلا".
ببساطة، كوبر كان يطلب من رونالدو أن يعود للدفاع عندما يفقد الكرة، وهذا لم يعجب الظاهرة.
لكن التصفيق الذي انتظره كوبر من جماهير فالنسيا، جاء من جماهير إنتر ميلان التي رفعت لافتات تهاجم رونالدو بعد الرحيل إلى ريال مدريد وتساند كوبر "رونالدو يعود لو رحل كوبر؟ كوبر للأبد".
اختيارات سيئة
"عندما قلت أنني سأذهب إلى جورجيا، أولادي ظنوا أنني أمزح. صحيح أنني كنت مدربا لفالنسيا وإنتر ميلان لكنني أحب العمل، وهذا المهم" .. كيف تحول كوبر من إنتر ميلان إلى جورجيا؟
ما بعد إنتر، انقلبت مسيرة كوبر. لم يستطع كوبر أن يترك مايوركا في صراعه للنجاة من الهبوط لكن هذا الاختيار دفع ثمنه باهظا.
أنقذ كوبر فعلا مايوركا من الهبوط في موسم 2004-2005، لكن الأمور كانت سيئة جدا في الموسم التالي ليرحل في فبراير 2006 والفريق في قاع ترتيب الجدول.
كان على كوبر أن يبدأ الطريق من جديد، فانتقل إلى تدريب ريال بيتيس ولكنه ليس فالنسيا. ليقال في ديسمبر 2007 بعد الخسارة من أتليتكو مدريد.
ثم عاد إلى إيطاليا مرة أخرى في مارس 2008 مع بارما الذي كان أيضا يصارع الهبوط، لكنه لم ينقذ الفريق ورحل بعدما فاز في مباراتين فقط من 10.
في نوفمبر 2009 بدأ كوبر تجربة جديدة مع أريس سالونيك في اليونان وهذه المرة استعاد جزء من بريقه لكن لم يكسر نحسه، وخسر نهائي الكأس في أبريل 2010. في المقابل كان يسير بشكل عظيم في مشاركته الأولى في الدوري الأوروبي وحقق انتصارين مفاجأين على أتليتكو مدريد.
نجاح كوبر في اليونان أعاده إلى الليجا مع راسينج سانتاندير في يونيو 2011، لكن ما حققه مع مايوركا وفالنسيا لم يتكرر ورحل بعد 5 أشهر لسوء النتائج.
تجارب غير ناجحة لم تكتمل أيضا مع أوردو سبور التركي والوصل الإماراتي، لكن أغرب رحلة لكوبر كانت مع منتخب جورجيا وهناك استقبلته الحرب مع روسيا ليتم نقل المباريات إلى خارج البلاد.
قال كوبر عن التجربة: "فكرة تدريب منتخب كانت جديدة بالنسبة لي، رأيت أن الوقت مناسب، ويجب أن أكون صادقا، لم تصلني عروضا قوية، لم أكن أدرب مانشستر يونايتد، كنت عاطلا عن العمل".
"قبلت بتحدي تدريب منتخب في مركز متأخر بتصنيف الفيفا، يعيش ظروفا صعبة وميزانيته ضعيفة، لكن لاحقا كان هدفي إسعاد شعب يعاني".
هذا يبرر لماذا يدرب كوبر اليوم منتخب مصر، كلاهما يبحث عن المجد الضائع، فربما تولي قيادة الفراعنة قبل 2010 كان صعبا على الرجل الأرجنتيني الذي كان يتخبط دون طموح مع أي فريق. لكن الآن وجد كل طرف الشريك المناسب له.
كل عام وأنت بخير يا كوبر، أرجوك اصعد بمصر لكأس العالم.