كنت هناك - بين السنغال 2001 وغانا 2016.. هكذا تغيرت مصر خلال 15 سنة
السبت، 12 نوفمبر 2016 - 19:52
كتب : حلمي حلمي
أخيرا.. عادت جماهير مصر لتبتسم من جديد، وأنيرت سماء القاهرة بأضواء الانتصار بعد عودة أمل التأهل لكأس العالم 2002 مرة أخرى، فقد عاشت جماهير مصر ليلة سعيدة لم تعشها منذ فترة طويلة، إذا كان هناك مجال في الحياة يمكن أن يجتمع عليه الناس، لن يكون الإجماع بنفس ما كان عليه يوم مباراة مصر والسنغال، فالمشهد المهول الذي كان عليه استاد القاهرة كاد يحرك الصخر بلا مبالغة، وهذه حلاوة وجمال كرة القدم، المجال الوحيد الذي لا يختلف على حبه اثنان.
هذه الكلمات من مقدمة مجلة الأهرام الرياضي بعد لقاء مصر والسنغال 2001 في تصفيات مونديال كوريا واليابان.
تجربة شخصية يأخذكم من خلالها FilGoal.com في رحلة عن عمرها 15 عاما حول هذه المباراة التاريخية وارتباطها بلقاء غانا المصيري يوم الأحد.
السنغال - مايو 2001
بداية كارثية لمنتخب مصر بالتصفيات، حقق فيها الفريق 3 نقاط من أصل 9، بسبب 3 تعادلات ضد السنغال في داكار والمغرب في القاهرة ونامبيا في ويندهوك.
بعدها عاد منتخب مصر للمسار الصحيح بالفوز على الجزائر 5-2 في القاهرة، وهذه المباراة لها أكثر من ذكرى لن نتحدث عن لقاء السنغال قبل سردها.
فقد تحول بعدها طارق السعيد إلى بطل قومي لتسجيله الهدفين الرابع والخامس في شباك الجزائر بعد أن صبت جماهير مصر عليه اللعنات قبل شهر ونصف بسبب إهداره لفرصة المغرب الشهيرة.
بعد شهر ونصف
من حضر المباراة في الاستاد قد يتذكر أن أحمد حسام "ميدو" المهاجم البالغ من العمر 18 عاما وقتها فعل مع محمود الجوهري ما فعله مع حسن شحاتة عام 2006 وأكثر.
يوم المباراة
من واقع تجارب حضوري لمباريات منتخب مصر في استاد القاهرة، خاصة مباراتي المغرب والجزائر، كان لابد من الاستيقاظ في العاشرة صباحا من أجل حضور مباراة تبدأ في الثامنة مساء.
الوصول إلى استاد القاهرة كان يتطلب ركوب المواصلات التقليدية من مسكني إلى منطقة وسط القاهرة، ثم ركوب ميكروباص اتجه بي إلى منطقة الاستاد في رحلة لم تتكلف أكثر من 3 جنيهات.
بعد وصولي لمنطقة الاستاد قبل اذان الظهر ذهبت للحصول على تذكرة المباراة مقابل 5 جنيهات، للدرجة الثالثة في منتصف الملعب (فوق لافتة بسم الله الرحمن الرحيم).
وقتها لم تكن الشماريخ عرفت طريقها إلى الملاعب المصرية، وكان من يرغب في إشعال شيء عليه شراء علبة المبيد الحشري "بيروسول" مقابل 3 جنيهات.
عند دخولي للمدرجات لم أتفاجئ بأن الملعب شبه ممتلئ رغم أن المباراة يتبقى على وقتها نحو ثماني ساعات، فهناك من حضر منذ الصباح الباكر من بلدته خارج القاهرة وتكلفت رحلته مبلغ أكبر.
كل ما سبق لم يعنينا كمشجعين بقدر ما كان ينتظرنا من المنتخب السنغالي الرهيب في هذا الوقت.
فقد بدأت السنغال التصفيات بشكل مماثل لمنتخب مصر، 3 تعادلات في 3 مباريات، حتى تولى الداهية برونو ميتسو قيادة تدريب أسود التيرانجا.
ميتسو الفرنسي الجنسية بحث عن كل لاعب يحمل جنسية السنغال أو من أصول سنغالية ليضمه للمنتخب، فقد كانوا يملئون الدوري الفرنسي بدرجاته المختلفة.
وعندما كانت مصر تدك الجزائر بخماسية في الجولة الرابعة من التصفيات، كانت السنغال بقيادة الحاج ضيوف تكتسح نامبيا برباعية نظيفة لتغرس القلق في نفوس لاعبي المنتخب والجهاز الفني، والجماهير قبلهم، الجماهير في المنازل والذين جاءوا لاستاد القاهرة قبل اللقاء بساعات.
الساعات مرت ببطء داخل الملعب، بين التشجيع على فترات، وقراءة الجرائد الورقية التي تنتقل من يد إلى يد، 10% فقط ممن تواجدوا في الملعب هم من كانوا يملكون موبايل، أضعت بعض الوقت مع لعبة الثعبان الشهيرة، ببطارية لا تنقذ خلال أسبوع كامل.
