"كنت أتمنى أن يكون الأداء بشكل أفضل في المباراة" هكذا صرّح هيكتور كوبر المدير الفني الأرجنتيني للفراعنة عقب الفوز على غانا بثنائية نظيفة، وأضاف "ولكن في النهاية حققنا ما نريد، كان هدفنا الثلاث نقاط ونجحنا في تحقيق هدفنا والفوز ضد غانا".
نعم كوبر يعلم جيدا أن الأداء كان منقوصا، هل سمعت من قبل عن الكتل الهجومية الموجهة التي يشكلها دييجو سيميوني؟
سنوضح الأمر في السطور القادمة ولكن في البداية نستعرض تحليلا لبعض الحالات المؤثرة خلال المباراة.
التزام تام من النني وحامد
ربما لم يقم الثنائي بالضغط من أعلى مناطق وسط ملعب غانا كما كنت ترغب، وربما الثنائي لم يقم بالتمرير الحاسم والربط بين خطي الدفاع والهجوم، ولكن هل تعلم ماذا طلبه كوبر من الثنائي؟
الأهلي والزمالك عانى كليهما كثيرا في الموسم المنقضي من مساحات خلف لاعبي وسط الملعب، وخروج الأهلي من بطولة إفريقيا وخسارته لكأس مصر كان المحور الرئيسي بهما المساحة بين الخطوط، كذلك خسارة الزمالك أمام صن داونز في جنوب أفريقيا لنفس السبب، ولكن ماهي علاقة الأهلي والزمالك بغانا؟
نقطة قوة منتخب غانا كما ذكرنا سابقا هي استغلال المساحات بين الخطوط خاصة مع عودة نجم المنتخب وقائده أندري أيو بات استغلال المنطقة بين لاعبي الوسط والدفاع في منتخب مصر هو المقصد الرئيسي للنجوم السوداء.
هيكتور كوبر وجهازه يعلمون ذلك جيدا بعد متابعة اكثر من 20 مباراة لمنتخب غانا وتحليل أداء لكافة لاعبيه فكانت التعليمات واضحة وصريحة للثنائي النني وطارق حامد بغلق تلك المساحة.
شاهد هنا حامد يضغط على أيو وينظر للعمق ليتأكد من تمركز أحد لاعبيهم بها، كذلك الأمر بالنسبة للنني المتواجد في العمق ينظر خلفه لرقابة وغلق زوايا التمرير على اللاعب الذي سيتحرك لتلك المساحة.
الأمر يتضح أكثر في تلك الحالة طارق حامد لاحظ تحرك لجوردان أيو عندما نظر خلفه فعاد معه لغلق تلك المنطقة.
الثنائي دائما ما ينظر خلفه لتنفيذ التعليمات الصارمة بغلق أهم مفاتيح لعب غانا، وهو ما يوضح التزام كبير وتحفيظ وإعداد جيد من قبل الجهاز الفني للثنائي.
رقابة أيو
منتخب غانا انتهج الـ4-2-3-1 وكان أندري أيو هو صانع لعب الفريق في مركز 10، كان لزاما على النني وطارق حامد فرض رقابة لصيقة على اللاعب، شاهد هُنا النني يضغط عليه في منتصف الملعب ويرتد معه لمنطقة جزائنا.
وهنا يراقبه أيضا.
وهذا طارق حامد مع أندري أيو.
ليقرر صانع اللعب الهروب من تلك المنطقة بعد فقدان الأمل في اختراقها، والتحرك على الأطراف، لينتقل هُنا خلف فتحي ولكن معه طارق حامد لم يتركه ليقوم بالتغطية.
وبالفعل نجحنا في غلق تلك المنطقة تماما أمام نجوم غانا والتي هي دائما منبع الخطورة الأكبر.
كما اتضح التفاهم والانسجام والوعي التكتيكي للاعبين في تلك الحالة، الطبيعي أن يتقدم فتحي خلف أتسو ويرتد النني خلف أيو، لكن تلاقى الثنائي ذهنيا وقررا بقاء كل منهما في مركزه وسيجد لاعب الخصم أمامه.
كما اتضح في عديد من الحالات الاعتماد على ثلاثي فقط في وسط الملعب تحول النني لليمين وارتداد تريزيجيه لليسار وفي الوسط طارق حامد.
هل تعلم أن اللاعب أتسو تم توظيفه في الجبهة اليمنى في بداية المباراة ولمدة 5 دقائق ولكن أيقن جرانت بأن تلك الجبهة مغلقة بالثلاثي تريزيجيه وعبد الشافي وطارق حامد فقرر إعادته لليسرى؟
أتسو في العمق تقدم له حامد، والنني يراقب أيو في المنطقة الأهم، استعداد مسبق للقضاء على جملة ينفذها لاعبو غانا في جميع المباراة.
استغلال حجازي في الكرات الثابتة
في كرة القدم هناك طريقتين للدفاع في الكرات الثابتة، إما رقابة رجل لرجل، أو رقابة المنطقة تقسيم اللاعبين لجزئين رباعي خلف ثلاثي مثلا، ولكن هيكتور كوبر يقوم برقابة رجل لرجل مع وضع لاعب على الزاوية القريبة وهو أمر طبيعي، ثم أحمد حجازي كمدافع حُر يتحرك في اتجاه الكرة أو يتوقع مكان تمريرها ليقوم بالإبعاد.
مع بداية الشوط الثاني انتقل محمود تريزيجيه للجبهة اليمنى أمام أحمد فتحي ولكنه دائما ما كان يرتد بجواره ليشكل خماسي دفاعي للفريق.
كما قام اللاعب في إحدى الحالات بالتغطية في عمق الملعب كلاعب وسط ملعب في ظل تقدم النني والسعيد.
وبعد مرور منتصف الشوط الثاني تغير الرسم الرقمي للفريق إلى 4-3-3(4-1-4-1) في حالة الضغط، وبات طارق حامد ليبرو في وسط الملعب.
وعند خروج حجازي للأطراف خلف المهاجم جوردان أيو يرتد حامد لعمق الدفاع داخل منطقة الجزاء للتغطية.
لم يكن الأمر ورديا فمازال الخطأ الأكبر الذي يمثل صداعا في رأس الجهاز الفني للمنتخب مستمرا وهو الجبهة اليمنى في ظل عدم إلزام صلاح الأدوار الدفاعية، شاهد ثلاثي لغانا أمام النني وفتحي فقط فقاموا بالاختراق بكل سلاسة.
وهُنا رغم تغطية النني إلا أن اللاعب مرر الكرة خلفه دون أي ضغط وتم اختراق الجبهة أيضا.
أما عن أكثر ما يعاني منه الفريق فهو التحول الهجومي بعد استخلاص الكرة في الدفاع، لم ينجح كوبر بعد في تدريب لاعبيه على كيفية تنفيذ المرتدات بالشكل المثالي، فهنالك في أتليتكو مدريد يقوم سيميوني بعمل مجموعات في المران هي المسئولة عن تطبيق المرتدات مكونة من جناح وأحد ثنائي الارتكاز وثنائي الهجوم، ويقوم بعمل تدريبات على اللعب لمسة واحدة والحركة وعمل المحطة من قبل أحد ثنائي الهجوم وانطلاق الآخر مع الجناح لاستقبال تمريرة لاعب الارتكاز.
ربما تكون بطولة الأمم الأفريقية أفضل فرصة لكوبر لتدريب اللاعبين أكثر على فلسفته وطريقة لعبه.