13 نوفمبر 1959.. كيف شكلت مصر مستقبل كرة القدم في غانا؟
السبت، 12 نوفمبر 2016 - 00:33
كتب : محمد البنا
قبل 57 سنة كاملة وتحديدا في 13 نوفمبر 1959 كان تاريخ أول مواجهة بين مصر وغانا.. وفي التاريخ ذاته لكن عام 2016 سيلتقي المنتخبان في موقعة لا تقل أهمية عن الأولى.
ويحل منتخب غانا ضيفا على مصر في الجولة الثانية من تصفيات كأس العالم روسيا 2018 في مباراة تقام مصادفة في التاريخ ذاته، يوم 13 نوفمبر المقبل.
ويسترجع FilGoal.com حكاية أول مباراة جمعت بين المنتخبين..
قبل 57 سنة كان منتخب مصر وغانا ومعهما نيجيريا يتصارعون على التأهل لأولمبياد روما 1960.. تلك المرحلة كانت المشاركة في الأولمبياد شرف يفوق كأس العالم.
في تلك الفترة كان يمثل غانا أويني ديان كرئيس للاتحاد الغاني، والذي تولى المهمة قبل عامين وأعلن رغبته عن بناء منتخب قوي.
نجح ديان في تسجيل غانا ضمن الاتحاد الإفريقي والدولي وهو ما سمح للنجوم السوداء بالمشاركة في المحافل الرسمية بعد سنوات من المباريات الودية والاستعراضية.
وكانت المشاركة الأولى لغانا..
وقعت مصر مع غانا ونيجيريا في المجموعة الثانية (من إجمالي ثلاث مجموعات) لتصفيات الأولمبياد ويتصارع الثلاثي على مقعدين في روما.
وباختصار شديد، فازت غانا على نيجيريا 5-4 بمجموع المباراتين لتلعب مع مصر في الجولة المؤهلة للمرحلة الأخيرة من التصفيات.. الأمر يبدو كبيرا على المنتخب الذي يشارك في مواجهات رسمية لأول مرة.
في هذا التوقيت، كانت علاقة غانا مع مصر قوية سياسيا.. فرئيس الجمهورية الغاني كوامي نكروما كان متزوجا من المصرية فتحية رزق.
قبل مواجهة غانا مع مصر كانت وسائل الإعلام الغانية قلقة للغاية من الفراعنة.. فمنتخبهم في ربيعه الأول، بينا يلعب الفراعنة كرة القدم منذ 1920 وتأهلت مصر ست مرات للأولمبياد ومرة لكأس العالم، فسبقت غانا بـ31 سنة والتي بدأت في 1951.
ليس فقط التاريخ كان مؤثرا على مباراة مصر وغانا في هذا الوقت، لكن الإعلام أيضا.. صحيفة (دايلي جرافيك) الغانية ذكرت حينها من خلال الكاتب آدو تيوم: "لا شيء موثوق حول قوة منتخب مصر، لكن المعروف أنه يعتمد على الذكاء أكثر من القوة البدنية للفوز بالمباريات".
كما أنها المواجهة الأولى لغانا مع منتخب من خارج غرب إفريقيا، والسفرية الأولى لشمال إفريقيا. فهو الحدث الأهم في تاريخ غانا الكروي حتى 1959.
المدرب الغاني
في هذا التوقيت تعاقد ديان رئيس الاتحاد الغاني مع مدرب سويدي يدعى أندرياس سجوبرج بدلا من الإنجليزي جورج أينسلي وهو المدرب الراحل الأول في تاريخ النجوم السوداء الذي ترك منصبه في أكتوبر 1958.
عندما أتى سجوبرج كان تركيزه على اللياقة البدنية دون الفنيات، ورأى أن هذا هو السلاح الأهم في هذا التوقيت، نظرا لأن اللوائح حينها لم تكن تسمح للتغييرات واستبدال اللاعبين أثناء المباراة.
