التفاؤل أمر مهم للغاية، لكن الإفراط الدائم في الثقة بالنفس وحالة الاستهانة بالخصم أو الضغط العصبي الكبير الذي نخلقه على المنتخب المصري هو أحد أبرز الأسباب التي تبعده عن بطولة كأس العالم.
مواجهة غانا مهمة نظرا لقوة الخصم لا شك في ذلك، لكن لماذا نصر على أنها مصيرية وسوف تؤهل المنتخب المصري لكأس العالم من قال ذلك؟
أولا هناك 6 جولات للتصفيات كل جولة بـ3 نقاط هذا يعني أنه سباق طويل من 18 نقطة، تحصل المنتخب المصري على 3 نقاط في أول مواجهاته بينما تعثر نظيره الغاني بالتعادل مع أوغندا.
هناك خلط في الهدف والغاية من مواجهة غانا، حدد الكثيرين سواء كنقاد أو محللين أو مشاهدين الهدف الرئيسي لمصر وهو الفوز لا محالة بينما غانا هو المنتخب الخائف الذي سيدافع.
لا أعرف من أين جاءت تلك الثقة لكن تلك الحالة هي ذاتها التي يعيشها المنتخب المصري بعد كل انتصار مهم يقوم به، ضد إيطاليا في كأس القارات وبعد مباراة قوية جدا ضد البرازيل خسرنا وبكل بساطة من أمريكا بأكبر نتيجة ممكنة نظرا لأننا اعتقدنا أن المنتخب الأمريكي "ضعيف جدا" نظرا لأننا نجهل قوته أو لأننا لعبنا بقوة ضد البرازيل وإيطاليا ولا يصح أبدا أن نخسر من هذا المنتخب وقد كان وخسرنا.
الأمر ذاته حدث ضد الجزائر بعد الفوز بنتيجة 2-0 في القاهرة، الكثير من العناوين التي تبهر الأعين وتعمي العقول حول سهولة المواجهة نظرا لأننا سنلعب في السودان بالطبع، ولأننا أيضا تفوقنا على الجزائر مرة فلما لا تكون مرتين؟
الإفراط الزائد في الثقة بالنفس هو أبسط طريق للخسارة، لا يوجد من يحرمك التفاؤل لكن تفاءل بعقلانية، حالة الثأر والشحن ضد غانا بعد خسارة 6-1 في 2013 كبيرة، لكن ذلك الجرح لابد أن يندمل للأبد وإلا سنرى خسارة أخرى قريبة، إن ذهبت للمباراة طلبا للثأر وصعبت الأمور على نفسك فأنت الخاسر الوحيد.
منتخب مصر على عكس ما يتم الترويج له لم يتأهل بعد إلى كأس العالم وأيضا لا تعد تلك المباراة حاسمة للغاية، إنها ثاني جولة من 6 جولات هناك منتخب لم نواجهه بعد هو أوغندا، أنت بحاجة لنتيجة إيجابية ضد غانا وتلك أولويتك نظرا لأن مسلسل إهدار النقاط إن استمر مع النجوم السوداء فهم مستبعدون، ثم عليك بعد ذلك التركيز مع الحصان الأسود في مجموعتك وهو أوغندا.
لا مجال أبدا للحديث عن أنها المباراة الفاصلة التي ستحسم كل شيء فقد تفوز ضد الكونجو في الجولة الأولى وأيضا ضد غانا في الثانية وتتوقف معك الحسابات على نقطة ومن خبرتنا في التصفيات فنحن لا نحصد تلك النقطة أبدا.
قبل المباريات الكبيرة أو الهامة على الجهاز الفني العمل كما يحدث في الدول الأوروبية الكبرى على سبيل المثال يقوم منتخب إيطاليا بعزل لاعبيه عن كل مسببات القلق، والتحكم بالظروف المحيطة وشحنهم تجاه المباريات بطريقة إيجابية.
تفكير اللاعبين لا يجب أن يكون منصبا على المنافس، أو أهمية المباراة الكبيرة أو الإطار الذي تلعب فيه المباراة، يجب أن يتم عزل اللاعبين تماما عن كل تلك الظروف لإبعادهم عن القلق.
عوضا عن شحن اللاعبين دوما ضد مباراة غانا وإيهامهم بأنها مصيرية للغاية ومن دونها لن يتأهل، كان يجب التركيز على الوضع الحالي وأهمية المباراة الحالية وليس حلم التأهل وجعل اللاعب يشتت بحثا وراء "حلم" لا نعرف بعد إن كان سيتحقق بعد أم لا.
هدفك الأكبر في مباريات التصفيات تحديد يجب أن تتركه خلفك في المنزل لا أن تصطحبه معك إلى المباراة وإلا فسيحدث مثلما حدث منذ 3 أعوام، كان الجو العام يشير إلى أن غانا خصم ضعيف وقد فزنا بأمم إفريقيا على حسابه في الماضي لا يعني شيئا وكذلك أحلام المستقبل الشيء الوحيد المهم هو الحاضر والمرحلة الجارية.
ناقشني