انتهت ساعات الانتظار وبدأت المباراة وظهر بوضوح خطورة منتخب السنغال الذي لعب دون أن يخشى الجماهير وامتلك زمام اللقاء معظم الوقت، لكن تمريرة عرضية بديعة من محمد عمارة قابلها ميدو برأسه في المرمى بداية الشوط الثاني كانت كفيلة بأن نعود لمنازلنا بفرحة لم أنساها رغم مرور 15 سنة.
لم أحتاج سوى لبضع جنيهات أعادتني لبيتنا راكبا فوق سطح أحد الحافلات في أجواء احتفالية، فضلا عن عدة جنيهات صرفتها على الأكل والشرب، ليصل مجموع ما صرفته طوال اليوم نحو 20 جنيها فقط لا غير.
حضور المباراة في الملعب يجعلك تشاهد اللقطة مرة واحدة فقط، ولذلك كان علي أن أركض للمنزل بعد هذه اليوم الطويل لمشاهدة برنامج الكاميرا في الملعب عبر القناة الثالثة الأرضية لمشاهدة الأهداف وأهم أحداث المباراة بهدوء.
التحدث حول حسابات برما الخاصة بموقف مصر في المجموعة مع أصدقائي وجيراني مساء ومع زملاء الدراسة صباحا هو أقصى ما كنت استطيع فعله، لم يكن هناك شبكات تواصل اجتماعي عبر الانترنت وكوميكس وما إلى ذلك.
على أية حال.. انتهى مشوار تصفيات 2002 بطريقة درامية بسبب الخسارة من المغرب ثم التعادل في الجزائر بالجولة الأخيرة رغم أنها لم يكن لها ناقة أو جمل في المباراة.
غانا 2016
قبل المباراة نعلم أن المنتخب المصري في وضع جيد للغاية، فقد انتصر خارج ملعبه على الكونجو، كما تعادلت غانا مع أوغندا، ليصبح المنتخب أمام فرصة لن تتكرر لأن يتصدر المجموعة مبكرا ويلهث الجميع خلفه، ليس مثل كل تصفيات نتأخر دائما في البدايات ونحاول اللحاق بالمتصدرين دون جدوى.
يدخل الفراعنة المباراة الصعبة بجهاز فني مستقر، عاد بالفريق لمنافسات كأس الأمم الإفريقية، ونجوم يتألقون داخليا وخارجيا مع فرقهم، أمام فريق هزم مصر 6-1 قبل ثلاث سنوات ويدربه الآن مدرب إسرائيلي، كلها عوامل تصب في مصلحة الفريق، نفسيا على الأقل.
هناك نحو 75 الف متفرج سيذهبون لحضور المباراة من ملعب برج العرب، فكيف تسير هذه الرحلة وكم تتكلف الآن، فلنتحدث عن المشجعين الذين يسافرون من القاهرة في الحافلات أو السيارات الخاصة، وهم الأغلبية.
بما أن المباراة ستنطلق في السادسة مساء فعليك التحرك من القاهرة في الثامنة صباحا أو التاسعة على أقصى تقدير، لأن متوسط الوقت الذي تصل خلاله للإسكندرية هو 3 ساعات.
لو أنك سافرت بسيارتك فعليك "تفويلها" بالبنزين مقابل نحو 150 جنيها، بعد زيادة الأسعار مؤخرا، ستكفيك لرحلتي الذهاب والعودة، أما لو سافرت بالمواصلات العامة، فستدفع 40 جنيها مقابل الوصول لمنطقة الكيلو 21، ثم 5 جنيهات مقابل الوصول لملعب برج العرب، ومثل هذا المبلغ في العودة.
في 2001 تكلف الأكل والشرب 5 جنيهات، أما في 2016 لن يقل عن 50 جنيها، فضلا عن الـ50 جنيها التي دفعتها كثمن لتذكرة الدرجة الموحدة، بطريقة عادية وليس عن طريق السوق السوداء.
لو كنت ممن يهوى إشعال الشماريخ ستدفع 120 جنيها على الأقل لشراء شمروخ واحد، مما يزيد تكاليف اليوم عليك، أي أن الشمروخ الواحد سيرفع تكلفة اليوم على المشجع من نحو 200 جنيه إلى 320 جينها.
أحداث المباراة سيكتبها اللاعبون والجهاز الفني بأنفسهم يوم الأحد.
الآن لو كنت تتحدث مع صديقك داخل المدرج خلال تسجيل هدف بمقدورك مشاهدته بعدها بدقائق على هاتفك، بغض النظر عن صعوبة الاتصالات داخل ملعب برج العرب.
قد تعود من الاسكندرية للقاهرة في 3 ساعات أو اكثر لتجد الاستوديو التحليلي للمباراة مستمر حتى الصباح الباكر.
عقب مباراة مصر وغانا أتمنى أن أكتب مقدمة مثل التي افتتحت بها.
تابع الكاتب وناقشه عبر تويتر