وكتب آدو تيوم في تقريره عبر صحيفة (دايلي جرافيك): "لا شك أن غانا ستفوز على مصر، لكني قلقا من عدد الأهداف المسجلة".
ما يزيد المباراة إثارة هي أنها أول حضور لغانا إلى مصر.. البلد التي طالما سمعوا عنها صاحبة الحضارة العريقة والأهرامات والقوية أيضا في كرة القدم.
وحذر الكاتب الغاني في تقريره: "نصيحتي للاعبي غانا ألا يذهبون إلى القاهرة وكأنها عطلة، وتكون الزيارات السياحية قبل المباراة في حدها الأدنى حتى لا تستنزف طاقة أبنائنا".
صورة لمباراة مصر وغانا في القاهرة
وأعلن كلا المنتخبين قائمة المباراة بأقوى لاعبين في البلدين.. كان قائد غانا يدعى جيامفي.
وكان على رأس الجهاز الفني لمصر المدرب المجري بال تيكوس الذي كان ضمن قائمة بلاده في حصد برونزية كأس العالم 1938.
رأفت عطية: تاجر الأهداف
تقول الرواية أنه لم يترك مقعدا شاغرا في استاد الأهلي بالجزيرة في القاهرة، ووصف ديان رئيس الاتحاد الغاني الذي سافر مع الفريق قائلا: "الجمهور كله كان مصريا ووصل إلى 50 ألف مشجع".
وخلال المباراة، نجحت مصر في الفوز بهدفين لهدف، سجلهما رأفت عطية لاعب الزمالك، الرجل الذي وصفته الصحيفة بأنه "تاجر الأهداف".
وذكرت الصحيفة أن رأفت لاعب دولي منذ سبع سنوات وخاض مباريات ضد اليونان والمجر وروسيا ولعب في كل المراكز باستثناء حارس المرمى.
وأشار التقرير إلى أن غانا قدمت مباراة قوية وكانت ندا حقيقيا لمصر والتعادل سيطر على أغلب أوقات المباراة لكن الفراعنة نجحوا في الفوز.
الفخر بالهزيمة
وذكرت صحيفة (أخبار اليوم) في تقريرها عن المباراة: "حاز منتخب غانا على الإعجاب من الجماهير من خلال التمريرات القصيرة والاستحواذ على الكرة ومن سوء حظهم أنهم خسروا".
فيما عنونت صحيفة (الجمهورية): "فزنا على غانا 2-1 بصعوبة.. وحصدنا نقطتين ثمينتين لم نستحقهما".
أما صحيفة (دايلي جرافيك) الغانية فقد ذكرت: "هزيمة خارج الحدود تدعو للفخر".
وقال ديان رئيس الاتحاد الغاني: "على الرغم من فوز مصر بالمباراة لكن لاعبينا نالو إعجاب المشاهدين في الملعب".
وأشاد ديان بالاستقبال المصري وأكد "الزيارة منحت اللاعبين خبرة جيدة وكانت تثقيفية رائعة".
وزير التربية والتعليم الغاني كوفي باكو كان ضمن الوفد الحاضر إلى مصر وأبرز حسن الاستقبال من المصريين قائلا: "لقد عاملونا مثل أشقائهم".
رئيس وزراء غانا يخشى زوجته المصرية؟
في الأول من ديسمبر وصل منتخب مصر إلى أكرا للقاء غانا يوم السادس من الشهر ذاته، وحرص ديان وباكو على دعوة الفراعنة لزيارة رئيس الجمهورية وزوجته المصرية فتحية.
وخلال الاجتماع مع المنتخب المصري مازح نكروما رئيس الجمهورية اللاعبين والجهاز الفني وتمنى لهم الفوز بسبب أن زوجته مصرية.
لكن فتحية رزق حرمه كانت على النقيض، فأعلنت تشجيعها لمنتخب غانا في لقاء الإياب.
فتحية رزق زوجة رئيس الجمهورية الغانية تصافح أحد لاعبي مصر
واطمأن رئيس الجمهورية الغاني على حسن إقامة منتخب مصر وقام بالتقاط صورة تذكارية مع البعثة.
لقاء الإياب
على عكس مباراة الذهاب التي قال فيها الكاتب الغاني آدو تيوم إنه لم يكن يعلم الكثير عن مصر لعدم رؤيتهم.. الآن فقد شاهدهم على أرض الواقع وحققت بلاده الفوز بهدفين نظيفين في فوز تاريخي بالنسبة لهم.
وذكر في صحيفة (دايلي جرافيك): "رغم أن المباراة أقيمت في ملعبنا لكن الفوز لم يكن سهلا على مصر".
وأضاف "منتخب مصر أكثر قوة وأكثر علمية ودقة ومهارة".
وقال قائد غانا جيامفي في تصريحاته لـ(دايلي جرافيك) حينها بعد المباراة التي أقيمت يوم السادس من دسيمبر 1959: "المصريون كانوا ممتازين لكننا لم نخشاهم وعزمنا على الفوز".
وأحرز هدفي غانا "ماكينة الأهداف" إدوارد أسكواه.. ولكن خمّن!
"المصريون كانوا أفضل منّا.. وتفوقهم علينا خلال المباراة أصابنا بصدمة" هكذا اعترف أويني ديان في المؤتمر الصحفي عقب المباراة.
وحضر المباراة نكروما رئيس الجمهورية وقتها وزوجته فتحية والذي -بحسب ديان- طلب منه بصفته رئيس الاتحاد الغاني أن يعمل على تطوير منتخب غانا الذي ظهر بمستوى متدني أمام مصر.
كيف شكلت مصر مستقبل غانا في كرة القدم؟
يقول أويني ديان رئيس الاتحاد الغاني: "عندما ذهبنا إلى القاهرة وجدنا أن مصر متطورة كثيرا في كرة القدم عن غانا.. وعلمتنا دروسا كثيرة".
بعد هذه المباراة نجحت مصر في الفوز على نيجيريا في لاجوس بنتيجة 6-2 وفي الإياب فاز الفراعنة 3-0 لتتأهل مصر للدور الثاني ومنه بعد ذلك إلى روما.
ومع تحطم حلم غانا بالمشاركة في البطولات الكبرى لأول مرة في تاريخها كان على ديان أن يلبي طلب رئيس الجمهورية ويعمل على تطوير منتخب غانا.
بال تيكوس المدرب المجري لمنتخب مصر قال عقب المباراة: "لاعبو غانا كانوا نجوما رائعين في القوة والتحمل لكن في التكتيك والخطط والتقنية جهودهم كانت غامضة".
وهنا قرر ديان الاستعانة بالخبير المجري جوزيف إمبر والذي جاور بال تيكوس مدرب مصر في المنتخب ويعتمد على نفس فلسفته.
بعد 1960 بدأت النتائج تتحسن بالنسبة لغانا بعد تعيين المدرب المجري وهيمنت في الستينات على ألقاب بطولات غرب إفريقيا 1959 و1960 وحصدت بطولتين لإفريقيا 1963 و1965، وتأهلت للأولمبياد كأول منتخب من جنوب الصحراء الكبرى في 1964.
عملاقا إفريقيا
بعد هذه الفترة وإلى الآن يتسيد منتخب مصر وغانا بطولات الأمم الإفريقية.. وضع المجريان حجر الأساس لكرة القدم المصرية، حتى أصبح الثنائي يتشارك في 11 لقبا لكأس الأمم.
ولعب المنتخبين إجمالا 23 مباراة منهم 14 مباراة ودية، فازت مصر في 11 وتعادلا في 5 وانتصرت غانا 7 مرات.
سجلت مصر في شباك غانا 34 مرة مقابل 29 مرة للنجوم السوداء.
طالع مقال رأي: تجاهلوا الإسرائيلي حتى لا تتكرر مأساة "طوبة زيمبابوي"
المصادر:
Egyptianfootball.net
pulse.com.gh